عرض مشاركة واحدة
قديم 24-07-2011, 02:20 AM   #6

ahmedmazin
عضو مميز



الصورة الرمزية ahmedmazin


• الانـتـسـاب » Sep 2008
• رقـم العـضـويـة » 34437
• المشـــاركـات » 941
• الـدولـة » ™فـي حـب رسـول لله ™
• الـهـوايـة » مــيـن بـقي
• اسـم الـسـيـرفـر » Private Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 10
ahmedmazin صـاعـد

ahmedmazin غير متواجد حالياً



افتراضي





نــكــمــل شـــويــه كــمــان


أحمد الزين

(1899م ـ 1947م)

لقد قسى عليه الدهر فحرمه نعمة النظر، فكان مكفوف البصر، صهرت الآلام عبقريته، فكان احد اعلام الشعر في هذا العصر، لقد تعذر علينا معرفة تاريخ ولادته وأصل اسرته، واستقصينا اخبار هذا الشاعر الكبير حتى تجمعت لدينا بعض المعلومات عن آثاره ومآثره، وقد توفي في العقد الخامس من عمره فيكون من مواليد عام 1899م على وجه التقدير.

تلقى علومه في الازهر وحصل على شهادته العالية 1925 م، وكان وهو طالب يتردد على الجامعة المصرية القديمة لسماع محاضراتها الأدبية، وفي سنة 1926م عين مصححاً بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، وظل بها حتى نقل إلى المراقبة العامة للثقافة بوزارة المعارف.

كان المترجم العبقري موظفاً باليومية في دار الكتب المصرية، لا تحسب في أجره الضئيل أيام الاثنين العطلة الاسبوعية في دار الكتب والاجازات والاعياد، وظل مرتبه اليومي يزداد قرشاً طيلة مدة خدمته حتى وصل إلى ثلاثة واربعين قرشاً، يعطي منها ثمانية قروش لكاتبه الذي كان يلازمه للاستعانة في عمله بحكم حالته، وجاء اخيراً ملاك العمال فقفزت به أحكامه إلى الدرجة السادسة، وقد عدّ من العمال لانه يعمل باليومية مثلهم.


عاش هذا الشاعر العصامي الجبار صابراً على هذا الحال متجملاً بالتعفف، منطوياً على عزة نفسه يروح ويغدو وفي وجهه ماء الكرامة والكبرياء، وكان إلى عظم منزلته الأدبية كبير النفس، فلم يكن ليصغرها بطلب شيء لذاته، وربما رجا لغيره، ومن هنا ظل شعره بعيداً عن ان يكون سبباً من اسباب الحاجات، وظل مع ذلك يصدح على أيكة الشعر ويخرج الأدب المصفى في بلد يحترق فيه كرام الأدباء وينال خطوة اوليائه الهتافون ومن اليهم من سائر الوصوليين حتى داهمه المرض وقد طال به أمده، واختلف الاطباء في تعليل مرضه حتى نقد القليل الذي ادخره من اجرة تصحيح الكتب التي اشترك فيها خارج عمله الحكومي، ونفدت أثمان حلي الزوجة ثم قضى المترجم وخلف ثروة ادبية لا نفع فيها لليتيم الذي تركه في نحو العاشرة من عمره.


لقد كان المترجم شاعراً عبقرياً من شعراء العربية المبرزين في هذا العصر، قرأ له الناس قصائد ممتعة في الاهرام والرسالة والثقافة، وقد طبع في مستهل حياته الأدبية ديواناً سماه (قلائد الحكمة) أكثره أراجيز تدل على بدء معالجته للقريض كما يدل ذلك على تخميسه لقصيدة أمرىء القيس (قفا نبك)، وكان قد جمع شعره في ديوان مخطوط وأزمع إن يطبعه في الفرصة المواتية، ولكن شغلته متاعب العيش والمرض، ثم عاجلته المنية دون أن يحقق أمنيته.


كان يستمد شعره من نبع فياض هو نفسه الشاعرة، وكان يجل فنه ويقدسه، فلم يقصد به إلى منفعة ولم يتوسل به إلى كسب، وكان يقول الشعر يصور به نفسه ويعبر عن مشاعره، فقال كثيراً في الغزل العاطفي الرقيق، ولم يكن من المقلدين في الشعر والمزيفين للشعور، بل كان صادق الفن يصدر عن ذات نفسه ويعبر عن خالص وجدانه، وكان مرهف الحس دقيق الشعور واضح المعاني، يؤدي كل ذلك في ديباجة مشرقة وألفاظ عذبة، لا تجد له لفظاً مستكرهاً ومعنى ملتوياً، وكان يعني بالتوقيع الموسيقي في شعره، وأطلق عليه لقب (الراوية) لكثرة ما كان يحفظه ويرويه من أشعار العرب وأخبارهم.


كان له جهد جليل في تحقيق الآثار الأدبية وتصحيحها وإخراجها، وكان يعمل في ذلك بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، وقد أخرج ستة أجزاء من (نهاية الارب) واخرج الجزء الأول من أشعار الهزليين، وكان يعمل في الثاني، واشترك مع الأستاذ أحمد أمين في إخراج كتاب (الامتاع والمؤانسة)، ومعه ومع الأستاذ إبراهيم الايباري في إخراج أربعة أجزاء من كتاب العقد الفريد، واشترك الثلاثة في إخراج ديوان حافظ بتكليف من وزارة المعارف، وأخرج ديوان إسماعيل صبري وقدمه بدراسة قيمة، ولعل آخر مطولاته القصيدة التي قالها في ذكر احمد تيمور باشا سنة 1945م.


لقد استأثرت به المنية بعد مرض طويل، وكانت وفاته يوم الأربعاء الخامس من شهر تشرين الثاني سنة 1947 م.




أكرم زعيتر





ولد أكرم زعيتر في مدينة نابلس عام 1909، والده الشيخ عمر الجزائري من كبار رجالات نابلس، وترأس بلديتها في أوائل القرن العشرين. أخوه العلامة عادل زعيتر شيخ المترجمين العرب.



درس أكرم زعيتر الصفوف الابتدائية في مدينة نابلس، وأكمل دراسته الثانوية في كلية النجاح ثم انتسب إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، والتحق بعدها بكلية الحقوق في القدس.



زاول زعيتر في بداية حياته مهنة التعليم في ثانويات فلسطين، وعلى اثر الثورة عام 1929 في فلسطين وحملة المندوب البريطاني على الثوار العرب استقال من مهنة التدريس ليتفرغ للعمل في الحقل الوطني، فتولى رئاسة تحرير جريدة (مرآة الشرق) في القدس، وبعد ثلاثة أشهر من عمله في الصحافة قبض عليه وأودع السجن نتيجة لانخراطه في العمل الوطني، وحوكم بالإبعاد مدة سنة إلى نابلس، وهناك قاد المظاهرات الوطنية خاصة يوم إعدام الشهداء الثلاثة: فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير، ولدى عودته إلى القدس مرة أخرى تولى تحرير جريدة الحياة التي قامت بدور هام في تحريك أحداث عام 1931، لكن جرى اعتقال زعيتر وأُغلقت جريدة الحياة، وتم إبعاده مرة أخرى إلى مدينة نابلس حيث تولى التدريس في كلية النجاح، وألف مع نخبة من الأحرار جمعية (العناية بالمساجين العرب). وفي تلك الفترة أسس مع عدد من رفاقه حزب (الاستقلال) في فلسطين. وكان ينشر مقالاته الوطنية على صفحات جريدة (الدفاع) و(الجامعة الإسلامية) اليافية.



كما اشترك أكرم في تأسيس عصبة العمل القومي في سوريا، وكان نائباً لرئيس مؤتمرها التأسيسي الذي انعقد في لبنان عام 1933، وحينما توفي الملك فيصل الأول في بغداد، مثل أكرم حزب الاستقلال في مراسم جنازته، فالتقاه ياسين الهاشمي وطلب منه البقاء للعمل في معاهد العراق موجهاً قومياً، وهناك ساهم بتأسيس (نادي المثنى) و(الجوال القومي).



بعد عودته إلى فلسطين شرع في عقد الاجتماعات الشعبية في جميع أنحاء فلسطين داعياً للمقاومة ولمجابهة الانتداب البريطاني. وعلى أثر الصدام الذي وقع عام 1936 بين الوطنيين الفلسطينيين وقوات الأمن البريطاني دعا أكرم زعيتر إلى تأليف لجان قومية، وتولى هو أمانة سر لجنة نابلس.



تولت لجنة نابلس الاتصال بأحرار فلسطين والعرب ودعت إلى الاضراب العام الكبير الذي امتد ستة أشهر، والذي كان الممهد لثورة عام 1936، فاعتقل أكرم وكان أول معتقل في هذه الثورة، حيث أُرسل إلى سجن عوجا الحفير في صرفند، وبعد فترة لجأ إلى دمشق حيث حضر مؤتمر بلودان، وتولى العمل الإعلامي للقضية الفلسطينية في سورية والدول المجاورة.



وبعد مطاردة قوات الانتداب للأحرار العرب، اتجه أكرم إلى العراق حيث عمل مفتشاً في وزارة المعارف وأستاذاً في دار المعلمين العراقية إلى أن نشبت ثورة رشيد رضا الكيلاني عام 1941 فشارك فيها، وحين أخفقت الثورة لجأ أكرم وصحبه إلى بادية الشام واختفوا مدة فيها، ثم لجأ إلى حلب ومنها إلى تركيا ليقضى ثلاثة أعوام لاجئاً سياسياً في الأناضول.



بعد إعلان استقلال سوريا عام 1945 عاد أكرم إليها، وأصبح مقرباً من رئيسها شكري القوتلي، كما مثل سوريا في كثير ممن النشاطات القومية، وكان مستشاراً لوفدها لدى جامعة الدول العربية، وعضواً في لجنة فلسطين الدائمة في الجامعة العربية.



في عام 1947 ترأس وفداً عربياً إلى أمريكا اللاتينية لشرح قضية فلسطين والدفاع عنها، واشترك في معظم المؤتمرات الوطنية والإسلامية المنعقدة في الشرق العربي، ثم تولى أمانة سر الندوة الإسلامية في دوراتها الثلاث المنعقدة في بيت المقدس عام 1959، ومثل الأردن في الدورة السادسة عشر للأمم المتحدة، وفي عام 1963 عُين سفيراً للأردن لدى سورية حيث أمضى قرابة العام ثم سفيراً للأردن لدى إيران وأفغانستان، وفي عام 1966 عُين وزيراً للخارجية الأردنية، وفي عام 1967 أصبح عضواً في مجلس الأعيان الأردني، ثم وزيراً للبلاط الملكي.



وفي عام 1971 أصبح سفيراً للأردن لدى لبنان واليونان حتى عام 1975، ثم عاد ثانية إلى عضوية مجلس الأعيان الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر.



أثناء إقامة أكرم زعيتر في لبنان في الثمانينات ساهم بنشاط في الحركة الثقافية، وكان رئيساً للمركز الثقافي الإسلامي لسنوات طويلة، كما شارك الشعب اللبناني آلامهم ومعاناتهم أثناء الحصار الإسرائيلي لبيروت عام 1982، فقد أصيب منزله كما احترقت مكتبته التي تضم رسائل من كبار الشعراء والأدباء العرب في الوطن والمهجر، فسبب ذلك له حزناً عميقاً، فغادر بيروت إلى عمان، حيث تولى رئاسة اللجنة الملكية لشؤون القدس.



كان زعيتر عضواً في مجمع اللغة العربية الأردني، وعضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق، كما كان عضواً في المجمع الملكي لبحوث الحضارات الإسلامية في مؤسسة آل البيت.



كان أكرم زعيتر خطيباً مفوهاً تأثر أدبه بالجاحظ وأبي حيان التوحيدي وابن حزم، كما تتلمذ على شقيقه عادل زعيتر، ومحمد إسعاف النشاشيبي وأمير البيان شكيب أرسلان، وخليل السكاكيني الذي ارتبط به أكرم بوثاق شديد، وظل طوال عمره يباهي بتلمذته على هذا الأديب الكبير، وبلغ من تأثره بعلمه وشخصه أن أطلق اسم (سري) على بكر أبنائه تشبهاً بأستاذه السكاكيني أبي سري.



توفي أكرم زعيتر بمنزله في عمان إثر إصابته بسكتة قلبية يوم الخميس الموافق الحادي عشر من نيسان سنة 1996، فصلي على جثمانه في مسجد مدينة الحسين الطبية، ووري الثرى في المقبرة الإسلامية في سحاب بالقرب من عمان.



احتلت مؤلفات زعيتر مكانة مرموقة في المكتبة العربية، وقد انفرد بتسجيل أدق تفاصيل الكفاح الفلسطيني لحظة حدوثها بأمانة وموضوعية، ومن أهم المؤلفات:

q ـ أوراق أكرم زعيتر، وثائق القضية الفلسطينية (1918 ـ 1940).

q ـ يوميات الثورة الكبرى والإضراب العظيم (1936 ـ 1939)

q ـ وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية (1918 ـ 1939).

q ـ يوميات أكرم زعيتر، وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية (1935 ـ 1939).

q ـ من أجل أمتي، من مذكرات أكرم زعيتر (1939 ـ 1946).

q ـ كتاب (بدوي الجبل وإخاء أربعين عاماً).

q ـ كتاب (رسالة في الاتحاد) بالاشتراك مع الأستاذين ساطع الحصري وكامل مروة.


أحمد ذكي



"الحزن ما بقلهوش دلال يا جدع"

حين رحل حامل أختام الحزن الأبدي

المستقبل - الاحد 3 نيسان 2005 - العدد 1879 - نوافذ

أبانا الذي رحل.. هل تسمح لابن شرعي أن يكتب لك لأول مرة؟ من هنا حيث وقفت لأراك تطل علينا ممدداً ملفوفاً بالعلم ومحاطاً في حراسة آلاف من الجنود السود، يخافون عليك من حزننا، من لهفة الدموع، يستكثرون علينا الحزن بعد أن رحلت يا حامل أختام الحزن الأبدي. أبانا الشرعي في المخيلة.. حبيب نسائنا ومشاركنا أرق الليالي، يا صاحب الصورة التي ما باتت حلوة، بعد أن ختمت علينا باليتم. ها هنا نشير إليك لنقول: راح صاحبنا. نحن ورثتك الشرعيون، لم نملك أبوة خيال الحكايات كي نعشق ناصر أو سعد زغلول أو المليجي، لكننا بقروش طفولتنا البكر تحلقنا خلف بوستر "الباطنية"، وبايعناك أباً روحياً، أباً للصورة وليس الحكاية. كنت إذا ما فرغتْ طاقات الدمع بعد أن أودعك يا أبت، أذهب جارياً إلى مرآة غرفتي كالمجذوب، ألاحظ وجه التشابه: ربما درجة اللون أغمق، ربما إطلالة العين أكثر جاذبية، وأخيراً اتكاء المرفق. كنت إليك وبك استعيد الثقة في جلدي الأسمر، وشعري الكث، وشفاهي الغليظة، وميلي المراهق للنحافة، فمن كان على صورة أبيه فلا خوف عليه ولا حزن.

ما بال الحزن وقد علمتنا أن ننساه، لكنك تركت لنا في اطّراح المراهقة كل الحزن، يا "منتصر" أبانا الصعيدي في "الهروب"، ها هي أمك تناديك الآن لتعود هائماً في الأعلى كما الجوارح. ها هي "سعاد"، إذ ترق إلى جانبك بعد أن انتظرت في "موعد على العشاء" ولم تعد. تودعك الآن ألف "سعاد" في الحياة، لتعود كي تصفف شعرها وتطبع قبلة. يا بريء الطلة هل علموك في أبجدية القرية أن عزف الناي في برج حراستك كاف لقتل أعداء الوطن؟ أم أنهم منعوك عن حبها فوق هضبة الهرم وقتلوا فينا المحبة إلى الأبد.

يا أبانا.. حين أعترف لك بأن قصة كابوريا لم تناسبني، لأن وجهي ليس في استطالتك، هل تغضب، فتخلع ساعتك وتضربني يا رجلنا المهم؟ عما كنت تبحث بأصابعك في المرآة وأنت تصفف شاربك، بينما "ميرفت" متروكة لحزن أحلامها في عبد الحليم وعلبة السجائر؟ هل تسمح لشبحك ألا يطاردني على الـ after 8، عندما جلست لتنتحر بعد أن منعوك "الكرنك"؟ هل كنت تحلم بتقبيل سعاد؟ لا تحزن فسنقبلها معك في ألف لقاء قادم وسترتعش يدنا عند اللقاء، ونخطئ في إشعال الثقاب كما علمتنا في "النمر". هل يسمح الحب بالمشاركة؟ إن كانت إجابتك يا متولي شفيقة بالنفي، فلماذا أحبّتك وأنت صديقي، كل نسائي بدءاً من رانيا ورنده وحتى زوجتي داليا؟ هل لأني صرت جزءاً منك؟ لا تغضب إذا ما شاركتك القلب والخيال.


أعدك يا أبت حين أنجب بنتاً في جمال "منى"، أن أضرب من تحبه إذا هجرها وألتقط لها صورة حلوة، بينما احتضنها بكل ألم القديسين على العذراء، ولن أتركها يا أبا "أحلام هند وكاميليا" لأدخل السجن بضربة موسى في وجه خائن. هل تعلم أنه بعد أن تفرق أبناؤك تحت عصيان الأمن المركزي، وقفت ووحدي بين الحشد، فجئت أنت تمسح دمعي وتشعل لي سيجارة، ثم تركتني بعد أن ربت على كتفي، آخذاً عزاءك بيدك، ومشيت قبل أن يخرج النفس الأول؟ هل تفعلها مثلما فعلتها من قبل، وتطل عليّ من زنزانة الاعتقال بتي شيرت أبيض وجينز أسود، فنجلس سوياً في ظلام الزنزانة "ونخمس" سيجارة شرك؟ لم استحضر ليلتها جيفارا ولينين بل استحضرتك، وجلست أسأل جندي الحراسة، شوفت "البرئ"، اللي زيك، فقال لي، يا بيه ده كلام سيما بس بنحبه.


يغمض عينيه فيكتب "ما مرت ساعة إلا وحزين"، وأي حزن يا أبا البراءة والغضب والإدانة، حين جئت تحمل عنا وزر هزائم الدولة الراعية، واستسلام الخيار الاستراتيجي، فاندفعت من بين الحشود سائق تاكسي أو فلاح أو مجند أو كوافير أو بواب أو طبال، لتعيد بعينك رسم القهر الذي فينا على الشاشة، بكل الإدانة الممكنة لمن منعوك ومنعونا عن "الخام المقدس"، حين تسربت يا حزين المقاهي والأزقة من خلفية المشهد لتعيد لنا البهاء وتنزعه عن ذوي الخدود المشربة بالحمرة والشعر المسبسب. أنت من هنا وهناك يا بطل المدينة التائهة التي لم يتسع صدرها لبساطتك، فدغدغت بوجهك النيلي مشاعر أولادها التائهين، يا سليل أحلامهم الفقيرة يا ابن موتهم المؤجل وضحكتهم النادرة ودمعتهم المتحجرة وصهدهم الطالع. يا أبا الوجوه المكسوة بحزن شفيف ذات يوم أحد، حين خلا قلب عاصمتك من أبطالك الحرفيين، ولم يبق منهم غير كآبة وزمان راكدين، حين ركد الوقت المأزوم على فتاة فوق كوبري قصر النيل، تقف إلى جانب عمود الإنارة موجهة دموعها لبراح النيل، بينما تحمل صورتك وتقبلها في حجم الكف.. دون شهود وكأن العالم قد نزع منه الشغف بالحياة في الأيام القادمة، وكأنهم في هرولتهم عبر الباصات العمومية في ميدان الجنازة جاءوا ليودعوا فيك كل ما فاتهم من أحزان. هذه المصرية بلباسها البلدي الأسود، بنت حداد السنين، راحت تتسلق عربة فاخرة راكنة في أول الشارع لتولول وتلطم خدودها، كما لو أنها تودع ابنها وأبيها وزوجها في آن واحد. تلك المراهقة المتشحة بالسواد ذات النظارة السميكة، حين فاجأها الإغماء، اقتنصت منك قطعة لتحكي لأبنائها المستقبليين عن تلك الجنازة التي لا تصح إلا للشخص الوحيد الذي يستحق الخروج له تحت قيظ صيف مبكر. ما بال هؤلاء الشباب الذين حملوا أعلام الوطن، كما لو كانوا في استاد كرة القدم، وافترشوها فوق الخضرة اليابسة لحديقة الميدان، مصلّين فوقها خلف أحزمة الأمن المركزي، صلّوا على العلم وكأنك اختصار للوطن الذي كان فمات.
استحلفك يا أبتاه لِمَ يخافون أبناءك ليضربوهم بالهروات. لو كنت تمشي جنازتك كما وعدتنا، لرفعت يدك لتمنع ذلك الضابط عن ضرب الأمهات، وكسرتَ عنقه. ألم تفعلها حين سلمت نفسك في مقابل أمك المكللة بالسواد؟ ألم تفعلها حين قاومت من أعتقلوك فوق هضبة الهرم؟ ألم ترفع صوتك خائراً "يا أولاد الكلاب"، وأنت ترفع رشاش الخدمة لتقتل زبانية التعذيب؟ أين أنت يا بريء لتحمي أهلك من الهراوات؟ كانوا في انتظارك مثلما انتظرتك مرتين أن تتحدث، مرة أمام باب غرفة (315) بفندق هيلتون رمسيس، حيث أقمت، وهالني غضبك، فاعتذرت لي، ومرة حين توقفت لتحدثني بدار الأوبرا، فنظرت في عينيّ ولم أقوَ، لنؤجل ميعاداً آخر بيننا. هل تسمح لي الآن أن أكلمك دون غضب؟ أعلم أن أحداً لن يفك شفرة هذا الخطاب غير أنت يا أبتي الذي "قطع بنا"، اسمح لي أن أسألك سؤالاً أخيراً "وإن سألوك الناس عن ضي جوا عينك ما بيلمعش، قول لهم العيب مش فيا، ده العيب في الحزن". ها هو لا يجيب، وليتألم الناس.


كان ثمة ثلاث كلمات فقط على ألسنة المصريين: "أحمد زكي.. مات". الأغلبية لم تكن بحاجة إلى الدخول على "الانترنت" ولا إلى مطالعة الصحف، أو حتى تشغيل التلفزيون، للتأكد من الخبر. قليلون عرفوا الخبر وتيقنوا منه، وتولوا نقله إلى الآخرين. فالمصريون لم يعنوا في الفترة الأخيرة بمتابعة رجل تسلط عليه الأضواء، مثلما عنوا بأحمد زكي. تبادلوا العبارة ذات الكلمات الثلاث في تمتمة حزينة. كان بعضهم يعزي بعضا، حتى في الباصات الحكومية التي تنقل المواطنين بأسعار زهيدة فيتكدس العشرات منهم في الباص. كان حديثهم عن أحمد زكي الذي رحل. بعضهم انخرط في قراءة الفاتحة له بصورة جماعية، وبعضهم استغرقته شخصية الطبيب فراح يحلل ويفسر رحيله وكأنه كان معه في جناحه بالمستشفى (دار الفؤاد) الذي دخله أحمد لأول مرة مصاباً بالسرطان قبل 14 شهراً.


شعور عميق بالفقد والحزن العميق مع رحيل أحمد زكي صباح الأحد. لم يكن مستغرباً أن يبكوه، ولا أن يتوافد على جنازته التي شقت قلب القاهرة صباح الاثنين الماضي آلاف من جمهوره العادي من كل ربوع مصر، من الاسكندرية إلى أسوان، ليشاركوا في جنازته ويحرصوا على مواراته ثرى مقبرته بالسادس من أكتوبر ـ في جنوب غرب الجيزة ـ ليشيعوه بالدموع والدعوات واستنزال الرحمات!


جدد أحمد زكي الأحزان في قلوب المصريين، الذين يفتحون قلوبهم للحزن ـ مع كل رحيل جليل ـ وكأنهم يفتحونها لأول مرة. فتحوها قديما في جنازة غير مسبوقة ليشيعوا جمال عبد الناصر (1970)، وفتحوها في العام 2001 ليشيعوا سعاد حسني، وفتحوها على مصاريعها لتحضن أحمد زكي وتبقيه في الشرايين والأوردة، فهو واحد منهم جسد آلامهم وأحلامهم واكتست ملامحه بملامحهم في كل أشرطته السينمائية وأعماله المسرحية والتلفزيونية.
والحق أن هذه اللوعة الحارة والدموع التي انهمرت لا تنوي الانقطاع على أحمد زكي، وراءها أحمد ـ المشخصاتي ـ الذي اتحد وشخصيات كثيرة من المصريين، ونبذ الشخصية التقليدية للبطل ـ ابن الطبقة الوسطى ـ فلم يقترب منها إلا قليلاً (وبالطبع نجح في تشخيصها نجاحاً لافتاً)، منحازاً لشخصيات بسيطة أو فقيرة أو مهمشة. لم يكن أحمد زكي ممثلاً مجيداً لأدواره، لأنه لم يكن يمثل. كان يتلبس الأدوار، يناوشها، يعايشها، يدخل في إهابها، حتى يكونها تماماً. هذه ارقى مراتب الممثل، التي جعلت النقاد يطلقون على أحمد (المشخصاتي)، وجعلهم يضعونه في قائمة أهم ممثلي السينما العالمية في القرن العشرين.
نعم شخّص أحمد عشرات الشخصيات الدرامية، وترك للسينما المصرية والعربية قرابة 90 شريطاً سينمائياً، انفرد منها بالبطولة المطلقة في نحو 50 شريطاً من النصف الثاني للسبعينات، وصولاً إلى آخر هذه الأشرطة "حليم" الذي لم تشأ الأقدار أن يستكمله. فلم تكن لأحمد زكي حياة خاصة قدر ما كانت له حياة عامة، التشخيص فيها هو الأساس. لم يكن مضطرا إلى ذلك ولا يلزمه بذلك عمله السينمائي. هو ألزم نفسه بنفسه، وحملها على ذلك. حب التشخيص حول حياته كلها إلى شريط سينمائي امتد 55 عاماً بطول عمره القصير! فعاش حياة مئات البشر في تلك الأشرطة، فكأنه اكتفى بها.. فلم يشأ في تشخيصها في حياته الخاصة، ولم يكن يعبأ بذلك. كان يقول في حواراته الصحافية: "تلك حياتي اخترتها، أحبها، وأنا راض بها"! رضي أحمد ـ إذن ـ بأن يحبس كل مفردات حياته الخاصة في مفردات شخصيات أشرطته، ولم يكن يمل من ترداد مقولة "ستانسلافسكي" صاحب الكتب المسرحية الشهيرة عن إعداد الممثل والتي مفادها "ما يخرج من القلب يصل إلى القلب"، كانت تلك تميمته الفنية، لا يبدّل فيها ولا يزيّف، فالممثل الفاشل عنده (هو الممثل الذي يمثل من خارج الشخصية ويجانب الصدق الفني فيعجبك أداؤه ولا تصدقه ثم تنساه كأن لم يكن..).


في كل حياته ـ بتفاصيلها، وحتى في شهور مرضه الأخيرة ـ كان (المشخصاتي) الذي رضي بنجاحه الخارق في الفن، ولم يكترث في قليل أو كثير بأن ينجح في هذه الأدوار ذاتها في حياته الخاصة بهامشها الضيق جداً!



النادل الأسمر
بدأ أحمد زكي حياته ممثلاً مسرحياً هاوياً، في مسقط رأسه بالزقازيق (حاضرة محافظة الشرقية، الواقعة شرق دلتا النيل)، وظل يبحث عن نقطة نور ينفذ منها إلى الجمهور المحترف في المسرح التجاري أو السينما، ليصبح بدوره ممثلاً محترفاً. نزح إلى القاهرة وظل يكافح إلى أن وصل لمحطته الأولى.. مسرحية كوميدية أخرجها وقام ببطولتها (عبد المنعم مدبولي) العام 1969 بعنوان "هاللو شلبي".


كان دور أحمد زكي صغيراً جداً، مجرد نادل ذي سترة بيضاء و(بابيون) أسود، يظهر على خشبة المسرح لأربع دقائق. كان المطلوب منه أن يقلد صوت وانطباعات محمود المليجي ليقنع مدبولي ـ الذي كان يلعب دور مخرج مسرحي أيضا في هذا العرض ـ بموهبته. وبعد أن أدى أحمد "نمرة التقليد" فوجئ بتصفيق حار من الجمهور ومن مدبولي نفسه. كل مَنْ كانوا هناك وجدوا أمامهم شاباً أسمر لا يعرفون اسمه، يرونه لأول مرة.. ولم يكن ثمة فارق على الإطلاق بينه وبين المليجي، الصوت.. انطباعات الوجه.. الحركة على المسرح.


انطلق أحمد من هذه "اللعبة الصغيرة" على المسرح إلى لعبة أكبر. الكوميديا أيضاً، في "مدرسة المشاغبين" مع عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي وهادي الجيار (امتد عرضها من 1972 إلى 1974) ثم مع سعيد ويونس في "العيال كبرت" (من 1976 إلى 1978). والحق أن أحمد زكي لم يكن يلعب في الحياة خلال هذه السنوات التسع سوى دور النادل الذي يسعى بكل الطرق إلى إقناع الناس بموهبته، حتى ولو بضحكات قليلة صافية. حتماً لم تكن الأدوار الكوميدية البسيطة التي لعبها أحمد في تلك المسرحيات تشكل حلمه كمشخصاتي، ولكنها شكلت مرحلة من الحلم، المثابرة والنحت بالأظافر في الصخر، وصولا إلى نافذة تقنع الجمهور والنقاد بأن ثمة ممثلاً فريداً في طرازه ينتظر فرصة أكبر!

النجم والوسامة
أثمرت المسرحيات ثمارها اليانعة، طلبت السينما أحمد، ليشكل فيها المعادلة الجديدة.. نجم ليس وسيما ولا أبيض البشرة ولا تعنيه السترات الفاخرة التي يحرص عليها زملاؤه في تلك المرحلة والذين سبقوه بفترة إلى البطولة المطلقة. محمود ياسين وحسين فهمي ونور الشريف، نجم بمواصفات لم تألفها السينما المصرية قط.. لأدوار لم تألفها هذه السينما أيضا، ليعبر أحمد زكي عن جيل السبعينات خير تعبير. هذا الجيل الذي نفض المظهر والشكلانية ليدخل إلى العمق. صحيح أن أحلام هذا الجيل السياسية والاجتماعية تحطمت على صخرة الواقع، لكنه كرَّس مفاهيم جديدة، وسامة الروح لا الوجه ولا الملبس، وإعلاء قيمة الثقافة على أية قيم أخرى، ليصبح أحمد زكي مندوب جيل السبعينات في السينما، ورمزاً لتحوّلات أساسية وقعت في المجتمع، وليتماهى مجدداً بداخل أحمد المشخصاتي والإنسان. فأحمد زكي نبذ الشكليات إلى آخر حياته، وأصر على ما يعجبه لا على ما يعجب الآخرين. حتى إنه لم يبال بالانتقادات التي لاحقته بسبب تلك النظارة السوداء التي كان يحجب بها عينيه. كانوا يقولون له ما حاجتك إليها في الليل؟ ولماذا تحرص على ارتدائها حتى في المناسبات العامة؟ وكان ـ فقط ـ يبتسم غير مبال بأية تبريرات!
في تلك المرحلة أخذت "كاريزما" أحمد زكي في التخلق شيئاً فشيئاً، وهي المرحلة التي أبدع فيها أشرطته "العمر لحظة" ـ عن حرب تشرين أول، أكتوبر 1973 ـ مع ماجدة الصباحي (1975) و"شفيقة ومتولي" عن قصة فولكلورية صعيدية مع سعاد حسني وإخراج علي بدرخان (1977) لتتوالى أشرطته يلعب في كل منها شخصية جديدة.

صحيح أنه لم يكن بطلا مطلقا في تلك المرحلة، لكنه صار علامة معروفة تبشر بانقلاب في مواصفات النجم. وفيما كانت الصحافة المصرية والعربية مغرقة في التعرض لتفاصيل الحياة الخاصة لهذا أو لذاك من النجوم، لم تجد في حياة أحمد زكي الشخصية سوى فنه أيضاً، وشخصيته العزلوية الريفية البسيطة المظهر والجوهر، فكفت عن ملاحقته!

تحوّلات
لأن أحمد زكي ثابر طويلاً لكي يصل إلى البطولة المطلقة؛ فإن شخصيته الأولى الهادئة ذهبت ولم تعد، وعرف بأنه الأكثر عصبية بين نجوم السينما. وصل أحمد إلى البطولة المطلقة في شريط "العولمة 70" مع تيسير فهمي وأحمد بدير والمخرج خيري بشارة (1981)، وكان صبره قد قارب النفاد بعد 13 عاماً من الأدوار المساعدة. في تلك المرحلة أنجز سلسلة أشرطة مع نجوم السبعينات والثمانينات ونجماتها، بدءاً من سعاد حسني التي شاركته بطولة "موعد على العشاء" (1982)، و"الدرجة الثالثة" (1987) وصولاً إلى آخر أشرطتها "الراعي والنساء" (1991)، وصارت تؤكد للصحافة أنها مقتنعة بأن أحمد هو أكبر نجم وقفت أمامه في أشرطتها السينمائية. وبشراكته لسعاد ـ نجمة النجمات ـ صار نجم النجوم، بخاصة بعد مسلسلهما الشهير "هو وهي" (1984)، والذي جعل منهما ثنائياً فنياً شعبياً غير مسبوق!


ومع البطولة المطلقة مع سعاد حسني، جاءته سلسلة من الأشرطة التي سجلت كعلامات فارقة في السينما المصرية مع كل النجمات، فقدم "البريء" مع إلهام شاهين ومحمود عبد العزيز (1985) و"النمر الأسود" مع السورية وفاء سالم في السنة نفسها، و"الراقصة والطبال" مع نبيلة عبيد (1984) و"البداية" مع يسرا (1987) و"الحب فوق هضبة الهرم" (1983) و"أنا لا أكذب ولكني أتجمل" (1981) مع آثار الحكيم، و"ولاد الإيه" مع ميرفت أمين وهالة صدقي (1985).


تغيّر أحمد كثيراً في تلك المرحلة، وبقدر التعقيد الذي صار يحكمه في اختيار أدواره، تكوّنت لديه تركيبة جديدة ليست سهلة. بات على المتعاملين معه في البلاتوه أن يتعاطوا معها، صار مدخنا شرها (يدخن قرابة 80 سيجارة في اليوم)، وعصبيا جدا بإزاء كل ما يظنه خطأ ـ ولو بسيطاً ـ في العمل. كما كان من الصعب جدا مجاراته أمام الكاميرا بحضوره الطاغي وتقمصه الكامل للشخصية، كان يقول "أواجه العمل بأعصاب عارية، كيف أتحمل حدوث خطأ في عملي بينما هذا العمل هو كل حياتي الباقية؟". هكذا كرس أحمد لنفسه المزيد من الخصوصية في شخصيته كمشخصاتي وكإنسان.
أشرطة للتاريخ
في منتصف التسعينيات ظهر شريط جديد لأحمد زكي بعنوان "ناصر 56" جسد فيه دور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خلال تأميمه قناة السويس ووقوع العدوان الثلاثي على مصر (تدور أحداثه كلها بين تموز، وتشرين أول، 1956).

وبرغم أن مؤلف الشريط (محفوظ عبد الرحمن) كان محققاً أميناً لمادة الشريط، إلا أن أحمد لم يكتف بذلك.. ولعب دوره المفضل، المشخصاتي الذي تلبسته كاريزما ناصر، فالتهم 12 مرجعاً عن تاريخه وعددا لا يحصى من القصاصات الصحافية، وجالس ابنه الدكتور خالد عبد الناصر وابنته هدى ليعرف منهما أدق التفاصيل، فضلاً عن نحو 300 صورة فوتوغرافية للزعيم الراحل عكف أحمد على تأملها، ليعرف منها تفاصيل ملابسه وشعره وربطة العنق وانطباعات وجهه، بل انطباعات يديه ! يذكر أحمد زكي عن هذه المرحلة من الإعداد للشريط "اكتشفت أن ناصر كان يضع يديه في جيبي سترته وإذا غضب أو توتر يخرجهما"، هكذا وصل أحمد زكي إلى أدق التفاصيل، وقضى 17 شهراً من حياته الخاصة، في التحضير لعمله الكبير.


وفي العام 2001 خرج أحمد زكي على جمهوره بشريط "أيام السادات" الذي أنفق فيه كل مدخراته، واضطر أيضاً إلى إدخال التليفزيون المصري شريكا له في إنتاجه.. أعد أحمد للشريط نحو عامين، جلس جلسات مطولة مع السيدة جيهان السادات أرملة الرئيس الراحل، ومع أبنائه وبناته، بل استعان بمزينه الخاص محمود لبيب ليصفف له شعره خلال تصوير الشريط، على الطريقة التي كان يصفف بها شعر السادات. ولم يفوت أحمد فرصة وجود محمود لبيب إلى جواره، فأفاد من معلوماته الخاصة حول السادات، بل علم منه كيف تأهب السادات نفسياً لرحلته المفاجئة إلى القدس 1977 وكيف كان السادات في لحظات الفضفضة داخل بيته!


لم يكن أحمد سياسياً؛ ولا كان يحب الحديث المعلن في السياسة، ونفر من ادعاء دور سياسي للفنان إلا عبر أعماله الفنية، وترك لعبة الزعامة السياسية الفنية لآخرين أجادوها. إذا سألته في السياسة كان يقول لك : "أقدمها في أشرطتي نعم، لا شيء ينفصل عن السياسة في حياتنا، حتى الحب سياسة، الفقر والغنى سياسة، رغيف الخبز سياسة.. هذا شيء وأن أنظر في السياسة شيء آخر، الشريط السينمائي وجمهوره أكبر من أي حزب سياسي وأنصاره"! لذلك لم يهتم أحمد إلا بـ"تشخيص" السياسة، رافضاً أن يحترفها في السينما من طريق الخطب والعظات، ورافضا أن يحولها إلى عبارات صحافية رنانة في حواراته ومقابلاته الإعلامية.

الثري والصعلوك

كان أجر أحمد زكي في أشرطته السينمائية مصنفاً ضمن أجور الصف الأول، وصل أجره إلى مليون جنيه (190 ألف دولار) في آخر أشرطته المكتملة "معالي الوزير" (2002) ووصل بصورة استثنائية إلى 5 ملايين جنيه عن شريطه الذي لم يكتمل (حليم).. لكن في السنوات الأخيرة وصل أجر أحمد إلى حد أقل من أجور نجوم الجيل الجديد مثل محمد سعد ـ المعروف بشخصية "اللمبي" ـ (3 ملايين جنيه) أو محمد هنيدي (2 مليون و10 في المئة من الإيرادات). لم يكن ذلك يغضب أحمد زكي.


شخّص أحمد شخصية الثري بل والملياردير في أشرطة كثيرة، لعل أبرزها على الإطلاق "الإمبراطور" (1990) أمام رغدة، والذي لعب فيه دور تاجر مخدرات احتكر جلبها إلى مصر، وقفز في حقبة الانفتاح إلى قمة الثراء مرة واحدة، لكن حلم الثراء لم يغلب أحمد في يوم من الأيام، وفضل عليه أن ينفق من ماله الخاص على الفن، فضلاً عن إنفاقه جزءاً معتبراً من مداخيله على رعاية أهله بالشرقية، ودفع إيجار جناح الفندق الذي أقام فيه 18 عاماً (الجناح رقم 2007 بفندق شيراتون الجزيرة بقلب القاهرة)، مع أنه كان يملك شقة خاصة. قال ذات مرة في حوار للتليفزيون المصري 1993: "أفضل الصعلكة ليس حباً فيها وإنما اضطراراً لها، فأنا أسكن جناحا بفندق لكي لا أشعر بالوحدة، يؤنسني ضجيج البشر في الفندق.. كل ما خرجت به من الفن هذه الشقة التي أتركها لابني الوحيد "هيثم"...".
نجح أحمد في أداء دور الملياردير وأخفق في الاحتفاظ بمليون واحد من أجره في حياته الفنية العريضة، انحاز للفقراء والمهمشين في أشرطته وعاش مثلهم في حياته الخاصة.. كان في نشأته ريفياً فقيراً ويتيماً ومهمشاً، فأفاده ذلك فائدة كبرى في تشخيص هذه النشأة عبر سلسلة طويلة من الأشرطة، مثل "كابوريا" مع رغدة (1991) و"مستر كارتيه" (1992)، و"حسن اللول" مع شيرين رضا (1994) و"البطل"، مع مصطفى قمر ومحمد هنيدي (1995)، و"اضحك.. الصورة تطلع حلوة" مع منى زكي وكريم عبد العزيز (1998). وكان بدأ هذه السلسلة بشريطه "أحلام هند وكاميليا" مع نجلاء فتحي وعايدة رياض (1987)..


في جميع هذه الأشرطة قدم أبطالا يشبهونه في نشأته البعيدة، أناساً يعيشون على الهامش، فقراء، مظلومين، موهوبين.. لم يقدمهم ملائكة، كانوا يخطئون ويصيبون، يقترفون الشرور ويمحونها بالخير.. والحق أن أحمد زكي في جميع أشرطته لم يكن يميل للشخصيات البيضاء، كان يؤدي الأدوار الرمادية وأحياناً السوداء، حيث الثراء الدرامي..

وربما كان تبنيه لهذه الأدوار السبب الأساسي في هذه اللوعة التي شعر بها جمهوره لدى فقده صباح الأحد الماضي.

حليم.. آخر الأحلام
عزم أحمد زكي على أداء شخصية المطرب الراحل عبد الحليم حافظ مبكراً، أي قبل 4 سنوات، وأصر على تشخيصه وهو الذي عايشه منذ سنين بعيدة يحلم بتشخيصه لحليم، مع أنه لم يلتق عبد الحليم سوى مرة واحدة.


كان ذلك في إحدى الليالي الشتوية من عام 1974، كان نجاح مسرحية "مدرسة المشاغبين" يملأ الأسماع، وذهب عبد الحليم إلى المسرح لكي يشاهد هذا العرض منقطع النظير.. بعد العرض صعد إلى المسرح وصافح نجوم المسرحية واحداً واحداً إلا أحمد زكي، تركه ولم يصافحه أو يبادله عبارة واحدة.


بكى أحمد في تلك الليلة بكاء حاراً، وفي اليوم التالي كان حليم يتصل به هاتفيا ليقول له: أنت رائع وعبقري وستكون شيئاً كبيراً في التمثيل، وآسف لأني لم أنتبه جيداً في تلك اللحظة. لولا هذا الاتصال ربما كان أحمد كره حليم طوال العمر، بحساسيته المفرطة.


وفي ليلة تدشين أول يوم للتصوير لفيلم "حليم"، أقامت الشركة التي يملكها عماد الدين أديب حفلاً كبيراً لأحمد حضره كل نجوم الفن في مصر والعالم العربي، وقف أحمد زكي على المسرح ليقول: أنا وحليم واحد، كلانا من الشرقية، كلانا نشأ يتيماً، فقيراً، وحيداً، كلانا حلم بالنجومية، وأصيب بالبلهارسيا "ونزل الترعة"، غير أن القدر جعل حظي أفضل فعولجت وشفيت على عكس حليم.


وعلى الرغم من آلام السرطان الذي كان يأكل صدر أحمد زكي ويتفشّى منه إلى معدته والبنكرياس والكبد، ورغم تداعي مناعته.. إلا أن أحمد تماهى تماما وحليم، وناضل ليصوره شريطا سينمائيا.. بكل طاقته أنجز منه جزءاً (لا يزال محل خلاف إلى الآن، البعض يقول 12 مشهداً و3 أغنيات؛ والشركة المنتجة تقول إنه صور 90 في المئة من دوره..)، وهكذا لازم أحمد زكي ابن بلدته حليم إلى الساعة الحادية عشرة من صبيحة يوم الأحد الماضي حين غيّبه الموت، وليصبح مشهد جنازة أحمد زكي التي انطلقت بعد صلاة ظهر الاثنين من مسجد مصطفى محمود، بالمهندسين، إلى مدفنه الخاص في "السادس من أكتوبر" آخر مشاهد شريط حليم، كما أعلن ذلك منتج الشريط ـ أديب ـ عقب وفاة أحمد بساعتين فقط.. فيما كان "المشخصاتي" يرقد في "ثلاجة المستشفى"!



الشيخ أحمد ياسين




تمتع الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمنزلة روحية وسياسية متميزة في صفوف المقاومة الفلسطينية؛ وهو ما جعل منه واحدا من أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني طوال القرن الماضي.

ولد أحمد إسماعيل ياسين عام 1938 في قرية الجورة، قضاء المجدل جنوبي قطاع غزة، وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الإسرائيلي المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية. ومات والده وعمره لم يتجاوز 5 سنوات.

عايش أحمد ياسين الهزيمة العربية الكبرى المسماة بالنكبة عام 1948، وكان يبلغ من العمر آنذاك 12 عاما، وخرج منها بدرس أثر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد، مؤداه أن الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على الغير، سواء كان هذا الغير الدول العربية المجاورة أو المجتمع الدولي.

التحق أحمد ياسين بمدرسة الجورة الابتدائية وواصل الدراسة بها حتى الصف الخامس، لكن النكبة التي ألمت بفلسطين وشردت أهلها عام 1948 لم تستثنِ هذا الطفل الصغير فقد أجبرته على الهجرة بصحبة أهله إلى غزة، وهناك تغيرت الأحوال وعانت الأسرة شأنها شأن معظم المهاجرين آنذاك- مرارة الفقر والجوع والحرمان، فكان يذهب إلى معسكرات الجيش المصري مع بعض أقرانه لأخذ ما يزيد عن حاجة الجنود ليطعموا به أهليهم وذويهم.

وترك الشيخ ياسين الدراسة لمدة عام (1949-1950) ليعين أسرته المكونة من 7 أفراد عن طريق العمل في أحد مطاعم الفول في غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى



حادثة خطيرة



في السادسة عشرة من عمره تعرض أحمد ياسين لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها منذ ذلك الوقت ، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952، وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أصيب به في تلك الفترة.

وكان الشيخ ياسين يعاني -إضافة إلى الشلل التام- من أمراض عديدة منها فقدان البصر في العين اليمنى بعدما أصيبت بضربة أثناء جولة من التحقيق على يد المخابرات الإسرائيلية فترة سجنه، وضعف شديد في قدرة إبصار العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن وحساسية في الرئتين وبعض الأمراض والالتهابات المعوية الأخرى.

أنهى أحمد ياسين دراسته الثانوية في العام الدراسي 57/1958 وعمل مدرساً، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.

شارك أحمد ياسين وهو في العشرين من عمره في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة، حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة، مؤكدا ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم.

سطوع نجمه


كانت مواهب أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965 اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية التي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954.

وظل ياسين حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر، ثم أُفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان.

وقد تركت فترة الاعتقال في نفس ياسين آثارا مهمة لخصها بقوله: "إنها عمقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت (فترة الاعتقال) أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية".

بعد هزيمة 1967 التي احتلت فيها إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباسي الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل، وفي الوقت نفسه نشط في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل بعد ذلك رئيسا للمجمع الإسلامي في غزة.

وكان الشيخ أحمد ياسين يعتنق أفكار جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر على يد الإمام حسن البنا عام 1928، والتي تدعو إلى فهم الإسلام فهما صحيحا، والشمول في تطبيقه في شتى مناحي الحياة.

وقد أزعج النشاط الدعوي للشيخ أحمد ياسين السلطات الإسرائيلية فاعتقلته مرة ثانية عام 1982، ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، وأصدرت عليه حكما بالسجن 13 عاما، لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985 في إطار عملية لتبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة".

اتفق الشيخ أحمد ياسين عام 1987 مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين، أطلقوا عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية" المعروفة اختصارا باسم "حماس".

وكان للشيخ ياسين دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك، والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد.

مع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في أغسطس 1988 بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان.

وعندما ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 18-5-1989 باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس.

وفي 16-10-1991 أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكما بسجنه مدى الحياة، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.

حاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- الإفراج عن الشيخ ياسين وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فقامت بخطف جندي إسرائيلي قرب القدس يوم 13-12-1992، وعرضت على إسرائيل مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي؛ وهو ما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة الإسرائيلية المهاجمة ومقتل قائد مجموعة الفدائيين.

وفي عملية تبادل أخرى في أول أكتوبر عام 1997 جرت بين الأردن وإسرائيل في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لإسرائيل مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين.

مواقف مرنة
وعاد الشيخ ياسين إلى قطاع غزة متبنياً مواقف مرنة تجاه السلطة الفلسطينية، وقد حظي مرارا باحترام رئيس السلطة الفلسطينية وكبار القادة؛ حيث كان دائما من المنادين بالوحدة الوطنية وتحسين العلاقات مع السلطة، ومع ذلك فإنه رفض بشدة مشاركة حركته في الحكومة الفلسطينية التي تشكلت تحت غطاء أوسلو.

وفي أعقاب إحدى عمليات التفجير القوية التي نفذتها حركة حماس في قطاع غزة في شهر أكتوبر 1998، فرضت السلطة الفلسطينية الإقامة الجبرية على الشيخ أحمد ياسين، وهو القرار الذي عارضه الكثير من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني أنفسهم إلى جانب الشارع الفلسطيني العام.

وفي شهر مايو عام 1998 قام الشيخ أحمد ياسين بحملة علاقات عامة واسعة لحماس في الخارج؛ حيث قام بجولة واسعة في العديد من الدول العربية والإسلامية ومنها إيران، نجح خلالها في جمع مساعدات معنوية مادية كبيرة للحركة؛ حيث قدرات المساعدات آنذاك بنحو 50 مليون دولار.

وقد أثارت هذه الجولة إسرائيل آنذاك حيث قامت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية باتخاذ سلسلة قرارات تجاه ما وصفته "بحملة التحريض ضد إسرائيل في الخارج"، التي قام بها الشيخ أحمد ياسين.

وقالت إسرائيل آنذاك أن الأموال التي جمعها الشيخ ياسين ستخصص للإنفاق على نشاطات وعمليات الجناح العسكري "كتائب القسام" وليس على نشاطات حركة حماس الاجتماعية في الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع، التي تشمل روضات للأطفال ومراكز طبية ومؤسسات إغاثة خيرية وأخرى تعليمية.

وقد سارعت إسرائيل إلى رفع شكوى إلى الولايات المتحدة للضغط على الدول العربية بالامتناع عن تقديم المساعدة للحركة، وطالبت شخصيات إسرائيلية آنذاك بمنع الشيخ ياسين من العودة إلى قطاع غزة، ولكنه عاد بعد ذلك بترتيب مع السلطة الفلسطينية.

وقد أكد الشيخ ياسين مرارا طوال هذه السنوات بأن الدولة الفلسطينية في فلسطين قائمة لا محالة، وأن تحرير فلسطين قادم، وذلك عبر برنامج الجهاد الذي تتبناه الحركة بشكل إستراتيجي.

وتعرض الشيخ أحمد ياسين في 6-9-2003 لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين قصفت مروحيات إسرائيلية شقة في غزة كان يوجد بها الشيخ وكان يرافقه إسماعيل هنية. ولم تكن إصاباته بجروح طفيفة في ذراعه اليمنى بالقاتلة.

وأخيراً أقدمت إسرائيل اليوم الإثنين 22-3-2004 على اغتيال الشيخ ياسين حيث قصفت طائرات إسرائيلية الشيخ وهو عائد من صلاة الفجر من المسجد القريب من منزله، فيما يهدد بتفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.




الإمام أبو الأعلى المودودي
{1903م/1979م}




يعد أبو الأعلى المودودي نموذجًا فريدًا للداعية الإسلامي المجتهد الذي أوقف حياته على الدعوة إلى الإسلام، وجعل رسالته في الحياة إعلاءَ كلمة الحق، والتمكين للإسلام في قلوب أتباعه قبل ربوعه وأوطانه. وكان لإخلاصه في دعوته واجتهاده في رسالته أكبر الأثر في التفاف الكثيرين حوله، وانضوائهم تحت لواء فكره الذي تخطى حدود القومية ونطاق المكان، ليصبح راعية عالميًا للإسلام في كل مكان، بل إن أعماله ومؤلفاته قد انطلقت لتتخطى حدود المكان وتتجاوز إسار اللغة، فترجمت إلى معظم لغات العالم، لتظل ينبوعًا متجددًا لعطائه الفكري والدعوي الذي تجاوز مرحلة الدعوة باللسان والتنظير الفكري إلى مجال التطبيق العملي للتشريع الإسلامي حكمًا وقيادة ومعاملات.
أسرته ونشأته
ينتمي أبو الأعلى المودودي إلى أسرة تمتد جذورها إلى شبه جزيرة العرب، فقد هاجرت أسرته منذ أكثر من ألف عام إلى جشت بالقرب من مدينة هراة، ثم رحل جده الأكبر "ضواجه مودود" إلى الهند في أواخر القرن التاسع الهجري.

وكان أبوه سيد أحمد حسن مودود الذي ولد في دهلي بالهند سنة (1266 هـ = 1850م) واحدًا من طلاب جامعة عليكرة، وقد عمل مدرسًا، ثم عمل بالمحاماة، وفي (3 من رجب 1321 هـ = 25 من سبتمبر 1903م) رزق بابنه "أبو الأعلى المودودي"، وبعد ذلك بنحو عام اعتزل الأب الناس، ومال إلى الزهد، فنشأ أبو الأعلى في ذلك الجو الصوفي، وتفتحت عيناه على تلك الحياة التي تفيض بالزهد والورع والتقوى.

وقضى أبو الأعلى طفولته الأولى في مسقط رأسه في مدينة "أورنك آباد الدكن"، بمقاطعة حيدر آباد، وكان أبوه هو معلمه الأول، وقد حرص أبوه على تنشئته تنشئة دينية، واهتم بتلقينه قصص الأنبياء والتاريخ الإسلامي، وكان يصحبه إلى مجالس أصدقائه من رجال الدين والعلماء، فتفتحت ملكاته وظهر نبوغه وذكاؤه منذ حداثة سنه، ونال إعجاب أساتذته منذ سنوات دراسته الأولى.

وحرص أبوه على تعليمه اللغة العربية والفارسية بالإضافة إلى الفقه والحديث، وأقبل المودودي على التعليم بجد واهتمام حتى اجتاز امتحان مولوي، وهو ما يعادل الليسانس.
أبو الأعلى المودودي صحفيًا
وفي هذه الأثناء أصيب الأب بالشلل، وأصبح قعيدًا بلا حراك، وضاقت سبل العيش بالأسرة والأبناء، فكان على المودودي أن يكافح من أجل لقمة العيش، وقد وهبه الله ملكة الكتابة التي صقلها بالقراءة والمطالعة، فقرر أبو الأعلى أن يجعل من قلمه وسيلة للرزق، وكان أخوه الأكبر "سيد أبو الخير" مديرًا لتحرير جريدة مدينة بجنور، فعمل المودودي محررً بالجريدة، إلا إنه لم يستمر طويلا بها، فقد أغلقت الحكومة الجريدة، فانتقل بعد ذلك إلى جريد تاج التي كانت تصدر أسبوعية من جبلبور، ثم أصبحت تصدر يومية.

وكان من نتيجة عمله بالصحافة أن سعى المودودي إلى تعلم اللغة الإنجليزية حتى أتقنها، وصار بإمكانه الاطلاع على كتب التاريخ والفلسفة والاجتماع ومقارنة الأديان في الإنجليزية دون أية صعوبة في فهمها واستيعابها.

وما لبثت الحكومة أن أغلقت تلك الجريدة، فعاد المودودي إلى "دهلي" واشترك مع مدير جمعية علماء الهند في إصدار جريدة مسلم، وصار مديرًا لتحريرها لمدة ثلاث سنوات حتى أغلقت عام (1341 هـ = 1922م) فانتقل إلى بهو بال، ثم عاد مرة أخرى إلى دهلي سنة (1342 هـ = 1923م)، حيث تولى الإشراف على إصدار جريدة تصدرها جمعية علماء الهند تحمل اسم الجمعية، وظل يتحمل وحده عبء إصدارها حتى سنة (1347 هـ = 1928م).


مع شاعر الإسلام محمد إقبال
وفي ذلك العام أتم كتابه "الجهاد في الإسلام" الذي حقق شهرة عالمية، وقد كتبه ردًا على مزاعم غاندي التي يدعي فيها أن الإسلام انتشر بحد السيف.

وفي عام (1351 هـ = 1932م) أصدر ترجمان القرآن من حيدر آباد الركن، وكان شعارها: "احملوا أيها المسلمون، دعوة القرآن وانهضوا وحلقوا فوق العالم".

وكان تأثير المودودي عبر ترجمان القرآن من أهم العوامل التي ساعدت على انتشار التيار الإسلامي في الهند، وزيادة قوته، وقد تبلور ذلك في حزب الرابطة الإسلامية، وتأكد ذلك في دعوته في المؤتمر الذي عقد في لنكو سنة (1356هـ = 1937م) إلى الاستقلال الذاتي للولايات ذات الأغلبية الإسلامية.

ونتيجة لشهرة المودودي واتساع دائرة تأثيره الفكري في العالم الإسلامي، دعاه المفكر والفيلسوف محمد إقبال في سنة (1356 هـ = 1937م) إلى لاهور ليمارس نشاطه الإسلامي البارز بها، فلبى المودودي دعوة إقبال.

وعندما توفي إقبال في العام التالي (1357 هـ = 1938م) تاركًا فراغًا كبيرًا في مجال الفكر والدعوة اتجهت الأنظار إلى المودودي ليملأ هذا الفراغ الذي ظهر بعد رحيل إقبال.

تأسيس الجماعة الإسلامية في لاهور
وبدأ المودودي حركته الإسلامية التي تهدف إلى تعميق الإسلام لدى طبقة المفكرين المسلمين والدعوة إلى الإسلام، حتى أسس الجماعة الإسلامية في لاهور، وتم انتخابه أميرًا لها في (3 من شعبان 1360 هـ = 26 من أغسطس 1941م).

وبعد ذلك بعامين في (1362 هـ = 1943م) نقلت الجماعة الإسلامية مركزها الرئيسي من لاهور إلى دار السلام، إحدى قرى بتها نكوت – وكان المودودي طوال هذه الفترة لا يكف عن الكتابة والتأليف، فأصدر عدة كتب من أهمها: المصطلحات الأربعة الأساسية في القرآن، والإسلام والجاهلية، ودين الحق، والأسس الأخلاقية الإسلامية، وغيرها.

ومع إعلان قيام دولة باكستان في (11 من شوال 1366 هـ = 28 من أغسطس 1947م)، انتقل المودودي مع زملائه إلى لاهور، حيث أسس مقر الجماعة الإسلامية بها، وفي صفر 1367 هـ = يناير 1948م، بعد قيام باكستان بنحو خمسة أشهر، ألقى المودودي أول خطاب له في كلية الحقوق، وطالب بتشكيل النظام الباكستاني طبقًا للقانون الإسلامي.

وظل المودودي يلح على مطالبة الحكومة بهذا المطلب، فألقى خطابًا آخر في اجتماع عام بكراتشي في (ربيع الآخر 1367 هـ = مارس 1948م) تحت عنوان "المطالبة الإسلامية بالنظام الإسلامي".

اعتقال المودودي
وبدأت الجماعة الإسلامية في الضغط على الحكومة ومجلس سن القوانين للموافقة على المطالب التي قدمها المودودي بجعل القانون الأساسي لباكستان هو الشريعة الإسلامية، وأن تقوم الحكومة الباكستانية بتحديد سلطتها طبقا لحدود الشريعة.

وحينما عجزت الحكومة عن الرد على تلك المطالب قامت في غرة ذي الحجة 1367 هـ = 4 من أكتوبر 1948م، باعتقال المودودي وعدد من قادة الجماعة الإسلامية، ولكن ذلك لم يصرف المودودي وبقية أعضاء الحركة من الاستمرار في المطالبة بتطبيق النظام الإسلامي، وأظهر الشعب تعاونه الكامل مع الجماعة في مطالبها حتى اضطرت الحكومة إلى الموافقة على قرار الأهداف الذي يحدد الوجهة الإسلامية الصحيحة لباكستان في (13 من جمادى الأولى 1368 هـ = 12 من مارس 1949م).

وبعد ذلك بنحو عام (11 من شعبان 1369 هـ = 28 من مايو 1950م) اضطرت الحكومة إلى إطلاق سراح "المودودي" وزملائه.

وبدأت الجماعة الإسلامية دراسة قرار الأهداف الموضوعة في حيز التنفيذ، وفي الوقت نفسه كانت الحكومة – التي أقلقها مطالب الشعب – تسعى إلى وضع مقترحاتها الدستورية، وأعطت لنفسها سلطات واسعة للسيطرة على الرعية، فقام المودودي بإلقاء خطاب في اجتماع عام بلاهور في (3 من المحرم 1370 هـ = 14 من أكتوبر 1950م)، قام فيه بتوجيه النقد إلى تلك المقترحات التي تمهد الطريق للديكتاتورية، فثار الرأي العام مما اضطر الحكومة إلى التراجع، وتحدت علماء الجماعة الإسلامية، في أن يجتمعوا على ترتيب مسودة دستور إسلامي، وقبل العلماء التحدي، فاجتمع (31) عالمًا يمثلون الفرق المختلفة في (13 من ربيع الآخر 1370 هـ = 21 من يناير 1951م) بمدينة كراتشي، واشترك المودودي معهم في صياغة النقاط الدستورية التي اتفقوا عليها، ولكن الحكومة قابلت المقترحات الدستورية التي تقدمت بها الجبهة الإسلامية بالصمت، وإزاء ذلك قامت الحركة الإسلامية بعقد عدة اجتماعات شعبية، فقامت الحكومة بإعلان الأحكام العسكرية في "لاهور" في (20 من جمادى الآخر 1372 هـ = 6 من مارس 1953م)، وفي (13 من رجب 1372 هـ = 28 من مارس 1953م) تم اعتقال المودودي للمرة الثانية مع اثنين من زملائه دون توضيح أسباب هذا الاعتقال، ثم أطلق سراحهم بعد نحو شهر ونصف في (23 من شعبان 1372 هـ = 7 من مايو 1953م)، ولكن ما لبث أن تم اعتقالهم مرة أخرى في اليوم التالي مباشرة.

الحكم بإعدام المودودي
وبعد أربعة أيام فقط من اعتقاله حكم عليه بالإعدام، وهو ما أدى إلى حدوث ثورة من الغضب الشديد في معظم أنحاء العالم الإسلامي، وتوالت البرقيات من كل مكان تشجب هذا الحكم، حتى اضطرت الحكومة إلى تخفيف حكم الإعدام، والحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولكن ردود الفعل الرافضة لهذا الحكم أدت إلى إصدار حكم بالعفو عن المودودي في (1374 هـ = 1955م).

ومع بداية عام (1375 هـ = 1956م) رضخت الحكومة لمطالب الشعب بإصدار دستور إسلامي للبلاد، ولكن ما لبثت أن أعلنت عن دستور جديد في (1382 هـ = 1963م).

ثم أصدرت قرارًا بحظر نشاط الجماعة، وتم اعتقال المودودي و (63) من زملائه، ولكن القضاء أصدر حكمًا ببطلان الخطر والاعتقال، وأطلق سراح المودودي وزملائه في (جمادى الآخر 1384 هـ = أكتوبر 1964م).

لتأثير الجماهيري للمودودي
وعندما قامت الحرب بين باكستان والهند في جمادى الأولى 1385 هـ = سبتمبر 1965م، كان للمودودي والجماعة الإسلامية دور بارز في الشحذ المعنوي للجماهير ومساعدة مهاجري الحرب، كما ساهمت الجماعة بشكل إيجابي في الإمداد الطبي، فأقامت نحو عشرين مركزًا للإمداد الطبي في آزار كشمير، وألقى المودودي عدة خطابات عن الجهاد.

وفي رمضان 1386 هـ = يناير 1967م، قامت الحكومة باعتقال المودودي لمدة شهرين، وبعد أن أطلق سراحه ظل يمارس دوره الدعوي في شجاعة وإيمان، فكان من أبرز دعاة الحرية والوحدة، وظل يحذر الشعب من مساندة الجماعات الانفصالية حتى لا ينقسم الوطن، ويقع في حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله.

وفي رمضان 1392 هـ = نوفمبر 1972م، بعد نحو ثلاثين عامًا من الكفاح الطويل – طلب المودودي إعفاءه من منصبه كأمير للجماعة الإسلامية لأسباب صحية، وانصرف إلى البحث والكتابة، فأكمل تفهيم القرآن، وشرع في كتابة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي عام 1399 هـ = 1979م فاز المودودي بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، فكان أول من حصل على تلك الجائزة تقديرًا لجهوده المخلصة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين.


مؤلفات الإمام المودودي
بلغ عدد مؤلفات المودودي (70) مصنفًا ما بين كتاب ورسالة، ومن أبرز تلك المؤلفات:

الجهاد في الإسلام وقد ألفه سنة (1347 هـ = 1928م).

الحضارة الإسلامية (أصولها ومبادئها): وقد كتبه سنة (1350 هـ = 1932م).

نظرية الإسلام السياسية: كتبه سنة (1358 هـ = 1939م)

تجديد وإحياء الدين: كتبه سنة (1359 هـ = 1940م).

الاصطلاحات الأربعة الأساسية في القرآن: كتبه سنة (1360 هـ = 1940م).

الإسلام والجاهلية: كتبه سنة (1360 هـ = 1941م).

الأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية: كتبه سنة (1364 هـ = 1945م).

الدين الحق: كتبه سنة (1366 هـ = 1947م).

نظام الحياة الإسلامي: كتبه سنة (1367 هـ = 1948م)

حقوق أهل الذمة: كتبه سنة (1367 هـ = 1948م).

مطالب الإسلام تجاه المرأة المسلمة: كتبه سنة (1372 هـ = 1953م).

قضية القاديانية: كتبه سنة (1372 هـ = 1953م)

q تفسير تفهيم القرآن: ويقع في ستة أجزاء، وقد بدأ كتابته سنة (1360 هـ = 1941م)، وأتمه في سنة (1392هـ = 1972م).

سيرة النبي صلى الله عليه وسلم : وقد شرع في تأليفه سنة (1392 هـ = 1972م)، وأتمه قبيل وفاته، وهو آخر مؤلفاته.



وقد حظيت مؤلفات المودودي بشهرة عريضة في جميع أنحاء العالم ولقيت قبولا واسعًا في قلوب المسلمين في شتى البقاع، فترجم الكثير منها إلى العديد من اللغات، حتى بلغ عدد اللغات التي ترجمت مصنفات المودودي إليها ست عشرة لغة، منها: الإنجليزية، والعربية، والألمانية، والفرنسية، والهندية، والبنغالية، والتركية، والسندية…، ونالت استحسان ورضى المسلمين على شتى مستوياتهم واتجاهاتهم.



وانطفأ المصباح
وفي غرة ذي القعدة 1399 هـ = 22 من سبتمبر 1979م انطفأت تلك الجذوة التي أضاءت الطريق إلى الرشد والهداية للكثير من المسلمين، ورحل المودودي عن عالمنا إلى رحاب ربه، ولكنه بقي بأفكاره وتعاليمه ومؤلفاته الجليلة ليظل قدوة للدعاة على مر العصور، ونبعًا صافيًا من منابع الإسلام الصافي والعقيدة الخالصة.



أهم مصادر الدراسة:
أبو الأعلى المودودي: حياته وفكره العقدي: حمد بن صادق الجمال – دار المدني للطباعة والنشر والتوزيع – جدة (1401 هـ = 1986م).

أبو الأعلى المودودي فكره ودعوته: د. سمير عبد الحميد إبراهيم – دار الأنصار – القاهرة: 1399 هـ = 1979م.

أبو الأعلى المودودي والصحوة الإسلامية: د.محمد عمارة – دار الشروق بالقاهرة: 1407 هـ = 1987م.

النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين: د. محمد رجب البيومي (الجزء الثالث) – سلسلة البحوث الإسلامية : السنة 13 الكتاب الأول: مجمع البحوث الإسلامية – القاهرة: (1402 هـ = 1982م).


والله يــا جـد عـان انــا بــفــكــر اكــمـــل بـس حـبـيـبـي (ســعــد) مـش عـاوزنـي اكـتـر عـلـيـكـم

شــكر خــاص الــي مـن ســاعـدنـي فــي الــمــوضــوع دا
الــعــضــو
(ღ♥_ akeml _♥ღ )
(Chief of Detectives Forum Silk Road 4 Arab)
الــي الــقــاء فـي الـمـوضـوع الـجـديـد
كـان مـعـاكـم

(أحـــــــمـــــــد مـــــــازن )


توقيع ahmedmazin :



㋡ (•̮̮̃•̃) (×̯×) ωєℓ¢σмє (×̯×) (•̮̮̃•̃) ㋡

اذا قــمــت بمــهــاجـمـتـى سـأرفـع قـبعـتـى احتـرامـا لشجـاعتـكـ ولاكــن تاكـد بأنـى لن انزلـهـا الا على
قبركـ


التعديل الأخير تم بواسطة ahmedmazin ; 24-07-2011 الساعة 02:25 AM السبب: و أ نـتـا مـالـك يـا عـم

رد مع اقتباس