فقالت العجوز بلهجة أمر :ياسمين هل ما زلت مصره..؟ لم تجب ياسمين ولم تنبس بحرف وبقيت مطرقة برأسهاالى الارض..فقالت العجوز :"لا ادري الى اين سيوصلك عنادك هذا ..لا اشعر بأن زواجك من
فارس سينجح ..ولكن من حقك ان تحصلي على فرصة لانجاح هذا الزواج..وبرغم عدم قناعتي الا اني سأتمم هذا الزواج..وسأكتفي بصديق فارس الذي لم يهرب ليكون شاهدا عليه "..ونظرت العجوز لفارس ..وقالت له:لا افعل هذا من اجلك بل من اجلها ولا اتمنى لكما الفشل في حياتكما ..ايضا من اجلها..واتمنى بأن لا يكون مصيرك كمصير اقربائك..
عاد الامل والحياة الى فارس بعد ان سمع كلمات العجوز ..برغم انه يشعر بأن العجوز لا تحبه..
وفجأة هز المقبرة صوت قوي قادم من خلف فارس اثار بداخله الرعب وقبل ان يتلفت صرخت فيه ياسمين قائلة له:لا تطلع وراك..!
قاوم فارس الفضول والخوف مما يحدث خلفه ولم يتلفت استجابة لتحذير ياسمين له وحرصا على وعده لها بأن لا ينظر الى الخلف كلما طلبت منه ذلك...
العجوز لم تكترث للصوت الصادر وقالت لفارس ..والان سأتمم زفافكما بناء على شروطي ..على امل ان لا يخرق أي منها وان حدث ذلك فسيبطل كل شيء ...والشرط الذي لن يستوفى سيتم استبداله بشرط اخر وسينفذ الليلة ..ان وافقت عليه سيتم الزفاف وان لم توافق سيلغى كل شيء ...شرطي هو :قاطعتها ياسمين وقالت :لا يا خالتو بلاش ...!!
نهرتها العجوز وقالت بغضب: ياسمين..
اطرقت ياسمين برأسها الى الارض وقالت :اسفة يا خالتو..!
واكملت العجوز ..شرطي هو ان تقضي الليلة في داخل قبر مغلق تخرج منه قبل شروق الشمس ومعك للخروج من دقيقة الى13 دقيقة ..ان خرجت قبلها تبقى اللعنة تطاردك كما طاردت اجدادك وان سبقتك الشمس ولم تخرج لن تستطيع الخروج قبل مضي سبعة ايام ..ومن كل قلبي اتمنى لك التوفيق واتمنى ان لا تسبق الشمس بكثير ولا تجعلها تسبقك ولكن ان حدث ان سبقتك الشمس فحبك لياسمين ان كان صادقا سينير لك القبر _خلال السبعة ايام التي ستمضيها فيه فحافظ على عقلك ان حدث هذا وسأتركك الان لعدة دقائق لتفكر فالخيار خيارك انت..وامسكت العجوز بيد ياسمين وسارت معها باتجاه المقنعتين الآخريين
وحينما وصلن قالت ياسمين للعجوز : ارجوكي يا خالتو بلاش مش راح يقدر..!
فقالت العجوز: هاي مشكلتو ومش مشكلتنا..بلاش تخلي قلبك يحكمك وهاي مش لعبة علشان تمشي كيف بدك...!
وتكلمت احدى المقنعات وهي ام ياسمين وقالت لياسمين: يا بنتي انا بنصحك تنسي هالموضوع عمر الجواز من ابن عيلة الدهري ما راح يمشي ..اسمعي كلام امك .. ولاد الدهري واحد ...الفرصة بأيدك يا ياسمين بلاش تضيعيها في كلام فاضي وبلاش يصير لك اللي صار لي مع ابوكي..صمتت ياسمين ولم تجب وعلقت العجوز وقالت:انا نصحتها ومن حقها توخذ فرصتها...خرجت ياسمين من صمتها وقالت سأخذ فرصتي وسأبذل جهودي لانجاحها..مهما كلفني ذلك من ثمن...فقالت لها العجوز اصبري لنرى ان كان فارس قد وافق على شرطي الاول..فقالت ياسمين انا واثقة انه موافق واتمنى ان يصمد هزت العجوز رأسها وقالت لأم ياسمين...لا ارى أي مانع من اعلان زواجهما تمنى لابنتك التوفيق فقالت "لعنة" ام ياسمين ..بنبرة حزينة اتمنى لها ان تحافظ على العهد...اشارت العجوز لفارس بيدها فتقدم فارس نحوهما وسألته العجوز اوافقت على شرطي..فأجاب فارس نعم انا موافق فقالت العجوز اذن سأعلن الان زفافكما وسأسجله في احد القبور فأبذل جهودك لانجاح كل الشروط المطلوبة حتى لا اراك من جديد لان رؤيتك لي مرة اخرى بعد اعلان زواجكما لن يجلب لك السرور سيشهد على زواجكما انت وياسمين ..صديقك واخت ياسمين ورده وامها "لعنة" ولتعلم انت وياسمين ان زواجكما ما كان ليتم الا بموافقة جورجيت ..هيا يا فارس نادي على شاهدك ...توجه فارس الى حيث يقف صديقه مشدوها خائفا يرقب ما يجري حوله ولا يجرؤ على القيام بأية حركة قال له فارس: ستقترب معي لتكون شاهدا على زواجي وبعد ذلك بامكانك الذهاب ولكن بعد ذلك ارجوك ان تحضر الى منزلي في الغد فان لم تجدني فأبلغهم اني قد سافرت في عمل وساعود بعد سبعة ايام وافحص بعد سبعة ايام فان لم تجدني قد عدت فحاول ان تبلغهم بطريقتك بأني قد سافرت بعيدا ولا اعلم متى اعود
صديق فارس الذي كان يحبه كثيرا ..تجهم وجهه وقال لفارس بانه لن يتركه هناك ولن يخرج الا وهو في صحبته مهما كان الثمن فأن كان سيحدث شيء فليحدث لهم الاثنين معا ...شد فارس على يده وقال له ما فعلته اليوم معي لن انساه لك ابد الدهر فلولاك لكان الله وحده يعلم ما كان قد يحدث ولكن ارجوك ان تثق بي فانا اعرف ما افعله ولا تخف فلن يحدث لي أي شيء ولكن هذه امور افعلها بمحض ارادتي ولا استطيع الان ان اخبرك عنها فافعل ما قلته لك واطمئن بأنه لن يحدث الا الخير ...لم يكن امام صديق فارس ما يفعله سوى تنفيذ ما طلبه فارس ...سار الاثنان الى حيث العجوز ورأت العجوز ان صديق فارس يكاد ان يغمى عليه من الخوف فقالت مبتسمة ..لا تخف يا بني فلن يؤذيك احد انت اليوم شاهد على زفاف اخ لك وثبت لنا ان امره يعنيك قولا وفعلا وعليه فقد وافقنا على ان تكون شاهده وبعدها وجهت العجوز كلامها لفارس وقالت تستطيع ان تصرف شاهدك يا فارس الا ان احببت ان يبقى فاقترب فارس من صديقه وصافحه وودعه وسار صديق فارس بطريقه خارج المقبرة وقالت العجوز : والان يا فارس قبل ان نودعك واشارت بيدها باتجاه احدى المقنعتين وقالت ..هذه وردة اخت ياسمين ...مد فارس يده وصافحها..واشارت العجوز مرة اخرى بيدها وقالت وهذه لعنة ام ياسمين مد فارس يده ليصافحها الا ان ام ياسمين لم تمد يدها رافضة ان تصافحه ...شعر فارس بالحرج واعاد يده..وقالت ام ياسمين لفارس: اتمنى من كل قلبي ان اكون مخطئة من اجل ياسمين واتمنى ان يأتي يوم واسلم عليك وتستطيع ان تسّلم عليّ ولكن ليس الان يا أبن الدهري .
فقال فارس اعدك ان هذا اليوم سيأتي ..فقالت العجوز والان يا فارس سأودعك واتمنى لك ان تلتقي بأم ياسمين واختها قريبا واتمنى ان لا تراني مرة اخرى...وسارت النسوة الأربعة بالاتجاه المعاكس لفارس وحينما مرت ياسمين من جانب فارس لكزنه بيدها وقالت لا "لا تطلع وراك" وقف فارس مذهولا وقال بصوت عال ...طيب شو اسوي هلا شو اعمل وين اروح يا عجوز انت ما حكيتيلي ولكن لا حياة لمن تنادي فلا احد يرد على فارس وقف فارس وهو لا يدري ماذا يفعل وايضا لا يستطيع التلفت للخلف ولا يدري ان كانت العجوز والنسوة خلفه ام انهن قد اختفين ولم يقل له احد ماذا يجب ان يفعل والعجوز قبل الزفاف اشترطت عليه ان يدخل قبرا ويخرج قبل شروق الشمس من دقيقة الى 13 دقيقة ولكنها لم تقل له أي قبر وفكر فارس هل العجوز نسيت ان تقول له ام انها تحدته حتى يفشل وان كانت العجوز قد نسيت فلماذا ياسمين لم تقل له وما هذا الزواج كلام والسلام اغتاظ فارس اكثر واخذ يحدث نفسه بصوت عال وهو لا يجرؤ على التلفت الى الخلف واخذ يسخر من نفسه ومما يحدث ويقول بصوت عال ...فارس ادخل قبر ولا تطلع منو فارس لا تطلع وراك فارس اصحى الشمس تسبقك.. يلعن فارس وابو فارس..
تمالك فارس اعصابه وبدأ يستعيدها بهدوء وهو يعلم ان الوقت ليس لصالحه ...وسار بين القبور دون التلفت الى الخلف لعله يهتدي الى شيء ما يساعده على ماذا يجب ان يفعل وحصل ذلك فعلا فقد رأى فارس قبرا قديما تذكره فورا وتذكر ان هذا القبر قد رأه في منطقة بئر السبع في المرة الاولى التي رأى فيها ياسمين واقترب فارس منه ليتأكد ...فوجد فارس ان على بلاطة القبر نفس الكتابة التي رأها في المرة الاولى ...افتح القبر فلا مكان للحب _والشك معا..فأعتزم فارس ان يفتح القبر ليدخله فلا بد انه القبر المقصود الذي يجب ان يمضي فيه ليلته بناء على شرط العجوز ولكن عيني فارس لمحتا قبرا اخر بجانبه وتذكره هو ايضا فقد رأه في مقبرة طبريا فاقترب منه فوجد عليه نفس الكتابة التي كانت في المرة الاولى ...
يا زائري لا تخف
وانت تنظر قبري ..
يا زائري
انا قدرك
وانت قدري
يا زائري
اغلق قبرك
يفتح قبري...الخاحتار فارس وزادت حيرته حينما رأى قبرا ثالثا كان قد رأه في السابق في حيفا
اقترب منه ورأى ان نفس الكتابة عليه في كل قبر سر ولكل سر قبر اذا خرج السر من القبر سار وان كشف القبر عن السر انهار ...فتعال في الظلمة لتكون سري او اهرب من خيط نور قادم واغلقني فتبين فارس ان هذا القبر المقصود فالعبارات التي عليه تشير الى نصيحة العجوز وخاصة مقطع "اهرب من خيط نور قادم" وقال فارس في نفسه ولكن هذا القبر رأيته في السابق في بداية عهدي بياسمين فلماذا يكون هو..وبدأ فارس بالبحث بين القبور ورأى ايضا قبر عمته ربيحة الذي اخرج منه الصندوق وقد كتب عليه...هنا دفنت الحقيقة ومن هنا يجب ان تخرج ...ايقن فارس بان كل قبر قد فتحه بالسابق انتقل الى هنا ..احتار كيف انتقلت هذه القبور من مناطق مختلفة ومتباعدة واجتمعت في مكان واحد ام انها نسخة عن القبور السابقة؟..
لم يستطع فارس ان يحسم امره حول أي قبر يجب ان يختار فكل العبارات التي على القبور تشير إلى ان القبر هو المقصود.. عاد فارس وقرأ كل ما كتب على القبور وبدأ بالقبر الاول الذي فتحه الى القبر الاخير الذي ضمه ...واخذ يحلل ما كتب على كل قبر ووجد ان لكل قبر قصة لم يفهمها في حينه وتذكر انه كلما دخل مقبرة كان يقوم بفتح قبر جديد وايقن فورا ان هذه المقبرة يدخلها لاول مرة وان قبرا اخر يجب ان يكون فبحث بين كل القبور التي على يمينه وعلى شماله فلم يجد قبرا مناسبا للقصة التي حدثت فكلها قبور عادية وهنا فكر في انه ربما القبر المقصود سيكون خلفه ولكن كيف سيتلفت الى الخلف وياسمين حذرته ان لا ينظر خلفه كلما طلبت منه ذلك فقرر ان لا يتلفت الى الخلف وبدأ بالسير الى الامام بشكل دائري لعدة دقائق حتى اصبح النصف الثاني للمقبرة امامه وحينما نظر نحو القبور فوجيء بانه يرى عشرات القبور المتشابهة والتي لا يختلف الواحد عنها عن الاخر ...وبدأ يتنقل من قبر الى آخر ويقرأ عليه اسماء كلها لأبناء الدهري وبين القبور فوجىء فارس باحد القبور..
وقد كتب عليه...
هنا سكن فارس الدهري
رفع فارس البلاطة فوجد انها ثقيلة جدا حتى انه بذل مجهودا كبيرا لكي يستطيع
دفعها.. دخل القبر واخذ يغلق البلاطة عليه حتى احكم اغلاقها ولم يعد قادرا على رؤية اصبعه من الظلام ..واخذ فارس يفكر كيف سيعرف متى يرفع البلاطة ويخرج من القبر قبل شروق الشمس من دقيقة الى 31 دقيقة واخذ يحسب الوقت من لحظة حضوره الى المقبرة الى لحظة مغادرة العجوز والوقت الذي امضاه في البحث ولكن كان من المستحيل ان يستطيع ان يتوصل الى نتيجة.. فكر فارس لماذا لا ينظر الى الساعة التي على يده فوجد ذلك ايضا مستحيلا للظلمة داخل القبر وتذكر ان في احد جيوبه ولاعة فأخرجها وحاول ان يشعلها وكلما نجح في ذلك عادت لتنطفىء قبل ان يرى عقارب الساعة وخاصة ان القبر ضيق ولا يسمح له بالحركة كثيرا ...فكر فارس في ان عدم اشتعال شعلة الولاعة يدل على ان القبر لا يوجد فيه اكسجين هذه الفكرة دفعت فارس لأن يشعر بأنه لو بقي في هذا القبر عدة دقائق اخرى فانه حتما سيموت ...دب الرعب في قلب فارس وبدأ يتخيل عشرات الصور ويجن _جنونه حينما يفكر بأنه ان لم يخرج من القبر في المدة المحددة فهو مضطر لأن يمضي فيه سبعة ايام كاملة ويتساءل فارس بينه وبين نفسه عن الدافع الذي يدفعه للقيام بهذا الجنون ويتذكر ياسمين ويعود ويقول انه من اجلها يجب ان يصمد ويبدأ بالعد لعله يستطيع ان يحسب الوقت ولكن بعد ذلك وجد انها فكرة سخيفة جدا فخروجه مستحيل في الوقت المحدد ويقول لنفسه : هذه العجوز الخبيثة
تعلم انه لن يخرج ...تغزو الاوهام رأس فارس ويقرر الخروج من القبر وليحدث ما يحدث ولكنه يتراجع ويقرر الصمود وتارة يستعيد هدوءه وتارة اخرى يغضب ويعاتب نفسه :ما الذي يستحق ان يدفن نفسه حيا بين الاموات من اجله ؟
ولم يستطع فارس ان يحتمل فكرة انه سيبقى في هذا القبر لمدة سبعة ايام خاصة وانه مقتنع بانه لن يخرج في الوقت المناسب ويقول لنفسه أي مجنون انا ما الذي افعله ويرفع بقدميه بلاطة القبر ويقرر الخروج وبداخله يلعن _كل من حوله ويخرج فارس من القبر ويتجه الى خارج المقبرة لا يأبه لشيء وحتى لياسمين فهو فقط يفكر بالخروج من هذا الجنون ...يسير باتجاه السيارة ولكنه لا يراها ويتذكر انه طلب من صديقه ان يأخذها معه حتى لا تثير الشكوك ويسير بمحاذاة الشارع ويرى ان الشمس قد بدأت بالشروق يقف متسائلاً ربما قد خرجت في الوقت المناسب ونجح ...!
ولكنه يتذكر انه خرج بعد ان تخلى عن كل شيء ...ويعود ويقول : "وما دخل ما نويت فالشرط ان اخرج في الوقت المناسب" ...وقد نفذت الشرط وبدأ يحسب في الوقت ويدعو الله ان يكون قد خرج في الوقت المناسب...