القـسـم الإسـلامـى الـعـام [ قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم يهتم بثقافتنا الإسلامية فقط ] [ نرجوا عدم التطرق للأمور التي تضر الدين وعدم الافتاء بشي غير موثوق وعدم المساس بأى دين أخر ] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
20-07-2010, 11:30 PM | #1 | ||||||||||
|
الضمير هبة الله عز وجل لكل إنسان إنّ الضمير هو تلك القوة الرّوحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، فتجعله يميز الخطأ من الصّواب، وهو منحة الله عز وجل للإنسان يدلّه من خلالها على ما فيه خيره وصلاحه ومرضاة الله عز وجل• وهذا ما يكسب الضمير صفة العمومية التي هي أحد أهم صفاته، فلا يمكن لحكم الضمير أن يتغير من شخص لآخر مع أخذ الظروف بعين الاعتبار، ونجد ذلك في قوله تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاَهَا , قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَاْبَ مَنْ دَسَّاهَا . الشمس: 7 -10 . في الآيات السابقة يخبرنا الله تعالى أنه ألهم النفس فجورها، و(الفجور: هو الفسق والمعصية وكل ما يمثل انحرافا عن الطريق القويم)، وتقابله التقوى التي تزرع الرهبة في قلب الإنسان، فتجعله يبتعد عن السيئات ويقبل على فعل الحسنات• وكأن التقوى هي الضمير بعينه الذي يجنب الإنسان أفعال السوء ويدله على طريق الخير• إذن، فالضمير هو الذي يجعلنا نعرف الصواب من غير أن يكرهنا أحد على ذلك أو حتى يخبرنا به، فما على الإنسان إلا أن يتبع ما يمليه عليه ضميره، لذلك نستطيع أن نقول: إنّ الضمير هو أساس الدّين وجوهره • وعلى الإنسان أن يضع في حسبانه أنه حين يستشعر صوت ضميره وذلك منذ اللحظة التي يميز فيها الخطأ من الصّواب، ويستطيع أن يحكم على الأمور، فإنه يكون مسؤولاً ومحاسباً وسوف يسأل عن أفعاله جميعها، فإذا كانت موافقة لضميره فإن الله عز وجلّ سيجزيه عنها حياة الخلد في الجنة• أما إذا تجاهل صوت ضميره وخالفه، فسيلقى عذاب الجحيم خالداً فيه أبداً والعياذ بالله • الضمير دليل على وجود الله عز وجل إنّ أول ما يقوم به الشخص الذي يتبع ضميره هو أن يسأل ويحاول اكتشاف ما يدور حوله، وإذا كان نافذ البصيرة فإنه يستطيع بسهولة أن يرى أنه يعيش في عالم، بل في كون متكامل• وإذا تأملنا للحظة في محيطنا والظروف التي نعيش فيها، نجد أننا في عالم متناسق ومنظم ومزود بدقائق الأمور• ولنبدأ من جسم الإنسان نفسه، إنّه حقاً نظام مذهل ••• قلب يدق باستمرار ••• بشرة تتجدد •• رئتان تنقيان الهواء ••• كبد ينقي الدم وملايين من البروتينات تتكون في الخلايا كل ثانية لتضمن استمرار الحياة• ويقضي الإنسان حياته دون أن يشعر بآلاف الفعاليات التي تتم داخل جسمه ولا حتى بطريقة حدوثها • وفي الفضاء الفسيح يستقر نجم الشمس بعيداً عن كوكبنا ملايين الأميال؛ ليؤمّن لنا الضّوء والحرارة والطاقة التي نحتاجها، والمسافة التي تفصلنا عنه دقيقة جداً، فليست بعيدة فتتجمد الأرض ولا قريبة فتحرقها • وإذا نظرنا إلى السّماء وغضضنا البصر عن روعتها وجمالها، فسنجد أنها تحتوي على الغلاف الجوي، تلك الكتلة الهوائية (الستراتوسفير) التي تحمي الأرض والإنسان وجميع الكائنات الحية من الأخطار الخارجية، ولا يمكن لكائن حي واحد أن يبقى على سطح الأرض لولا وجود هذا الغلاف الجوي • إن الإنسان الذي يتأمل ويتفكر في هذه الأمور سيسأل عاجلاً أم آجلاً: كيف أمكن له ولهذا الكون أن يوجدا؟••• وبعد التامل سوف يجد أنّ لسؤاله إجابتين : الأول••• يقول: إن هذا الكون بكواكبه ونجومه وكل ما فيه من كائنات حية قد وجد من تلقاء نفسه وبمحض المصادفة، ويدعي أن الذرات العائمة التي هي أصغر وحدة في المادة، قد التقت بالمصادفة فكونت الخلايا والناس والحيوانات والنباتات والنجوم وكل ما يحيط من تراكيب وأنظمة شديدة التعقيد • والثاني ••• يقول: إنه من المستحيل أن يكون هذا الكون قد وجد بمحض المصادفة، وإن هناك خالقاً عظيماً حكيماً وقادراً على كل شيء هو الذي أبدع وخلق وسير هذا الكون، ذلك الخالق هو الله عز وجل • ولاختيار أحد التفسيرين علينا العودة إلى ضميرنا لنسأله: هل يمكن للمصادفة أن توجد نظاماً بالغ التعقيد والدقة، وإذا أمكن ذلك فهل يمكن تسييره بهذا الانسجام والاتساق؟ إن أي شخص يستطيع أن يدرك بالعودة إلى ضميره أن لكل شيء خالقاً حكيماً عظيم القدرة، فكل ما حولنا يحمل دليلاً على وجود الله عز وجل ••• التناغم والاتساق في هذا الكون والمخلوقات أكبر دليل يستطيع أن يدركه الإنسان بشعوره السامي• إنه دليل واضح بسيط وغير قابل للجدل، ولا يمكن للضمير إلا أن يُسلّم أن هذا الخلق هو إبداع الله الذي لا إله إلا هو • ولكنّنا قد نجد أن شخصاً لا يصغي إلى صوت ضميره لا يمكن أن يكون بهذا الوعي لأنه لو كان واعياً فلا بد أن يدرك الحقائق من خلال قوة روحية لا يمتلكها إلاّ حين يتبع ضميره ألا وهي الحكمة؛ لأن كل موقف يتخذه الإنسان بناء على حكم ضميره يساعد في تعزيز حكمته• وهنا لا بد من الإشارة إلى تعريف الحكمة فعلى العكس من المفهوم العام تختلف الحكمة عن الذكاء فقد يكون الإنسان على قدر كبير من الذكاء والمعرفة ولكنه يفتقر إلى الحكمة لأنّه لا يصغي إلى ضميره فيتفهم ويدرك الحقائق التي تدور حوله • سنطرح مثالاً يظهر بوضوح الفارق بين الذكاء والحكمة التي تتأتى كنتيجة عن تحكيم الضمير : فالعالم الذي يقضي سنين في بحث مفصل عن الخلية وهو يفتقر إلى الحكمة والضمير، لن يصل إلا إلى معرفةً مجزأةً حتى ولو كان متفوقاً في مجاله، ولن يستطيع وضعَ هذه الأجزاء في قالب كلي يصل من خلاله إلى استنتاج صحيح • ولكنّه إذا امتلك الحكمة والضمير، فسيمكنه إدراك نواحي الإعجاز والتكامل في دراسته للخلية، وعندها يسلم بوجود خالق حكيم مدبر• إن صوت ضميره سيخبره بأن القوة التي خلقت الخلية بهذا الكمال هي ذات القوة التي خلقت كل شيء • وفي القرآن الكريم نجد أن سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ قد وجد ربه عن طريق إصغائه لصوت ضميره: فَلَمَّاْ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىْ كَوْكَبَاً قَاْلَ هَذَاْ رَبِّيْ فَلَمَّاْ أَفَلَ قَاْلَ لا أُحِبُّ الأَفِلِيْنَ فَلَمَّاْ رَأَىْ الْقَمَرَ بَاْزِغَاً قَاْلَ هَذَاْ رَبِّيْ فَلَمَّاْ أَفَلَ قَاْلَ لَئِنْ لَمْ يَهدِنيْ رَبِّيْ لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّيْنَ فَلَمَّاْ رَأَىْ الشَّمْسَ بَاْزِغَةً قَاْلَ هَذَاْ رَبِّيْ هَذَاْ أَكْبَرُ فَلَمَّاْ أَفَلَتْ قَاْلَ يَاْ قَوْمِ إِنِّيْ بَرِيءٌ ممَّاْ تُشْرِكُوْنَ إِنِّي وَجَّهتُ وَجهِي لِلذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ . الأنعام: 76 – 79 . نرى في هذه الآيات كيف أن سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ وصل إلى معرفة ربه وأدرك، بالعودة إلى ضميره، أن كل ما حوله إنما هي مخلوقات وأن لهذه المخلوقات خالقاً عظيماً • وإن من يفكر بالاعتماد على ضميره ودون أن يستمع لرغباته وأهوائه، يمكن أن يرى هذا بوضوح حتى لولم يكن ثم من يخبره به فيدرك وجود الله سبحانه وتعالى • التطوّريون: مثال من حاضرنا على إنكار وجود الله على الرغم من اعتراف الضمير بهذه الحقيقة إنّ رفض رؤية هذه الحقائق الجلية وتحويل النظر عنها وتجاهل وجودها، يحطّ من قدر الإنسان على الرغم من ذكائه • إن السبب الذي يجعل الإنسان يرفض الحق الذي يمليه عليه ضميره، هو تعارض ذلك مع مصالحه الشخصية لأنّ تسليم الإنسان بوجود الله عز وجل يعني إقراره بوجود إله عظيم، يستحق أن يكون الإنسان خاضعاً له بكليته، وأن يكون مسؤولاً أمامه عن أفعاله • عندما يصم الإنسان آذانه عن صوت ضميره فإن ذلك يقوده إلى الضلال على الرغم من ذكائه ومعرفته• وسنورد مثالاً معروفاً عن هذه الحالة : ) Francis Crick فرانسيس كريك) هو أحد العالمين اللذين اكتشفا تركيب الحامض النووي في الخمسينيات• وقد كان اكتشافهما هذا واحداً من أهم الاكتشافات في تاريخ العلم الذي اقتضى عملاً دؤوباً وكماً هائلاً من المعرفة، وفوق ذلك ذكاءً شديداً، وتقديراً لذلك كله فقد نال جائزة نوبل• وقد ذهل فرانسيس كريك خلال دراسته بتركيب الخلية وتصميمها الدقيق وعلى الرغم من أنه مؤمن بمذهب النشوء ومتحمس له فقد قال في كتابه : ''إن أيّ شخص صادق واستناداً إلى المعرفة المتوفرة الآن لا يمكن له إلا أن يُقرَّ أن أصل الحياة ليس إلا معجزة• فكثيرة هي الشروط التي لا بد من توفرها لاستمـرار هـذه الحيـاة''• ( الحياة: منشؤها وطبيعتها، فرانسيس كريك، نيويورك: 1981 .( عندما رأى كريك تفاصيل الخلية كتب تلك الأسطر التي أتينا على ذكرها والتي أقر فيها بأن الخلية لا يمكن أن تكون نتيجة مصادفة، وإنما هي معجزة، على الرغم من كونه مؤمناً بأن الحياة قد وجدت بالمصادفة• إن أصحاب مذهب النشوء لا يؤمنون بأي تفسير غير المصادفة؛ لأن ذلك سيكلفهم أن يقروا بوجود الله عز وجل• كريك الذي تأثّر بما رآه من كمال ودقة في خلق الخلية، حيث اعترف بذهوله على الرغم من تبنيه لنظرية مختلفة، لم يمضِ في اتباع ضميره، ورفض التسليم بوجود الله عز وجل، وعاد إلى القول: إنّ هذا التدبير المتكامل الذي لا يمكن بشكل من الأشكال أن يكون قد وجد بالمصادفة قد أوجدته كائنات من عالم آخر، وهي التي جلبت عيّنة الحامض النووي الأول، وبهذا الشكل بدأت الحياة • هذا مثال حي عما يمكن أن يحدث عندما يتجاهل الإنسان صوت ضميره ويكبحه، فالنتيجة واحدة بغض النظر عن مدى ذكائه ومعرفته، كهذا العالم الحائز على جائزة نوبل حين ألغى عقله لدرجة لم يستطع معها أن يتوقف ليفكر ويسأل نفسه: كيف يمكن لهذه الكائنات المزعومة أن تخلق وهي نفسها مخلوقة ؟ وقد شرح عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي ميشيل بيهي Michael J.Behe حالة هؤلاء العلماء الذين يتجاهلون صوت ضميرهم دون أن يستعمل كلمة الضمير حين قال : ''على امتداد العقود الأربعة الماضية كشفت الكيمياء الحيوية الحديثة أسرار الخلية• وهذا التقدم لم يكن بالأمر السهل، فقد اقتضى أن يكرس عشرات الآلاف من الناس أفضل مراحل عمرهم بالعمل الجاد في المختبر ''• ونتيجة تراكم هذه الجهود في دراسة الخلية ودراسة الحياة على المستوى الجزيئي ظهرت صيحة مدوية وحادة تقول '' بالتصميم المبدع ''! إنها نتيجة واضحة وهامة ولا بد أن تصنف على أنها واحدة من أعظم الإنجازات في تاريخ العلم، بل إنها نصر علمي كان من المفروض أن تجعل آلاف الحناجر تصرخ ••• وجدتها وجدتها، وتصفق لها آلاف الأكف حتى إنها تستحق يوماً من الراحة بعد هذا الاكتشاف العظيم • ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل فلم يصفق أحد لهذه المناسبة، وبدلاً من ذلك أحاط صمت محرج وفضولي اكتشاف هذا التعقيد الشديد للخلية • وعندما طرح الموضوع في العلن بدأت الأرجل ترتجف وتثاقلت الأنفاس وأقر الكثيرون الحقيقة بشكل واضح، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً سوى هز رؤوسهم والتحديق في الأرض، ومضى الأمر كما بدأ• فلماذا لم يتبنَّ المجتمع العلمي هذا الاكتشاف المذهل بجشع كعادته؟ ولماذا تمّ التعامل مع حقيقة هذا التدبير بشكل عقلاني صرف بعيداً عن تدخل الخبرة والحس؟ المعضلة كلها تكمن في أن ما يمكن تفسيره على أنه تدبير بارع، هو من ناحية أخرى برهان ساطع على وجود الله الخالق، (صندوق داروين الأسود، نيويورك، المطبعة الحرة 1996 ص232 ـ 233 .( إن أدلة وجود الله عز وجل جلية وواضحة لكل من يدرك أن من أبدع الكون هو الله، والذين لا يقبلون الاعتراف بوجود الله عز وجل لا يفعلون ذلك بسبب عدم إيمانهم؛ وإنما لأن هذا الإيمان يفرض عليهم قيوداً أخلاقية، فليس من أحد إلا ويعرف ضمنياً بوجود الله عز وجل وقدرته على كل شيء، ولكن هذه المعرفة ترتب عليه أن يكون مسؤولاً أمام الله ويكرس حياته لإطاعة أوامره• وهذا الذي يصر على الإنكار رغم إدراكه لهذه الحقائق إنما يفعل ذلك لأن تسليمه بها لا يتوافق مع مصالحه الشخصية ولا مع شعوره الداخلي بالتفوق• وقد وصف الله تعالى هؤلاء في القرآن في سورة النمل : وَجَحَدوا بها واسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْمَاً وعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عاقِبَةُ المُفْسِدِيْنَ . النمل: 14 . إنّ قصة سيدنا إبراهيم مع قومه كما ذكرت في القرآن الكريم يمكن أن تكون مثالاً جيداً، فقد كان الناس في عهد سيدنا إبراهيم يعبدون الأوثان، ونقصد هنا بالأوثان: كل ما عبد من دون الله تعالى• وعباد الأوثان ليس هؤلاء الذين يعبدون الأصنام فقط••• فأصحاب مذهب النشوء الذين يؤمنون بأن الذرات والزّمن والمصادفة هي العوامل التي أوجدت الحياة يؤلهون هذه العوامل• ومهما يكن فلا الزّمن ولا المصادفة يمكن بشكل من الأشكال أن تكون قادرة على خلق الحياة••• وحده الله عز وجل له تلك القدرة •ونعود: قَالَ بَلْ ربُّكم ربُّ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ الَّذيْ فَطَرَهُنَّ وأَنَا على ذَلِكُمْ من الشَّاهِدِيْنَ , وَتاللهِ لأَكيدَنَّ أصنامَكُم بَعْدَ أَنْ تُوَلُّواْ مُدْبِرِيْنَ , فَجَعَلَهُمْ جُذَاْذاً إلاَّ كَبِيْراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِليهِ يَرجِعُوْنَ ,قَالُوْا مَنْ فَعَلَ هَذَاْ بآلهتِنَا إنَّه لَمِنَ الظَّالمِيْنَ , قَالُوْا سَمِعْنَا فَتىً يذكُرُهم يُقَاْلُ لَهُ إِبْرَاْهِيْمُ , قَاْلُوْا فَأْتُوا بِهِ عَلَىْ أَعْينِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُوْنَ , قَاْلُوْا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَاْ بآلهتِنَاْ يَاْ إِبْراهِيْمُ , قَاْلَ بَلْ فَعَلَه كَبيْرُهُمْ هَذَا فَاْسأَلُوْهُمْ إِنْ كَانُوْا يَنْطِقُونَ . الأنبياء: 56 – 63 .ووجد الكافرون أن الأصنام التي يعبدونها لا يمكن أن تجيب على تساؤلاتهم وأن آلهتهم هذه ليست إلا تماثيل عاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها، فكيف بالخلق؟!! وعندها عادوا إلى ضمائرهم • فرجَعُواْ إلَىْ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوْا إِنَّكُم أنتُمُ الظَّالمِوْنَ , ثم نُكِسُوا عَلَىْ رُؤُوسِهمْ لقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤلاْءِ يَنطِقُونَ . الأنبياء: 64 ـ65 . ولم يمض زمن طويل حتى ارتدوا إلى ما كانوا عليه ومنعهم تكبرهم وغطرستهم عن الإقرار بما أملته عليه ضمائرهم، فقال لهم سيدنا إبراهيم : قالَ أَفتعبُدُوْنَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شيئاً وَلا يَضُرُّكُمْ , أُفٍّ لَكُمْ ولمِاْ تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَفَلاْ تَعقِلُوْنَ . الأنبياء: 66 ـ67 .أصاب الكافرين الفزع فقاوموا بشدة ما كشفته وقبلته ضمائرهم، ولهذا شعروا بكره شديد تجاه هؤلاء الذين كشفوا لهم الحقيقة وخاطروا بأنفسهم حين حاولوا قتل الرّسل من أجل حماية معتقداتهم الباطلة فقالوا : قَاْلُوْا حَرِّقُوْهُ وانصُرُوْا آلِهتَكُمْ إنْ كُنْتُمْ فَاعِلِيْنَ . الأنبياء: 68 . إن هذه القصة ليست محصورة في شريحة معينة من المجتمع وإنما تنطبق على الكثيرين• يمكن لشخص أن يكون عالماً متميزاً له الكثير من الاكتشافات أو رجل أعمال ناجح أو فنان ••• يمكن أن يكون غنياً مثقفاً وذكياً، ولكن بدل أن يستخدم ضميره للتفكر في الله عز وجل وتمجيد قدرته وإبداعه وشكره على منحه نعمة إدراك ما حوله، فإنه يكون مغروراً ومتبجحاً بذكائه واكتشافاته، وربما بأمواله التي جناها متناسياً بأنه لا شيء من ذلك قد يفيده بعد الموت• حتى إن الأسماء التي اشتهرت في وقتها بسبب مكتشفاتهم وثرواتهم أو عروشهم أصبحت منسية تماماً منذ زمن طويل، ولو أنهم ذكروا فإن ذلك لن يفيدهم شيئاً بعد موتهم • هؤلاء لم يعيروا اهتماماً لأوامر الله عز وجل، ولم يدركوا قوته، ولم يقدّروا نعمته عليهم، ختم على قلوبهم وضمائرهم فضلّوا • وصف الله عز وجل هؤلاء الذين تعدوا حدود الله في سعيهم وراء مصالحهم وأهوائهم : أَفَرَأَيْتَ مَن اتَّخدَ إِلهَهُ هَواهُ وأضلَّهُ اللهُ على عِلمٍ وخَتَمَ على سَمْعِهِ وقَلْبِهِ وجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فمَنْ يَهْدِيْه مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرونَ , وقَاُلوْا مَا هِيَ إلا حَيَاتُنا الدُّنْيا نَمُوْتُ ونَحْيا وَمَا يُهلِكُناْ إلا الدَّهْرُ وما لَهُمْ بِذَلكَ مِنْ عِلمٍ إنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ . الجاثية: 23 – 24 .يصف الله تعالى هنا هؤلاء الذين تجاهلوا أصوات ضمائرهم وارتكبوا الآثام بسبب الخبائث التي تنطوي عليها نفوسهم بأنّهم صمّ وعمي وقلوبهم غلف، بحيث لم يستطيعوا إدراك الخطأ من الصواب، وقادهم ذلك إلى ما هم فيه من الضّلال • الضمير والقرآن بيّنا إلى حدّ الآن كيف أن من يصغي إلى صوت ضميره يعي وجود الله عزّ وجل حتى إن لم يعلم أحد بذلك••• وهو بذلك يصل إلى حقيقة ثابتة وهي أن الله الذي خلق كوناً متكاملاً ومنح الإنسان الوعي لم يخلقه سدى، بل لا بد أنه خلقه لهدف معين، ولا بد أن تكون هناك صلة ما بين الله عز وجل ومخلوقاته ليخبرهم بهذا الهدف • إذا استعمل الإنسان ضميره بالشكل الصحيح، فإنه سيشعر برغبة شديدة في معرفة خالقه وخالق الكون، وستصبح هذه الرغبة هي الهدف الوحيد في حياته، وسيكتشف أنه بأمسِّ الحاجة إلى الله الذي خلقه من العدم ، وأسبغ عليه نعمة الحياة وأن القوة كلَّها بيد الله تعالى، وسيدرك أيضاً أن الله عز وجل قد خلق كل شيء لهدف••• فالسماء هي الغلاف الذي يحمي كوكبنا••• والخلايا هي منشأ الحياة••• المطر لأجل المحاصيل••• والشمس هي مصدر الضوء والحرارة في عالمنا الذي لم يكن ليوجد من دونها••• وباختصار، كل ما يراه الإنسان حوله مما لا يعد ولا يحصى مخلوق لغاية معينة، وهنا يتوقف الإنسان ليسأل نفسه: إذا كنت مخلوقاً في كون متكامل خال من النقائص والعيوب، وسأموت خلال فترة وجيزة، فما هو الهدف من وجودي؟ ويسعى للحصول على جواب لسؤاله • ولن ترضيه في هذه الحالة المعلومات المتفرقة التي يسمعها من غيره••• يريد أن يعرف الله••• يريد أن يعرف ما هو الهدف من خلقه••• وقد أدرك من خلال ضميره أن المعلومات التي يزوده بها الآخرون يمكن أن تكون مضللة وغير كافية، بل ومتناقضة في معظم الأحيان • ويدرك الإنسان بالفطرة أن خير ما يهديه إلى الله عز وجل هو الكتاب الذي أنزله وحفظه، القرآن الكريم آخر كتب الله عز وجل، ويتخذ منه دليلاً للوصول إليه • إنّ من يهجر القرآن الكريم يكون قد أعرض عن صوت ضميره : كم من الناس في هذا العالم لم يقرؤوه ولم يَدُر في ذهنهم مجرد تساؤل حوله• إن الله عز وجل أنزله هدى للناس، وهم سيُسْألون بعد الموت فيما إذا كانوا قد اهتموا بما فيه أم لا وسيدخلون الجنة أو النار نتيجة لذلك • وإذا افترضنا أن بعضهم لم يدلهم ضميرهم على كتاب الله فلا بد وأنهم قد سمعوا وعلموا بوجوده، ومع ذلك لم يحاولوا قراءته ولا حتى تساءلوا عما يحتويه، مع العلم أنهم سيسألون عن ذلك يوم القيامة • وإذا مثلنا لذلك بشخص استلم رسالة من مكتبه أو مدرسته، وقد كتب عليها أنها ذات أهمية بالغة لمستقبله المهني أو التعليمي، فعليه أن يقرأ هذه الرسالة وينفذ ما فيها خلال وقت معين• فما الذي سيفعله؟ هل يعلقها على الحائط ولا يقرؤها••• يضعها في الجارور أو يقرؤها دون أن يعير اهتماماً لمضمونها، أم أنه سيقرؤها حال وصولها ويتصرف تبعاً لمضمونها؟ ! إن حس الإنسان وحكمته ستحتم عليه أن يقرأ الرسالة، وهي مجرد رسالة، فكيف بكتاب هو الأهم في الوجود••• الكتاب أنزله الله لعباده••• ولكن الغفلة التي يعيش فيها معظم الناس تجعلهم لا يحركون ساكناً ولا يحاولون قراءة القرآن الكريم• وقد أخبر الله عز وجل هذا في كتابه العزيز حين يشكو الرسول إلى ربه فيقول : وقَاْلَ الرَّسُولُ يارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوْا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوْراً . الفرقان: 30 . ولمَّا جاءَهُم رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لما مَعَهُمْ نَبَذَ فريقٌ مِنَ الَّذيْنَ أُوتُوا الكِتَاْبَ كِتَاْبَ اللهِ وراءَ ظُهورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاْ يَعْلَمُوْنَ . البقرة: 101 . إن قول الله تعالى: (كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) يشير بوضوح إلى أنّ هؤلاء الناس يعلمون تماماً ما عليهم فعله، ولكنهم يهملون كتاب الله عز وجل• فما من أحد إلا ويعلم ضمنياً أن عليه قراءة تعاليم الله عز وجل في القرآن الكريم وتطبيقها، ولكن الغالبية العظمى تتجاهل ذلك، والسبب في الأصل هو تجاهلهم لصوت ضميرهم • القرآن والضمير دليلا الإنسان إلى الهد ف لحقيقي من الحياة يقول تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ . المؤمنون: 115 . إنّ الإنسان الذي يتفكر في وجوده متجاهلاً صوت ضميره لا بّد وأن يتساءل عن الهدف من وجوده، وسيكتشف بفطرته خلال رحلة بحثه عن الإجابة بأن عليه العودة إلى القرآن الكريم ووحي الله عز وجل• وأهم ما يفعله عندما ينوي قراءة القرآن هو أن يبقي ضميره يقضا، ويقرأه مخلصاً النية أن يطبق ويعيش عملياً التعاليم التي وردت فيه • وفي الآيات التالية نجد جواباً للسؤال المطروح، يقول الله عز وجل : وَمَا خَلقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ , مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ , إِن اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ المْتينُ . الذاريات: 56 - 58 . إنّالهدف من حياة الإنسان على هذه الأرض هو اختباره : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ . الملك: 2 . إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً . الكهف: 7 . إِنَّا خَلقْنَا الإِنْسَاْنَ مِنْ نطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً , إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وإمَّا كَفُوراً . الإنسان: 2 - 3 . يدرك القارئ لهذه الآيات أن الله عز وجل قد خلق الحياة ليختبر الإنسان، ولهذا سيفكر في حياته وحياة غيره• معظم الناس من حولنا يجرون ويتصارعون في سبيل الحصول على شيء من حطام الحياة الدنيا، ولديهم خطط مفصلة فيما يتعلّق بأمورهم الدنيوية التي يسعون فيها مثل البحث عن عمل••• الزواج••• الأطفال••• المنزل الذي سيعيشون فيه••• السيارة التي سيشترونها• كيف سيحصلون على أعلى الرواتب؟ وأين سيقضون الإجازات •••إلخ ؟ وكل واحد قد حدد خططاً وأهدافاً في فكره يسعى لتحقيقها، إلا أنّ أحداً لم يفكر في الهدف الحقيقي لوجوده في هذا العالم، فعندما يشاهد صاحب الضمير الحي هذه التصرفات يدرك بأنّها ليست سوى نتيجة للحمق والغفلة • إنّ الله جل جلاله هو خالق الإنسان وواهب الحياة، وقد أوضح الهدف من خلق الإنسان ألا وهو العبودية• ولا يمكن للإنسان أن يحقق السعادة إلا عندما يعيش وفقاً لهذا الهدف، فيطيع الله ويسخِّر كل ما يملك لنيل مرضاته• ولكن معظم الناس يقضون حياتهم في غفلة وجشع، ويتصرفون كأنهم لا يعلمون حقيقة وجودهم، ولا يعلمون إلاّ أنهم خلقوا في هذا العالم من أجل متعتهم الخاصة • أما الإنسان الذي يُعمل ضميره يرى أن معظم الناس ينحدرون في منزلق خطر من الإهمال، ويدرك أن هؤلاء الناس لا يمكن أن يكونوا مثالاً يتبع، فلا يمكن أن يعلل نفسه بالقول: (كلهم يفعلون ذلك) لأن ذلك سيحول دون اتباعه لهدي كتاب الله عز وجل • |
||||||||||
|
21-07-2010, 02:09 PM | #2 | ||||||||||
|
كلام سليم بارك الله فيك |
||||||||||
|
21-07-2010, 02:27 PM | #3 | ||||||||||
αиɢєℓs мαy нυяτ
|
تسلم ايدك كــلام معقول و سليم |
||||||||||
|
21-07-2010, 10:28 PM | #4 | ||||||||||
|
تسلم |
||||||||||
|
23-07-2010, 08:16 PM | #5 | ||||||||||
|
تسلم |
||||||||||
|
25-07-2010, 01:01 PM | #6 | ||||||||||
|
جزاك الله خيرا و جعله فى ميزان حسناتك |
||||||||||
|
25-07-2010, 06:32 PM | #7 | ||||||||||
|
بارك الله فيك |
||||||||||
|
26-07-2010, 09:19 AM | #8 | ||||||||||
|
جزاك الله خير |
||||||||||
|
27-07-2010, 01:07 PM | #9 | ||||||||||
|
جزاك الله خيرا |
||||||||||
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
عندما يموت الضمير | ST0P_IM_T0P | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 2 | 20-07-2013 03:54 AM |
صحي الضمير | _totenasar_ | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 8 | 31-05-2011 11:30 PM |
لا يوجد إنسان بلا قلـب ولا يوجد قلب بلا حـب فهل أنت إنسان ؟ | ღ♥_ akeml _♥ღ | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 12 | 01-05-2011 03:11 AM |
محمد رسول الله مكتوبة في صدر كل إنسان.......صورة | WhiTe KnighT | القـسـم الإسـلامـى الـعـام | 17 | 18-10-2009 03:10 AM |
موت الضمير ...... !!! | EnDLoVe | بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود | 11 | 27-09-2009 04:03 PM |