وسائل الإعلام الروسية تتهم واشنطن بتحريض تبليسي

[Omar_El*POP]

قوات جورجية في طريقها إلي أوسيتيا الجنوبية
عواصم - تخوض القوات المسلحة الجورجية معارك ضارية مع قوات أوسيتيا الجنوبية الانفصالية بعد أن اقتحمت عاصمتها اليوم الجمعة، فيما دخلت القوات الروسية على خط الحرب المشتعلة، وتوعدت بالانتقام من تبليسي، والدفاع عن مواطني أوسيتيا الجنوبية.
وأعلنت واشنطن من جهتها عن دعمها الكامل لوحدة الأراضي الجورجية وسط اتهامات وسائل الإعلام الروسية لها بتحريض تبليسي على مهاجمة أوسيتيا الجنوبية، فيما فشل مجلس الأمن في التوصل إلى قرار بشأن تلك الأزمة.

وأفادت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء بأن القوات الجورجية دخلت صباح اليوم الجمعة تسخينفالي عاصمة أوسيتيا الجنوبية بعد محاصرتها وقصفها بالمدفعية الثقيلة، وأن القتال دائر الآن بضراوة جنوب العاصمة.

وقال إدوارد كوكويتيغير رئيس جمهورية أوسيتيا الجنوبية غير المعترف بها: إن مئات المدنيين لقوا حتفهم في القتال الدائر بالعاصمة تسخينفالي بين قوات انفصالية والجيش الجورجي، فيما أعلنت قيادة قوات حفظ السلام الروسية في أوسيتيا الإقليم أن القصف الجورجي طال ثكناتها المنتشرة في العاصمة؛ مما ألحق أضرارًا كبيرة، وأدى إلى تدمير العاصمة بالكامل تقريبا، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق عن مقتل 10 من جنودها في أوسيتيا جراء القصف الجورجي.

دعم عسكري روسي

ودخلت موسكو على خط الحرب المندلعة في أوسيتيا الجنوبية؛ حيث نقلت وكالات الأنباء الروسية عن شهود عيان قولهم إن رتلا عسكريا روسيا دخل منطقة أوسيتيا الجنوبية آتيا من روسيا.

وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن نحو 50 دبابة روسية ثقيلة، فضلا عن شاحنات تقل جنودا ومعدات عسكرية روسية توجهت من فلاديكافكاز عاصمة جمهورية أوسيتيا الشمالية الروسية إلى أوسيتيا الجنوبية التي أعلنت استقلالها عن جورجيا عام 1992.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية (آر إي إيه) عن قائد روسي كبير قوله: إن وحدات من القوات الروسية تقترب من تسخينفالي لمساعدة قوات حفظ السلام الروسية هناك.

وفي المقابل، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية تشوتا أوتياشفيلي أن عاصمة أوسيتيا الجنوبية باتت "بالكامل تحت السيطرة الجورجية"، فيما اتهم أمين سر مجلس الأمن الوطني الجورجي ألكسندر لومايا روسيا بغزو بلاده.

وقال لومايا: "إذا لم تكن هذه حرب فنحن قريبون جدا منها؛ فالروس غزوا جورجيا ونحن نتعرض للهجوم".

"اجتياح روسي"

وبدوره، قال الرئيس الجورجي ميخائيل ساكشفيلي: إن بلاده تتعرض لـ"قصف متواصل" و"اجتياح" من قبل الجيش الروسي الذي يتوغل بدباباته داخل حدودها، متهما موسكو -في لقاء مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية- باستهداف المدنيين.

وقال ساكشفيلي: "منذ الصباح وبلادنا تتعرض لقصف متواصل من مقاتلات روسية تستهدف المدنيين، وهناك أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف السكان على امتداد البلاد.. هذا أسوأ كابوس قد يعيشه المرء".

ولدى سؤاله عمّا إذا كان الوضع الحالي تنطبق عليه صفة الحرب قال الرئيس الجورجي: إن بلاده "في وضع الدفاع عن النفس ضد التعديات الروسية"، متهما الجيش الروسي بـ"اجتياح جورجيا".

إعلان التعبئة العامة

وفي تطور آخر، أعلن ساكاشفيلي أنه تم إسقاط مقاتلتين روسيتين فوق الأراضي الجورجية، إلا أنه لم يتسن التأكد من صحة ذلك التصريح من مصادر مستقلة.

يأتي ذلك بعد إعلان ساكاشفيلي "التعبئة العامة" في جورجيا؛ لاستعادة السيطرة على أوسيتيا الجنوبية الانفصالية التي تحظى بدعم روسيا.

وأعلن رئيس وزراء جورجيا لادو جورجيندزه الجمعة أن بلاده لن توقف العملية العسكرية التي تشنها في أوسيتيا الجنوبية لحين التوصل إلى "سلام دائم"، فيما أعلنت تبليسي أنها ستوقف القتال لعدة ساعات اليوم الجمعة؛ لفتح ممر للسماح للنساء والأطفال بالخروج من تسخينفالي.

وعن مبررات مهاجمة أوسيتيا الجنوبية، قال رئيس الوزراء الجورجي لادو غورجينيدزي: إن السلطات الجورجية "تتخذ إجراءات لمنع استمرار تسلل المرتزقة" من روسيا إلى أوسيتيا الانفصالية، فيما أكد قائد عسكري جورجي أن العملية العسكرية تهدف إلى استعادة الوضع الدستوري في أوسيتيا الجنوبية.

وكان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف قد حذر في وقت سابق اليوم الجمعة من أن روسيا لن تدع مقتل "مواطنيها" في أوسيتيا الجنوبية يمر "دون عقاب"، مؤكدا أنها ستدافع عن الرعايا الروس "حيثما وجدوا".

انتقام موسكو

وبدوره، أعلن فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا أن الأعمال "العدوانية" التي تقوم بها جورجيا في إقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي ستقابل "برد انتقامي" من موسكو.

وقال بوتين في تصريحات أدلى بها في العاصمة الصينية بكين التي يزورها: "القيادة الجورجية لجأت إلى أعمال عدوانية للغاية في أوسيتيا الجنوبية، في الواقع هي بدأت الحرب مستخدمة أسلحة ثقيلة ومدفعية، وهذا يستوجب ردًّا انتقاميًّا".

وفي تطور آخر، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: "نتلقى تقارير بأنه يجري انتهاج سياسة للتطهير العرقي في قرى أوسيتيا الجنوبية، أعداد اللاجئين في ارتفاع، والذعر يتزايد، الناس تحاول النجاة بأنفسها"، ويحمل معظم سكان أوسيتيا الجنوبية البالغ عددهم 70 ألفا جواز سفر روسيا.

وعلى صعيد آخر، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن دعمها لوحدة الأراضي الجورجية كاملة، فيما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن لديهم اتصالات مع مسئولين جورجيين، لكنهم لم يطلبوا المساعدة في القتال.

اتهام واشنطن

في الوقت ذاته، وجهت وسائل إعلام روسية أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة بحض جورجيا على الاعتداء على أوسيتيا الجنوبية، وإمداد جورجيا بأسلحة حديثة منذ فترة من أجل تنفيذ الهجوم، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وبعد اجتماع مع الرئيس الأمريكي جورج بوش في بكين قال بوتين: "من الصعب جدا الحيلولة دول توجّه أعداد كبيرة من المتطوعين من روسيا إلى أوسيتيا الجنوبية".

وقال السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء دميتري بيسكوف أمام الصحفيين في بكين: "بوتين أشار إلى أنه بدأت في جورجيا اليوم عمليات حرب، ورد بوش أنه لا يوجد من يريد الحرب على الإطلاق".

وسياسيا، أخفق مجلس الأمن اليوم الجمعة في التوصل إلى اتفاق حول بيان وضعت روسيا مسودته يطالب جورجيا والانفصاليين في إقليم أوسيتيا الجنوبية بوقف إراقة الدماء على الفور.

وقال دبلوماسيون: إن جورجيا التي يدعمها الأوروبيون والولايات المتحدة لم توافق على إحدى فقرات البيان، وتدعو هذه الفقرة كل الإطراف في الصراع إلى "نبذ استخدام العنف"، ودفع ذلك مجلس الأمن إلى عدم اتخاذ أي قرار حيال الأمر، لكنه اتفق على سماع آراء روسيا ودول أخرى أعضاء في مجلس الأمن وجورجيا.

وتعارض روسيا طموح جورجيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي "الناتو"، وتتهمها بحشد قواتها على تخوم أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا؛ حيث تنتشر قوات حفظ سلام روسية.

وفي المقابل، يتهم المسئولون الجورجيون انفصاليي أوسيتيا الجنوبية بمحاولة جر البلاد إلى حرب جديدة، ويحملون روسيا مسئولية تسليحهم، وهي تهمة تنفيها موسكو.

مجموعةnever lose
يتبع