دخول الجنة

لا شك أن سعادة المؤمنين لا تعادلها سعادة
عندما يساقون معززين مكرمين زمراً إلى جنات النعيم
حتى إذا ما وصلوا إليها فتحت أبوابها
واستقبلتهم الملائكة الكرام يهنئونهم بسلامة الوصول
بعدما عانوه من الكربات ، وشاهدوه من الأهوال
( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا
حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا
وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)
[ الزمر:73]
أي طابت أعمالكم وأقوالكم وعقائدكم، فأصبحت نفوسكم زاكية
وقلوبكم طاهرة، فبذلك استحققتم الجنات.

المبحث الأول
الشفاعة في دخول الجنة
ثبت في الأحاديث الصحيحة أن المؤمنين
عندما يطول عليهم الموقف في يوم الجزاء يطلبون من الأنبياء أن يستفتحوا لهم باب الجنة
فكلهم يمتنع ويتأبى ، ويقول: لست لها حتى يبلغ الأمر نبينا محمد
- صلى الله عليه وسلم -
فيشفع في ذلك ، فيُشفّع
ففي صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يجمع الله تبارك وتعالى الناس ، فيقوم المؤمنون
حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون : يا أبانا
استفتح لنا الجنة ، فيقول:
وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ، لست بصاحب ذلك.. ".
الحديث. (1)
وذكر فيه تدافع الأنبياء لها ، حتى يأتون محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فيؤذن لهم.
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة
4/186)، ورقمه:195.
تهذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول

بعد أن يجتاز المؤمنون الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار
ثم يهذبون وينقون، وذلك بأن يقتص لبعضهم من بعض إذا كانت بينهم مظالم في الدنيا
حتى إذا دخلوا الجنة كانوا أطهاراً أبراراً
ليس لأحد عند الآخر مظلمة ، ولا يطلب بعضهم بعضاً بشيء.
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار
فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا
حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة
فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزلة في الجنة منه بمنزلة كان في الدنيا ".
(1)
ورسولنا - صلى الله عليه وسلم -
هو أول من يستفتح الجنة
بعد أن يأبى أبو البشر آدم وأولوا العزم من الرسل التعرض لهذه المهمة.
--------------------------------
(1) صحيح البخاري ، كتاب الرقاق ، باب القصاص يوم القيامة ، فتح الباري: (11/395).