↕◄ في مملكة شياطين الإنس والجن►↕

[LordSword]

بسم الله الرحمن الرحيم ،،

ما أكثر ما يتجاذبني ذانك الخاطران،هذا الذي يسكن عن يميني ،وذاك الرابض عن شمالي،فإن أفلت من قبضة هذا ،فلا أسلم من قبضة ذاك الذي يؤزني أزا، ويشعرني دوما بأنني أحسن صنعا،ويفتح لي أبواب الشهوات على مصاريعها ،أنهل وأنهل فلا أزداد إلا ظمأ.

ما أسعدني وأنا أستجيب للمته وأميل إليه إذا دعاني ميلة الحسناء إلى فارسها ،جاء ليتخطفها من براثين وحدتها وعزلتها،فيردفني خلفه على صهوة جواده ويسير بي في بحر الظلمات إلى مكان يعلمه ولا أعلمه.

قبل أن أسوي جلستي أو حتى أن تطرف عيني وجدتني أمام أسوار مملكة عظيمة ممشوقة القوام ،دعجاء العينين ،قد أخفت بثور وجهها ،وسحنتها الداكنة بكم هائل من المرطبات والمساحيق المبيضة ،

التي كانت تبتاعها من أشهر شركات التجميل في العالم،جعلت أتطلع إليها وهي تبتسم وتتمايل بغنجة مصطنعة ،فيأخذني ذهول وانتشاء،أفقت منه بلمة الذي عن يميني وهو يهمس لي:

إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن الليث يبتسم

-بربك دعني وشأني رجاء،ولا تفسد علي نشوتي،كما أفسدتها علي مرارا،إذا كانت هذه الحوراء ليثا ،فبما تسمون الجمال عندكم؟

لم يتركني لحالي وضل يوخزني بإبره الحادة ،حتى استعذت منه بالشيطان إبليس الأعظم،فصار لحاله وتركني.

سمعت أزيزا فعلمت أن الباب تتهيأ للانفتاح مؤذنة لي بالدخول ،والمسير وسط حشد عظيم من الجنود وهم يضربون بالطبول والأبواق احتفاء

بقدومي،ونسوة كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت ينثرن الورود من حولي،ويهتفن ويزغردن ويصفقن ،وأنا في شبه سكر من خمرة المفاجأة ،حتى لم أع أنني وصلت أخيرا إلى القصر الفخم ،وأنني أمام السلطان الأعظم ملك شياطين الإنس والجن إبليس اللعين .

يا لهول الموقف ،ويا لخجلي ،ويا للخزي والعار ،إبليس نفسه الذي طالما لعنته واستعذت بالله منه وبصقت عليه عندما كنت صغيرا إذا ما وقعت،يهش لاستقبالي بمنتهى الأدب والحفاوة!

ارتميت على قدميه أبللهما بدموعي الحارة،وأستغفره ذنبي،وأرجوه العفو عني.

فخاطبني بصوت حان:

عفا إبليس عما سلف ،وإنما جئت بك حيث أتيت لما علمت من تفانيك في خدمتنا ،وإخلاصك العمل لنا ،والذوذ عن ديننا ،وهذا الحفل أقيم تكريما لجهودك في جهاد نفسك وإحباطك خواطر الملك ،وانصياعك لخواطر جندنا، ثم جهادك أهل الحق وصدهم عنه ،ودعوتهم إلى الباطل ،كما أنني لمست فيك مواهب الغواية والإغراء ،وبناء على هذا فقد جعلتك القائد الأعظم للجيش ،فانطلق من الآن في أمان إبليس وجاهد أهل الحق واطمس دعوتهم،وإن لك في مملكتنا قصورا وظلالا تتفيأ فيها حيث تشاء.

تعالت الهتافات والتصفيقات والتبيركات.فرفعت شمالي وأقسمت بإبليس الأعظم إلاه شياطين الإنس والجن أن أبقى مخلصا له متفانيا في خدمته ما حييت.

يا ليتني كنت أعلم قبل هذا فضل إبليس وجوده وكرمه إذا لازددت غيا ،فما أيسر على نفسي العصيان ،وما أقرب الباطل إلى قلبي،أأبوأ هذه المنزلة العظيمة و لم أكلف نفسي جهدا في خدمة إبليس ،إنما كنت أرضي نزواتي ،إن إبليس لجواد كريم يحب رعيته .لما يا ترى تلقى كل ذلك الصدود واللعنة في السماء ثم طرد إلى الأرض بائسا مخذولا،ألأنه أزاح قيود التحريم عن آدم وحواء وأحل لهما شجر الجنة ،إن هذه لمنة منها عليهما،وهل في هذا منكر؟وكيف يسجد هذا الذي سجدت له شياطين الإنس والجن وصارت له هذه المملكة العظيمة والسلطان على البشر لواحد منهم؟

لقد كنت في ضلال مبين ،وأبواي اللذان أضلاني ويسلخان يومهما في صلاة وتسبيح واستغفار واستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كافران ،وإنهما لجاحدان بأنعم إبليس،ويستحقان أشنع عقاب،وحق علي بصفتي القائد الأعظم لمملكة شياطين الإنس والجن ردهما إلى الحق أو قتلهما إن أبيا الإدعان.

انطلقت إلى منزلي فوجدت أبي ،وأمي خلفه ،ساجدان خاشعان في صلاتهما،فهاجت بداخلي ريح عاصف،جعلتني أزمجر وأرتعد ،فلم يعبئا حتى انتهيا وخرجا من صلاتهما بالسلام .أخذت أمي المصحف وولت فزعة وهي تضمه إلى صدرها كأنما تحتمي به،وأبي أخذ يرقيني ببعض الأدعية والآيات من القرآن فكأنما يصب الزيت على النار، فازددت هيجانا واشتعالا،ونزعت المصحف بقوة من يد والدتي ومزقته تمزيقا آخذا بثأر إبليس من عمار يوم كسر آلهتنا وأدخل أبويه للإسلام .ثارت ثائرة أبي ودخل معي في صراع عنيف أنهيته بكرسي من حديد شرخت به رأسه ،فسالت دماؤه ،وأمي أمامي تولول وتصرخ وتنزل علي اللعنات والسخط وتتبرأ مني إلى يوم الدين ،فشرخت رأسها هي الأخرى.

هالني ما رأيت من دماء وبدأت أستفيق مما أنا فيه ،فلم أستطع تحمل الوضع لحداثة عهدي بالمهمة فألحقت نفسي بهما .

وأنا ملقى على الأرض سمعت طبولا وأبواق وزغاريد ونسوة ينثرن من حولي الورود، وحملني إبليس بيده وزفني إلى نار السعير ،وهذه المرة اختلفت نظرته وابتسامته ،لمحت فيهما الشماتة والظفر، والفرحة تطفح من وجهه الدميم ،لم أجد قصورا أو ظلالا أونسوة أو خمرة في منزلي الأخير كما وعد ،لقد خدعني اللعين ،رماني في حفرة من نار سحيقة شرابي حميم ،وطعامي من غسلين .

ألا لعنة السماء والأرض وما بينهما عليك أيها المخادع العفن ،أين ما وعدت؟ألا آته يا ربي عذابا ضعفا من النار .

فجعل يضحك ويضحك ويقول :إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.

النهاية ،،