من عيون الأدب العربي (قصة رائعة و قصيدة أروع)

[omar34]

قد يكون الموضوع مكررا لكن ليس بنفس الكيفية
كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بخيلا على الشعراء على عكس عادة الخلفاء الذين كانوا يجزلون العطاء للشعراء لتشجيعهم على الشعر ، و كان أبو جعفر المنصور يتميز بقوة الحافظة و سرعة الحفظ حتى أنه كان يستطيع أن يحفظ القصيدة التي يقولها أي شاعر بمجرد أن يسمعها مرة واحدة فقط و الأدهى من ذلك أن لديه غلاما يحفظ أي قصيدة إذا سمعها مرتين و لديه جارية تحفظ أي قصيدة إذا سمعتها ثلاث مرات و لما كان الخليفة يتسم بالذكاء الشديد فقد خشي من أن يصفه الناس بالبخل إن لم يعط الشعراء فاحتال عليهم و قرر أنه سوف يعطي كل من يأتي بقصيدة جديدة وزنها ذهبا .
و عندما كان يأتيه أحد الشعراء بقصيدة جديدة يقول له الخليفة لقد سمعتها من قبل فيعجب الشاعر كيف ذلك يا أميرالمؤمنين فيقول له أنا أحفظها و غلامي و جاريتي وينشدها للشاعر ثم ينادي لغلامه ( بعد أن سمعها الغلام مرتين مرة من الشاعر و أخرى من الخليفة ) هل تحفظ قصيدة كذا ؟ فيقول : نعمو ينشدها الغلام ثم ينادي على الجارية بعد أن ينشدها الغلام (و قد سمعتها ثلاث مرات ) فتنشدها فيصاب الشاعر بالذهول و يخرج كما دخل بلا درهم و لا دينار.
و كان يفعل هذا مع كل الشعراء فلا يأخذ أحد منهم شيئا ، و كان ممن يحضرون مجلس الخليفة شخص يدعى الأصمعي ففطن للأمر و علم أن هناك أمرا ما فقال في نفسه لأقولن قصيدة متنوعة المعاني غريبة الألفاظ صعبة التراكيب و تنكر في لبس أعرابي حتى لا يعرفه الخليفة و دخل على الخليفة في هيئة شاعر جاء من البادية لينشد الامير و أنشده قائلا :

صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ هَيَّجَ قَلبِي التَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي وَسَيِّدِي وَمَولى لِي
فَكَم فَكَم تَيَمَّنِي غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي
قَطَّفتَهُ مِن وَجنَةٍ مِن لَثمِ وَردِ الخَجَلِ
فَقالَ لا لا لا لا لا وَقَد غَدا مُهَرولِ
وَالخُوذُ مالَت طَرَباً مِن فِعلِ هَذا الرَجُلِ
فَوَلوَلَت وَوَلوَلَت وَلي وَلي يا وَيلَ لِي
فَقُلتُ لا تُوَلوِلي وَبَيّني اللُؤلُؤَ لَي
قالَت لَهُ حينَ كَذا اِنهَض وَجد بِالنقَلِ
وَفِتيةٍ سَقَونَنِي قَهوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمتُها بِأَنَفي أَزكى مِنَ القَرَنفُلِ
فِي وَسطِ بُستانٍ حُلِي بِالزَهرِ وَالسُرورُ لِي
وَالعُودُ دَندَن دَنا لِي وَالطَبلُ طَبطَب طَبَ لِي
طَب طَبِطَب طَب طَبَطَب طَب طَبَطَب طَبطَبَ لِي
وَالسَقفُ سَق سَق سَق لِي وَالرَقصُ قَد طابَ لِي
شَوى شَوى وَشاهشُ عَلى حِمارِ أَهزَلِ
يَمشِي عَلى ثَلاثَةٍ كَمَشيَةِ العَرَنجلِ
وَالناسِ تَرجم جَمَلِي فِي السُواق بِالقُلقُلَلِ
وَالكُلُّ كَعكَع كَعِكَع خَلفي وَمِن حُوَيلَلي
لَكِن مَشَيتُ هارِباً مِن خَشيَةِ مُبَجَّلِ
يَأمُرُ لِي بِخَلعَةٍ حَمراء كَالدَم دَمَلي
أَجُرُّ فيها ماشِياً مُبَغدِداً لِلذِيِّلِ
أَنا الأَدِيبُ الأَلمَعِي مِن حَيِّ أَرضِ المُوصِلِ
نَظِمتُ قِطعاً زُخرِفَت يَعجزُ عَنها الأَدبُ لِي
أَقولُ فَي مَطلَعِها صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ
و بعد أن انتهى الأصمعي من قصيدته أصيب الخليفة بالذهول فكيف يتصرف في مثل هذا الموقف فللمرة الأولى يعجز عن حفظ قصيدة من أول مرة فنادى على الغلام و الجارية هل سمعتما هذه القصيدة من قبل فقالا : لا لم نسمع بها قط (فقد عجزا أيضا عن حفظها).
و لم يكن أمام الخليفة خيارا آخر سوى أن يوفي بوعده و يعطه وزن ما كتبت عليه ذهبا كما اشترط على نفسه و هنا ظاهرت مفاجئة من العيار الثقيل فعندما قال الخليفة هات القصيدة كي نعطيك وزنها ذهبا قال له الأصمعي إني ورثت عمود رخام من أبي وقد كتبتها .
فأحضروه فوزن الصندوق كله (صندوق بيت المال)
و قبل ان يهم الأصمعي بالخروج قال وزيره ما أظن هذا الرجل إلا الأصمعي فأماطوا عنه اللثام فوجدوه الأصمعي فقال له الخليفة أتفعل هذا مع أمير المؤمنين قال له يا أمير المؤمنين إن الشعرا اهل بضاعة و صناعة يتكسبون منها و أنت بفعلك هذا قد قطعت أرزاقهم فقال له الخليفة أعد المال فأبى الأصمعي فقال له الخليفة أعد المال قل بشرط أن تعطي كل من ينشد إليك شعرا من الشعراء فوافق الأمير و رد الأصمعي المال .

[MadOmar]

مكرر كتير اوي وبنفس الكيفيه ^^

مغلق