21-12-2011, 08:27 PM
|
#13
|
|
• الانـتـسـاب » Mar 2011
|
• رقـم العـضـويـة » 83586
|
• المشـــاركـات » 4,369
|
• الـدولـة » لندن الدور الثانى
|
• الـهـوايـة » Silkroad
|
• اسـم الـسـيـرفـر » No Server
|
• الـجـنـس » Male
|
• نقـاط التقييم » 21
|
|
|
صورة واحد مهذب

السبت :
استضافونى اليوم فى برنامج (دقى يا مزيكا) .. قدمنى الأستاذ بركة المبروك - مقدم البرنامج - إلى جمهور الحاضرين تقديما فخما مهولا , إذ قال :
- سيداتى آنساتى سادتى نقدم لكم الرجل التحفة : ماضى بيه الأرناؤوطى . ماضى بيه الأرناؤوطى - أيها السادة - خبرة مائة سنة فى فن المخاطبة بكل قلة ذوق .. فإن جنابه هو مخترع الصيغ و العبارات فى المكاتبات و الخطابات التى ترسلها المصالح و الهيئات إلى المواطنين .
ماضى بيه الأرناؤوطى - أيها السادة - رجل مؤثر جدا , فلا تزال آثار أفكاره الحكومية التركية القديمة موجودة إلى يومنا هذا فى بعض المكاتبات التى ترسلها المصالح إلى الناس .. فهو صاحب العبارات و الألفاظ قليلة الذوق مثل "و على (المذكور) أن يحضر فى الساعة 8 أفرنكى و إلا خربنا بيته" .. فهذا (الرجل التحفة) هو مخترع كلمة (المذكور) و قد نال رتبة البكوية على هذا الاختراع التركى , و نال معها رضاء أفندينا لما فى هذه الكلمة - المذكور - من استهانة و استخفاف بالمواطن , إذ أن كلمة المذكور هذه يمكن أن تطلق على أى جحش أو أى كوز أو أى مقطف أو أى حاجة يشير إليها الإنسان من طرف أنفه فى ألاطة و استعلاء .
- بركة : ماضى بيه يا تحفة .. ممكن تدينا فكرة سريعة عن فن مخاطبة المواطنين فى الخطابات التى توجهها إليهم المصالح و الهيئات ؟
- أنا : فى الواقع هذا فن عظيم تعلمناه على يد الحكام الأتراك , و قد كان أستاذى الأول فى هذا الفن هو سعادتلو ممبارتورلى أغا باشا كبير كبراء ديوان المكاتيب الحكومية السنية الذى كان يقوم بصياغة نماذج الخطابات الحكومية الموجهة إلى أفراد الناس . و كان ممبار باشا يهيج هياجا عنيفا إذا لاحظ أننى أخطأت و كتبت عبارة موجهة إلى مواطن فيها شئ من الذوق . و كان رحمه الله يوصينى بأن تكون لهجة خطابات الدواوين إلى الناس كلها احتقار و استصغار لأنها تخاطب المصريين الفلاحين , عنيفة الأسلوب حتى يشعروا بهيبة الحكومة التركية السنية و حكامها التراكوة .
- بركة : ممكن تدينا مثال ؟
- أنا : الأمثلة كثيرة جدا . أذكر مثلا أن مصلحة السكة الحديد كلفتنا مرة بإعداد نموذج خطاب يرسل إلى سائقى القطارات الذين يبلغون سن المعاش , و لما كان كل سائقى القطارات من المصريين الفلاحين , فقد وضعت ذلك فى اعتبارى و أنا أضع صيغة الخطاب , ثم عرضته على ممبار باشا , فراح يقرؤه فى سعادة شديدة و هو يبرم شواربه :
"فلان الفلانى :
تخطرك الحكومة السنية بأنك مرفوت من الميرى رفتا نهائيا ابتداء من شهر كذا لبلوغك سن المعاش .. و نحيطك علما بأنه إذا كان فى عهدتك أى بابورات أو أى مال ميرى , فيتواجب التنبيه على نفسك بأن تسلمه فورا , فإذا لم تتنبه إلى هذا التنبيه فى ظرف يوم من تاريخه بسبب أنك مغفل أو حمار أو بغل , تضرب مائة كرباج و ترسل إلى جبل فيظ أوغلى" .
و عندما انتهى ممبار باشا من قراءة هذه الصيغة أضاف جنابه هذه الملحوظة الرائعة التى لا أعرف كيف فاتتنى :
"على البوسطجى الخرسيس النرسيس الذى يسلم هذا إلى المذكور أن يصطحب معه اثنين من رجال السلطة ليضربوا المذكور عشرة كرابيج حتى يتنبه المذكور إلى ما فى هذا الخطاب من تنبيهات صادرة من الحكومة السنية . فإذا قاوم المذكور رجال السلطة , يرسل إلى جبل فيظ أوغلى مدى الحياة" .
لا أعرف لماذا كان الناس فى الاستديو يضحكون و أنا أقول هذا الكلام .. قلة حيا .. انسحبت غاضبا بين صفير الحاضرين و ضحكاتهم .
الأحد :
جلست اليوم أكتب خطابا لزوجتى جلفدان التى سافرت إلى الاسكندرية لتكون إلى جوار ابنتى جلبهار و هى تضع مولودها .
مزقت الخطاب عشرين مرة , فإنى لم أستطع أن أتخلص من أسلوب الدواوين فى مخاطبة الناس . و بعد محاولات عديدة , وفقت فى النهاية إلى هذا الخطاب المهذب الرقيق :
"جلفدان ..
ياولية وحشتينى الله يخرب بيتك يا شيخة و لو ان البعد عنك غنيمة . كيف حال بنتنا الزفتة جلبهار ؟ و ما أخبار المدعوق مولودها جنكيز جتكو الهم منك لها له ..
أحيطك علما يا ولية بأنك سيئة الأدب , عديمة التربية لأنك أهملت الرد على خطابى فى 2/2 , و هذه مخالفة جسيمة أحملك مسئوليتها , و أنذرك يا حمارة بأنه إذا تكرر منك ذلك تعرضت للعقوبات المنصوص عليها فى المواد 25 و 26 و 27 من قانون الأحوال الشخصية و هى الطلاق فورا بلا نفقة و لا مؤخر صداق مع حرمانك من العفش و الأولاد .
و الآن غورى الله لا يرجعك و السلام .
ماضى الأرناؤوطى
"
الثلاثاء :
زرت صديقى العزيز حشمت بيه الأنكشارى مدير شركة أوتوماتيك لبيع الأجهزة الكهربائية . و بينما نحن ندردش حدثت مصيبة كبيرة .. إذ دخل علينا ولد هلفوت من شبان اليوم يعمل مديرا لإدارة المبيعات بالشركة , قيل أنه درس فى الخارج و الله أعلم , فإن ما أتاه من حماقة اليوم تدل على جهله الثقيل , إذ قدم أوراقا إلى الأنكشارى بيه , وما أن قرأها حتى هاج هياجا شديدا و هو يلعن سنسفيل جدود الولد مدير المبيعات , و عندما استفسرت من الأنكشارى بيه عن الموضوع , وجدت نفسى فى حالة غضب هائل : فضربت الولد قلمين و طردته من المكتب , لاعنا الزمن النكد الذى جعلنا نرى هذه الأشكال النكد . فقد جاء ذلك الولد الأرعن ببدعة لها العجب و البدعة هى عدة نماذج مختلفة لخطابات كتبها لإرسالها إلى العملاء الذين تأخروا فى دفع الأقساط مدعيا أن أسلوب هذه الخطابات هو أحدث ما وصل إليه فن التعامل مع الناس .
و يقول نموذج من النماذج التى كتبها الجاهل باسمه لا باسم الشركة كمان :
"السيد المحترم فلان الفلانى :
تحية رقيقة
ترددت كثيرا فى الكتابة إليك , غير أننى أنتهز هذه الفرصة الطيبة لأهديك تحياتى , و أذكرك بأن القسط المستحق عن شهر كذا لم يسدد بعد . و لا بد أنكم كنتم فى رحلة أو مهمة خارج المدينة عاقتك عن القيام بذلك .
و إلى أن نلتقى فى القريب لك منى أطيب التمنيات .
المخلص (إمضاء)
"
عدنا نقرأ بقية تلك النماذج الحقيرة و نحن نضرب كفا بكف على الزمن النكد جلاب تلك البدع . ثم رجانى الأنكشارى بيه أن أكتب نموذج خطاب بما فى من خبرة و فن فى هذا الميدان فكتبت له هذا النموذج الرائع :
"فلان الفلانى
نخطرك أيها المذكور أعلاه بأنك حرامى و نصاب و لا تستحق معاملتنا الكريمة عندما بعنا لك (كذا) بالتقسيط , و نحيطك علما يا غشاش بأن حسابك المدين قد بلغ (كذا) جنيها . و لما كنت بلطجيا و حقيرا مكانك اللومان , و لما كنت ضلاليا تأكل مال النبى كما تبين من سلوكك معنا , فإننا ننذرك يا خنزير بأننا سنتخذ ضدك الأجراءات القانونية فى ظرف ساعة من وصول هذا الخطاب إليك .
و تشرف بقبول هذه : سفوخس
المدير العام (إمضاء)
"
هنأنى حشمت بيه الأنكشارى على هذا النموذج الرائع و استدعى سكرتيره ليرسله إلى المطبعة فورا تمهيدا لإرساله إلى الزبائن الحرامية . ثم جلسنا نتحدث فى أسف و حسرة على مثل هذه الخطابات التى ترسلها الشركات إلى عملائها , وكيف أن هذه الخطابات ليس فيها من قلة الذوق و الجليطة ما يكفى لإهانة الثانى إهانة بالغة .
السبت :
التقيت بصديقى القديم كاظم بيه الكوارعى الذى كان يعمل معى فى ديوان المكاتيب الحكومية السنية .. و بينما نحن نتذكر أيام زمان سألنى الكوارعى بيه :
- موش انت يا ماضى اللى اخترعت كلمة (المذكور) فى خطابات الدواوين ؟
- أيوه ..
- طب ليه يا راجل مانضمتش لجمعية المؤلفين و الملحنين و تأخذ حق أداء على الكلمة الخالدة دى ؟
- و الله فكرة .
- دى بتنكتب للناس مليون مرة فى اليوم .. فلما يطلع لك ربع مليم حق أداء علنى تخرج لك يوميا بحسبة 250 ألف جنيه ..
أسرعت إلى جمعية المؤلفين و الملحنين و قدمت طلبا بالانضمام إليها .
الاثنين :
مفلس جدا ..
أرسلت مع خادمى هذا الخطاب إلى جارى :
"جارى المذكور ..
أنبهك إلى أننا فى آخر الشهر , و أحيطك علما بأننى فى حاجة إلى خمسة جنيهات مصرية فقط لا غير , و لما كان للجار حقوق على جاره فإننى أنذرك بعدم الإخلال بهذه الحقوق .. و مع تحملك المسئولية الكاملة إذا دفعتك سفالتك و نذالتك إلى الإخلال بهذه الحقوق . و لهذا فآمركم بالمبادرة إلى تسليم المبلغ فى موعده فورا و إلا فسنتخذ الإجراءات الرادعة لأمثالكم من السفلة و الأنذال" ..
طرد جارى الخادم . نذل صحيح . هل هذا هو جزاء اللهجة المهذبة التى خاطبته بها ؟
الأربعاء :
أنا فى منتهى السعادة . فإن آثارنا تدل علينا , اصطلاحاتنا التركية مازالت تطل برأسها فى المكاتبات . فقد وقع فى يدى اليوم خطاب موجه إلى سائق قطار خالف اللائحة التى تنص على وجوب "عدم إهانة القطار" كتب فيه :
"السائق فلان الفلانى ..
نخطرك بأنه قد تقرر خصم يومين من مرتبك و ذلك لثبوت تعمد إهانة القطار بالوصول به مبكرا عن موعده إلى محطة الوصول مما أجهد ماكينة القطار و سبب لها النهجان الشديد . و ننبهك إلى أن اللائحة تحترم كل قطار كريم . و نحذرك من تكرار هذه الإهانة مرة أخرى و إلا اضطررنا إلى إهانتك أنت إهانة شديدة بخصم نصف شهر من مرتبك مع توجيه إنذار بالرفت النهائى إذا تكررت منك أى إهانة للقطار الكريم ابن الأصول و الحسب و النسب" .
صحيح أن الخطاب تنقصه بعض الشتائم للسائق و لكننى سعيد على أى حال لأننى أنا - ماضى الأرناؤوطى - مخترع تعبير "إهانة القطار المنصوص عليها فى اللائحة" .
السبت :
اليوم عيد ميلاد زوجتى الستون .
اشتريت لها هدية صغيرة مع خطاب رقيق قلت فيه :
"يا ولية يا جلفدان .
نخطرك بأنك قد بلغت السن القانونية للإحالة على المعاش , و لهذا نحيطك علما بأنك مرفوتة من البيت رفتا نهائيا يا عجوزة يا مقرفة و أنذرك بأنه إذا كان لديك أى عهدة فيتواجب عليك تسليمها فورا و كل سنة و انت طيبة" .
الأحد :
الأنكشارى بيه ال*** قررت مقاطعته و أنا فى منتهى الغضب و الثورة , إذ أرسل المذكور لى خطابا لأننى لم أدفع قسط المروحة يقول لى فيه أننى حرامى و نصاب و ضلالى باكل مال النبى و أنهى خطابه قائلا : اسفوخس !!!
|
|
|