25-06-2010, 06:55 AM
|
#6
|
|
• الانـتـسـاب » Jun 2010
|
• رقـم العـضـويـة » 71395
|
• المشـــاركـات » 1,144
|
• الـدولـة » Say3 fel montada ^^
|
• الـهـوايـة »
|
• اسـم الـسـيـرفـر »
|
• الـجـنـس »
|
• نقـاط التقييم » 10
|
|
|
الغزوات
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
~*~ اهلا وسهلا بكم اعضاء Silkroad4Arab الكرام~*~ نحيه طيبه اما بعد..
ان شاء الله يا رجاله النهارده هكمل الموضوع و هخش فى غزوات الحبيب صلى الله عليه و سلم ..توكلنا على الله
بسم الله الرحمن الرحيم
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
*غزوه بدر الكبرى بالتفصيل الممل*
*~*~*
علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة لقريش محملة بالبضائع بقيادة
أبي سفيان قد خرجت من الشام في طريقها إلى مكة، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم اثنين من أصحابه لمراقبة عير قريش، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها، وجعل الخروج اختياريًّا، فخرج معه ثلاثمائة وأربعة عشر مسلمًا، ولم يكن معهم سوى سبعين جملا وفرسين، فكان كل ثلاثة من المسلمين يتناوبون الركوب على جمل.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمشي على رجليه، ويتناوب الركوب مع أبي لبابة، وعلي بن أبي طالب على جمل واحد، كل منهم يركبه فترة من الزمن فقالا له: نحن نمشي عنك، فقال صلى الله عليه وسلم في تواضع عظيم: (ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما) _[أحمد] وكان أبو سفيان رجلا ذكيًّا، فأخذ يتحسس الأخبار، ويسأل من يلقاه عن المسلمين خوفًا على
القافلة، فقابل أحد الأعراب يسمى مجدي بن عمرو فسأله: هل أحسست أحدًا؟ فقال: إني رأيت راكبين وقفا عند البئر، فرأونا ثم انطلقا، فذهب أبو سفيان إلى مكانهما، وأمسك روثة من فضلات الإبل ففركها في يده، فوجد فيها نوى التمر، وكان أهل المدينة يعلفون إبلهم منه، فقال أبو سفيان: هذه والله علائف يثرب.
وعلم أن الرجلين من المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في
طريقه إليهم، فغير طريقه بسرعة وفرَّ هاربًا بقافلته، وأرسل إلى قريش يستنجد بهم؛ ليحموه من المسلمين، ووصل رسول أبي سفيان إلى قريش، ووقف على بعيره، وأخذ ينادي ويصيح: يا معشر قريش! أموالكم مع أبي سفيان، قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى أن تدركوها .. الغوث، الغوث .. وظل الرجل ينادي حتى تجمع الناس، وخرجوا بأسلحتهم وعدتهم ليحموا أموالهم.
في الوقت نفسه كان أبو سفيان قد نجا بالقافلة، وأرسل إلى قريش يخبرهم
بذلك، فرجع بعضهم، وكاد القوم يعودون كلهم؛ لأنهم ما خرجوا إلا لحماية قافلتهم، ولكن أبا جهل دفعه الكبر والطغيان إلى التصميم على الحرب، وعزم على أن يقيم هو والمشركون ثلاثة أيام عند بئر بدر، بعد أن يهزم المسلمين فيأكلون الذبائح، ويشربون الخمور، وتغني لهم الجواري حتى تعلم قبائل العرب قوة قريش، ويهابها الجميع، وهكذا أراد الله -تعالى- أن تنجو القافلة، وأن تقع الحرب بين المسلمين والمشركين.
وأصبح المسلمون في موقف حرج؛ لأن عددهم أقل من عدد المشركين، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير كبار المهاجرين والأنصار في أمر
القتال، فتكلم المهاجرون كلامًا حسنًا، أيدوا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في قتال المشركين، وقال المقداد بن عمرو: (يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك) ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ظل ينظر إلى القوم، وهو يقول: أشيروا علي أيها الناس.
ففهم سعد بن معاذ كبير الأنصار أن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد رأي الأنصار، فقد تكلم المهاجرون، وأيدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وبقيت كلمة الأنصار، فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، لقد آمنا بك، وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. _[ابن إسحاق] فَسُرَّ النبي صلى الله عليه وسلم لاتفاق المسلمين على مواجهة الكفار.
وبدأ الفريقان يستعدان للمعركة، وأول شيء يفكر فيه القادة هو معرفة أخبار العدو، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه؛ عليًّا وسعدًا والزبير إلى ماء بدر؛ ليعرفوا أخبار الكفار، فوجدوا غلامين لقريش، فأخذوهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألهما عن عدد قريش، فقالا: لا ندري، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم: كم ينحرون كل يوم من الإبل. فقالا: يومًا
تسعًا، ويومًا عشرًا. وكان معروفًا عند العرب أن البعير الواحد يكفي مائة
رجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (القوم فيما بين التسعمائة والألف)
[ابن إسحاق].
وهكذا يضرب لنا الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا في القيادة
الحكيمة، والتفكير السليم لمعرفة أخبار العدو، ثم قال للغلامين: (فمن فيهم من أشراف قريش؟) فعدَّا له أشراف قريش، وسادتها، وكانوا على رأس جيش المشركين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، فقال: (هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ أكبادها) وهكذا عرف الرسول صلى الله عليه وسلم عدد أعدائه، وأسماء كبارهم أيضًا، وعلى الجانب الآخر أرسل الكفار رجلاً منهم وهو عمير بن وهب ليعرف عدد المسلمين، ثم عاد فقال: ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلا أو ينقصون.
وصل المسلمون إلى مكان بئر بدر، فأقاموا عليه، وجعلوه خلفهم حتى يتمكنوا من الشرب دون الكفار، وأشار سعد بن معاذ على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ عريشًا (مكانًا مظللا) يشرف من خلاله على المعركة، ويقوم بإدارتها، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له بالخير، ونظم الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه تنظيمًا دقيقًا، فجعله كتيبتين؛ واحدة للمهاجرين عليها
علي بن أبي طالب، والأخرى للأنصار ولواؤها مع سعد بن معاذ، وجعل ميمنة الجيش مع الزبير بن العوام، وجعل المقداد بن الأسود قائدًا لميسرة الجيش، وجعل على قيادة مؤخرة الجيش قيس بن صعصعة.
أما القيادة العامة للجيش فكانت في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوصاهم صلى الله عليه وسلم بالحكمة في استعمال النبال ضد أعدائهم، فلا يضربونهم حتى يكونوا في مرمى السهام وفي متناول أيديهم، ولا يستخدمون سيوفهم حتى يقتربوا منهم، وتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه ورفع يديه في خشوع وضراعة قائلاً: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك
ووعدك) وظل يدعو حتى وقع رداؤه عن كتفه من كثرة الدعاء، فأشفق عليه
أبو بكر، وقال له: أبشر يا رسول الله، فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك. _[متفق عليه].
وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة، ثم انتبه وقال: (أبشر يا أبا بكر! أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بزمام فرسه عليه أداة حرب) فقد أرسل الله ملائكته تأييدًا للمسلمين، فقال تعالى: {فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [_الأنفال: 9].
أحداث المعركة:
قبيل القتال وقف الرسول صلى الله عليه وسلم يعظ المسلمين، ويذكرهم بالصبر والثبات والقتال في سبيل الله، ويبشرهم بجنة الله، وجاء الأسود بن عبد الأسد يهجم على حوض المسلمين، وقد أقسم أن يشرب منه، فتصدى له حمزة بن
عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فضربه ضربة شديدة على رجله واستمر الرجل يزحف ويعاند حتى يفي بقسمه، فأسرع حمزة بضربه ضربة
ثانية، سقط بعدها قتيلا إلى جانب الحوض.
وبدأت المعركة صباح يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، العام الثاني للهجرة، وتقدم ثلاثة من كبار المشركين وهم: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد بن عتبة، فنهض لهم ثلاثة من الأنصار، لكن المشركين ردوهم، وأرادوا مبارزة المهاجرين، ثم نادى مناديهم قائلا: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا
من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي .. فوثبوا على أعدائهم كالأسود، وفي لمح البصر قتل حمزة شيبة بن ربيعة، وقتل علي الوليد بن عتبة، أما عبيدة فتبادل الضرب مع عتبة بن ربيعة، وجرح كل منهما الآخر، فوثب حمزة وعلي على عتبة، فقتلاه وحملا صاحبهما إلى المسلمين.
ويظهر تأييد الله -عز وجل- لأوليائه في شهود الملائكة للمعركة، قال تعالى: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام . إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب . ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} [الأنفال:11-14].
رأى المشركون ثلاثة من كبارهم قد قتلوا، فغضبوا لأنهم أكثر من
المسلمين، وظنوا أنهم يستطيعون هزيمتهم بسهولة، فدخلوا في معركة حامية مع المسلمين، ولكن الكفار كانوا يتساقطون الواحد بعد الآخر أمام المسلمين حتى قُتل منهم سبعون، وأُسر سبعون.
وفي هذه المعركة، التقى الآباء بالأبناء، والإخوة بالإخوة، ففصلت بينهم السيوف؛ فأبو بكر -رضي الله عنه- في صف الإيمان وابنه عبد الرحمن يقاتل في صفوف المشركين، وكذلك عتبة بن ربيعة الذي كان أول من قاتل المسلمين من الكفار، فكان ولده أبوحذيفة من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سحبت جثة عتبة بعد المعركة لترمى في القليب، نظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أبي حذيفة فإذا هو كئيب قد تغير لونه!! فاستوضح منه سر
حزنه، وهل هو حزين لمقتل أبيه أم لشيء في نفسه؟ فأخبره أبو حذيفة أنه ليس حزينًا لمقتل أبيه في صفوف المشركين، ولكنه كان يتمني أن يرى أباه في صفوف المسلمين لما يتمتع به من حلم وفضل. [ابن إسحاق].
وحين مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقليب على قتلى قريش، ناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقال لهم: (أيسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربُّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟!) فقال عمر: يا رسول الله، ما تُكلمُ من أجساد لا أرواحَ لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم). _[البخاري].
وعاد المسلمون إلى المدينة، وقد نصرهم الله -تعالى- على عدوهم في أولى المعارك التي خاضوها، وهاهم أولاء يجرون معهم سبعين أسيرًا من المشركين بعد أن قتلوا سبعين مثلهم، وفي الطريق قَتَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنين من أكابر المجرمين الموجودين في الأسرى؛ وهما النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط لأنهما طغيا وأذيا المسلمين إيذاءً شديدًا، أما باقي الأسرى فتشاور الرسول
صلى الله عليه وسلم مع الصحابة في أمرهم هل يقتلونهم أم يقبلون الفدية ويطلقونهم؟ فأشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يقتلوهم، وأشار أبو بكر -رضي الله عنه- أن يطلقوا سراحهم مقابل فدية (مبلغ من المال) تكون عونًا للمسلمين على قضاء حوائجهم، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم
برأي أبي بكر.
ولكن القرآن الكريم نزل يؤيد رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال الله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم . لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [الأنفال: 67-68].
مواقف إيمانية من غزوة بدر:
كان للصحابة مواقف إيمانية رائعة أثناء غزوة بدر؛ فقد اختفى عمير بن أبي وقاص خلف المقاتلين المسلمين قبل المعركة حتى لا يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرده لأنه صغير، وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعرض جنوده رآه، فاستصغره وأمره أن يرجع، ولكن عميرًا كان حريصًا على الاشتراك في المعركة؛ لأنه يحب الموت في سبيل الله، فبكى عمير، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي تركه، فمات شهيدًا، وهو ابن ستة عشر عامًا.
وجاء فتيان من الأنصار يسألان عبد الرحمن بن عوف عن مكان أبي جهل، فقد علما أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدلهما على مكانه وإذا بهما يسرعان إليه، ويضربانه بالسيف حتى قتلاه، وهذان البطلان هما معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء. _[متفق عليه] ومرَّ مصعب بن عمير بأخيه المشرك أبي عزيز بن عمير الذي وقع في أسر المسلمين، وأحد الأنصار يقيد يديه، فقال للأنصاري: شد يدك به، فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك، فقال أبو عزيز: أهذه وصاتك بأخيك؟ فقال مصعب :إنه -يقصد الأنصاري- أخي دونك.
وقد ضرب المسلمون أروع الأمثلة في التضحية والفداء، فعندما سمع عمير بن الحمام الأنصاري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض) قال: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: نعم .. فقال: بخ .. بخ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما يحملك على قول بخ .. بخ؟) قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها) فأخرج تمرات، وأخذ يأكلها، ثم قال: لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى ما كان معه من التمر، ثم قاتل المشركين حتى قتل. _[مسلم].
وقاتل عكاشة بن محصن يوم بدر بسيفه حتى انكسر في يده من شدة
القتال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه عود حطب فقال: (قاتل بهذا يا عكاشة) فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه، فعاد سيفًا في يده طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين، وهكذا كتب الله تعالى للمسلمين النصر، فحق لهم أن يسعدوا ويستبشروا، وأوجب على المشركين الهزيمة، فحل بهم الخزي والعار.
وقد قويت دولة المسلمين بهذا النصر الذي حققوه بقوة الإيمان، ثم بحسن التخطيط رغم أنهم كانوا أقل من عدوهم في العدد والعدة، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون} _[آل عمران: 123].
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
*حال قريش بعد الغزو*
امتلأت مكة بالغيظ والحزن، فقد هزمهم المسلمون، وقتلوا أشرافهم، ولم تكن قريش تتوقع أن تنال مثل هذه الهزيمة من المسلمين، فهذا أبو لهب -ولم يشهد بدرًا- يرى أبا سفيان بن الحارث قادمًا فيسرع إليه ويقول له -وهو يريد أن يفهم كيف هزم المسلمون قومه وهم أكثر منهم-: يابن أخي! أخبرني كيف كان أمر الناس؟
فقال أبو سفيان: والله ما هو إلا أن لقينا القوم، فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وايم الله (يمين الله) مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالا بيضًا، على خيل بلق (لونها بياض وسواد) بين السماء والأرض، فقال رافع مولى العباس بن عبد المطلب -وكان مسلمًا يكتم إسلامه-: تلك والله
الملائكة، فإذا بالغيظ يملأ وجه أبي لهب، فرفع يده وضرب أبا رافع على وجهه ثم حمله وضرب به الأرض، ثم برك عليه يضربه، فقامت أم الفضل -زوجة
العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم- إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربت به أبا لهب ضربة أصابته في رأسه، وقالت: استضعفتَه أن غاب عنه سيده، فقام أبو لهب موليًا ذليلا، وما عاش بعد ذلك إلا سبع ليال حتى أصابه الله بمرض خطير فقتله.
مؤامرة عند الكعبة:
وعند أحد أركان الكعبة، كان يجلس اثنان من كبار المشركين هما: صفوان بن أمية، وعمير بن وهب يتذكران قتلاهما في بدر، وأسراهما في المدينة، فاتفقا أن يذهب عمير بن وهب إلى المدينة متظاهرًا بفداء ابنه الأسير وهب، ثم يضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيف فيقتله ويثأر للكفار منه، ووعده صفوان بن أمية برعاية أبنائه وزوجته من بعده إذا أصابه مكروه.
وعندما وصل المدينة رآه عمر متوشحًا سيفه فقال: هذا عدو الله عمير بن وهب والله ما جاء إلا لشر، ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه، قال: فأدخله
عليَّ، فأقبل عمر فأمسكه وقيده وأمسك سيفه، وقال لرجال من الأنصار: ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ سيفه في عنقه قال: (أرسله يا عمر، ادن يا عمير).
فدنا ثم قال: انعموا صباحًا -وهي تحية أهل الجاهلية- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، تحية أهل الجنة)..
فقال: أما والله يا محمد أن كنت بها لحديث عهد. قال: (فما جاء بك يا عمير؟)
قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا فيه.
فقال صلى الله عليه وسلم: (فما بال السيف في عنقك؟)
قال عمير: قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئًا؟
قال صلى الله عليه وسلم: (اصدقني، ما الذي جئتَ له؟)
قال: ما جئتُ إلا لذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: (بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش (قتلاهم في بدر) ثم قلت: لولا دَيْن علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك).
قال عمير: أشهد أنك رسول الله، وقد كنا نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني
هذا المساق، وشهد عمير شهادة الحق ودخل في دين الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه شيئاً من القرآن، وأطلقوا له أسيره). ففعلوا.
ثم قال عمير: يا رسول الله، إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام، لعل الله يهديهم وإلا آذيتهم في دينهم، كما كنت أوذي أصحابك في دينهم. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى مكة، وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل الركبان عن عمير، حتى قدم رجل فأخبره بإسلامه، فحلف ألا يكلمه أبدًا، ولما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذي من خالفه أذى شديدًا، فأسلم على يديه كثيرون. _[ابن إسحاق].
غزوة بني سليم (غزوة الكُدْر):
حشد بنو سليم جنودهم، واستعدوا لغزو المدينة وحرب المسلمين بعدما رأوا هزيمة قريش في بدر، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فلم ينتظر حتى يأتوا المدينة بل قام بمهاجمتهم هجومًا مفاجئًا أدخل الرعب في قلوبهم فهربوا من هول المفاجأة، وتركوا خمسمائة بعير استولى عليها المسلمون، وأقاموا في ديار هذه القبائل ثلاثة أيام، ولم يكتفِ الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، ولكن بعد ما قدم المدينة أرسل غالب بن عبد الله في سرية إلى بني سليم وغطفان فقاتلوهم، وانتصر المسلمون وغنموا مغانم كثيرة.
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
*دروس وعبر من غزوة بدر*:
فإن غزوة بدر الكبرى لها منزلة عالية في قلوب المسلمين، وبدر عين ماء مشهورة بين مكة والمدينة وتنسب إلى بدر بن مخلد بن النضر، وكانت غزوة بدر يوم الجمعة الموافق السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة. [الطبقات لابن سعد (1/ص10)]
ولما كانت غزوة بدر ذات أهمية كبرى في التاريخ الإسلامي أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الكرام بالدروس المستفادة منها، فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، قال تعالى:
﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير﴾ [الحديد: 22] ، وقال سبحانه: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾[القمر: 49] ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة). [مسلم 2653]
ويتضح الرضا بالقضاء والقدر جليًا في سبب الغزوة، عن كعب بن مالك قال: (لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني تخلفت عن غزوة بدر، ولم يعاتب أحد تخلف عنها، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم على غير ميعاد سابق). [البخاري حديث 3951]
قال تعالى: ﴿إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم﴾ [الأنفال: 42] .
فرضي الرسول صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة الذين خرجوا معه للقاء عير قريش بما قدره الله من لقائهم بجيش قريش .
ثانيا: استشارة أهل التقوى من أهل العلم بالدين وأهل الخبرة في أمور الدنيا
من أسباب النصر وصلاح أحوال المجتمع المسلم ويتضح ذلك جليا عندما استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين والأنصار في لقاء جيش المشركين، ولقد استجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لمشورة الحباب بن المنذر عندما تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه، فنزل أدنى ماء من مياه بدر، فقام الحباب بن المنذر وقال: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه أو نتأخر عنه أم هو الحرب والرأي والمكيدة ؟ قال: بل هو الحرب والرأي والمكيدة، فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى (أقرب) ماء من القوم ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد أشرت علي بالرأي)، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار معه الصحابة حتى نزل بالمكان الذي أشار به الحباب بن المنذر.[السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص224- الطبقات لابن سعد ج2 ص10]
ثالثا: علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة
لقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم منزلة رفيعة في قلوب أصحابه رضي الله عنهم، فقد كانوا على أتم استعداد للتضحية بأنفسهم وأولادهم وأموالهم من أجل الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويتضح ذلك جليا في قول سعد بن معاذ: «يا نبي الله، ألا نبني لك عريشا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك ثم نلقي عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا، كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله، ما نحن بأشد لك حبا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، يناصحونك ويجاهدون معك». فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فكان فيه.[سيرة ابن هشام ج2 ص225]
رابعا: وجوب الحذر من أعدائنا حتى لا نؤاخذ على غرة
يجب علينا جمع المعلومات التي تساعدنا على التعرف على أحوال أعدائنا وقوتهم وتحركاتهم حتى لا يباغتونا، فيحدث ما لا تحمد عقباه، ويتضح ذلك جليا عندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون له الخبر فأصابوا رجلين من قريش لسقي الماء، فأتوا بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستطاع أن يحصل منهما على معلومات مهمة عن عدد قريش وقوتهم.[الطبقات لابن سعد ج2 ص10]
خامسا: النصر من عند الله العزيز الحكيم
يجب علينا الإيمان بأن النصر إنما يكون من عند الله وحده مع وجوب الأخذ بالأسباب ولو كانت قليلة، ويتضح ذلك جليا عندما نعقد مقارنة بين قوة جيش المسلمين وقوة المشركين في غزوة بدر، حيث كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر، وعدد المشركين تسعمائة وخمسين رجلا، وكان مع المسلمين سبعون بعيرا يعتقبونها، كل ثلاثة على بعير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه اثنان من الصحابة يعتقبون بعيرا واحدا، وكان مع المسلمين فرسان فقط أحدهما للزبير بن العوام والثاني للمقداد بن الأسود، وكان مع المسلمين ستون درعا، بينما كان للمشركين أكثر من سبعمائة بعير، ومعهم مائتا فرس، وستمائة درع. [البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص259، 260]
فإذا نظرنا إلى الأسباب المادية وجدنا تفوق المشركين، ولكن يجب علينا أن نؤمن أننا لا نعتمد في حربنا مع أعداء الإسلام على كثرة العدد والأسلحة، ولكننا نعتمد أولا وأخيرا على قوة إيماننا بالله تعالى وحده، وأنه هو الحافظ لهذا الدين وإن كانت قوتنا المادية قليلة، قال الله تعالى: وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم[آل عمران: 126] ، وقال تعالى: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين[البقرة: 249] ، وتتجلى نصرة الله لأهل الإيمان في غزوة بدر بنزول المطر عليهم وإلقاء النعاس عليهم وتثبيتهم عند القتال وإلقاء الرعب في قلوب المشركين ونزول الملائكة وقتالهم في صف المسلمين.
سادسًا: المحافظة على الطاعات والإخلاص في الدعاء
من أعظم أسباب النصر على الأعداء كان ذلك عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عريشه ومعه أبو بكر الصديق، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه بالدعاء قائلاً: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض. فما زال يهتف لربه مادًا يديه مستقبلاً القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبيه ثم التزمه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ [الأنفال: 9] ، فأمده الله بالملائكة. [مسلم حديث 1763]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا: (اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم نصرك الذي وعدت، اللهم أحنهم الغداة أي: انصرنا عليهم). [سيرة ابن هشام ج2 ص225] قال الله سبحانه : ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم﴾ [غافر: 60] ، وقال سبحانه: ﴿أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون﴾
سابعا: لا موالاة بين المسلمين والمشركين ولو كانوا ذوي قربى
لقد برزت في غزوة بدر الكبرى قوة العقيدة والثبات على الحق، ففي هذه المعركة التقى الآباء بالأبناء والإخوة بإخوتهم، وخالفت بينهم العقيدة، وفصلت بينهم السيوف، وكانت العقيدة الصحيحة فوق القرابة الكافرة، فلا موالاة ولا حب بين المسلم والكافر، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقتل خاله الخاص بن هشام بن المغيرة، وهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يأسر أمية بن خلف وولده علي بن أمية على الرغم من أنهما كانا أصدقاء في الجاهلية معلنا بذلك أنه لا موالاة ولا صداقة مع الكافرين، وهذا مصعب بن عمير رضي الله عنه لما وقع أخوه أبو عزيز في الأسر يوم بدر على يد رجل من الأنصار ومر به أخوه مصعب قال للأنصاري: اشدد يدك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك . قال له أبو عزيز: يا أخي هذه وصاتك بي؟ فقال مصعب: إنه أخي دونك. [سيرة ابن هشام ج2 ص234- 251]
ثامنا: وجوب رد الخلاف بين المسلمين إلى القرآن والسنة
ويتضح ذلك عندما اختلف الصحابة في غنائم غزوة بدر فقال الذين جمعوا الغنائم هي لنا، وقال الذين كانوا يقاتلون المشركين: هي لنا، وقال الذين كانوا يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم: هي لنا، فلما اشتد الخلاف في هذا الأمر نزل قول الله تعالى :﴿ يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين﴾ [الأنفال: 1]
روى أحمد عن أبي أمامة الباهلي قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال، قال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء -يقول على السواء-[حديث حسن لغيره: مسند أحمد ج37 ص410]
فيجب علينا عند الاختلاف والتنازع في أمر ما أن نرد التنازع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لنقف على الحكم الشرعي في هذا الأمر، قال تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويل﴾ [النساء: 59] .
تاسعا: علو منزلة أهل بدر على غيرهم من الصحابة
إن الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر هم الذين اصطفاهم الله على غيرهم من المؤمنين وذلك لأن غزوة بدر كانت هي المفتاح لوصول الإسلام إلى البشرية جمعاء، وأصحاب بدر هم النجوم المضيئة في التاريخ الإسلامي حتى أصبح يقال للواحد منهم «البدري»، وكفى بهذا الوصف شرفا وتعظيما له في حياة الناس، وكفى به أجرا وإحسانا عند الله تعالى، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده المؤمنين.
عن علي بن أبي طالب -وذلك في قصة حاطب بن ابي بلتعة عندما أرسل كتابا إلى أهل مكة يخبرهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وأخبر الوحي الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وهم عمر بن الخطاب أن يقتل حاطبا- إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم). [البخاري ح3980، ومسلم ح3494]
وروى البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه -وكان أبوه من أهل بدر- قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال: من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة). [البخاري ح3992]
عاشرا: الإسلام يوصي بالأسارى خيرا
ما أجمل أن يلتزم المسلم بمكارم الأخلاق مع أعدائه حتى عند الحروب ويظهر ذلك عندما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسارى بعد غزوة بدر، وفرقهم بين أصحابه، وقال لهم: استوصوا بالأسارى خيرا، وكان أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير في الأسارى فقال: كنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فاستحى فأردها على أحدهم فيردها على ما يمسها. [سيرة ابن هشام ج2 ص251]
قارن أخي الكريم بين هذا الهدي النبوي في معاملة الأسارى وما يحدث في واقعنا المعاصر من إهانة لهم.
الحادي عشر: الاهتمام بالعلم غاية إسلامية سامية
إن الإسلام دائما يدعو إلى العلم، ويظهر هذا الاهتمام جليا في غزوة بدر عندما شرع المسلمون في قبول فداء الأسارى مقابل أربعة أو ثلاثة آلاف درهم، ومن لم يكن عنده مال من الأسارى وكان يحسن القراءة والكتابة دفع إليه الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة من غلمان المدينة يعلمهم الكتابة، فإذا أجادوها تم إطلاق سبي هذا الأسير، وكان ممن تعلم الكتابة بهذه الطريقة: زيد بن ثابت رضي الله عنه. [الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص16]
هذه الطريقة النبوية المباركة في فداء الأسارى كانت طريقة غير مسبوقة قبل ذلك.
الثاني عشر: الشيطان يخذل أتباعه
إن الشيطان دائما بالمرصاد للإنسان يزين له المعصية حتى إذا وقع فيها تركه وتبرأ منه، ويتضح ذلك في غزوة بدر، قال عبد الله بن عباس: لما كان يوم بدر سار إبليس برعيته وجنوده من المشركين والقى في قلوب المشركين أن أحدا لن يغلبكم وإني جار لكم، فلما التقوا ونظر الشيطان إلى مداد الملائكة نكص على عقبه ورجع مدبرا وقال: إني أرى ما لا ترون.[تفسير ابن كثير جـ7 ص100]
فعلى المسلم العاقل أن يعلم الشيطان يخذل من أطاعه في أي وقت وفي أي مكان، وصدق الله العظيم حيث يقول في كتابه العزيز: ﴿كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين﴾ [الحشر: 16] .
وقال سبحانه عن الشيطان يوم القيامة: ﴿وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم﴾ [إبراهيم: 22] .
الثالث عشر: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة
قال تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثير﴾ .
ولقد تجلت هذه القدوة الحسنة في كثير من مواقفه صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر الكبرى، وسوف نذكر بعضا من هذه المواقف:
1- عن عبد الله بن مسعود قال: «كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي (جاء دوره في السير على قدميه) فقالا: نحن نمشي عنك. فقال: ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما». [حديث حسن: مسند أحمد جـ7 ص17]
2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس -أي عم النبي صلى الله عليه وسلم- فداءه، قال: (والله لا تذرون منه درهم). [البخاري ح4018]
قال ابن حجر -رحمه الله- تعليقا على هذا الحديث: «الحكمة في ذلك أنه خشي أن يكون في ذلك محاباة له لكونه عمه لا لكونه قريبهم من ناحية النساء فقط» .[فتح الباري جـ7 ص375]
ولقد حثنا الله تعالى على الاقتداء بنينا محمد صلى الله عليه وسلم والرضا بجميع أحكامه، وحذرنا مخالفته، قال تعالى: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليم﴾ [النساء: 65] .
وقال سبحانه: ﴿إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون﴾ [النور: 51] .
وقال جل شأنه: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو﴾ [الحشر: 7] . وقال تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبين﴾ [النور: 63] .
وقال سبحانه: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ [النور: 63] .
وختاما: نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يجعلنا ممن يقتدون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأقوال والأفعال، في السر والعلانية، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
وأن ينصرنا على القوم الكافرين .... بنصره العزيز الحكيم
دعاء
*~*~*~*~*~*~*~*
اسألوا الله جل وعلا أن ينصر إخوانكم المسلمين في كل مكان في وأن يرفع عنهم الكرب وأن يشفي مريضهم ويداوي جريحهم ويقبل شهيدهم وأن يرفع راية الحق وأن يحفظ المسجد الأقصى وأن يكشف راية النفاق وأن يدمر الصهاينة اليهود الحاقدين والشيوعيين المجرمين ومن عاونهم تدميرا هو ولي ذلك والقادر عليه
نستكمل فى الرد القادم بأذن الله...
|
|
التعديل الأخير تم بواسطة ThuS ; 25-06-2010 الساعة 07:23 AM
|