بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود [ هذا القسم مخصص لمختلف المواضيع البعيدة كليا عن مجال الألعاب ] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13-02-2009, 04:20 AM | #1 | ||||||||||
|
الكثير منا يهوى كتابة قصص الرعب ويود أن يطور قدرته في فن الكتابة ، ليصبح كاتباً مرموقاً .. في موضوعنا اليوم سنتحدث بإذن الله تعالى عن كيفية كتابة قصة رعب .. قصص الرعب ترتكز على دعائم أساسية : أولاً : الفكرة /العقدة / الصراع . أفكار الرعب عامة تشمل ما هو خارق للمألوف ( أرواح وأشباح .. الجن والعفاريت .. مخلوقات متوحشة من عوالم آخرى أو كواكب آخرى .. القتلة والسفاحين .. مصاصي الدماء والمذؤبين والموتى الأحياء .. الأساطير الحضرية كالغول والنداهة و بولجود والمزييرة .. الأساطير القديمة كلعنة الفراعنة .. التجارب العلمية التي تحدث كارثة كفرانكنشتين والرجل الخفي.... ألخ ) يبحث الكاتب دائماً عن فكرة جديدة تتمحور حولها الأحداث ، وللعلم أن قصص الرعب أفكارها الجديدة قليلة للغاية لذلك نلاحظ أن كتاب السيناريو في الأفلام الأمريكية تحديداً يلجئون إلى عمل عدة أجزاء للعمل الواحد .. وكمثال : هالوين .. جيسون الجمعة 13 .. الصرخة .. أعرف ما حدث الصيف الماضي .. أفلام القتلة المتسلسلين ألين Alien.. برداتورpredator .. جيبرس كريبرس Jeepers Creepers.. كابوس شارع ألم A Nightmare on Elm Street.. أفلام الوحوش والمخلوقات الفضائية . منزل أمتي فيل amityville .. الفزع الرهيب poltergeist.. طارد الأرواح الشريرة The.Exorcist.. أفلام الأرواح الشريرة والأشباح لذلك في البداية وقبل البدء في الكتابة يجب أن تجد فكرة مرعبة وجيدة وجديدة .. يمكن بالطبع في البدء بفكرة قديمة بشكل واسلوب جديد ، وتحاول أن تضيف لها لتصبح قطعة أدبية جميلة .. وتذكر أن الصراع هو محور القصة والتي تدور حولها الأحداث .. بدون عقدة أو صراع لن توجد قصة .. لا يمكنك مثلاً كتابة قصة أن شخص ذهب إلى الأسكندرية وتصف رحلته بدون أن يقابله شيء أو يحدث صراع مع شخص .. هكذا لن تكون قصة أبداً .. ويجب أن تنهي الصراع بطريقة يتقبلها القاريء .. كما سنوضح في الحبكة . أسلوب السرد : أساليب السرد قليلة نسبياً ومعروفة للجميع وتشمل على : 1- البداية التقليدية : وهي الأفضل من وجهة نظري .. تبدأ بالعمل منذ بدايته ومروراً بالحدث الذي تدور حوله القصة ومروراً بالنهاية التي تغلق كل ما خلقته من صراع .. كمثال : الفيلم الشهير The Haunting الذي يبدأ بداية عادية وهي تجميع طاقم من مكون من فتاتين و3 رجال لعمل بحث داخل أحد القصور المسكونة بالأشباح ، وتتوالى الأحداث ليظهر أن القصر مسكون بالفعل ون أحد الفتيات مطالبة بمساعدة الأشباح من شبح أقوى وأشر .. هذه الطريقة كما نعلم جميعاً يتبعها د . نبيل فاروق في طريقته السردية في سلسلة ملف المستقبل ورجل المستحيل وكوكتيل 2000. 2- الأنا : هذا الأسلوب يساعد كثيراً للمبتدئين في عالم الكتابة ، والطريقة هي أن يضع الكاتب نفسه مكان البطل كأن يبدأ مثلاً : ذهبت لزيارة أحد أصدقائي أثر دعوة منه لحفل عشاء ، وكان من بين المدعوين الصديق الأثير إلى نفسي ( عبد الوهاب ) .. ذهبت إليه لأصافحه لكن وياللغرابة وجدته يتجاهلني وكأنه لا يعرفني على الإطلاق .. الطريقة بالطبع شهيرة للغاية لأعتماد ديب الرعب أحمد خالد توفيق عليها بشكل أساسي عن طريق شخصيته الأشهر رفعت إسماعيل .. 3- المذكرات الشخصية والرسائل : لا يستخدم هذا الأسلوب كثيراً وكمثال : أستخدم نبيل فاروق اسلوب الرسائل في قصة زهور ( رسالة حب ) وأستخدمه د. أحمد خالد توفيق في أسطورة آكل البشر .. المذكرات الشخصية هي كتابة القصة بأسلوب المذكرات .. كمثال : 31 ديسمبر .. في ذلك اليوم لم أفطن أن الشتاء بدأ ، وأنه سيكون يوماً ممطراً .. لكنه يوم جدير بوضعه على قائمة أهم حياتي .. حيث بدأت الأحداث المرعبة ..... ألخ البدء من حيث يجب أن تنتهي : وهي طريقة تشويقية تستخدم لجذب القاريء .. يبدأ فيها الكاتب بوضع جزء من النهاية ينتهي بمأزق للبطل .. من ثم يبدأ القصة لنعرف ما الذي وضع البطل في هذا المأزق وكيف سينتهي .. كمثال : أسطورة حارس الكهف د. أحمد خالد توفيق .صديق البطل : هنا المتكلم أو الرواي ليس هو البطل الأساسي .. هو صديق البطل ويقوم بسرد القصة من منظوره هو .. كمثال : د. واطسون في قصص شيرلوك هولمز .. هاستينجز في قصص أجاثا كريستي . الأنت : وهي طريقة بدأت مؤخراً في الأنتشار ، وفيها يوجه الكاتب كلامه إلى البطل .. كمثال : أنت تجول داخل الغرفة .. تفكر .. تبحث عن ذاتك .. تتلمس خشب المقعد ، وتسحبه تجاهك ؛ لتجلس عليه في صمت .. ماذا ستفعل الآن ؟ فكر جيداً قبل أن تتصرف .. استخدم كل طاقاتك العقلية في البحث عن مخرج . التجريب : وهنا يعتمد الكاتب على طريقة جديدة في فن التجريب كأن يبدأ الحدث مثلاً من منتصفه ، أو يبدأ الحدث بشخص ويكمله بشخص آخر .. وهذه الطرق لم أقرأها بعد لكنني شاهدتها في عدد من الأفلام الأمريكية .. وفي رأيي الشخصي قصص الرعب لا تحتاج إلى تجريب .. الأقرب إلى التجريب هو القصص الأدبية والروايات . الحبكة : الحبكة هي معقولية ومنطقية الأحداث ليقنع القاريء بقصته ، ويجب ان يمسك بكل خيوط القصة ولا يجعلها تختل منه أو ينسى أحد خيوطها .. كمثال : قصة مثلاً ستبدأ بكتابتها عن قاتل سفاح .. هنا يجب أن تذكر للقاريء لماذا القاتل يقتل؟ .. وما هي أداته المستعملة ؟.. وكيف ينفذ جرائمه ؟.. وكيف يختار ضحاياه ؟ ولماذا ؟ وهل سيتم الإمساك به في النهاية ؟ أم سيظل طليق ؟ لو تم إمساكه كيف سيتوصلون إليه وإلى معرفته ومعرفة مكانه ؟ أيضاً يجب أن تتذكر الأشخاص في قصتك .. لماذا وضعتهم ؟ وما فائدتهم للقصة ؟ ولا تذكر أبداً شخص ثم تنسى لماذا وضعته ؟ وأيضاً لا تنتقل من نقطة إلى نقطة بعيدة تماماً عن أحداث القصة والقفز فوق أحد الأحداث ، ولا تنسى وتدمج اللغة العربية بالعامية إلا في الحوار فقط .. الحواربالكامل يجب أن يكون باللغة العربية أو العامية ويفضل العربية .. لا تخلط بداً بينهم أبدأ ولا تمزجهم . بإختصار الحبكة هي مصداقية القصة عند القاريء وإقناعه بها دون الإخلال بأي نقطة من نقاط القصة .. ويجب أن يقتنع القاريء بشكل كامل بما يقرأه .. لا أن يقول مثلاً : بصراحة النقطة دي مش فاهم الكاتب عاوز يقول إيه ! ........ أو : يا سلام معقول يعني القاتل قدر ينفذ جريمته من غير ما يعرف عنوان القتيل ؟ طيب عرفه منين ودخل الشقة إزاي ؟ ويجب أن تنهي القصة بشكل يتوافق مع أحداث القصة ، ولا تستعمل نهاية بعيدة عن جو القصة .. كأن يموت السفاح مثلاً بنافذة تسقط على رأسه .. هنا لن يتقبلها القاريء أبداً . الشخصية / البطل : يجب أن تقوم برسم شخصية البطل جيداً لكي يتفاعل معها القاريء .. ويجب أيضاً أن تحدد شخصيته من خلال تصرفاته .. إذا كان عصبي المزاج .. ذكي .. طيب .. مندفع .. رومانسي .. معقد .. ترسم أيضاً هيئته .. قصير أو طويل .. بدين نحيف .. وسيم أو عادي .. أبيض أو أسمر .. كل هذا يساعد القاريء على الأنجذاب للبطل والتفاعل معه والشعور بما يعانيه .. الشخصية / الجانبية : وهي شخصية أو أكثر تتصل بالبطل بشكل أو بآخر .. صديق .. ضابط .. بواب .. شحاذ .. جار .. يجب أن تذكر هنا لماذا تم وضع هذه الشخصية ؟ ومدى قربها أو بعدها من البطل .. ويفضل رسم ملامحها الشخصية .. الشخصية / ضد البطل : وهذه الشخصية تختلف بإختلاف الفكرة .. ربما يكون قاتل .. شبح .. مسخ .. مخلوق فضائي .. جن .. وبالطبع هي لها مساحة كبيرة من القصة لما تفعله وتؤثر به في الأحداث .. لذلك يجب رسمها جيداً .. والأهم كيف ولماذا تفعل ما تفعله ؟ اللغة : للغة سليمة يجب أن تكثر من القراءة ، وترى كيفية كتابة الجمل والعبارات والشكل الجمالي والتشبيهات البلاغية المعبرة.. يجب أيضاً أن تركز لترى شكل العمل .. وإن شاء الله سأضع عدد من القصص الرعب القصيرة لزيادة الأستيعاب والمقارنة بما تكتب ، ومعرفة هل أنت في الطريق الصحيح أم لا ؟ علامات الترقيم : علامات الترقيم تستعمل لفصل الجمل وعدم إمتزاجها لتصبح عسيرة في القراءة .. وهي سهلة للغاية .. الفصلة بين الجمل المتصلة والنقطة أو النقطتان بين الجمل المنفصلة .. كمثال : ذهبت لمقابلة صديقي في معرض الكتاب ، ووجدته على مرمى حجر بعد وصولي . هنا أستخدمنا الفاصلة لأتصال الجملتان .. ذهبت لمقابلة صديقي في معرض الكتاب .. بحثت طويلاً حتى وجدته . هنا نقطة لعدم أتصال الجملتان . ذهبت لمقابلة صديقي في معرض الكتاب ؛ لكي اسأله عن كتابه الجديد الفاصلة واسفلها نقطة لأن الجملة الثانية توضح بيان ذهابه للمعرض ولا تكتمل إلا بالجملة الأولى . الحوار : يفضل أن يستخدم في سطر منفصل ويجب أن يبدأ بشرطة .. وهذا عرض بسيط لسهولة الأستيعاب . كمثال : ذهبت إلى معرض الكتاب .. تفقدت الكتب الجديدة ، وقلبت صفحات بعض ما جذبني .. وجدت من يمس كتفي من الخلف ، قائلاً : - "صديقي العزيز .. كيف حالك يا علاء ؟" نظرت للخلف لأجد صديقي وائل – الذي لم أراه منذ 3 أشهر – ينظر لي باسماً ، فقلت له : - "أين كنت يا عزيزي؟" لاحظ معي أنني وضعت جمل متصلة وآخرى منفصلة .. لاحظ أيضاً أن الحوار في سطر بمفرده حتى لا يتشتت القاريء .. لاحظ الجملة الأعتراضية وضعتها بين شرطتين لخروجها عن الجملة الأساسية . هل لاحظت الأقواس المحيطة بالجملة .. حسناً طريقة الكتابة لا تخرج عن هذا . وكما ترى هي طريقة سهلة للغاية . وستزداد أكثر بما ساقوم بطرحه من قصص رعب إن شاء الله تعالى .. لتقرأ أكثر وتستوعب أكثر وتجرب أكثر وأكثر .. للتجريب : أحمد .. سلمى .. شبح .. حول أن تضع هذه الثلاثة كلمات في قصة من تأليفك .. لا يهم الآن ماذا ستكتب ؟ أترك لخيالك العنان واسترسل في الكتابة .. لا يهم القصة قصيرة أو طويلة .. الأهم هو أن تحاول ، وتذكر فصل الجمل والحوار وعلامات الترقيم . |
||||||||||
|
13-02-2009, 04:21 AM | #2 | ||||||||||
|
القط الأسود بقلم عميد الرعب :إدجار آلان بو لست أتوقع منكم، بل لست أطلب أن تصدقوا الوقائع التي أسطرها هنا لقصة هي أغرب القصص وإن كانت في الآن عينة مألوفة للغاية. سوف أكون مجنوناً لو توقعت أن تصدقوا ذلك، لأن حواسي ذاتها ترفض أن تصدق ما شهدته ولمسته. غير أنني لست مجنوناً – ومن المؤكد أنني لا أحلم- وإذ كنت ملاقياً حتفي غداً فلا بد لي من أن أزيح هذا العبء عن روحي. ما أرمي إليه هو أن أبسط أمام العالم، بوضوح ودقة، وبلا أي تعليق، سلسلة من الوقائع العادية جداً.. إنها الوقائع التي عصفت بي أهوالها وواصلت تعذيبي ودمرتني، ومع ذلك لن أحاول تفسيرها وإذا كنت لا أجد فيها غير الرعب فإنها لن تبدو للآخرين مرعبة بقدر ما ستبدو نوعاً من الخيال الغرائبي المعقد. قد يجيء في مقبل الأيام ألمعي حصيف يبين له تفكيره أن هذا الكابوس مجرد أحداث عادية – وربما جاء ألمعي آخر أكثر رصانة وأرسخ منطقاً وتفكيره أقل استعداداً للإثارة من تفكيري، ليرى في الأحداث التي أعرضها بهلع مجرد تعاقب مألوف لأسباب طبيعية ونتائجها المنطقية. عُرِفْت منذ طفولتي بوداعتي ومزاجي الإنساني الرقيق، حتى أن رقة قلبي كانت على درجة من الإفراط جعلتني موضوع تندر بين زملائي، وقد تميزت بولع خاص بالحيوانات مما جعل أبوي يعبّران عن تدليلهما لي بإهدائي أنواعاً من الحيوانات المنزلية. مع هذه الحيوانات كنت أمضي معظم أوقاتي، ولم أعرف سعادة تفوق سعادتي حين كنت أطعمها وأداعبها.. نمت هذه الطباع الغريبة مع نموي، وكانت لي في طور الرجولة أكبر منابع المتعة. الذين عرفوا مشاعر الولع ب*** أمين ذكي سوف يفهمون بسهولة ما أود قوله عن مدى البهجة المستمدة من العناية بحيوان أليف.. إن في تعلق الحيوان بصاحبه تعلقاً ينـكر الـذات ويضـحي بها ما يخترق قلب الإنسان الذي هيأت له الظروف أن يعاني من خسة الصداقة وضعف الوفاء عند الجنس البشري. تزوجت في سن مبكرة، وقد أسعدني أن أجد في مزاج زوجتي مالا يناقض مزاجي، وإذ لاحظت ولعي بالحيوانات المنزلية لم تترك مناسبة تمر دون أن تقتني منها الأجناس الأكثر إمتاعاً وإيناساً. هكذا تجمع لدينا طيور وأسماك ذهبية و*** أصيل وأرانب وقرد صغير وقط. كان هذا القط كبير الحجم بشكل مميز، جميل الشكل، أسود اللون بتمامه، وعلى قدر عجيب من الذكاء، كانت زوجتي التي لا أثر للمعتقدات الخرافية في تفكيرها، حين تتحدث عن ذكائه تشير إلى الحكايات الشعبية القديمة التي تعتبر القطط السود سحرة متنكرين. هذه الإشارات لا تعني أنها كانت في يوم من الأيام جادة حول هذه المسألة. أذكر هذا لسبب وحيد هو أنه لم يرد إلى ذهني قبل هذه اللحظة. كان بلوتو – وهذا هو اسم القط- حيواني المدلل وأنيسي المفضل، أطعمه بنفسي، ويلازمني حيثما تحركت في البيت. بل كنت أجد صعوبة لمنعه من اللحاق بي في الشوارع. دامت صداقتنا على هذه الحال سنوات عديدة، تبدل خلالها مزاجي وساء سلوكي بفعل إدماني المسكرات (إني أحمرّ خجلاً إذ أعترف بذلك) ويوما بعد يوم تزايدت حدة مزاجي وشراستي، واستعدادي للهيجان، وتزايد استهتاري بمشاعر الآخرين. ولكم عانيت وتألمت بسبب التعابير القاسية التي رحت أوجهها إلى زوجتي، حتى أنني في النهاية لجأت إلى العنف الجسدي في التعامل معها. وبالطبع فقد استشعرت حيواناتي هذا التغير في مزاجي. ولم أكتف بإهمالها بل أسأت معاملتها. وإذا كان قد بقي لبلوتو بعض الاعتبار مما حال دون إساءتي إليه فإنني لم أستشعر دائماً في الإساءة إلى الأرانب أو القرد، أو حتى ال***، كلما اقتربت مني مصادفة أو بدافع عاطفي. غير أن مرضي قد تغلب علي – وأي مرض كالمسكرات!- ومع الأيام حتى بلوتو الذي صار هرماً ومن ثم عنيداً نكداً بدأ يعاني من نتائج مزاجي المعتل. ذات ليل كنت عائداً إلى البيت من البلدة التي كثر ترددي إليها وقد تعتعني السكر؛ وخيل إلي أن القط يتجنب حضوري؛ فقبضت عليه، وإذ أفزعته حركاتي العنيفة جرحني بأسنانه جرحاً طفيفاً فتملكني غضب الأبالسة. وبدا أن روحي القديمة قد اندفعت على الفور طائرة من جسدي؛ وارتعد كل عرق في هيكلي بفعل حقد شيطاني غذاه المخدر. فتناولت من جيب سترتي مطواة، فتحتها وقبضت على عنق الحيوان المسكين واقتلعت عامداً إحدى عينيه من محجرها! إنني أحتقن، أحترق، أرتعد حين أكتب تفاصيل هذه الفظاعة الجهنمية. لما استعدت رشدي في الصباح – لما نام هياج الفسوق الذي شهده الليل- عانيت شعوراً هو مزيج من الرعب والندم بسبب الجريمة التي ارتكبتها، غير أن ذلك كان في أحسن الحالات شعوراً ضعيفاً وملتبساً لم يبلغ مني الأعماق. ومن جديد استحوذ علي الإفراط في الشراب. وسرعان ما أغرقت الخمر كل ذكرى لتلك الواقعة. في هذه الأثناء أخذ القط يتماثل للشفاء تدريجياً. صحيح أن تجويف العين الفارغ كان يشكل منظراً مخيفاً لكن لم يبد عليه أنه يتألم، وعاد يتنقل في البيت كسابق عهده، غير أنه كما هو متوقع، كان ينطلق وقد استبد به الذعر كلما اقتربت منه. كانت لاتزال لدي بقايا من القلب القديم بحيث ينتابني الحزن إزاء هذه الكراهية الصارخة التي يبديها لي كائن أحبني ذات يوم. لكن سرعان ما حل الانزعاج محل الحزن. وأخيراً جاءت روح الانحراف لتدفعني إلى السقوط الذي لا نهوض منه. هذه الروح لا توليها الفلسفة أي اعتبار. مع ذلك لست واثقاً من وجود روحي في الحياة أكثر من ثقتي أن الانحراف واحد من الموازع البدائية في القلب البشري، واحد من الملكات أو المشاعر الأصيلة التي توجه سلوك الإنسان. من منا لم يضبط نفسه عشرات المرات وهو يقترف إثماً أو حماقة لا لسبب غير كون هذا العمل محرماً؟ أليس لدينا ميل دائم، حتى في أحسن حالات وعينا، إلى خرق ما يعرف بالقانون لمجرد علمنا بأنه قانون؟ روح الانحراف هذه هي التي تحركت تدفعني إلى السقوط النهائي. إنها رغبة النفس الدفينة لمشاكسة ذاتها – لتهشيم طبيعة ذاتها- لاقتراف الإثم لوجه الإثم، هذه الرغبة التي لا يسبر غورها هي التي حرضتني على مواصلة الأذى ضد الحيوان الأعزل، وأخيراً الإجهاز عليه. ذات صباح وعن سابق تصور وتصميم لففت حول عنقه أنشوطة وعلقته بغصن شجرة ..شنقته والدموع تتدفق من عيني، وفي قلبي تضطرم أمرّ مشاعر الندم؛ شنقته لعلمي أنني بذلك أقترف خطيئة،خطيئة مميتة سوف تعرض روحي الخالدة للهلاك الأبدي، وتنزلها إن كان أمر كهذا معقولاً، حيث لا تبلغها رحمة أرحم الراحمين والمنتقم الجبار. في الليلة التي وقع فيها هذا الفعل الشنيع، استيقظت من النوم على صوت النيران. كان اللهب يلتهم ستائر سريري والبيت بكامله يشتعل. ولم ننج أنا وزوجتي والخادم من الهلاك إلا بصعوبة كبيرة. كان الدمار تاماً. ابتلعت النيران كل ما أملك في هذه الدنيا، واستسلمت مذ ذاك للقنوط واليأس. لم يبلغ بي الضعف مبلغاً يجعلني أسعى لإقامة علاقة سببية بين النتيجة وبين الفظاعة التي ارتكبتها والكارثة التي حلت بي. لكنني أقدم سلسلة من الوقائع وآمل ألا أترك أي حلقة مفقودة في هذا التسلسل. في اليوم الذي أعقب الحريق ذهبت أزور الأنقاض. كانت الجدران جميعها قد تهاوت باستثناء جدار واحد، هذا الجدار الذي نجا بمفرده لم يكن سميكاً لأنه جدار داخلي يفصل بين الحجرات ويقع في وسط البيت، وإليه كان يستند سريري من جهة الرأس. وقد صمد طلاء هذا الجدار وتجصيصه أمام فعل النيران. وهو أمر عزوته إلى كون التجصيص حديثاً. أمام هذا الجدار كان يتجمهر حشد من الناس وبدا أن عدداً كبيراً منهم يتفحص جانباً مخصوصاً منه باهتمام شديد، فحركت فضولي تعابير تصدر عن هذا الحشد من نوع (عجيب!) (غريب!) دنوت لأرى رسماً على الجدار الأبيض كأنه حفر نافر يمثل قطاً عملاقاً. كان الحفر مدهشاً بدقته ووضوحه، وبدا حبل يلتف حول عنق الحيوان. عندما وقع نظري لأول مرة على هذا الشبح، إذ لم أكن أستطيع أن أعتبره أقل من ذلك، استبد بي أشد العجب وأفظع الذعر. غير أن التفكير المحلل جاء ينقذني من ذلك. لقد كان القط على ما أذكر معلقاً في حديقة متاخمة للبيت؛ فلما ارتفعت صيحات التحذير من النار، غصت الحديقة فوراً بالناس، ولا بد أن شخصاً ما قد انتزعه من الشجرة وقذف به عبر النافذة إلى غرفتي، وربما كان القصد من ذلك تنبيهي من النوم. ولابد أن سقوط الجدران الأخرى قد ضغط ضحية وحشيتي على مادة الجص الحديث للطلاء؛ اختلط هذا الطلاء بالنشادر المتصاعد من الجثة وتفاعل به بتأثير النيران فأحدث الرسم النافر الذي رأيته. ومع أنني قدمت هذا التفسير لأريح عقلي، إن لم أكن قد فعلت ذلك لأريح ضميري، فإن المشهد الغريب الذي وصفته لم يتوقف عن التأثير في مخيلتي، وعلى مدى أشهر لم أستطع أن أتخلص من هاجس القط؛ خلال هذه الفترة عاودني شعور بدا لي أنه الندم، ولم يكن في الحقيقة كذلك. لم يكن أكثر من أسف على فقد حيوان، وتفكير بالحصول على بديل من النوع نفسه والشكل نفسه ليحل محله. في إحدى الليالي، فيما كنت جالساً، شبه مخبول، في وكر من أوكار العار، إذ أنني أدمنت الآن ارتياد هذه الأماكن الموبوءة، جذب انتباهي فجأة شيء أسود فوق برميل ضخم من براميل الجن أو شراب الروم، البراميل التي تشكل قطع الأثاث الرئيسية في ذلك المكان، كنت طوال دقائق أحدق بثبات في رأس البرميل، وما سبب دهشتي هو أنني لم أتبين للحال طبيعة الشيء باستثناء شيء واحد. إذ لم تكن في أي مكان من جسم بلوتو شعرة بيضاء واحدة؛ وكانت لهذا القط بقعة بيضاء غير واضحة الحدود تتوزع على منطقة الصدر بكاملها. حالما لمسته نهض وأخذ يخط بصوت مرتفع ويتمسح بيدي، وبدا مسروراً باهتمامي له، وإذن هذا هو بالضبط ما كنت أبحث عنه. للحال عرضت على صاحب البيت شراءه، لكن هذا أجاب بأنه لا يملكه ولا يعرف شيئاً عنه، ولم يره من قبل. واصلت مداعبتي له، ولما تهيأت للذهاب، اتخذ وضعية تبين أنه يريد مرافقتي، فتركته يصحبني، وكنت بين الحين والآخر أتوقف وأربت على ظهره أو أمسح رأسه. لما وصل إلى البيت بدا أليفاً ولم يظهر عليه أي استغراب. وعلى الفور صار أثيراً لدى زوجتي. أما أنا فسرعان ما وجدت المقت يتصاعد في أعماقي، وكان هذا عكس ما توقعته، ولم أستطع أن أفهم كيف تعلق القط بي ولا سبب هذا التعلق الواضح الذي أثار اشمئزازي وأزعجني، وأخذ الانزعاج والاشمئزاز يتزايدان شيئاً فشيئاً ويتحولان إلى كراهية مريرة، فأخذت أتجنب هذا الكائن؛ كان إحساس ما بالعار، وذكرى فظاعتي السابقة يمسكان بي عن إلحاق الأذى الجسدي به. وامتنعت طوال أسابيع عن ضربه أو معاملته بعنف، لكن تدريجياً - وبتدرج متسارع- أخذت أنظر إليه بكره لا يوصف وأبتعد بصمت عن حضوره البغيض كما أبتعد عن لهاث مصاب بالطاعون. ما أكدَّ كرهي لهذا الحيوان هو اكتشافي، صبيحة اليوم التالي لوصوله أنه مثل بلوتو، قد فقد إحدى عينيه، غير أن هذا زاد من عطف زوجتي عليه لأنها كما ذكرت تملك قدراً عظيماً من المشاعر الإنسانية التي كانت ذات يوم ملامحي المميزة، ومنبعاً لأكثر المسرات براءة ونقاء. كان هيام القط بي يزداد بازدياد بغضي له، فكان يتبع خطواتي بثبات يصعب إيضاحه، فحيثما جلست، كان يجثم تحت مقعدي، أو يقفز إلى ركبتي ويغمرني بمداعباته المقززة، فإذا نهضت لأمشي اندفع بين قدمي وأوشك أن يوقعني، أو غرز مخالبه الطويلة الحادة في ثيابي ليتسلق إلى صدري، ومع أنني كنت أتحرق في مناسبات كهذه لقتله بضربة واحدة فقد كنت أمتنع عن ذلك بسبب من ذكرى جريمتي السابقةإلى حد ما، لكن بصورة أخص – ولأعترف بذلك حالاً- بسبب الرعب من هذا الحيوان. لم يكن هذا الرعب خوفاً من شر مادي مجسد، مع ذلك أحار كيف أحدده بغير ذلك، يخجلني أن أعترف أجل، حتى في زنزانة المجرمين هذه، يكاد يخجلني الاعتراف بأن الرعب والهلع اللذين أوقعهما في نفسي هذا الحيوان ازدادا حدة بسبب من وهم لا يقبله العقل كانت زوجتي قد لفتت انتباهي، أكثر من مرة إلى طبيعة البقعة البيضاء على صدر القط، والتي أشرت إليها سابقاً، تلك العلامة التي تشكل الفارق الوحيد بين هذا الحيوان الغريب وذاك الذي قتلته. هذه البقعة على اتساعها لم تكن لها حدود واضحة، غير أنها شيئاً فشياً وبتدرج يكاد لا يلحظ، تدرج صراع عقلي لكي يدحضه ويعتبره وهماً، اكتسبت شكلاً محدداً بوضوح تام. صار لها الآن شكل أرتعد لذكر اسمه.. هذا الشكل هو ما جعلني أشمئز وأرتعب، وأتمنى التخلص من الحيوان لو تجرأت، كان الآن صورة لشيء بغيض شيء مروع هو المشنقة! أوه أيّ آلة شنيعة جهنمية للفظاعة والجريمة للنزع والموت! والآن لقد انحدرت إلى درك ينحط بي عن صفة الإنسانية! كيف ينزل بي حيوان بهيم – قتلت مثله عن سابق تصميم- حيوان بهيم ينزل بي أنا الإنسان المخلوق على صورة كريمة، كل هذا الويل الذي لا يحتمل! واأسفاه! ما عدت أعرف رحمة الراحة لا في النهار ولا في الليل! ففي النهار لم يكن ذلك البهيم ليفارقني لحظة واحدة، وفي الليل كنت أهب من النوم مراراً يتملكني ذعر شديد لأجد لهاث ذلك الشيء فوق وجهي، وثقل جسمه الضخم – مثل كابوس متجسد لا أقوى على زحزحته- يجثم أبدياً فوق قلبي. وهكذا انهارت بقايا الخير الواهية تحت وطأة هذا العذاب، وصارت أفكار الشر خدين روحي، أشدَّ الأفكار حلكة وشيطانية، ازدادت مزاجيتي سوداوية حتى تحولت إلى كراهية للأشياء كلها وللجنس البشري بأسره، وأخذت نوبات غضبي المفاجئة المتكررة التي لم أعد أتحكم بها واستسلمت لها كالأعمى، أخذت تطال - واأسفاه زوجتي-، أعظم الصابرين على الآلام. رافقتني ذات يوم لقضاء بعض الأعمال المنزلية في قبو المبنى القديم حيث أرغمتنا الفاقة على السكنى، تبعني القط على الدرج وكاد يرميني، فاستشاط غضبي الجنوني؛ رفعت فأساً متناسياً ماكان من خوفي الصبياني الذي أوقفني حتى الآن، وسددت ضربة إلى الحيوان كانت ستقضي عليه لو أنها نزلت حيث تمنيت، غير أن يد زوجتي أوقفت هذه الضربة. كان هذا التدخل بمثابة منخاس دفع بغضبي إلى الهياج الشيطاني؛ انتزعت يدي من قبضة زوجتي ودفنت الفأس في رأسها، فسقطت ميتة دون أن تصدر عنها نأمة. لما ارتكبت هذه الجريمة البشعة، جلست على الفور أفكر في التخلص من الجثة. عرفت أنني لا أستطيع إخراجها من البيت لا في الليل ولا في النهار دون أن أخاطر بتنبيه الجيران. مرت برأسي خطط عديدة. فكرت بأن أقطع الجثة إرباً ثم أتخلص منها بالحرق. وفكرت في حفر قبر لها في أرض القبو. كما فكرت في إلقائها في بئر الحوش، أو أن أحشرها في صندوق بضاعة وأستدعي حمالاً لأخذها من البيت. وأخيراً اهتديت إلى أفضل خطة للتخلص منها. قررت أن أبنيها في جدار القبو، كما كان الرهبان في القرون الوسطى يبنون ضحاياهم في الجدران. كان القبو مناسباً لهذه الغاية. فقد كان بناء جدرانه مخلخلاً وقد تم توريق الجدران حديثاً بملاط خشن حالت الرطوبة دون تصلبه. وفوق ذلك كان في أحد الجدران تجويف بشكل المدخنة تم ردمه بحيث تستوي أجزاء الجدار، وتأكد لي أن باستطاعتي انتزاع قطع الطوب من هذا التجويف وإدخال الجثة، وبناء التجويف ليعود الجدار كما كان بحيث لا ترتاب العين في أي تغيير. ولم تخطئ حساباتي. استعنت بمخل لانتزاع قطع الطوب، وأوقفت الجثة بتأن لصق الجدار الداخلي ودعمتها لتحتفظ بوضع الوقوف، فيما كنت أدقق لأعيد كل شيء إلى ما كان عليه. كنت قد أحضرت الملاط والرمل والوبر، فهيأت الخليط بمنتهى الدقة والعناية بحيث لا يميز من الملاط السابق، وأعدت كل قطعة طوب إلى مكانها. عندما أكملت العمل أحسست بالرضا عن النتيجة. لم يكن يبدو على الجدار أدنى أثر يدل على أنه قد لمس. نظفت الأرض بمنتهى العناية ونظرت حولي منتصراً وقلت في نفسي: "لم يذهب جهدي سدىً". كانت الخطوة الثانية هي البحث عن الحيوان الذي سبب لي هذه الفاجعة الرهيبة، ذلك أنني قررت القضاء عليه، لو عثرت عليه في تلك اللحظة لما كان هنالك من شك في أمر مصيره؛ لكن يبدو أن الحيوان الذكي أدرك عنف غضبي فاختفى متجنباً رؤيتي وأنا في ذلك المزاج. يستحيل علي أن أصف عمق الراحة والسكينة التي أتاحها لروحي غياب ذلك الحيوان. لم يعد للظهور تلك الليلة. وهكذا ولأول مرة منذ وصوله إلى البيت نمت بعمق وهدوء، أجل نمت على الرغم من وزر الجريمة الرابض فوق روحي. مر اليوم الثاني ثم الثالث ولم يظهر معذبي، ومن جديد تنفست بحرية. لقد أصيب الوحش بالذعر فنجا بنفسه نهائياً! ولن يكون علي أن أتحمله بعد الآن! كانت سعادتي بذلك عظيمة! ولم يؤرق مضجعي وزر الجريمة السوداء إلا لماماً. جرت بعض التحقيقات وقدمت أجوبة جاهزة. بل كانت هناك تحريات، غير أن شيئاً ما لم يكتشف، وأدركت أن مستقبل سعادتي في أمان. في اليوم الرابع بعد وقوع الجريمة جاءت فرقة من الشرطة إلى البيت بشكل لم أتوقعه وبدأت تحريات واستجوابات دقيقة، لكن بما أنني كنت مطمئنا إلى إخفاء الجثة لم أشعر بأي حرج. سألني ضباط الشرطة أن أرافقهم إلى القبو، فلم ترتعد فيَّ عضلة واحدة. كان قلبي ينبض بهدوء كقلب بريء نائم. رحت أذرع القبو جيئة وذهاباً عاقداً ذراعي فوق صدري. اقتنع رجال الشرطة بنتائج بحثهم واستعدوا للذهاب، كانت النشوة في قلبي أقوى من أن أكتمها. كنت أتحرق لقول كلمة واحدة، لفرط ما أطربني الانتصار، ولكي أزيد يقينهم ببراءتي. "أيها السادة - قلت أخيراً، لما كان الفريق يصعد الدرج - يسرني أن أكون قد بددت كل شكوككم. أتمنى لكم تمام الصحة ومزيداً من اللباقة، بالمناسبة أيها السادة، هذا بيت مكين البناء - في رغبتي العارمة لقول شيء سهل، لم أجد ما أتلفظ به - إنه بيت مبني بشكل ممتاز. هذه الجدران- هاأنتم ذاهبون أيها السادة- هذه الجدران متماسكة تماماً" وهنا، وبنوع من الزهو المتشنج- طرقت طرقاً قوياً على الجدار بعصا كانت بيدي، تماماً في الموضع الذي أخفيت فيه زوجة قلبي. لكن ليحميني الله من مخالب إبليس الأبالسة! لم تكد اهتزازات ضربتي تغرق في الصمت حتى جاوبني صوت من داخل القبر! صرخة مكتومة متقطعة بدأت كبكاء طفل، لكن سرعان ما أخذت تتعاظم وتتضخم لتغدو صرخة واحدة هائلة مديدة شاذة غريبة وغير آدمية بالمرة.. غدت عواء.. عويلاً مجلجلاً يطلقه مزيج من الرعب والظفر، وكأنما تتصاعد من قيعان الجحيم تتعاون فيها حناجر الملعونين في سعير عذاباتهم والشياطين إذ يهللون اللعنات. من الحماقة أن أحدثكم عن الأفكار التي تلاطمت في رأسي.. ترنحت منهاراً وتهاويت مستنداً إلى الجدار المقابل.. للحظة واحدة ظل فريق الشرطة مسمراً على الدرج بفعل الرعب والاستغراب. وفي اللحظة التالية كانت بضع عشرة ذراعاً شديدة تهدم الجدار. انهار قطعة واحدة. كانت الجثة قد تحللت إلى درجة كبيرة وغطاها الدم المتجمد، وهي تنتصب واقفة أمام أعين المشاهدين وعلى رأسها يقف القط الأسود الكريه بفمه الأحمر المفتوح وعينه الوحيدة النارية، القط الذي دفعتني أفعاله إلى الجريمة ثم أسلمني صوته الكاشف إلى حبل المشنقة. كنت قد بنيت الجدار والقط داخل القبر. |
||||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة bedonero ; 13-02-2009 الساعة 04:27 AM
|
13-02-2009, 04:23 AM | #3 | ||||||||||
|
لماذا أرتجف القط ؟؟ قصة رعب بقلم : د. أحمد خالد توفيق [size="5"] إن لغرائز الحيوان هيبة واحتراماً في نفوسنا نحن البشر الذين أوهنت الحضارة حواسنا الحيوان يرى أفضل منا ويشم أفضل منا ويسمع أفضل منا.. أما الأهم فهو أن الحيوان يملك حاسة الخطر.. الحاسة التي لا نملك منها سوى النذر اليسير أو لا نملكها على الأطلاق ******* كنت طالباً قروياً بسيطاً أعيش في القاهرة, المدينة الصاخبة القاسية التي لا ترحم..، كانت الحرب قد انتهت منذ أعوام واستسلمت ألمانيا وكانت هناك حركات ثورية تغلي واضطربات وحركات كبار..، لكني كنت بعيداً عن كل هذا في قوقعتي الخاصة.. كان رفاقي في الجامعة يثرثرون ويرافقون الفتيات ويتأنقون.. لكني كنت منزوياً في حيائي الريفي الطبيعي والأمل الخافت الذي لا ينفك يراودني: ستفخرون يوماً أنكم عرفتموني أي ضير في أن تسخر الفتيات من حذائي؟.. لقد سخرت فتاة من بنيامين فرانكلين يوماً ما وأطلقت عليه الكائن العجيب, ثم تلبث أن قبلت بكل فخار أن تكون زوجته حين صار المصلح والعالم الأمريكي الأشهر وأي ضير في أن يتهكم الشباب على ثيابي؟.. ان بيتهوفن كان كريه الرائحة قليل الاستحمام.. والكسندر دوماس كان قبيحاً كقرد.. وحتى اينشتاين اتهمه مدرسوه بالتخلف العقلي كنت واثقاً أنني أصنع نفسي.. كنت أجد بين صفحات الكتب ما ينسيني عذاب اللحظة.. لكن شعوراً واحد كان يمزق فؤادي .. الوحدة الوحدة المريرة التي لن ولم أتحملها بأي حال.. كنت أعيش في غرفة حقيرة في أحد أحياء القاهرة الشعبية.. وكانت بعض أسر العمال تسكن جواري, فلم يمنعني هذا من ادراك أية متعة يعيشها هؤلاء البؤساء بين أسرهم صوت الضحكات.. لعب الأطفال.. الشجار.. عبارات السباب.. كل هذا كان يمزقني تمزيقاً, وحتى قشور البطيخ الملقاة في الزقاق كانت تؤلمني.. فهي كميات أكبر بكثير مما يستطيع شخص واحد أن يلتهمه ******* كنت أحيا هذا الجحيم.. وبدأت أفهم لماذا يتزوج البشر.. انه الضمان الوحيد كي تجد انسانا ملكك لا يتركك وحيداً أبداً كنت غارقاً في لجة الكآبة حين قابلت "جمعة"..! كان صغيراً بحجم قبضة اليد.. قذراً كمصرف للمجاري.. شرساً كالنمر.. جائع ****ة وليدة.. تعساً كالشيطان.. وحيداً مثلي هنالك أمام بابي وجدته.. مجرد قط وليد منبوذ يرتجف برداً وجوعاً ويموء بتلك الطريقة الصامتة الواهنة التي تجيدها القطط وتسلب بها قلوبنا حملته الى الحجرة.. ووضعته في سلة الخبز الفارغة التي أرسلتها لي الحاجة من قريتي، وأحضرت له بعض الفاصوليا التي كنت قد طهوتها لنفسي فأعرض عنها في اشمئزاز مبدياً رأياً لا بأس به في طهوي فتحت له علبة من السمك المحفوظ وشرعت أضع أمامه قطعاً منها, فذاقها بلسانه أولاً.. ثم بدأ يأكل حين انتهى راح يلعق أسنانه بلسانه, فحملته في قبضتي الى صنبور الماء وغسلت جسده وسط محاولات افلاته المضحكة وموائه الرفيع من حسن الحظ أننا كنا في يوليو لأن غسيل القطط الصغيرة تحت الصنبور خطأ قاتل!. ثم جففته وشرعت أرمق شعره الثائر المحتشد في أشواك.. وكان هذا هو الحب الأول في حياتي أسميته جمعة لأنني كنت مثل روبنسون كروز وحيداً في جزيرة قصية الى أن وجد صحبة, وهذه الصحبة كانت بدائياً جاءه في يوم جمعة, فأسماه في بنفس الاسم ******* لقد غيّر جمعة حياتي تماماً صار لي هدفاً أحيا من أجله وأعود لداري من أجله.. كان يرقد على قدمي حتى أنام.. ويلعق وجهي في شعاع الفجر الأول.. ويرتمي على ظهره معايناً خفي.., ثم يتربع على مكتبي الحقير أمامي اذا أدرس مُصدراً ذلك الهرير الرائع المنتظم الواقع أنني كنت أملك يقيناً لا يتزعزع أن هذا القط هو أخي.. فقط هو مصاب بعيب خلقي بسيط يجعله يمشي على أربع ويأكل السمك ويموء, ولابد لي أن أقبله كما هو لأني أحبه ظلت الأيام تدور بنا.. وفي الأوقات القليلة التي كنت أفارقه فيها الى قريتي كنت أعطي مفتاح الحجرة لأمال ابنة الجيران كي تطعمه كان هذا في الفترة السابقة للقائي بـ داغر ******* اسمه عجيب.. أعلم ذلك.. لكن وجهه أكثر غرابة.. فهو شاحب اللون رمادي العينين تتطاير خصلات شعره الأبيض في الهواء.. ضخم.. مهيب.. يقولون أنه من أصل تركي يبرز مظهره غير المألوف واسمه العجيب.. وكان من أوائل الشباب الرفيع الذي تخلي عن الطربوش.. وبرغم أن كثيرين قد حذوا حذوه في تلك الأيام في أواخر الأربعينات الا أنه كان أولهم قابلته في الجامعة يدرس الفلسفة.. كان على النقيض مني في أي شئ.. ولن أشرح كيف.. لكنه كان شخصية مغناطيسية يلعب ذات الدور التي تلعبه البلورة الصغيرة حين تعلقها في سائل مُشبع.., انه مركز تبلور.. وآراؤه وكلماته تغدو هي الرأي العام بعد أيام من قولها من اللحظة الأولى أدركت أنه لن يكون صديقي.. لكن داغر أصر على العكس.. وكان له ما أراد ******* كنتُ جالساً في المكتبة أطالع بعض كتب علم الأجناس حين وجدت داغر يتخذ مقعده جواري.., العطر الغريب الذي يذكرك بشئ لا تدري كنهه وأنامله الدقيقة كأنامل أفضل عازفي البيانو قال لي وهو يقلب صفحات كتاب: اننا زميلان.. هل تعرف ذلك؟.. اذن لماذا لا نتعرف؟ محمد شحاته.. من احدى قرى القليوبية - ابتسم في شئ من الرقة الممزوجة بالتهكم.. وقال: اسمي داغر ..داغر السفير.. وعلى كل حال أنا لم أطلب معرفة محافظتك هي العادة لا أكثر - وبدأنا نتحدث.. كان مسلياً وواسع العلم لكني لم أستطع أن أحبه.. نفور لا سبب له ينتابني تجاهه ذلك النفور الذي فسرته بحقدي المحتوم على طالب ثانوي مثله يملك كل شئ.. لكنه كان لزجاً كالذبابة.., كانت نظراته محملقة ثابتة الى درجة مزعجة تسلبك حريتك تماماً الخلاصة أنه كسب أرضاً بعد هذه المحادثة وصار من حقه أن يجذب مقعداً الى جواري في أي مكان أجلس فيه دون أن أتمكن من الأعتراض هل هو اجتماعي الى هذا الحد الذي يحرص معه على ألا يفلت طالب من دائرته؟.. أم هو يتسلي بهذا النمط الساذج الغريب الذي كنته؟ ان لديه أصدقاء كثيرين ويمكنه دائماً أن يشغل وقت فراغه.. بل انه.. صدق أو لا تصدق.. طلب زيارة داري كدت أجن.. وطفقت أولول وأصرخ وأؤكد له أن داري ليست داراً بل هي أقرب الى حظيرة أو سوق أو مخزن الكرار.. وأنه حتماً لن يحبها رؤيتها فضلاً عن دخولها.. فلا داعي لهذا التودد الا أنه ابتسم في لزوجة.. وأكد لي: انني على غير ما تحسب.. وجميع الأماكن عندي سواء قلت: مادمت مصراً..، على الأقل سأجد لك كوباً مكسوراً هنا أو هناك يصلح لتشرب فيه شاياً كما تريد ****** في مساء الأربعاء أولجتُ مفتاح الباب في القفل.. ودخلت الغرفة ومعي هذا الأخ المتودد.. وشرعت أزيح الزجاجات المكسورة والخرق وعلب السمك المحفوظ الفارغة التي تسد طريقه الى المقعد الخشبي الوحيد قال: ليست غرفتك بشعة الى هذا الحد.. تبدو لي كغرف الرسامين التأثيريين في مونبارناس.. لم أفهم هذه العبارة لكنها أكدت لي أنه قد سافر الى هذه الـ.. الـ.. مومبراس مراراً ولابد أنه مكان رائع فيما عدا غرف الرسامين التأثييرين القذرة التي تملؤه !, ماعلينا.. سأعرّفه بأخي السنوري جمعة الذي سيعطي لحديثنا أرضاً أوسع.. خاصة وكل الناس مولعون بالحديث عن الحيوانات والأطفال جمعة ..!.. أين أنت؟.. أيها الهر السخيف - هل لديك هرّ؟ - سألني وقد تبدل تعبير الإرتياح المرتسم على وجهه.. لا أكذب اذا قلت أنه قد بدا قلقاً و متوتراً.. سألته في مداعبة واضحة: يبدو أنك لا تحب القطط؟ ولا الحيوانات عموماً - ولكن صبراً حتى تري جمعة.. وركعت تحت الفراش باحثاً عن ذلك القط العنيد.. كان هناك في الركن المظلم متكوراً حول نفسه وقد انتفشت شعيراته والتمعت عيناه في الضوء كفيروزتين, وكان يصدر زئيراً متوتراً غير عادي.. فلما مددت يدي أصدر فحيح كالأفعي ان هذا القط خجول أكثر مما توقعت.. امتدت يد داغر الى ظهري حيث انحنيت راكعاً تحت الفراش وسمعت صوته الرخيم العميق يغمغم: دعك منه الآن فليكن - ******* عدت أزحف على ركبتي خارجاً, ووقفت على قدمي أمام الفتي الذي مد يده يزيل شيئاً ما من على ذقني ويبتسم: وجهك غارق في الغبار وخيوط العنكبوت.. لقد أنذرتك وعلى السقف تحرك صديقي البرص مغادراً داره مابين ألواح الخشب التي تدعم الحجرة..، وهو حدث غير مألوف في هذه الآونة من العام.. لكنه حدث وأرجو أن لا يلاحظ ضيفي ذلك.. دعوته للجلوس فجلس على مكتبي المتهالك الذي أدرس عليه كيف أكون أعظم انسان في العالم, وبدأ يتحسس كتبي بيد فضولية تدرس كثيراً - ليس لدي عمل آخر - قراءاتك متنوعة - انه ذلك الظمأ المقدس للمعرفة - وشرعت أعد له كوباً من الشاي مكتشفاً.. في كل ثانية أيّة حياة حقيرة وأية هاوية أنا مترذ فيها, وهو الاكتشاف الذي يعاودني كلما زارني أحدهم لا يوجد براد نظيف.. لا ملعقة غير صدئة.. لا كوباً غير مشروخ.. تباً لها من حياة ..! على أنه لم يبدو مهتماً بكل هذا.. بل أنه أخذ الكوب بتؤده وبنوع من الإمتنان.. ثم أخرج علبة تبغ جلدية أنيقة وناولني لفافة رفضتها شاكراً: لا أدخن.. شكراً أشعل لفافته في تؤده وبحث بعينيه عن مطفأة لكني أشرت له ألا مانع من إلقاء الرماد على الأرضية بدأ يدخن لحظات.. ثم قال لي: أنت لا تدخن.. وتقضي الوقت في الدراسة.. انك نموذج الطالب المجد الذي كنا نرى صورته في مكتب المطالعة الأبتدائية سرني هذا المديح لكني فطنت أنه كان يتهكم.. اذا أردف: وطبعاً تتوقع أن تبذر بذور مجدك وأن هذه الغرفة هي الشرنقة التي ستحلق منها فراشة آمالك لا أدري.. لكنني أحاول - قال لفظة فرنسية لم أفهم معناها.. لكنها.. بالتأكيد.. تحمل معني الهباء أو كما نقول كان غيرك أشطر ثم أنه رشف جرعة شاي وقال: أنت غارق في الحلقة الدامية الشهيرة.. من لا يستحق يجد ومن يستحق لا يجد.. ومن الحمق أن تظن أن هذه الحلقة كانت تنتظرك دون ملايين البشر كي تحطمها آه ها نحن أولاء قد بدأنا نغمة التعالي.. هو ذا ذلك المدلل ابن المدينة يحاول بمقص أن يزيل جناحي قلت في فتور: لكني أحاول.. أليس كذلك؟.. فقرر أن يتبسط قليلاً.. وبدأ يثرثر عن العقاد وطه حسين ومعارك الأحزاب.. إلخ ليت *** الجيران يكف عن النباح لحظة.. ماذا دهاه هذا المخبول؟ مضت لحظات ونباح ال*** مستمر ويتعالى.. مع صوت سباب من جاري أبي أمال يصف ***ه بأقذع النعوت توتر داغر بعض الشئ وبدا أنه غير قادر على الاستمرار.. ثم كور بقايا لفافة تبغه ورمي بها أرضاً.. وتنهد: سنواصل حديثا في وقت آخر.. وتهيأ للانصراف مما سرني كثيراً وتظاهرت بالعكس وعلى باب الحجرة استدار وتشمم الهواء الراكد.. وهتف: تذكر.. أنت تستحق ما هو أفضل ******* حين عدت لغرفتي شعرت بروحي تضيق حتى لتتصاعد الى السماء.. لقد نجح هذا الوغد في أن افساد التعوّد الذي كنت أستعين به على حياتي ورغم أنني ريفي فإن دارنا كانت أجمل وأنظف من هذه الغرفة مئات المرات لا تظلموني يارفاق.. ربما أنا ضعيف الشخصية أو طيب القلب لكن ليس الى هذا الحد.. ومهما كان أحدكم يحب زوجته فهو خليق بأن يمقتها اذا ظل هناك من يقبّحها في عينه ليلاً نهاراً ان الرضا كوب من الحليب تكفي ذبابة انتقاد واحدة تكفي كي تعكره الى الأبد أما المشكلة فكانت مع جمعة ان هذا القط الأبله كان متوتراً متحفزاً بشكل غير عادي, بل أنه ظل يرتجف طيلة الساعتين التاليتين وعزف عن الأكل حتى كدت أموت رعباً عليه ******* كانت العاشرة مساءً حين قرعت جارتي آمال الباب ابتسمتُ في رقة معتقداً أنها جاءت بعذر مختلق لمجرد أن تتبادل كلمتين أو ثلاث معي قبل أن تأوي لفراشها.. صحيح أن هذه الفتاة لم تبد مطلقاً أي أهمية بي لكني كنت أضع بنيامين فرانكلين نصب عيني لكنها كانت جادة.. كانت متوترة حقيقة لا تمثيلاً.. وقالت وهي تبتعد عن الباب في حياء: لا مؤاخذة ياسي محمد على مضايقتك.. لكني كانت عائدة للبيت حين رأيت هذا رأيت ماذا يا أمال؟ - أشارت الى الأرض.. الى عتبة غرفتي الخشبية وتساءلت: من أين يأتي كل هذا النمل؟.. ولماذا يهرب من غرفتك أنت بالذات؟ ******* حين انصرفتْ أمال بدأت أدرك أن هناك شيئاً ما ليس على ما يرام بالواقع لم يكن أي شئ على مايرام ركعت على ركبتي أتتبع سرب النمل الطويل الكثيف كأنه رُسم بفرشاة سوداء على خشب الأرضية.. هاهو ذا انه يتعرج حول نفسه متجهاً الى أحد شقوق الحائط الكثيرة.. الموضع الذي يفر منه كل النمل مامعنى هذا؟.. هجرة نمل في هذا الوقت من العام؟ وقط متوتر كأنما أوصلت ذيله بمقابس الكهرباء.. وبرص يعدل عن رأيه في الوقت الملائم لبدأ البيات الشتوي.. و*** يعوي كالمسعور دون سبب واضح كل هذا متزامن مع ذلك الشاب غريب الأطوار والمظهر.. الذي كان عندي من لحظات ....ان هذا يعني وانتصب شعر رأسي كان عندي شعر رأس في تلك الآونة واستحال جلدي كجلد الأوزة لقد فهمتْ الحيوانات والحشرات مالم أفهمه أنا ******* مضيت أجول الغرفة في قلق.. كان جمعة قد هدأ قليلاً لكنه متكور كالجورب في ركن الفراش ويرمقني في توجس كُف عن الهلع أيها القط السخيف.. أرجوك.. لم تعد أعصابي تتحمل كل هذا ولكن ما سر هذا الاسم الغريب الذي يحمله؟.. انني واسع الثقافة.. كما تعلمون جميعاً.. وكان من السهل أن أقول لنفسي: داغر معناها لص وهي كلمة عربية فصحة لكننا نسينا معناها.. أما السفير فهو اسم ملئ بالدلالات.. خاصة اذا ما استبعدنا معناه القريب الدراج أنا أعرف أن لوسيفر هو الاسم اللاتيني للشيطان.. وقد كان في الاصل يعني الزهرة حين تغدو كوكب الصباح ثم اقترن بالشيطان في الديانة المسيحية لأنه كناية عن الخيلاء التي تقود صاحبها للهلاك.. فهل ثمة دلالة معينة لتشابه حروف لوسيفر والسفير؟ إن الأدب العالمي هو مملكتي الخاصة.. وقصصاً مثل فاوست وأحزان الشيطان لا تغيب عن مخيلتي لماذا لا نعرف شيئاً عن داغر ولا أسرته ولا عنوان داره؟ لماذا يزور الجميع لكن أحداً لا يزوره؟ الوغد!.. لكم كان ناعماً مهذباً مؤذياً كالأفعى ******* كانت الساعة تدنو من منتصف الليل وكان النمل قد أنهي هجرته غير المفهومة.. والقط في موضعه السابق.., حين سمعت دقاً متواصلاً على الباب.. فوثب قلبي من فمي.. اتجهت للباب في تؤدة وألصقت وجهي به.. وتساءلت: من هناك؟ كان هذا هو صوتي المرتجف.. المتوجس.. الرفيع كصوت سحلية مشنوقة.. وهنا سمعت الصوت الذي سيظل يفعم كوابيسي: إنه أنا.. داغر.. افتح يا محمد دا.. دا.. داغر ؟.. مـ.. ماذا تريد؟ - قال في سخرية: ليس لعب الشطرنج بالتأكيد.. نسيت مفاتيحي عندك لحظة - ووثبتُ كالملسوع الى حيث كان جالساً.. فوجدت المفاتيح التي تحدث عنها.. غريب هذا أنا واثق من أنه لم توجد مفاتيح طيلة المدة التي تلت رحيله.. هذه المفاتيح برزت فجأة حملتها بين اصبعين كالثعبان, واتجهت للباب هل أفتحه؟ لا أدري لكني حتماً لن أتمكن من تمريرها أسفله.. اذن لا مناص من فتح الباب.. مددت يدي للقفل وأزحته في توتر.. ودخل داغر الغرفة كان وجهه الوسيم الصارم يتلألأ بين الظلال وهو يدلف للحجرة وعيناه تلمعان ببريق غير مريح.. بريق لم مياااااو...... - أنشب جمعة مخالبه في الملاءة وقوس ظهره ثم وثب بقفزة واحدة الى ما تحت الفراش.. فقال داغر وهو يهز رأسه: ان هذا القط غريب الأطوار والتقط المفاتيح ودسها في جيبه.. وأردف: لماذا تحتفظ بهذا الوحش الشرس في دارك؟ كنت أتعوّذ و أردد الأدعية كي يتركني هذا الشئ سالماً هذه الليلة.. و إلى الوراء ترجعت ثلاث خطوات سألني: ماذا بك يا محمد؟.. لا تبدو طبيعياً.. هل حدث مايضايقك؟ كان يدنو مني في تؤدة وعلى شفتيه ابتسامة معسولة ابتعد عني - لماذا ؟.. لماذا لا أدنو منك؟ - كنت أتراجع للخلف محاذراً أن أصطدم بالمكتب ابتعد أيها الشيطان - ضحك والتمعت عيناه وتبدت أسنانه البيضاء النضيدة: أنا شيطان؟.. انك ذكي ياصديقي أنت - وهنا حدث الشئ.. الشئ الذي لم أتخيله في أفظع كوابيسي ******* شممت رائحة غبار.. ثم هوى عرق خشبي عملاق من السقف.. وتطاير الغبار أكثر ثم بدأ الجحيم أخشاب تتهاوى.. الأرض تميد تحت قدمي.. قرقعة.. صخب.. صوت تهشُم.., داغر يحاول أن يقول شيئاً ثم يسقط أرضاً.. عواء القط.. عواء ال***.. رائحة عطن.. صراخ نسوة.. ثم لا شئ ******* في مستشفى القصر العيني صحوت لأجد نفسي ملفوفاً في الضمادات وعشرات الأصوات تتردد أن الحمد لله.. وفهمت ما هنالك لقد انهار طابقان في المنزل المتداعي الذي كنت أسكن فيه ولم يصب.. بالطبع و كما هي العادة.. سواي وداغر داغر المنحوس المسكين الذي عاد ليأخذ مفاتيحه دقيقة واحدة.. دقيقة واحدة لكنها كانت كافية لينهار المنزل فوق رأسه ومن حسن حظه انه لم يقض نحبه داغر سليل الأرستقراطية الذي لعبت برأسه السياسة فانضم الى إحدي المنظمات اليسارية المتطرفة.. وتنصلت منه أسرته.. تاركة اياه يمارس دوراً اختاره لنفسه في توعية البؤساء من أمثالى بقسوة وضعهم الطبقي المتدني.. توطئة لضمهم الى المنظمة داغر الذي تلقي جزاء حماسه المبالغ فيه في صورة كسر في الفخذ والذراع و ارتجاج في المخ لا بأس به الواقع انني.. في تلك اللحظة.. لم أعد أمقت ذلك المعتوه الى ذلك الحد طيلة حياتي كنت أتعاطف مع الفريق الخاسر.. حاولت أن أكسب صداقته من جديد.. لكنه كان قد تعلم دراساً لا بأس به, لهذا أفلت مني وعاد للدراسة من جديد.. وان كان قد فقد مغناطيسيته أو لم يعد يعبأ بها.., ثم أن البوليس السياسي استضافه بعض الوقت مما شفاه نهائياً من التودد و في المستشفى زارتني أمال وأمها..وهما سليمتين تماماً, وكانت الأم قد أعدت لي بعض الحمام والأرز المعمر كأفضل هدية تعرفها لمريض ولم تكن مخطئة تماما في هذا.. أخبرتني في تفاؤل أن البيت أمكن اعادة ترميمه.. فلم يعودوا بلا مأوي.. وأقسمتْ أغلظ الايمان أن آكل أمامها في فراشي.. فلم أكذب خبراً الا أنني تجنبت سؤالها عن قطي وعن العزيز جمعة الذي كان شريك حياتي لفترة وجيزة.. ولي بعيداً ككل ما هو رائع قطك بخير ياسي محمد - قالتها أمال في نعومة.. مما جعل وجهي يتهلل طرباً غير مصدق لما تقول أردفت مبتسمة: ان الحيوانات تشعر بالخطر قبلنا.. لهذا نجا بعمره في تلك الليلة شرد ذهني وأنا ألوك الأرز الى أحداث الأمسية.. هروب النمل و توتر القط وذعر ال***, كانت تشم الخطر و تتحفز ضده.. لكني.. كما هو واضح أسأت فهم رسالتها وحسبت زائري المقتحم نوعاً من الـ ان مشاكلي لم تنته.. بل.. بالأحري بدأت لكني أملك هدفا.. و أعرف كيف أحقق هذا الهدف, لا أذكر كم من العظماء التاريخ قد انهارت غرفهم فوق رؤوسهم.. لكني واثق من أنهم كثيرون.., وعما قريب سيفخر كل معارفي أنهم عرفوني.. وأنهم أحضروا لي الأرز حين كنت مريضاً جائعاً محطماً سيكون الغد حافلاً.., وفيه كل شئ ممكن أما اليوم.. فلأنم ملء جفوني ******* هل قرأت القصة جيداً ؟ القصة بالطبع شهيرة للكاتب د. أحمد خالد توفيق .. أقرأها بتأني وهدوء .. ركز على الفكرة والحبكة والحوار وطريقة السرد .. التركيز فقط هو ما سيجعل محاولتك في الكتابة تبدأ في الصعود إلى درجة الإحتراف .. هذه القصة بشكل عام أعجبتني بشدة .. القصة خالية تماماً من رعب الوحوش والمسوخ والدم والقتل .. الصراع يدور حول سوء فهم للبطل وهي حبكة رائعة وخدعة جميلة أيضاً من الكاتب .. وهذا هو النوع الذي أفضله عن أي نوع آخر من قصص الرعب .. باستثناء طبعاً القصص التي تدور حول الأشباح فهي تجذبني أيضاً بشكل كبير .. هل رأيت النهاية ؟ هل تراها متوافقة مع الأحداث ؟ نعم هي كذلك .. وستلاحظ أيضاً كيفية رسم الشخوص / البطل / مضاد البطل / الشخصيات الجانبية .. .[/size] |
||||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة bedonero ; 13-02-2009 الساعة 04:29 AM
|
13-02-2009, 05:55 AM | #4 | ||||||||
Guest
|
محجوز للرد |
||||||||
|
13-02-2009, 02:25 PM | #5 | ||||||||||
|
مشكوور لمرورك |
||||||||||
|
19-02-2009, 11:54 PM | #6 | ||||||||||
|
فين الردود |
||||||||||
|
20-02-2009, 12:26 AM | #7 | ||||||||||
|
هوا دا الكلام |
||||||||||
|
12-05-2009, 08:33 AM | #8 | ||||||||||
|
شكرا شكراً شكرا شكراً شكراً شكر شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكرا ًً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً |
||||||||||
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
๑۩۞۩๑ فواصل بأسم المنتدى متحرك وثابت و لو عاوز اى فاصل(تم اضافة توقيع بالفتوشوب ๑۩۞۩๑ | ღ♥_ Abdo _♥ღ | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 70 | 30-03-2011 08:51 AM |
๑۩۞۩๑ ๑۩۞۩๑ ๑۩۞۩๑ طريقة تسجيل رفع و فيديو على اليوتوب+ بالصو ๑۩۞۩๑ ๑۩۞۩๑ ๑۩۞ | x_man_800 | قسم المواضيع المكررة و المخالفة | 13 | 23-01-2011 09:25 PM |
๑ஐ๑۩۞۩๑ஐ๑ _ أدخل علمي ولا أدبي ؟ ده السؤال اللى محير الجميع ادخل و اختار!_ ๑ஐ๑۩۞۩๑ஐ๑ | L0RD_Slaiver | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 28 | 27-04-2010 08:47 PM |
๑۩۞۩๑ الــــــــرجــــــل الــــــفــــــيــــــــل(من حزب مرعبين المنتدي) ๑۩۞۩๑ | bedonero | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 25 | 14-02-2009 02:38 AM |