بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود [ هذا القسم مخصص لمختلف المواضيع البعيدة كليا عن مجال الألعاب ] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
18-11-2010, 03:24 AM | #16 | ||||||||||
|
خلافة المهدى ( 158- 169هـ/ 775- 786م) ويأتى محمد المهدى بعد أبيه بعد أن بايعه الناس بالخلافة، لقد كان المهدى وليّا للعهد فى خلافة والده المنصور،وكثيرًا ما كان يتلقى توجيهاته ونصائحه وإرشاداته،وما زالت كلمات أبيه ترن فى أذنه: "إن الخليفة لا يصلحه إلا التقوى،والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.يابنى،استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتأليف، والنصر بالتواضع والرحمة للناس، ولا تنس نصيبك من الدنيا، ونصيبك من رحمة الله". استكمال الإصلاحات وسارالمهدى على نهج أبيه المنصورفى القيام بالإصلاحات الداخلية، وتأمين الحدود،وعمارة المساجد،وعلى رأسها المسجد الحرام. ولم يفته أن يأمربحفر نهربالبصرة يحيى به الأرض الموات،ويسهم فى توفيرالقوت، ولقد أحسن إلى العلويين وإلى غيرهم ممن لهم أهداف سياسية، فأطلق سراح من كان منهم فى السجون سنة 159هـ/ 776م، وكان لهذا أثره فى الاستقراروالهدوء فلم يخرج عليه أحد من العلويين! ولقد أتيح له أن يقضى على ثلاث ثورات،قام بها أفراد انضم إليهم كثير من الخوارج،اثنتين فى خراسان والثالثة"بقنسرين"من أرض الشام. وراح يواصل تأمين طرق التجارة إلى الهند،وانطلقت فى خلافته الجيوش الإسلامية الفاتحة فى اتجاه الروم؛ ففى سنة 165هـ/ 782م بلغت جيوشه بقيادة ابنه"هارون الرشيد"خليج "القسطنطينية"،وجرت الرسل والسفراء بينه وبين الإمبراطورة الرومانية"إيرين" فى طلب الصلح فى مقابل فدية تقدم للدولة الإسلامية سنويّا مقدارها سبعون ألف دينار، واشترط الرشيد على ملكة الروم تعيين أدلاء له،وإقامة الأسواق فى طريق عودته،وكانت مدة الهدنة ثلاث سنين. تأمين الحدود كما أرسل عام 167هـ ولى عهده الهادى إلى"جرجان"فى جيش كثيف لم يُرَمثله. إن الجيش الإسلامى فى عهد المهدى كان له وجوده على حدود الروم، حتى لقد قام أميرالبرالشامى بغزوتين بحريتين فى اتجاه الروم سنة 160هـ/ 777م، و161هـ/ 778م، ولقد قضى على الإلحاد والزندقة فى عهده..،لم تأخذه فى ذلك لومة لائم، ومن شابه أباه فما ظلم. ورع المهدى وحدث فى خلافته أن أصاب الناس ريح شديدة ظنوا معها قيام الساعة، وأخذ القواد فى البحث عن المهدى فوجدوه واضعًا خده على الأرض وهو يقول: "اللهم احفظ محمدًا فى أمته !اللهم لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم ! اللهم إن كنتَ أخذتَ هذا العالم بذنبى فهذه ناصيتى بين يديك!". واستمر المهدى فى دعائه وتضرعه حتى انكشفت الريح، وعاد الأمرإلى وضعه الصحيح. وتتبع المهدى الزنادقة والملحدين أعداء الدين، وأمر بتصنيف كتب الجدل للرد عليهم. أمن وعطاء وأشاع عهدًا من السلام بينه وبين العلويين، ولقد سار بالخلافة على الخطة التى وضعها له أبوه، ينظر فى الدقائق من الأمور،ويُظْهِر أبَّهة الوزراء. وكان المهدى أول من جلس للمظالم من بنى العباس،يقيم العدل بين المتظالمين، ومشى على أثره من بعده الهادى والرشيد والمأمون، وكان"المهتدى"آخرمن جلس للنظر فيها، وبسط "المهدى" يده فى العطاء،فأذهب جميع ما خلفه المنصور، وأجرى المهدى الأرزاق على المجذومين وأهل السجون فى جميع الآفاق، وأمر بإقامة البريد بين مكة والمدينة واليمن وبغداد ببغال وإبل، وقد وجد البريد من عهد عمر بن الخطاب،والذى فعله المهدى مزيد من التنظيم له، قال رجل للمهدى:عندى لك نصيحة يا أمير المؤمنين. فقال:لمن نصيحتك هذه ؟ لنا أم لعامة المسلمين أم لنفسك؟ قال:لك يا أمير المؤمنين. قال:ليس الساعى بأعظم عورة،ولا أقبح حالا ممن قَبِل سعايته، ولا تخلو من أن تكون حاسد نعمة،فلا نشفى غيظك، أو عدوّا فلا نعاقب لك عدوك. ثم أقبل على الناس فقال:لا ينصح لنا ناصح إلا بما فيه رضا لله، وللمسلمين صلاح. وما تكاد سنة 169هـ/ 786م تقبل حتى توفى المهدى -رحمه الله -رحمة واسعة. وتولى الخلافة من بعده الخليفة موسى الهادى. خلافة موسى الهادى ( 169 - 170هـ / 786 - 787م) أوصى المهدى ابنه موسى الهادى قبل أن يموت بقتل الزنادقة، وكان الهادى قوى البأس شهمًا خبيرًا بالملك كريمًا.فجدَّ فى أمرهم، وقتل منهم الكثير. على أن الأمور بينه وبين العلويين لم تكن على ما يرام كما كانت فى عهد أبيه، فقد عادت إلى التوتر بعد فترة السلام التى امتدت طوال فترة خلافة المهدي. ويرجع السبب فى ذلك إلى عامل المهدى على المدينة، فقد ظلم بعض آل على-رضى الله عنه- مما جعل الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب يثورويجتمع حوله كثيرون ويقصدون دارالإمارة،ويخرجون من فى السجون، ثم يخرج الحسين إلى مكة فيرسل له الهادى:"محمد بن سليمان"وتتلاقى جموعهم فى موقعة حاسمة قتل فيها"الحسين"وحمل رأسه إلى موسى الهادى. ونجا من موقعة"الفخ"اثنان من العلويين أحدهما:يحيى بن عبد الله بن الحسن، أما الثانى فهو أخوه إدريس بن عبد الله. وقد ثارالأول فى عهد الرشيد فقتل أما الثانى وهو إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن فقد تمكن من إثارة أهل المغرب الأقصى(المملكة المغربية حاليّا)على العباسيين، حيث أسس هناك دولة الأدارسة. وعلى الرغم من أن خلافة موسى الهادى كانت قصيرة فإن الفتوحات الإسلامية لم تتوقف مسيرتها؛ فقد غزا"معيوف بن يحيى"الروم ردّا على قيام الروم بغزو حِمْص"الحَدَث"،ولقد دخل معيوف بلاد الروم، وأصاب سبايا وأسارى وغنائم. ولقى الهادى ربه سنة سبعين ومائة هجرية، وكان رحمه الله موصوفًا بالفصاحة،محبّا للأدب ذا هيبة ووقار، قيل عن الليلة التى مات فيها: هى ليلة مات فيها خليفة وجلس فيها خليفة،وولد خليفة. فالخليفة الذى مات فيها هوالهادى،والذى جلس فيها على سريره هوالرشيد، والذى ولد فيها هوالمأمون. يُتبع إن شاء الله ،،، |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:24 AM | #17 | ||||||||||
|
خلافة هارون الرشيد الخليفة المفترى عليه (170 - 193هـ/ 788 - 810م) لقد سارالرشيد في إدارته على نهج قويم، وأعاد إلى الخلافة مجدها الذى كان لها على عهد جده المنصور، وما كان مسرفًا ولا بخيلا،وسمى الناس أيامه"أيام العروس"لنضارتها وكثرة خيرها وخصبها،وكانت دولته من أحسن الدول وأكثرها وقارًا ورونقًا وأوسعها مملكة، واتسعت الدولة الإسلامية فى عهد الرشيد،وجاءه الخيرمن كل مكان،وعين الرشيد يحيى بن خالد البرمكى،وجعله كبير وزرائه،وقال له:قد قلدتك أمر الدولة، وأخرجته من عنقى إليك،فاحكم فى ذلك بما ترى من الصواب،واستعمل من رأيت، واعزل من رأيت،وأمض الأمورعلى ما ترى.وسلَّم إليه خاتم الخلافة. إدارة حكيمة أما الولايات فقد فوضها إلى أمراء جعل لهم الولاية على جميع أهلها، ينظرون فى تدبير الجيوش والأحكام،يعينون القضاة والحكام،ويجْبُون الخراج، ويقبضون الصدقات،ويقلدون العمال فيها،ويحمون الدين،ويقيمون حدوده، ويؤمُّون الناس فى صلاة الجمعة،الصلوات الأخرى أويستخلفون عليها، فإذا كانت أقاليمهم ثغرًا متاخمًا للعدو تولوا جهاده. وما قسمت أعمال الدولة منذ انتقالها إلى بنى العباس تقسيمها فى زمن الرشيد، ولذلك كان للخليفة وقت ليحج،ووقت ليغزو،ووقت ليصطاف فى الرقة، ويترك قصرالخلد فى بغداد. لقد كان الرشيد على أشد ما يكون من الانتباه لكل ما صغروكبرمن شئون الملك، ومن أشد الملوك بحثًا عن أسرار رعيته،وأكثرهم بها عناية،وأحزمهم فيها أمرًا؛ لذلك فما اشتعلت فتنة فى أرجاء دولته إلا أطفأها. وألغى الرشيد العُشْرالذى كان يؤخذ من الفلاحين والمزارعين بعد النصف، وكان رحمه الله يسدُّ كل خللٍ فى مملكته،ويهتمُّ كل الاهتمام بما يخفف عن الفلاحين. وقد ولّى الرشيد رجلا بعض أعمال الخراج،فدخل عليه يودعه، وعنده يحيى بن خالد البرمكى،وابنه جعفر، فقال الرشيد ليحيى وجعفر:أوصياه. فقال له يحيى:وفِّروعَمِّر. وقال له جعفر:أنصف وانتصف. فقال له الرشيد:اعدل وأَحْسِن. وكتب الرشيد إلى أحد عماله:أجْرِأمورك على ما يكسب الدعاء لنا لاعلينا، واعلم أنها مدة تنتهي،وأيام تنقضى،فإما ذكر جميل،وإما خزى طويل. ومما يعد جديدًا فى تعظيم الحكم أن قاضى الرشيد"أبا يوسف"صاحب أبى حنيفة وتلميذه كان أول من دُعى فى الإسلام قاضى القضاة(وزيرالعدل الآن)، وكان الرشيد لا يبخل بالمال فى سبيل الدولة،وقد خلف من المال-على كثرة بذله- مالم يخلف أحد مثله منذ كانت الخلافة. قال ابن الأثير:كان الرشيد يطلب العمل بآثارالمنصورإلا فى بذل المال، فإنه لم يُرخليفة قبله كان أعطى منه للمال،وكان لا يضيع عنده إحسان محسن، ولا يؤخرعنده. سياسة رشيدة وكذلك كان الرشيد حكيمًا فى سياسته كما كان حكيمًا فى إدارته، لقد بويع للرشيد عند موت أخيه الهادى،وكان أبوهما قد عقد لهما بولاية العهد معًا، ويروى أن الهادى قد حدثته نفسه بخلع الرشيد،وجمع الناس على تقليد ابنه العهد بعده، فأجابوه،وأحضر"هرثمة بن أعين"،فقيل له:تبايع يا هرثمة؟ فقال:يا أمير المؤمنين،يمينى مشغولة ببيعتك،ويسارى مشغولة ببيعة أخيك، فبأى يد أبايع؟ فقال الهادى لجماعة الحاضرين:شاهت وجوهكم،والله لقد صدقنى مولاى، وكذبتمونى،ونصحنى فغششتمونى،وسلم إلى الرشيد بحقه فى الولاية بعده. وكانت سياسة الرشيد سياسة رشيدة فى الداخل والخارج،غزا الروم حتى وصل إلى"إسكدار"من ضواحى"القسطنطينية"أيام ولايته العهد، وتغلغل مرة ثانية فى بلادهم وغزاهم فى خلافته بضع غزوات،وأخذ منهم "هرقلية"،وبعث إليه ملكهم بالجزية عن شعبه،واشترط عليه الرشيد ألا يعمر هرقلية،وأن يحمل إليه فى السنة ثلاثمائة ألف دينار. العصر الذهبى وكان"نقفور" قد نقض العهد الذى أعطته الملكة "إرينى"، التى كانت تحكم الروم قبله،وأرسل إلى هارون الرشيد رسالة يهدده فيها: "من نقفورملك الروم إلى هارون ملك العرب: أما بعد؛ فإن الملكة التى كانت قبلى أقامتك مقام الرَّخ(طائرخرافى يعرف بالقوة)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق(يعنى مقام الضعيف)،فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها،لكن ذلك لضعف النساء وحمقهن،فإذا قرأتَ كتابى هذا،فاردد ما حصل لك من أموالها،وافتدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك،وإلا فالسيف بيننا وبينك". فلما قرأ الرشيد الرسالة غضب غضبًا شديدًا حتى لم يقدرأحد أن ينظر إليه، فدعا بدواة وكتب إلى نقفورملك الروم ردّا على رسالته يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم:من هارون أميرالمؤمنين إلى نقفور*** الروم، قد قرأت كتابك يابن الكافرة،والجواب ما تراه دون أن تسمعه،والسلام". وقاد بنفسه جيوشًا جرارة،ولقّنه درسًا لا يُنسى،فعاد إلى أداء الجزية صاغرًا، بعد أن خضع أمام قوة المسلمين وعزة نفوسهم. قال عبد الله بن يوسف التيمي : نقض الذي أعطيته نقـفور === فعليه دائرة البوار تدور أبشر أمـير المؤمـنين فإنه === غنم أتاك به الإله كبير وجاء فى فتوح البلدان للبلاذرى: "وقد رأينا من اجتهاد أميرالمؤمنين هارون فى الغزو،ونفاذ بصيرته فى الجهاد أمرًا عظيمًا، وأقام من الصناعة (الأسطول) مالم يقم قبله،وقسم الأموال فى الثغور والسواحل، وهزم الروم وقمعهم". وسمى الرشيد"جبار بنى العباس"؛لأنه أخرج ابنه القاسم للغزو سنة 181هـ، فهزم الروم هزيمة منكرة،أدخلت الرعب فى قلوبهم،فصالحه الروم على أن يرحل عنهم فى مقابل أن يعيدوا إليه كل من أسروهم من المسلمين قبل ذلك، وكان هذا أول فداء فى الإسلام بين المسلمين والروم. وأرسل"على بن عيسى بن ماهان"لغزو بلاد الترك،ففعل بهم مثلما فعل القاسم بن الرشيد بالروم،وسبى عشرة آلاف،وأسر ملكيْن منهم. ثم غزا الرشيد نفسه الروم وافتتح هرقلية،وأخذ الجزية من ملك الروم. وتوطدت الصِّلات بينه وبين"شارلمان"ملك فرنساوجرمانياوإيطالياوتبادلا السفراء،والهدايا. وفى أيامه،خرج"الوليد بن طريف الحرورى"من رءوس الخوارج سنة 178هـ/ 795م، فَقُتِل بعد أن استفحل أمره. لقد كان عصرالرشيد وابنه المأمون أرقى عصوربنى العباس قوة وعظمة وثقافة، وهو العصر الذهبى للدولة العباسية. القضاء على البرامكة وقد تحدثت الدنيا عن نكبة"البرامكة"الذين كان منهم وزيرالرشيد، وكانت لهم الكلمة العليا فى البلاد على يديه سنة 187هـ/ 803م، بعدما ظهروا ظهورًا غطى أو قارب أن يغطى على سلطة الرشيد ومكانته، وهو الخليفة. لقد أصبحوا مركزًا من مراكزالقوى فى الدولة العباسية،الأمرأمرهم، والكلمة كلمتهم،والأموال فى أيديهم،فما منعهم ذلك لأن يفسد حالهم، ويسوء سلوك أكثرهم،حتى إن الرشيد كان لا يمر ببلد أو إقليم أو مزرعة أو بستان إلا قيل:هذا لجعفر بن يحيى بن خالد البرمكى. كما قلدوه فى إنفاق الأموال والعطايا والمنح.وضاق الرشيد بالبرامكة، وعزم على أن يقضى عليهم،وتكون نكبتهم على يديه،ونودى فى بغداد: لا أمان للبرامكة إلا محمد بن خالد بن برمك وولده؛لإخلاصهما للخليفة. وكان منهم الوزراء والقادة وأصحاب الرأى،وكانوا من أصل فارسى، فلما حدث منهم ما حدث،امتنع الرشيد عن الوثوق بهم،واختاروزراءه ومستشاريه من العرب،وجعل الفضل بن الربيع الذى كان أبوه حاجبًا للمنصوروالمهدى والهادى وزيرًا له. وكان الفضل بن الربيع شهمًا خبيرًا بأحوال الملوك وآدابهم، فلما ولى الوزارة جمع إليه أهل العلم والأدب.وما زال الفضل ابن الربيع على وزارته حتى مات الرشيد سنة 193هـ/ 809م. العامة وهارون الرشيد وقبل أن ننتقل بحديثنا عن هارون الرشيد إلى غيره من الخلفاء العباسيين، تبقى كلمة لابد من قولها: فقد ارتبط اسم هارون الرشيد فى أذهان العامة بحكايات ألف ليلة وليلة، باللهو والمجون،وما كانت هذه حقيقة الرجل من قريب أو بعيد،وإنما عمد المستشرقون والمستهترون إلى تشويه صورة الرجل،لكى تبدو صورة الخلافة الإسلامية مشوهة،وأن المسلمين قوم لاهَمَّ لهم إلا إشباع غرائزهم،لا يصلحون لقيادة الأمم وعمارة الأرض. أما حقيقة هارون الرشيد،الذى أعز الله به الإسلام والمسلمين،وأذل به أعداء الدين، فهو مسلم حق،وعابد،ومجاهد بنفسه وماله فى سبيل عزة هذا الدين وإعلاء كلمة الله فى أرضه. كان الرشيد يكثرمن صلاة النافلة إلى أن فارق الدنيا،وكان يتصدق وينفق على الحجيج من صلب ماله،وكان يحب الشعروالشعراء،ويميل إلى أهل الأدب والفقه، ويكره المراء فى الدين،ويسرع الرجوع إلى رحاب الحق إذا ذكر. حدث أنه حبس أبا العتاهية الشاعر،ووكَّل به رجلا يكون قريبًا منه لينظرما يقول ويصنع، فكتب أبو العتاهية على الحائط: أما والله إن الظلم لــــؤم وما زال المسىء هو الظلـوم إلى ديان يوم الدين نمضـى وعند الله تجتمع الخصــوم فجاء الرجل فأخبرهارون الرشيد،فبكى الرشيد،وأطلق أبا العتاهية واعتذرإليه واسترضاه. وحج ذات مرة،فرآه الناس وقد تعلق بأستار الكعبة يقول: "يا من يملك حوائج السائلين،ويعلم ضميرالصامتين،صلّ على محمد وعلى آل محمد،واغفر لنا ذنوبنا وكفرعنا سيئاتنا؛يا من لا تضره الذنوب،ولا تخفى عليه العيوب،ولا تنقصه مغفرة الخطايا،صلّ على محمد وعلى آل محمد، وخِره لى فى جميع أمورى.يامن خشعت له الأصوات بأنواع اللغات،يسألونه الحاجات،إن من حاجتى إليك أن تغفر لى ذنوبى إذا توفيتنى،وصُيِّرت فى لحدى، وتفرق عنى أهلى وولوا؛اللهم لك الحمد حمدًا يفضل كل حمد،كفضلك على جميع الخلق؛اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد صلاة تكون له رضا،وصلّ عليه صلاة تكون له ذخرًا،واجزه عنا الجزاء الأوفى. اللهم أحينا سعداء،وتوفنا شهداء،واجعلنا سعداء مرزوقين، ولا تجعلنا أشقياء مرجومين". هذا هوهارون الرشيد،الصورة المضيئة لخليفة المسلمين. والمسلم المحتذى به فى الأمور،ويكفيه شرفًا أنه ما مات حيث مات إلا وهو خارج إلى الرى فى موكب الجهاد لنشر الدين وحماية أرض الإسلام، فرحمة الله عليه. ويأتى بعد عصر الرشيد عصرَا ولديْه الأمين والمأمون. |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:25 AM | #18 | ||||||||||
|
خلافة الأمين (193-198هـ - 809-814م) الأمين بن هارون الرشيد ولد سنة 170هـ/ 787م ببغداد، أمه"زبيدة"بنت جعفربن المنصور، فليس فى خلفاء بنى العباس مَنْ أمه وأبوه هاشميان غيرالأمين. بينما أخوه"المأمون"والذى كان يكبره بستة شهور فكانت أمه فارسية ماتت بعد ولادته. غزو الروم وكان الرشيد قد عهد بولاية العهد للأمين وللمأمون من بعده. وليس فى خلافة الأمين والتى دامت قريبًا من خمس سنوات 193-198هـ /809 - 814م شىء يذكر،غيرأنه أعطى المجاهدين مالاعظيمًا ووجه جيشًا تابعا له لغزو الروم،وأعطى مدن الثغور المواجهة للروم شيئًا من عنايته، فأمرفى سنة 193هـ/ 809م ببناء مدينة"أذنة"وأحكم بناءها وتحصينها، وندب إليها الرجال لسكناها،أما فيما عدا ذلك،فقد مرت خلافته فى صراع بينه وبين أخيه المأمون من أجل الخلافة،انتهى بقتل الأمين وانفراد المأمون بالحكم، وكان الأمين قد تلقى علوم الفقه واللغة من الكسائى،وقرأ عليه القرآن. مقتل الأمين ونشبت حروب بين الأمين والمأمون بسبب رغبة الأمين فى خلع أخيه من ولاية عهده وتولية ولده مكانه،ورفض المأمون ذلك،فشجعه قادته حتى استعرت الحرب بين الأخوين،وانتهت بانتصارالمأمون وقتل الأمين سنة198هـ. خلافة المأمون (198-218هـ - 814-833م) أصبح الأمر فى المشرق والمغرب تحت سلطان المأمون وهو سابع خلفاء بنى العباس،لقد كان المأمون فى ذلك الوقت واليًا من قبل والده على"خراسان"وكان يقيم فى عاصمتها "مرو"،وكان من الطبيعى أن يفضِّلها بعد أن انفرد بالخلافة. إنها تضم أنصاره ومؤيديه،فهو هناك فى أمان واطمئنان،وكان الفرس يودون أن يبقى "بمرو" لتكون عاصمة الخلافة،ولكنها بعيدة عن مركزالدولة،وهى أكثراتجاهًا نحو الشرق،مما جعل سيطرتها على العرب ضعيفة،بل إن أهل بغداد أنفسهم دخلوا فى عدة ثورات ضد المأمون؛حتى إنهم خلعوه أخيرًا،وبايعوا بدلاً منه عمه إبراهيم بن المهدى. واضطرالمأمون أخيرًا أن يذهب إلى بغداد وأن يترك"مرو"للقضاء على هذه التحركات فى مهدها. الإحسان إلى الشيعة كان معظم أعوان المأمون من الفرس،ومعظمهم من الشيعة،ولهذا اضطرالمأمون لممالأه الشيعة وكسبهم إلى جانبه،فأرسل إلى زعماء العلويين أن يوافوه فى عاصمته(وكانت مرو فى ذلك الوقت)،فلما جاءوه أحسن استقبالهم، وأكرم وفادتهم،وما لبث بعد قليل أن عهد بولاية العهد إلى"على الرضا" وهى طبعًا خطوة جريئة؛لأن فيها نقلا للخلافة من البيت العباسى إلى البيت العلوى. ولم يكتفِ بهذا،بل غيرالشعارمن السواد وهو شعارالعباسيين إلى الخضرة وهى شعارالعلويين. ورغم اعتراض أقاربه من العباسيين،فإن المأمون كان مصرًّّا على هذا الأمر، إذ كان يعتقد أن ذلك من برعلى بن أبى طالب -رضى الله عنه-. وجاءت عمة أبيه زينب بنت سليمان بن على،وكانت موضع تعظيم العباسيين وإجلالهم،وهى من جيل المنصور، وسألته:ما الذى دعاك إلى نقل الخلافة من بيتك إلى بيت على؟ فقال:يا عمة،إنى رأيت عليّا حين ولى الخلافة أحسن إلى بنى العباس، وما رأيت أحدًا من أهل بيتى حين أفضى الأمر إليهم(وصل إليهم) كافأه على فعله،فأحببت أن أكافئه على إحسانه. فقالت:يا أميرالمؤمنين إنك على بِرِّبنى علىّ والأمر فيك،أقدر منك على برهم، والأمر فيهم. ولكن لم يلبث"على الرضا"أن مات وكان ذلك فى سنة 203هـ/ 819م، وعلى كل حال لقد استطاع المأمون ببيعة"على الرضا"أن يقوى من سلطانه؛ لأنه بهذه البيعة أمن جانب العلويين.ولكن قامت ضد الخليفة المأمون ثورات عديدة اختلفت فى مدى عنفها وشدتها،واستطاع القضاء عليها جميعًا. ثورة مصر وكان أخطرهذه الثورات جميعًا ثورة مصر؛ذلك أن جند مصركانوا قد اشتركوا فى خلافات الأمين والمأمون كل فريق فى جانب،وبعد أن انتهى الخلاف بفوز المأمون، ظل الخلاف قائمًا بين جند مصر،وأصبح موضع الخلاف التنافس على خيرات مصر، فكان الجند يجمعون الخراج لا ليرسل للخليفة، بل ليحتفظوا به لأنفسهم. وقد قامت جيوش المأمون كثيرًا بمحاربتهم مع أهل مصرالذين شاركوا فى هذه الثورات،ولكن هذه الثورات ما لبثت أن أشعلت من جديد حتى أرسل إليهم جيشًا ضخمًا،فاستطاع القضاء على الثورة نهائيًا،كما تمكن قائده"طاهربن الحسين" من القضاء على ثورات العرب أنصارالأمين، وهكذا سيطرعلى الدولة سكون وهدوء. انتشار الإسلام وكان المأمون يكتب إلى عمّاله على خراسان فى غزو من لم يكن على الطاعة والإسلام من أهل ما وراء النهر،ولم يغفل المأمون عن قتال الروم،بل غزاهم أكثر من مرة،وخرج بنفسه على رأس الجيوش الإسلامية لغزو الروم سنة 215هـ/830م،فافتتح حصن"قرة"وفتح حصونًا أخرى من بلادهم، ثم رحل عنها،وعاود غزو الروم فى السنة الثالثة سنة 216هـ،ففتح"هرقلة" ثم وجّه قواده فافتتحوا مدنًا كبيرة وحصونًا،وأدخلوا الرعب فى قلوب الرومان، ثم عاد إلى دمشق،ولما غدرالروم ببعض البلاد الإسلامية غزاهم المأمون للمرة الثالثة وللعام الثالث على التوالى سنة 217هـ، فاضطرالروم تحت وطأة الهزيمة إلى طلب الصلح. يرحم الله المأمون،لقد كان عصره من أزهى عصورالثقافة العربية. أخلاق المأمون كان يقول:أنا والله أستلذ العفو حتى أخاف ألا أؤجر عليه،ولوعرف الناس مقدارمحبتى للعفو؛ لتقربوا إلى بالذنوب! وقال:إذا أصلح الملك مجلسه،واختارمن يجالسه؛صلح ملكه كله. ورفع إليه أهل الكوفة مظلمة يشكون فيها عاملا؛ فوقَّع:عينى تراكم،وقلبى يرعاكم،وأنا مولّ عليكم ثقتى ورضاكم.وشغب الجند فرفع ذلك إليه،فوقَّع:لا يعطون على الشغب،ولا يحوجون إلى الطلب. ووقف أحمد بن عروة بين يديه،وقد صرفه على الأهواز،فقال له المأمون: أخربتَ البلاد،وأهلكت العباد فقال:يا أمير المؤمنين،ما تحب أن يفعل الله بك إذا وقفتَ بين يديه، وقد قرعك بذنوبك؟ فقال:العفو والصفح. قال:فافعل بغيرك ما تختارأن يفعل بك. قال:قد فعلت.. ارجع إلى عملك فوالٍ مستعطِف خير من وال مستأنف. وكتب إلى على بن هشام أحد عماله،وقد شكاه غريم له: ليس من المروءة أن تكون آنيتك من ذهب وفضة ويكون غريمك عاريًا، وجارك طاويًا. وهكذا كان المأمون..حتى لقد وصفه الواصفون بأنه من أفضل رجال بنى العباس حزمًا وعزمًا وحلمًا وعلمًا ورأيًا ودهاءً،وقد سمع الحديث عن عدد كبير من المحدّثين،وبرع فى الفقه واللغة العربية والتاريخ،وكان حافظًا للقرآن الكريم. النهضة العلمية جاء فى كتاب قصة الحضارة:أنه أرسل إلى القسطنطينية وغيرها من المدن الرومانية يطلب أن يمدوه بالكتب اليونانية،خاصة كتب الطب والعلوم الرياضية، وعندما وصلت هذه الكتب إلى أيدى المسلمين قاموا بترجمتها وفحصها ودراستها، وأنشأ المأمون فى بغداد "بيت الحكمة"سنة 214هـ/829م، وهو مجمع علمى،ومكتبة عامة،ومرصد فلكى،وأقام فيه طائفة من المترجمين، وأجرى عليهم الأرزاق من بيت المال،فاستفاد المسلمون من هذه الكتب العلمية، ثم ألفوا وابتكروا فى كافة العلوم،التى أسهمت فى نهضة أوروبا يوم أن احتكت بالعرب فى الحروب الصليبية وغيرها. وكان للمدارس التى فتحها المأمون فى جميع النواحى والأقاليم أثرها فى نهضة علمية مباركة. إلا أن الاطلاع على بعض فلسفات الأمم الأخرى قد جعل العقل يجتهد فى أمور خارج حدوده وتفكيره،ومن هنا نشأ الفكرالاعتزالى الذى يُعْلى من قيمة العقل، ويجعله حكمًا على النص دون حدود أو قيود. الإسلام قد رفع من العقل،لكنه حدد له حدودًا يعمل فيها. لقد سمح المأمون لأولئك الذين اعتمدوا على العقل والمنطق فى كل شىء بالتعبير عن آرائهم،ومعتقداتهم،ونشر مبادئهم من غيرأن يتقيدوا بقيد أو يقفواعند حد، فكان هذا من سوءاته التى أحدثت بين علماء المسلمين فتنة دامت تسع عشرة سنة، إلى أن شاء الله تعالى لتلك الفتنة أن تخمد،ولقد وصف الإمام السيوطى المأمون بقوله:"إنه كان من أفضل رجال بنى العباس لولا ما أتاه من محنة الناس". وانتقل المأمون إلى مولاه -سبحانه وتعالى- بعد حياة حافلة بالإنجازات فى مختلف نواحى الدولة. يُتبع إن شاء الله ،،، |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:25 AM | #19 | ||||||||||
|
خلافة المعتصم (218-227هـ - 833-842م) تولى"المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد"الخلافة بعد أخيه المأمون، لقد بويع له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بـ"طرسوس". بناء سامرَّاء فى سنة 221هـ بنى المعتصم مدينة "سُرَّ مَنْ رَأَى" أو"سَامِرَّاء"؛ وذلك أن بغداد ضاقت بكثرة الغلمان الترك الذين جلبهم المعتصم، فاجتمع إليه رجال من بغداد، وقالوا:إن لم تخرج عنا بهذا الجند حاربناك. قال:وكيف تحاربوننى؟ قالوا:بسهام الأسحار. قال:لا طاقة لى بذلك، فكان ذلك سبب بنائه"سُرَّ مَنْ رَأَى"وإقامته بها. فتح عمورية ولا ينسى التاريخ للمعتصم"فتح عمورية"سنة 223هـ/ 838م، يوم نادت باسمه إمرأة عربية على حدود بلاد الروم اعتُدِىَ عليها، فصرخت قائلة:وامعتصماه! فلما بلغه النداء كتب إلى ملك الروم: "من أميرالمؤمنين المعتصم بالله،إلى *** الروم، أطلق سراح المرأة،وإن لم تفعل، بعثت لك جيشًا،أوله عندك وآخره عندى. ثم أسرع إليها بجيش جرار قائلا:لبيك يا أختاه!" وفى هذه السنة (223هـ)غزا الروم وفتح"عمورية"، وسجل أبو تمام هذا الفتح العظيم فى قصيدة رائعة. هذا هوالمعتصم رجل النجدة والشهامة العربية، كتب إليه ملك الروم كتابًا يتهدده فيه، فأمرأن يكتب جوابه، فلما قرئ عليه لم يرضه،وقال للكاتب:اكتب. بسم الله الرحمن الرحيم..أما بعد، فقد قرأت كتابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع: (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار) [الرعد:42]. قال إسحق الموصلى:سمعتُه يقول: من طلب الحق بما هُو له وعليه؛أدركه. مواجهة الثورات لقد تحركت فى عهده ثورات: ثورة الزط،وهم قوم من السند(باكستان وبنجلاديش الآن)، وانضم إليهم نفرمن العبيد فشجعوهم على قطع الطريق،وعصيان الخليفة، وكان ذلك سنة 220هـ/835م؛ حيث عاثوا بالبصرة فسادًا،وقطعوا الطريق ونهبوا الغلات،فندب"المعتصم" أحد قواده بقتالهم وانتصر عليهم. وكانت هناك طائفة أخرى تسمى"الخُرَّمية" تنسب إلى أحد الزنادقة، ويسمى بابك الْخُرَّمى،وانضم خلق كثير من أهل فارس حول هذا الشيطان اللعين، وكان أول ظهورلهم سنة 021هـ،واستفحل أمرهم، فلما صارالأمر إلى المعتصم سنة 220هـ/ 835م، أخذ فى إصلاح ما أفسده الخرمية بقيادة الأفشين حيدربن كاوس، فتمكن من الانتصارعليهم،وجىء بزعيمهم بابك إلى المعتصم فأمربقطع يدى بابك ورجليه،ثم جز رأسه وشق بطنه لعنه الله. لقد قتل من المسلمين فى مدة ظهوره مائتى ألف وخمسة وخمسين ألف وخمسمائة إنسان،وأسر خلقًا لا يحصون،وأباح الحرمات،ونكاح المحرمات. وثارأحد العلويين بـ"الطالقان" من"خراسان"وهو محمد بن القاسم بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، فقاتله عبد الله ابن طاهرمرة بعد أخرى حتى قبض عليه وسيق إلى السجن. وهكذا كانت تقوم ثورات ويقضى عليها،ولكن ذلك لم يمنع المعتصم من الاهتمام بالعمران والبناء فبنى مدينة سامرّاء أو(سر من رأى)بشرقى نهردجلة، ومد إليها نهرًا سماه نهرالإسحاقى. وعندما احترقت"سوق الكرخ"عوض التجارعن خسائرهم، واهتم بالبريد فى أيامه حتى أصبحت الرسائل تصل بسرعة أكثر مما كانت عليه من قبل. الاستعانة بالترك وإذا كان سابقوه من الخلفاء قد استعانوا بالفرس، فإن المعتصم كان محبّا للعنصرالتركى،حتى اجتمع له منهم أربعة آلاف جندى، وأقطعهم الإقطاعات الكبيرة فى مدينة سامرّاء حتى لايضايق أهل بغداد، وكما كان للفرس دورهم فى حياة الدولة العباسية منذ نشأتها فإن العنصرالتركى أصبح له دوره. رحمه الله، لقد كانت خلافته ثمانى سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وهو ثامن الخلفاء من بنى العباس،ومات عن ثمانية بنين وثمانى بنات، وتولى الخلافة سنة ثمان عشرة ومئتين،وفتح ثمانية فتوح فكان يلقب بالمثمن، وكان طيب النفس،ومن أعظم الخلفاء وأهيبهم. ألا الأن ننادى فى كل أرض العروبة!! وامعتصمــــــــــــــــــــاه!!!!!! يُتبع ،،،، |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:26 AM | #20 | ||||||||||
|
خلافة الواثق بالله (227-232هـ/ 842-847م) ولقى المعتصم ربه،وجاء من بعده ابنه الواثق بالله هارون بن المعتصم سنة 227هـ/ 842م. أدب الواثق وكانوا يسمونه المأمون الصغيرلأدبه وفضله، وكان المأمون يجلسه وأبوه المعتصم واقف، وكان يقول:يا أبا إسحاق لا تؤدب هارون،فإنى أرضى أدبه، ولا تعترض عليه فى شىء يفعله. قال حمدون نديم المتوكل:ما كان فى الخلفاء أحلم من الواثق ولا أصبرعلى أذى وخلاف. دخل مؤدب الواثق هارون بن زياد عليه،فأكرمه الواثق، وأظهرمن بره ما شهّره به، فقيل له:يا أمير المؤمنين؛مَنْ هذا الذى فعلتَ به ما فعلت ؟ قال:هذا أول من فَتَق لسانى بذكر الله،وأدنانى من رحمته. وقال يحيى بن أكثم:لم يحسن أحد من خلفاء بنى العباس إلى آل أبى طالب إحسان الواثق،ما مات وفيهم فقير. قال الواثق لابن أبى دُؤاد وزيره، وقد رجع من صلاة العيد:هل حفظت من خطبتى شيئًا؟ قال:نعم قولك يا أمير المؤمنين:"ومن اتبع هواه شرد عن الحق منهاجه، والناصح من نصح نفسه،وذكر ما سلف من تفريطه،فطهرمن نيته، وثاب من غفلته،فورد أجله،وقد فرغ من زاده لمعاده،فكان من الفائزين". هذا هوالواثق بالله،كانت خلافته خمس سنوات، قضى فيها على الثورات التى قامت فى عهده،ولقَّن الخارجين على الدين والآداب العامة درسًا لا ينسى،وعزل من انحرف من الولاة، وصادرأموالهم التى استولوا عليها ظلمًا وعدوانًا، وأغدق على الناس بمكة والمدينة حتى لم يبقَ سائل واحد فيهما. وفى عهده فتحت جزيرة"صقلية"، فتحها الفضل بن جعفرالهمدانى سنة 228هـ/ 843م. وقد رأينا أن العصر العباسى الأول قد اشتمل على عهود تسعة خلفاء يبدأ حكمهم بأبى العباس السفاح سنة 132هـ/ 750م، وينتهى بتاسع الخلفاء العباسيين وهو الواثق الذى توفى سنة 232هـ/ 847م. ولم يكد عهد المعتصم ينتهى حتى ساد الضعف والانحلال وأخذا يزيدان يومًا بعد يوم حتى انتهت الدولة العباسية على يد هولاكو التترى سنة 657هـ/ 1258م، وكأن هذه الدولة التى عاشت خمسة قرون لم تكن زاهرة إلا فى قرنها الأول ثم عاشت قرونها الأربعة الباقية فى ضعف متزايد. وإلى هنا ينتهى العصر العباسى الأولــ ،، ويبدأ العصر العباسى الثانى وهذا ما سوف نتحدث عنه تالياً يُتبع ،،،، |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:26 AM | #21 | ||||||||||
|
العصر العباسى الثانى (عصر نفوذ الأتراك) (232-334هـ/847 -946م) يبدأ العصرالعباسى الثانى بخلافة المتوكل سنة 232هـ/ 847م، وينتهى فى 334هـ/ 946م،فى خلافة المستكفى بالله عبدالله بن المكتفى بن المعتضد. ويعرف العصر العباسى الثانى بعصر"نفوذ الأتراك" حيث برزالعنصرالتركى،واستأثر بالمناصب الكبرى فى الدولة، وسيطرعلى الإدارة والجيش. وقد تمت الاستعانة بهذا العنصرالتركى المجلوب من إقليم "تركستان" و"بلاد ما وراء النهر"،استعان بهم المأمون والمعتصم فى "العصرالعباسى الأول". وظهرت بوادر هذا الضعف فى مستهل هذا العصرالذى تختلف ملامحه عن العصرالعباسى الأول. .................................. خلافة المتوكل (232 - 247هـ/ 947 - 861م) هوعاشرالخلفاء العباسيين، المتوكل على الله جعفربن المعتصم بن الرشيد. لقد بويع له بعد الواثق،وبدأ عهده بداية موفقة،فقد أمربإظهار السنة، والقضاء على مظاهرالفتنة التى نشأت عن القول بخلق القرآن. وكتب إلى كل أقاليم الدولة بهذا المعنى،ولم يكتف بهذا، بل استقدم المحدِّثين والعلماء إلى مدينة"سامرَّاء"وطلب منهم أن يحدثوا بحديث أهل السنة لمحو كل أثرللقول بخَلْق القرآن، وراح العلماء يتصدون لإحقاق الحق،وإبطال الباطل، وأظهرالمتوكل إكرام الإمام"أحمد بن حنبل"الذى قاوم البدع، وتمسك بالسنن،وضرب وأوذى وسجن. لقد استدعاه المتوكل إليه من"بغداد"إلى"سامراء"وأمر له بجائزة سنية، لكنه اعتذرعن عدم قبولها،فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من ملابسه، فاستحيا منه الإمام أحمد كثيرًا فلبسها إرضاء له،ثم نزعها بعد ذلك. ويذكر للمتوكل تعيينه ليحيى بن أكثم لمنصب قاضى القضاة، وكان يحيى بن أكثم من كبار العلماء،وأئمة السنة،ومن المعظمين للفقه والحديث. هذا ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها وأعاد الأمن والطمأنينة للبلاد. غارات الروم وفى سنة 238هـ قام الروم بغزو بحرى مفاجئ من جهة دمياط، وهم الذين أدبهم المعتصم وأخرسهم فى واقعة عمورية، لكنهم بعثوا بثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندى إلى دمياط، وقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا،وحرقوا المسجد الجامع والمنبر، وأسروا نحو ستمائة إمرأة مسلمة،وأخذوا كثيرًا من المال والسلاح والعتاد، وفرّالناس أمامهم،وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين. ولم تمضِ ثلاث سنوات على هذا الغزو حتى عاود الروم عدوانهم على البلاد؛ فأغاروا على ثغرمن الثغور يسمى"عين زربة" (بلد بالثغور قرب المصيصة بتركيا حصَّنها الرشيد)، وأسروا بعض النساء والأطفال،واستولوا على بعض المتاع. واستمرت المناوشات ومعارك الحدود بين الروم والمسلمين منذ سنة 238هـ -853م وحتى سنة 246هـ-860م بقيادة على بن يحيى الأرمنى. وكان الروم قد أجهزوا على كثيرمن أسرى المسلمين الذين رفضوا التحول إلى النصرانية؛لأن أم ملك الروم كانت تعرض النصرانية على الأسارى فإن رفضوا تقتلهم،وتم تبادل الأسرى بمن بقى حيّا من المسلمين فى السنتين الأخيرتين. غارات الأحباش وعلى حدود مصر وبالقرب من بلاد النوبة،كان المصريون يعكفون على استخراج الذهب والجواهر الكريمة،وإذا بطائفة من الأحباش على مقربة من "عيذاب"على البحر الأحمريعرفون باسم"البجة"يهجمون على تلك المناجم، ويقتلون عددًا كبيرًا من عمالها المسلمين،ويأسرون بعض نسائهم وأطفالهم مما جعل العمل فى هذه المناجم يتوقف أمام هذه الهجمات. ويحاط المتوكل علمًا بما حدث،ويستشير معاونيه،ولكن معاونيه أخبروه بما يعترض إرسال الجيش من عقبات تتمثل فى أن أهل"البجة"يسكنون الصحارى، ومن الصعب وصول جيش المتوكل إليهم،فلم يرسل إليهم فى بادئ الأمر، وتمادى البجة فى عدوانهم وتجرءوا،فأخذوا يُغيرون على أطراف الصعيد، حتى خاف أهله على أنفسهم وذرياتهم،واستغاث أهل الصعيد بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن عبد الله القمى من عشرين ألف رجل، على أن يعينه القائمون بالأمرفى مصربما يحتاج إليه الجيش من طعام وشراب ومؤن. والتقى الجيش مع هؤلاء المتمردين المعتدين،حتى فرقهم وقضى على جموعهم سنة 241هـ/ 856م،قاتلهم الله!لقد كانوا من عُبَّادِ الأصنام. إصلاح الداخل وحاول المتوكل إصلاح ما فسد،فراح يعزل الكثيرمن عمال الولايات، ويصادرأملاكهم بعد أن عَمَّت الشكوى،وتفشى الفساد،مثلما عزل يحيى بن أكثم عن القضاء،وولى جعفربن عبدالواحد مكانه،وكذلك عزل عامله على المعونة أبا المغيث الرافعى وعين مكانه محمد بن عبدويه. ريح شديدة ولكنه لم يكد يُحكم سيطرته على العمال والولاة حتى هبت ريح سَمُوم، أكلت الأخضرواليابس،وأهلكت الزرع والضرع فى الكوفة والبصرة وبغداد، واستمرت خمسين يومًا أوقفت فيها حركة الحياة،وقتلت خلقًا كثيرًا. زالزال مدمر ويشاء الله أن يأتى زلزال فيؤدى إلى قتل عدد كبير من الناس، لقد بدأت الزلازل فى السنة التى تولى فيها المتوكل أمرالمسلمين حيث تعرضت دمشق لزلزلة هائلة تهدمت بسببها الدوروالمنازل، وهلك تحتها خلق كثير. وامتدت الزلزلة إلى أنطاكية فهدمتها،وإلى الجزيرة العراقية فقضت عليها، وإلى الموصل فأدت إلى وفاة خمسين ألفًا.وفى سنة 242هـ/ 857م، زُلْزِلَت الأرض زَلْزلَةً عظيمة"بتونس"وضواحيها،و"الرَّى" و"خراسان"، و"نيسابور"،و"طبرستان"،و"أصبهان"، وتقطعت الجبال،وتشققت الأرض،ومات من الناس خلق كثيرون. أما فى سنة 245هـ،فقد كثرت الزلازل،وشملت أماكن عديدة حتى قيل: إنها عمت الدنيا.وكان لابد أن تصاب الحياة بالشلل، ويعم الخراب والدماروالبؤس. ورع المتوكل هذا هوالمتوكل،وهذا هو عصره، يقول أحد المقربين إليه: قال المتوكل:إذا خرج توقيعى إليك بما فيه مصلحة للناس،ورفق بالرعية، فأنفذْه ولا تراجعنى فيه،وإذا خرج بما فيه حَيْف(ظلم)على الرعية فراجعنى؛ فإن قلبى بيد الله-عز وجل-. يقول المؤرخون:إن الخلافة طبعت فى هذا العصر بطابع الوهن والضعف لازدياد نفوذ الأتراك فى الدولة العباسية حتى أصبح خلفاء هذا العصرالعباسى الثانى مسلوبى السلطة،ضعيفى الإرادة،بسبب تدخل الأتراك فى شئون الدولة،وتنصيب من يشاءون،وعزل من يشاءون،أو قتله،كما طبع هذا العصربطابع تدخل النساء فى شئون الدولة،وكثرة تولية الوزراء وعزلهم،وتولية العهد أكثرمن واحد مما أدى إلى قيام المنافسة بين أمراء البيت الواحد. |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:27 AM | #22 | ||||||||||
|
خلافة المنتصر (247-248هـ /861-862م) فى سنة ( 247هـ /861م) ولَّى المتوكل أولاده الثلاثة: المنتصر، والمعتز، والمؤيّد العهد، وقدم ابنه المعتزعلى المنتصر، فأدى ذلك إلى اغتيال الخليفة المتوكل بيد ابنه المنتصر، وتحريض الأتراك.ولا عجب، فقد حاول بعض هؤلاء الأتراك اغتيال هذا الخليفة بدمشق من قبل، ولكنهم لم يفلحوا،فانتهزوا فرصة غضب المنتصرعلى أبيه وانضموا إليه، وقتلوه،ويجلس الابن القاتل على العرش مكان أبيه، وينضم إليه الأتراك ثانية للتخلص من أخويه لكيلا ينتقما منه لأبيهما وخاصة المعتز. خلافة المستعين (248-251هـ /862-865م) وعلى الرغم من قصرعهد المنتصر(247- 248هـ)، فكانت خلافته ستة أشهر وأيامًا، فإن الأتراك عملوا على تحويل الخلافة من أبناء المتوكل إلى أبناء المعتصم، فولوا أحمد بن المعتصم ولقبوه بـالمستعين. وفى عهده تفاقم نفوذ الأتراك وعلى رأسهم: "بُغَا الكبير"، و"بغا الصغير"، و"أتامش"، و"باغر"، ولم يلبث بعض هؤلاء الأتراك الذين أجلسوا هذا الخليفة على العرش أن انقلبوا عليه بعدما أشيع عن عزمه الفتك بهم،ومن ثم قامت فتن وحروب، وانتهى الأمر بعزل المستعين وتولية المعتزبن المتوكل. ولم يكتف الأتراك بعزل المستعين ونفيه إلى"واسط"،بل قتلوه. لقد كان المستعين-رحمه الله- مستضعفًا فى رأيه وتدبيره، ولم يكن له حيلة مع الأمراء الأتراك. خلافة المعتز (251-255هـ /865-869م) ذهب المستعين وجاء المعتزبن المتوكل ، وكان الخليفة الجديد ألعوبة فى أيدى الأتراك،مسلوب السلطة،مكسورالجناح! ولا عجب فإن وجوده فى الحكم مرتبط برضا أولئك الأتراك عنه، وياويله إن غضبوا عليه! لقد تغلغل نفوذهم فى الدولة،وتسلطوا على حياة الخلفاء. وكان الخليفة المعتزيخاف منهم،ولا يهنأ بالنوم، ولا يخلع سلاحه فى ليل ولا نهار، خوفًا من أولئك الأتراك وعلى رأسهم"بغا الصغير". الاستعانة بالمغاربة والفراغنة لم يكن أمامه إلا أن يستعين بالمغاربة والفراغنة للتخلص من الأتراك الذين عملوا بدورهم على التخلص منه،وطالبوه برواتبهم، وثاروا فى وجهه،وقبضوا عليه،وقتلوه بعد أن مثلوا به. خلافة المهتدى (255- 256هـ/869 - 870م) سيطرة الأتراك لقد ودعنا المعتزلنستقبل المهتدى.ولم يكن فريدًا بين خلفاء عصره، ولا متميزًا،بل كان كغيره من الخلفاء العباسيين الأواخر، ألعوبة فى أيدى أولئك الأتراك وخاصة"موسى بن بغا"، وليس أدل على ذلك من أن كتاب صاحب البريد"بهمذان" لما ورد على المهتدى بفصل موسى بن بغا عنها (وهى ثغرمن ثغوربلاد الإسلام) رفع المهتدى يديه إلى السماء،ثم قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "اللهم إنى أبرأ إليك من فعل موسى بن بغا وإخلاله بالثغروإباحته العدو، فإنى قد أعذرت إليه فيما بينى وبينه،اللهم تولَّ كيد من كايد المسلمين، اللهم انصرجيوش المسلمين حيث كانوا،اللهم إنى شاخص بنيتى واختيارى إليك حيث نكب المسلمون فيه،ناصرًا لهم ودافعًا عنهم، اللهم فأْجرنى بنيتى إذ عدمت صالح الأعوان. ثم انحدرت دموعه واستغرق فى البكاء". ورع المهدى وإن كان يمتاز بشىء فإنه كان أحسنهم سيرة وأظهرهم ورعًا، وأكثرهم عبادة حتى إنه تشبه بعمربن عبدالعزيز،وجلس للمظالم، وحاول أن يستعين ببعضهم على بعض، لكن كان من الصعب عليه أن يحقق ما يريد وزمام الجيش فى يد الأتراك،ولانتقاض"بايكباك"عليه وكان بالأمس نصيره، وانضمامه إلى"موسى بن بغا". مصرع الخليفة وقد استعان المهتدى عَلَى موسى بن بغا وبايكباك بالفراغنة والمغاربة، ودارت بين المهتدى وأعوانه وبين بايكباك واقعة انتهت بهزيمة المهتدى وأعوانه من الفراغنة والمغاربة وفرارهم، وفرالمهتدى هاربًا إلى دارأبى صالح بن يزداد فدخلها ونزع ثيابه وسلاحه، فذهب إليه نحو من ثلاثين رجلا فأخذوه من البيت وهو جريح وعذبوه حتى مات بعدها بيومين سنة 256هـ/ 870م. خلافة المعتمد على الله (256-279هـ/870-892م) أما الخليفة الجديد وهوالمعتمد على الله أحمد بن المتوكل بن المعتصم، فقد اعتلى العرش على أيدى الأتراك الذين أخرجوه من"الجوسق" الذى حبسه فيه المهتدى، وكان كما يقول السيوطى:"أول خليفة قهروحجرعليه ووُكِّل به". نفوذ أخيه الموفق ولا عجب فقد شل أخوه"أبو أحمد الموفق طلحة" يده عن مباشرة أمورالدولة حتى أصبح مسلوب الإرادة،وكانت دولته عجيبة الوضع، فقد كان هو وأخوه الموفق كالشريكين فى الخلافة،للمعتمد الخطبة والسكة والتسمى بإمرة المؤمنين ولأخيه طلحة الأمروالنهى،وقيادة العساكر، ومحاربة الأعداء،ومرابطة الثغور،وترتيب الوزراء والأمراء، وكان المعتمد مشغولا عنه بلذاته،وكان أخوه الموفق أميرجيوشه وصاحب الفضل فى القضاء على ثورة الزنوج، وأمام هذا الوضع الغريب لم يكن أمام المعتمد إلا أن يترضى الأتراك، ويصانعهم،وخاصة قائدهم موسى بن بغا،وقسم دولته بين ابنه جعفر وسماه المفوض وخصه بالبلاد الغربية،وضم إليه موسى بن بغا فحكمها باسمه، وولى أخاه أبا أحمد طلحة بعد ابنه المفوض،وسماه الموفق، وخصه بالبلاد الشرقية،وبذلك ضعفت الخلافة فى عهد المعتمد الذى أصبح مسلوب السلطة أمام أخيه الموفق والأتراك. ولقد شهد عصره ثورة الزنج التى استمرت أربع عشرة سنة وأربعة أشهر، وراح ضحيتها الكثير،وأمكن فى عهده القضاء عليها سنة 270هـ/ 884م. ثورة القرامطة كما شهدت آخر سنتين فى خلافته "ثورة القرامطة" بالكوفة وقد تحركوا سنة 278هـ/ 891م،وهم ينسبون إلى قرمط بن الأشعث، وقد استجاب له جمع كثير،وتعد فرقة القرامطة منالزنادقة لانحراف تفكيرهم، وحرصهم على هدم الدين الإسلامى والقضاء عليه. وليس من العجيب أن نرى القوى الهدامة تتعاون على هدم الإسلام، فقد سارقرمط إلى صاحب الزنج قبل هلاكه ليتفق معه على هدم الإسلام وتخريب دياره،وقد تحركت جموعهم إلى بلاد الحجازودخلوا المسجد الحرام، وسفكوا دم الحجيج،واقتلعوا الحجر الأسود،وذهبوا به إلى بلادهم سنة 317هـ/ 929م. الانتصارعلى الروم أما بالنسبة للروم فقد أقدمت الروم فى سنة 259هـ/873م على مهاجمة"سميساط"، ثم"ملطية"من مدن الثغور، ولكن أهلهما قاتلوا عنهما قتالا شديدًا،وهزموا الروم، بل وقتلوا بطريقًا من بطارقة الروم كان مع الجيش الغازى يبارك خطواته! وظلت الحرب سجالا بين الروم والمسلمين حتى كانت سنة 270هـ/ 884م؛ حيث انتصرالمسلمون انتصارًا ساحقًا فى سنة 270هـ/884م على الروم حين أقبلوا فى مائة ألف مقاتل،ونزلوا قريبًا من"طرسوس"، فخرج إليهم يازمان الخادم حتى قتلوا منهم سبعين ألفًا، وقتل قائدهم الذرياس وهو بطريق البطارقة، وجرح أكثر الباقين،وغنم المسلمون غنائم عظيمة، منها صلبانهم الذهبية المكللة بالجواهر. وهكذا طالت أيام ملك أحمد المعتمد بن جعفرالمتوكل. والحق يقال:إن أخاه "الموفق"عاونه معاونة كبيرة على قهر أعدائه. |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:27 AM | #23 | ||||||||||
|
خلافة المعتضد (279-289هـ/892 - 902م) تولى الخلافة بعد وفاة عمه المعتضد. يقول المؤرخون:لما ولى"المعتضد"حسنت آثاره،وعمر الدنيا، وضبط الأطراف،وأحسن السياسة. وقيل:إنه أفضت إليه الخلافة وليس فى الخزانة إلا سبعة عشردرهمًا، ومات وخلّف ما يزيد على عشرين ألف ألف دينار. رحمه الله،ففى عهده انتعشت الخلافة العباسية،ودبت فيها الحياة من جديد حتى أصبحت الدولة قوية مهيبة تخشاها الدول. ويقول الإمام السيوطي:"لقد كانت أيامه طيبة،كثيرة الأمن والرخاء، وكان قد أسقط المكوس- ما يشبه الضرائب فى العصر الحديث-، ونشر العدل،ورفع الظلم عن الرعية،كما كان يسمى السفاح الثانى لأنه جدد ملك بنى عباس،وكان من ذوى الرأى والصلاح. خلافة المكتفى بالله (289-295هـ/ 902-908م) لقد مات"المعتضد" و"المعتمد"من قبله،ميتة طبيعية بعكس الخلفاء الذين فتك بهم الأتراك،وقد آلت الخلافة من بعد المعتضد إلى ابنه أبى محمد على الذى تلقب بـ"المكتفى بالله" سنة 289هـ/ 902م، واستمرت خلافته حتى سنة 295هـ/ 908م. ولقد بدأ عهده بداية طيبة؛فأمر بهدم المطامير"السجون"التى كانت معدة للمسجونين، وأمر ببناء جامع مكانها،وأمر برد البساتين والحوانيت التى كانت قد أخذت من بعض الناس؛فأحبه الناس لسيرته الحسنة،وأعماله المجيدة. القضاء على القرامطة ولكن لم يخلُ عهده -كسابقيه- من ثورات، والحديث عن الثورات فى عهد الخلفاء متجدد،وعدوان الروم متواصل، ولا يكاد خليفة يتفرغ للإصلاح والتعمير حتى يفاجأ بمثل تلك الثورات، وذلك العدوان، إنها المؤامرات على الإسلام والمسلمين،التى تستهدف إعاقة المسيرة، وهدم الدولة،وإفساد العقيدة. لقد حاصر"القرامطة" دمشق،وضيقوا عليها حتى أشرف أهلها على الهلاك، وكان ذلك فى سنة 290هـ/ 303م،وتواصل عدوانهم على البلاد المجاورة، وخرجت جيوش من مصرللدفاع عن دمشق،وتحركت نجدة من بغداد، وكان القرامطة قد عاثوا فى الأرض فسادًا وقتلوا الحجاج، واعتدوا على أعراض المسلمات،وقويت شوكتهم، ولم تستطع النجدات سحقهم وقطع دابرهم حتى سنة 291هـ/ 304م؛ حيث استطاع جيش الخليفة أن يرد كيدهم فى نحرهم، ويقضى على معظمهم بعد أن بلغه ما فعلوه بالحجاج. تبادل الأسرى مع الروم وأغارالروم على البلاد،وكان الرد حاسمًا وعنيفًا، وختمت العلاقات بين المسلمين والروم فى خلافة المكتفى، بتبادل الأسرى وفدائهم،وقد استنقذ ثلاثة آلاف نسمة من أيدى الروم ما بين رجال ونساء وأطفال. زلزال وريح وفيضان رحم الله المكتفى لم يسلم عهده من زلزلة عظيمة هزت بغداد كلها، ودامت أيامًا،وذهب ضحيتها خلق كثير،وهبت ريح بالبصرة لم يُرَ مثلها، وزادت مياه دجلة زيادة كبيرة ففاض الماء وأغرق الأرض، وخرب الديار والزروع،لقد دامت خلافة المكتفى ست سنوات وستة أشهر، ولقى ربه سنة 295هـ/ 908م، وروى أنه قال عند موته: والله ما آسى إلا على سبعمائة ألف دينارصرفتها من مال المسلمين فى أبنية ما احتجت إليها،وكنت عنها مستغنيًا،أخاف أن أسأل عنها، وإنى أستغفر الله منها. خلافة المقتدر (295-320هـ/9 08-932م) ولما حضرت المكتفى الوفاة،أحضرأخاه "المقتدر"وفوض إليه أمرالخلافة من بعده، وأشهد على ذلك القضاة. ترى كم كان عمرهذا"المقتدر"حين عهد إليه بالخلافة، خلافة أكبر دولة على الأرض آنذاك ؟ كان عمره ثلاث عشرة سنة وشهرًا واحدًا وواحدًا وعشرين يومًا. ولم يلِ الخلافة قبله من هو أصغرمنه. ويرجع السبب فى اختياره إلى صغر سنه ليكون أسلس قيادًا، ولكن"المقتدر"لم يلبث أن خلع،وبويع"عبد الله بن المعتز"ولقب"الغالب بالله"، إلا أن أتباع الخليفة المخلوع أعادوه إلى العرش،ولم يمكث"عبد الله بن المعتز" الذى كان شاعرًا رقيقًا فى الخلافة إلا ليلة واحدة. قيادة النساء نحن الآن إذن مع"المقتدر"وعهده، يقول المؤرخون:إن عهده كان عهد فتن وقلاقل،فقد ترك النساء يتدخلن فى أمور الدولة، ويصرِّفن شئونها، فقد ذكرابن الأثيرأن هذا الخليفة اشتهر بعزل وزرائه،والقبض عليهم، والرجوع إلى قول النساء والخدم،والتصرف على مقتضى آرائهن. ولاعجب،فقد أصبح الأمروالنهى بيد أمه التى يطلق عليها المؤرخون اسم"السيدة". ويا ويل من غَضِبَ عليه من الوزراء، إن أقل مصير ينتظره هو العزل،ولا تسل عن الأحوال، فالخطاب يقرأ من عنوانه؛ لقد اضطربت أحوال الدولة العباسية فى عهد"المقتدر"فخرج عليه "مؤنس الخادم"أحد القواد فى سنة 317هـ/ 929م، وأرغم هذا الخليفة على الهرب،وبايع هو وغيره من الأمراء "محمد بن المعتضد"ولقبوه:"القاهر بالله" ،وطلب الجند أرزاقهم فى الوقت الذى قامت فيه الاحتفالات بتقليد الخليفة الجديد للخلافة،وحملوا المقتدر على أعناقهم،وردوه إلى دارالخلافة،وعزلوا القاهر، فأخذ يبكى ويقول:الله الله فى نفسى! وهنا استدناه"المقتدر"وقبله،وقال له:يا أخى،أنت والله لاذنب لك، والله لا جرى عليك منى سوء أبدًا فطب نفسًا. قوة القرامطة وكان لابد أن يتحرك القرامطة فى خلافة المقتدرفنزلوا البصرة سنة 299هـ/ 912م،والناس فى الصلاة،وخرج أهلها للقائهم وأغلقت أبواب البصرة فى وجوههم. ولكنهم عادوا سنة 311هـ/ 924م،واقتحموا أسوارها، وسعوا فيها فسادًا مدة سبعة عشريومًا يقتلون ويأسرون ويستولون على الأموال،ثم قفلوا راجعين إلى"هجر"بالبحرين. وفى سنة 313هـ/ 926م،قام القرامطة باعتراض الحجيج بعد أن أدوا الفريضة فقطعوا عليهم الطريق،وأسروا نساءهم وأبناءهم. وثارالناس فى بغداد،وكسروا منابرالجوامع يوم الجمعة،وناحت النساء فى الطرقات،وطالبن بالقصاص من القرامطة وأعوانهم. وظل مسلسل عدوان القرامطة على المدن والحجاج يتكررفى كل عام، وليس هناك من يؤدبهم أو يوقفهم عند حدهم،فلم تسلم منهم مدينة حتى مكة - البلد الحرام - اعتدوا عليها وعلى مقدساتها فى سنة 317هـ/ 929م، وجلس أميرهم على باب الكعبة وهو يقول-لعنه الله-: "أنا الله وبالله أنا الذى يخلق الخلق وأفنيهم أنا". وكان الناس يفرون منهم،ويتعلقون بأستار الكعبة،وقلعوا الحجرالأسود، وصاح أحدهم متحديًا:أين الطيرالأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ومكث الحجرالأسود عندهم اثنتين وعشرين سنة حتى ردوه فى سنة 339هـ/ 951م. ولعله يجىء سؤال: لماذا نزل عذاب الله بأصحاب الفيل،ولم ينزل بالقرامطة؟ والإجابة كما قال ابن كثير: لقد أراد الله أن يشرف مكة عندما كانت تستقبل خاتم الأنبياء وأفضل الرسل العظام،ولم يكن أهلها يومئذ مسلمين مأمورين بحماية البيت، وصد المعتدين عنه،فتدخلت العناية الإلهية بالحفظ والرعاية، ألم يقل عبد المطلب:للبيت رب يحميه ؟! ولهذا لما سئل أحد العلماء،وكان بالمسجد الحرام وقت أن دخله القرامطة: ألم تقولوا فى بيتكم هذا ومن دخله كان آمنا..فأين الأمن؟ فرد قائلا:إن الله يريد أن يؤمنه المسلمون. إن المسلمين جميعًا مسئولون عما فعله المجرمون فى البيت الحرام، وعما اقترفوه من آثام. وربنا سبحانه قد يؤخرعقوبته ليوم تشخص فيه الأبصار، فقال:"لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ.مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ"[آل عمران: 196-197]. الانتصار على الروم وماذا عمَّا تم على الجبهة بين المسلمين والروم فى خلافة المقتدر؟ لقد أتاحت خلافة المقتدرالطويلة فرصًا عديدة لمحاربة الروم وفتح بعض المدن والحصون على الرغم من انشغال الدولة بمواجهة القرامطة وغيرهم من الفسقة الخارجين،ولقد بدأ اللقاء بين المقتدروالروم سنة 297هـ/910م، وظلت الحرب سجالا بين المسلمين والروم حتى انتهت اللقاءات القوية بينهم فى خلافة المقتدر،وكان النصرعظيمًا للمسلمين. لقد كانت"الخلافة"-على ما كان يعتريها من ضعف أحيانًا أوتجاوزًا ومخالفة- خيرمعين على مواجهة الأخطارالمحدقة بالمسلمين من كل جانب، ومجابهة الصعاب التى تعترض طريقهم،وتهدد حاضرهم ومستقبلهم. إنها تجمع كل المسلمين نحوغاية واحدة،وهدف واحد،فتتضافر الجهود، وتتوحد القلوب،وتنطلق الجموع من جميع الأرجاء تغيث الملهوف،وتؤمن الخائف، وتهدئ من روعة المذعور،وتنصرأى مسلم فى أية بقعة من بقاع الأرض وفجاجها، وكان هذا ملموسًا فى كل المعارك بين المسلمين والروم؛ حيث كان المسلمون-على الرغم من ضعف الخلافة-، كالجسد الواحد على من عاداهم،والدول الإسلامية الآن يُعتدى عليها، وتُهان وقد غاب عنها منصب الخلافة،والذئب إنما يأخذ من الغنم الشاردة. سيطرة البويهيين وفى هذه السنوات شهدت الدول الإسلامية زوال سيطرة الأتراك وبداية سيطرة البويهيين،وشهدت هذه الفترة أكثرمن عدوان للروم على الدولة الإسلامية،ولا يوجد من يتصدى لهذه الحملات،ويواصل الجهاد ضدها فى تلك الفترة المظلمة من تاريخ الخلافة. صراع القرامطة وظهرالقرامطة أيضًا على مسرح الأحداث فى سنة 323هـ، وزاد خطرهم فى سنة 323هـ/ 939م،حين دخلوا بغداد مهددين الخليفة نفسه، ويشاء الله أن يجعل بأسهم بينهم شديدًا،فاقتتلوا وتفرقت كلمتهم، وكفى الله المؤمنين القتال،ويريح الله المسلمين من الملعون الكبير رئيس القرامطة سليمان الجنابى الذى قتل الحجيج حول الكعبة، واقتلع الحجرالأسود من موضعه؛حيث هلك سنة 332هـ/ 944م. كم كان هناك من ضعف ووهن فى تلك العصور |
||||||||||
|
18-11-2010, 04:07 AM | #24 | ||||||||||
|
مجهود خرااااافي بس طـويل ِشــكرا ليــك |
||||||||||
|
18-11-2010, 01:12 PM | #25 | ||||||||||
|
روعــــــــــــــــــــــــــه والله يا ابنى تسلم يا حبيب قلبى |
||||||||||
|
18-11-2010, 01:40 PM | #26 | ||||||||||
|
إيه كل ده بس خطيييير :glasses2: تسلم يا خالد |
||||||||||
|
18-11-2010, 02:58 PM | #27 | ||||||||||
αиɢєℓs мαy нυяτ
|
مـوضـوع جميل أوووى |
||||||||||
|
18-11-2010, 03:01 PM | #28 | ||||||||||
|
بص يا خلوووود .. نصيحة اخوية .. الموضوع المميز بجد .. مش بالطول دة !! محدش هيقراة و مجهودك هيروح على الفاضى ! لو كنت جبت كلمتين تعريف كدة بكل واحد كان هيبقى تحفة على حق ربنا .. بس بردو ارجع و اشكرك على مجهودك الكبير |
||||||||||
|
18-11-2010, 04:42 PM | #29 | ||||||||||
|
10/10 |
||||||||||
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
.•°« ツ】 موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة ツ】 »°•. | ™Tea®s. king™ | قسم المكتبة الإسلامية | 51 | 12-05-2015 10:47 AM |
موسوعة التاريخ الاسلامي | MiDo-Xp | القـسـم الإسـلامـى الـعـام | 5 | 18-05-2013 01:37 AM |
موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة | a7lashabab | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 10 | 02-01-2011 09:11 PM |
اكبر موسوعة افلام رعب على مر التاريخ | john_Brave | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 10 | 06-01-2010 12:45 AM |
جدول زمني بأهم الحوادث السياسية في التاريخ الإسلامي | MiDoElPrO | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 4 | 17-08-2008 11:59 AM |