![]() |
#1 | ||||||||||
![]() ![]()
|
رسالة التقريب تكون بتعميم ثقافة الوحدة ألقى العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، كلمةً أمام وفد من مجمع التقريب بين المذاهب، هذا نصُّها. الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وعلى جميع أنبياء الله والمرسلين، السلام عليكم أيُّها الأخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته. حرب صليبية جديدة ضد الإسلام: في هذه المرحلة من تاريخ الإسلام الذي لم يمرّ على الإسلام في كلّ تاريخه مرحلة أكثر خطورةً منها، لا بدَّ لكل علماء المسلمين، ولكل فعالياتهم وشخصياتهم، أن يشعروا بالمسؤولية، وأن يبادروا إلى معالجة هذه المشكلة، لأنّ الاستكبار العالمي، وفي مقدّمته الولايات المتحدة الأمريكية، يخطِّط ويعمل على تدمير الإسلام كلّه من الناحية الثقافية والسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. ولعلَّ الكثيرين منَّا كانوا يتابعون الحلف الأطلسي (حلف النَّاتو)، عندما سقط الاتّحاد السوفياتي، وكانوا يسألون في مؤتمرهم الأول: من هو العدوّ الجديد؟ وكانت رئيسة وزراء بريطانيا، مارغريت تاتشر، تقول إنّ العدو الجديد هو الإسلام، لأنه يُمثِّل الخطر على مصالح الغرب، وكان أمين عام حلف الناتو يؤيِّد ذلك. ونحن عندما نتابع الرَّئيس الأمريكي بوش، نلاحظ أنّه في أول رئاسته تحدث عن الحروب الصليبية، وأن هناك حرباً صليبية ضد العالم الإسلامي، وقد بدأ هذه الحرب باحتلال أفغانستان ثم احتلال العراق، ويتابعها عبر الضغوط التي يضغط بها على أكثر من بلد إسلامي، ولا سيما الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال الملف النوويّ السلمي، أو من خلال أشياء أخرى، وها هو قد بدأ بإثارة الحرب ضدّ السودان، لأنَّ السودان أصبحت دولة بترولية يريد السيطرة عليها، والحرب ضدّ الصومال، لأنّ الصومال تمثّل موقعاً استراتيجياً كبيراً جداً. ثم بدأت حركة المخابرات الأمريكية تخطِّط للفتنة بين المسلمين من السنَّة والشَّيعة، حيث وظَّفت الكثير من مسؤولي الدول الإسلامية، سواء من العرب أو من غير العرب، والّذين وظَّفوا الكثير من العلماء والمشايخ، من أجل إثارة الفتنة بين المسلمين، وخصوصاً من خلال التكفيريين الّذين يكفّرون المسلمين الآخرين، سواء في التكفير الصادر من قبل بعض جهات السلفيين، لا كلّ السّلفيين، أو من بعض الخطوط الموجودة أيضاً في تكفير بعض المسلمين الشيعة بطريقة وبأخرى. الفتنة بين السنة والشيعة تمثل الخطر على الإسلام كله في العالم ولذلك أصبحت مشكلة الفتنة بين السنَّة والشيعة مشكلةً تُمثِّل الخطر على الإسلام كلّه في العالم، وخصوصاً عندما بدأ البعض يصدر الفتاوى في قتل المسلم تحت عنوان تهمة الارتداد أو تهمة الشرك، أو ما إلى ذلك من التهم التي لا أساس لها. إنَّ مسؤوليتنا كبيرة جداً في هذه المرحلة، فلا يجوز لأيِّ مسلم أن يكون حيادياً في هذه المعركة، بل لا بدّ لنا من أن نشعر بأنّ الكفر كلّه برز إلى الإسلام كلّه، وأن الاستكبار كله برز إلى الاستضعاف كلّه، ولذلك علينا جميعاً أن ندخل المعركة من خلال ما نملك من ثقافة ومن سياسة ومن خلال الحوار بين المسلمين، لأنّ الله أراد لنا أن نحاور أهل الكتاب، وكم بيننا وبين أهل الكتاب من فوارق في أصل العقيدة وتفاصيلها. هدف رسالة التقريب بين المذاهب: لذلك عندما انطلقت فكرة التَّقريب بين المذاهب الإسلامية، التي كانت بداياتها من خلال مجموعة من العلماء الكبار في مصر، منهم المرحوم الشيَّخ محمد تقي القمّي الذي كان ينال تأييد المرحوم آية الله السيد البروجردي في هذا المجال، وكان إلى جانبه الشَّيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت والكثير من العلماء الكبار، وقد شاركهم في ذلك المرحوم الشيح محمد حسين آل كاشف الغطاء، أو الّتي يحملها الشّيعة عن السّنّة انطلقت لمعالجة الأفكار الخاطئة التي يحملها السنّة عن الشيعة، فكانت رسالة التقريب من أجل أن تعريف السنَّة بما عند الشيعة، وتعريف الشيعة بما عند السنَّة. ولعلّنا إذا قرأنا "رسالة الإسلام" التي أصدرها دار التقريب آنذاك، نعرف أهمية الأبحاث الّتي كتبها علماء المسلمين السنة والشيعة في ذلك الوقت، والّتي نحن بحاجة إلى قراءتها اليوم، لأنها أبحاث علمية معمّقة، يتحدّث فيها كلّ علماء السنة والشيعة بطريقة علمية موضوعية. وقد جاءت السّياسة في مصر لتغلق دار التّقريب، لتقوم الجمهورية الإسلامية بعد ذلك بمبادرة طيّبة بإعادة فتح دار التقريب بين المذاهب الإسلاميَّة، ونحن نعتقد أنّها قامت بدور كبير نحتاجه في واقعنا الإسلامي. ولكنّني أحب أن أقدّم بعض الملاحظات، ومنها أنّه لا يكفي في حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية أن نجتمع في مؤتمر ليخطب هذا حول التقريب أو الوحدة الإسلامية، ويخطب ذاك في هذا المجال، ثم نرجع إلى بلادنا وإلى جماعتنا، لنجد أن الساحة هي ضد التقريب، فنحن قد نجد في الوسط السني الكثير من الأفكار في تكفير الشيعة، ونجد في الوسط الشيعي بعض الأفكار أيضاً عن تكفير السنة، أو هناك من يسيء إلى الصحابة بطريقة السَّبّ أو بطريقة اللّعن وما إلى ذلك، ولهذا فإنَّ كلَّ خطابات التقريب تذهب في الهواء. التقريب الحقيقي يكون بتعميم ثقافة الوحدة لذلك، مسؤوليَّة كلّ الذين يشاركون في مؤتمرات التَّقريب بين المذاهب، أن يذهب كل واحد منهم إلى قاعدته ليحدّثهم عن التقريب، ليثقِّف الناس من العوام وغير العوام، وخصوصاً في الحوزات، بمسألة الوحدة الإسلامية، وبما يقرّب المسلمين بعضهم من بعض، سواء في أصول العقيدة، أو في امتدادات الشريعة أو ما إلى ذلك، حتى يفهم الشيعة والسنة، أنّ الفوارق بينهم فوق العادة. صحيح أنّ الشيعة والسنة يختلفون في مسألة الإمامة، وهذا أمر يعرفه الجميع، ولكن علينا أن نعرف أنَّ الإمام عليّاً(ع) الذي في نظر كل الشيعة صاحب الحق، لم يقم بأيِّ عمل سلبي ضدّ الذين يرى أنهم أبعدوه عن الخلافة، بل إنه أعطاهم النصيحة والمشورة، حتى إنه حفظ عليهم حياتهم، وفي كتابه إلى أهل مصر، وهو نصّ موجود في نهج البلاغة - ولكن الكثيرين من أخواننا لا يقولونه للناس - يقول الإمام علي(ع): «فما راعني إلاّ انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد(ص)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم، التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب، أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه». وكان(ع) يقول أيضاً: «لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور إلا عليّ خاصة». علي(ع) رائد الوحدة الإسلامية: كان(ع) يفكِّر في الأمّة الإسلامية، كان يفكِّر في مصلحة الإسلام، ولم يفكِّر في شخصه من قريب أو بعيد. ولذلك أنا أقول إنَّ علياً(ع) هو أوَّل داعية للوحدة الإسلامية، لأنّه قام بتأكيد الوحدة الإسلامية بين المسلمين، ولم يوافق على أيَّة فتنة من أجل الدفاع عن حقه في الخلافة. وعلينا أن نتعلم من علي(ع) حرصه على الإسلام والمسلمين، ونحن نعرف أن علياً(ع) عندما كان في طريقه إلى صفّين، وسمع قوماً من جيشه "جيش أهل العراق" يسبّون أهل الشام، وقف فيهم خطيباً وقال(ع): «إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبّكم إيّاهم: اللّهمّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغيِّ والعدوان من لهج به». لذلك أيُّها الأحبة، لا يكفي أن تجتمعوا في المؤتمرات لترجعوا بعدها إلى قواعدكم سالمين كما يرجع الآخرون، وأنا أخشى أن يكون وضعنا كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}(البقرة/14)، لأنّه إذا لم يقم علماء المسلمين من الشيعة والسنة بتربية المسلمين، من التجار والعمال والفلاحين والمثقّفين وغيرهم، على الوحدة الإسلامية وعلى التقريب بين المذاهب الإسلامية، فلا قيمة لأيّ مؤتمر من مؤتمرات التقريب. لذلك علينا أن نلتقي بالقاعدة الشعبية، لنثقّف المسلمين بثقافة الوحدة الإسلامية، لأنّ الوحدة الإسلامية ليس معناها أن نقول للسنّي كن شيعياً بدون أساس، أو نقول للشيعي كن سنياً بدون أساس، بل هي أن نلتقي على ما اتفقنا فيه، ونتحاور حول ما اختلفنا عليه. {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}(النساء/59). علينا أن نسعى لتأسيس فضائيات إسلامية وحدوية بدلاً من الفضائحيات وعلى ضوء هذا، علينا أن نراقِبَ كلَّ الفضائيَّات التي يمكن، من خلال بعض برامجها، أن تثير الفتنة بين المسلمين، فقد تكون هناك فضائيات شيعية تثير الفتنة، وقد تكون هناك فضائيات سنية تثير الفتنة، وأيضاً قد تكون هناك فضائيات أمريكية أو تابعة لجهات عربية تخضع لأمريكا وتريد إثارة الفتنة. علينا أن نعمل على أساس أن نقف ضد هذه الفضائيات، وهذه مسألة ليست سهلة، وهي تحتاج إلى جهد وعمل، لأن أمريكا تريد أن تسيطر على العالم الإسلامي من خلال إثارة الفتنة بين السنة والشيعة، والفتنة بين العرب والفرس، والفتنة أيضاً- بحسب تعبير "رايس" - بين المعتدلين والمتطرفين، ونحن نسمع في هذه الأيّام بعض وزراء خارجية بعض الدول العربية يقول: "إن الإسرائيليين حلفاؤنا، وإن إيران هي عدوّتنا"، ويقول أيضاً: "إنّ السلاح النووي الإسرائيلي هو الذي يحمينا كعالم عربي من السّلاح النووي الذي يمكن أن يكون في يد إيران"، وهذا كلام صادرٌ عن أحد وزراء خارجيَّة دول عربية لها علاقات جيدة مع إيران، ولكنَّها خاضعة لأمريكا. لذلك فإنّ أمريكا تحاول أن تجعل إسرائيل هي الصَّديق، وإيران وحركة حماس وحزب الله هم الأعداء. أيها الأخوة، المنطقة عندنا تواجه خطراً كبيراً يتمثل في الاحتلال الأمريكي للعراق ولأفغانستان، ويتمثَّل في الضغوط الأمريكية على أكثر من دولة عربية وإسلامية، وأيضاً في الفتنة بين السنّة والشيعة، كما أنّ هناك خطراً داهم يهدد الواقع السياسي في العالم العربي والإسلامي، فلا يجوز لنا أن نكون حياديين، كما ورد في الحديث عن الإمام موسى الكاظم(ع): «أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكن إمّعة، قلت: وما الإمعة؟ قال: لا تقل: أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس، إن رسول الله(ص) قال: يا أيّها النّاس، إنّما هما نجدان؛ نجد خير ونجد شرّ، فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير». نحن اليوم نواجه التحدي الاستكباري الذي تقوده أمريكا، ومعها الاتحاد الأوروبي، والتي تعمل على أن تجعل إسرائيل هي القوَّة الكبرى في المنطقة، وتريد أن تجعل الحرب مستمرة، ولكن السؤال: هل علينا أن نقف على الحياد وموقف اللامبالاة، أو أن نقف في وسط المعركة ضد الاستكبار كلّه وضد الكفر كلّه؟! هذه هي رسالة المسلمين جميعاً، وهذه هي رسالة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وهذه هي رسالة الوحدة الإسلامية: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران/103). إن علينا أن نتحمَّل كل مسؤولياتنا، لأنّ الله سبحانه وتعالى سوف يسألنا غداً، ولأنّ رسول الله(ص) سوف يسألنا غداً: الإسلام أمانة الله في أعناقكم، فهل حفظتم هذه الأمانة، أو أن كل واحد منكم ذهب إلى قضيته الشخصية؟ علينا أن نحضّر لكل سؤال جواباً. على المسلمين السنة والشيعة أن يقفوا جنباً إلى جنب في خط وحدوي أصيل للدفاع عن الإسلام وعن الجمهورية الإسلامية وفي الختام، أود أن أشير إلى نقطة مهمّة، وهي أنّ الجمهورية الإسلامية الآن تواجه أخطاراً كبيرة من جهة التخطيط الأمريكي لمحاصرتها، وربما يفكر بعض أعضاء الإدارة الأمريكية، ومنهم "ديك تشيني"، في مسألة إيجاد الظروف الملائمة للحرب ضد إيران، وإن كنّا نعتقد أنهم لا يجرؤون على ذلك، لأنّ أيّ حرب ضد إيران سوف تحرق المنطقة كلّها، كما نقول دائماً. لكن أحب أن أقول لكل الأخوان، سواء الأخوان الموجودين على الحدود في بلوشستان أو في غيرها، إنّ أمريكا تحاصر إيران من جميع الجهات، فهي تحاصرها من جهة العراق ومن جهة باكستان ومن جهة أفغانستان، ولذلك أنا أقول لكل أخواننا من المسلمين، وخصوصاً من المسلمين السنّة الذين هم على حدود باكستان وعلى حدود أفغانستان، أن يدركوا حجم هذا الخطر، وأن لا يمكّنوا جماعة عملاء أمريكا من أن يعملوا على أساس الإساءة إلى الوحدة الإسلامية في إيران، لأنّ ذلك يمثل خطراً على الجمهورية الإسلامية من جهة، وعلى الواقع الإسلامي كلّه من جهة أخرى. وأنا أشكركم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
||||||||||
![]() |
![]() |
#2 | ||||||||||
![]() ![]()
|
مشكورر |
||||||||||
![]() |
![]() |
#3 | ||||||||||
![]() ![]()
|
جزاك الله خيرا |
||||||||||
![]() |
![]() |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
مديرة في مجمع تعليمي بالإسماعيلية تمزق صور شهداء ثورة 25 وتصفهم بـ"اللصوص" | gahanabobo | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 30 | 27-03-2011 07:35 PM |