الكِبْر
قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كِبْر، الكِبْر بطَر الحق وغمط الناس}(صحيح مسلم) وبطَر الحق هو دفعه ورفضه وإنكاره ترفّعًا، وغمط الناس هو احتقارهم والتعالي عليهم، وبطَر الحقّ ينبع غالبًا من احتقار الذي جاء به، وانتقاص المسلم لأخيه المسلم يقود إلى رفض كلامه في الغالب، والأصل في المسلم أنَّه ثقة لا يكذب حتَّى يتبيَّن الع**، والخبر عن الثقة حقّ حتَّى يُنفَى بحقّ، فرفضك لكلام أخيك المسلم لمجرَّد أنَّه فلان أو أنَّك لا تعرفه أو أنَّ كلامه لا يوافق أهواءك أو تصوُّراتك هذا يعني كبرًا في قلبك عليه وعلى الحقّ الذي جاء به، نعَم؛ ربَّما لا تقتنع بكلامه لضعف ذكائك وضيق تفكيرك وإدراكك أو لضعف كلامه وحجَّته، وهنا لا يحقّ لك التحدّث بكلامه حتَّى تتأكَّد أو تقتنع بصحَّته {كفَى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكلّ ما سمع}(صحيح مسلم) {كفَى بالمرء إثمًا أن يحدّث بكلّ ما سمع}(صحيح الجامع وابن حبان) ولكن أيضًا لا يحقّ لك أن ترفض كلامه أو تكذّبه بغير حقٍّ ولا سببٍ مشروع فإنَّ هذا من الكِبْر، فحتَّى الفاسق أمَرَنا الله تعالى أن نتبيَّن أخباره لا أن نرفضها مطلَقًا!.
__________________
هل تخيلتم صوتها؟
:
لعلكم تذكرون قصة ذلك الجيولوجي الروسي الذي إدعى أنه بينما كان في أحد المهام في سيبيريا، إخترقت آلة الحفر الخاصة بتفحص طبقات الأرض فجوة في باطن الأرض فرأى من خلالها منظراً مرعبا لمجموعة من النساء و الرجال... عراة.. يحترقون في النار و أصواتهم تتعالى في صراخ مرعب... مخيف!
في الحقيقة شككت في صدقه - ولا زلت أشك في ذلك لكن...
تلك الأصوات التي سمعتها - و إن كانت مفبركة - أثـّرت بي و أرعبتني..
لقد كانت تصوراتي و تخيلاتي المحدوده عن نار جهنم - أعاذنا الله و إياكم منها - دائماً صورية و لم تكُ أبدا صوتية... لم أتخيل أصوات العذاب أو أصوات المعذبين أو حتى زمزمة نار جهنم ذاتهاً....
بعض الأخوة أرعبه ما سمع فبعث الرابط الصوتي إلى الشيخ حامد العلي يسأله عن إمكانية سماع عذاب القبر فأجابه الشيخ بأن هذا الأمر ممكن
ثم تطرق الشيخ إلى ما وصفه الكافر الذي لايعرف شيئا عن عذاب القبور ، ولا عما ورد في سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فقال: "والعجب كل العجب أن ما يقول هذا الكافر أنه رآه وسمعه وسجله ، من أنهم رجال ونساء عراة يصيحون من شدة العذاب ، ينطبق تماما على ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصف عذاب القبر الذي يعذب به الزناة والزواني ، وذلك في الحديث الطويل الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد أتاه آتيان ، فانطلقا معه ، وانه رأى عذاب المعذبين في حديث طويل ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : فأتينا على مثل التنور – قال: فأحسب أنه كان يقول: -فإذا فيه لغط وأصوات. قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، قال: قلت: ما هؤلاء؟ ثم ذكر الحديث وفيه : وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني"
أضافت هذه الحادثة سؤالاً جديداً إلى تساؤلاتي الكثيرة عن النار - أعوذ بالله منها- حيث أني وجدت في وصف الرجل الدقيق لما رأى تشابهاً مع أحوال عذاب جهنم و ليس مع عذاب القبر! فجعلت أتفكر: أين هي؟! أين نار جهنم؟!!!!
بحثت عن الإجابة في كتب صحيح البخاري و البداية والنهاية لإبن كثير و غيرهما من الكتب فما وجدت إجابة محددة لسؤالي.... ثم أعدت التأمل في بعض الآيات القرآنية و الأحاديث فوجدت أن فيها دلالات على الحركة فخلصت إلى أن النار متحركه و ليس لها مكان ثابت..
يقول الله في سورة الفجر آية 23 "وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى"
وقَالَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ: لَمَّا نَزَلَتْ "وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّم " تَغَيَّرَ لَوْن رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُرِفَ فِي وَجْهه . حَتَّى اِشْتَدَّ عَلَى أَصْحَابه , ثُمَّ قَالَ: ( أَقْرَأَنِي جِبْرِيل " كَلَّا إِذَا دُكَّتْ الْأَرْض دَكًّا دَكًّا " الْآيَة وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّم ) . قَالَ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه , كَيْف يُجَاء بِهَا ؟ قَالَ : تُؤْتَى بِهَا تُقَاد بِسَبْعِينَ أَلْف زِمَام , يَقُود بِكُلِّ زِمَام سَبْعُونَ أَلْف مَلَك , فَتَشْرُد شَرْدَةً لَوْ تُرِكَتْ لَأَحْرَقَتْ أَهْل الْجَمْع ثُمَّ تَعْرِض لِي جَهَنَّم فَتَقُول : مَا لِي وَلَك يَا مُحَمَّد , إِنَّ اللَّه قَدْ حَرَّمَ لَحْمَك عَلَيَّ فَلَا يَبْقَى أَحَد إِلَّا قَالَ نَفْسِي نَفْسِي ! إِلَّا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَقُول : رَبّ أُمَّتِي ! رَبّ أُمَّتِي !
و يقول سبحانه في سورة الكهف آية 100 " وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا" أي قرَّبناها لهم كما في تفسير الجلالين
في أثناء بحثي عن "أين هي" عرجت على الكثير من الآيات و الأحاديث التي تذكر من أمر النار الكثير.. فأحببت أن أشارككم في المعرفة ... فـ...
بسم الله نبدأ...
ورد ذكر "جهنم" بهذه اللفظة في 77 موضع و بلفظة "النار" في 140 موقع - على الأقل - في القرآن
و من أسماءها السعير و سقر... و الحطمة و الهاوية... حميم... لظى و جحيم....
وهي عظيمة الحجم.. مترامية الأطراف و شاسعة ..لها قعر عمقه أكثر من سبعين خريفا... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ سمع وجبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تدرون ما هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم. قال : هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا، فهوى يهوي في النار إلى الآن"
و لك أن تتخيل أيها القاريء عظم حجمها إذا ما تذكرت أنها بالرغم من ما ألقي فيها من الأعداد الهائلة عبر العصور و الأمم إلا إنها لاتمتليء و لا تشبع و لا تزال تطلب بالمزيد " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد"
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والتمجبرين؛ وقالت الجنة: مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ قال اللّه عزَّ وجلَّ، للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها. فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله فيها فتقول: قط قط فهنالك تمتليء وينزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم اللّه عزَّ وجلَّ من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن اللّه عزَّ وجلَّ ينشيء لها خلقاً آخر
و لِـجهنم سورٌ يحيط بالكافرين فلا يستطيعون الخروج منها " إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها" وسرادق النار هو سورها وحائطها الذي يحيط بها ... و في الحديث أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لِسُرَادِقِ النَّار أَرْبَع جُدُر كُثُف كُلّ جِدَار مَسِيرَة أَرْبَعِينَ سَنَة (حَدِيث حَسَن صَحِيح غَرِيب)
و لها سبعة أبواب "وإن جهنم لموعدهم أجمعين ، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم" و جميع أبوابها تغلق في رمضان فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين ومردة الجن
و النار درجات - كما أن الجنة درجات - و تسمى درجاتها دركات .. و كل دركة متفاوته في شدة حرها و عذابها بحسب ما أعده الله لأهلها.. يقول الله تعالى "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار"
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل النار "إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته" و روى عليه الصلاة و السلام أن "أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل على أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ، كما يغلي المرجل في القمقم" وقيل أن هذا هو عذاب أبي طالب - عم رسول الله - وذلك لنصرته للرسول وذبه عنه وإحسانه إليه!
يقول إبن عباس: "ليس عقاب من تغلظ كفره وأفسد في الأرض ، ودعا إلى الكفر كمن ليس كذلك" و نخلص من هذا إلى أنه كل يدخل من باب بحسب عمله ويستقر في درك بحسب عمله!
و يقوم على النار تسعة عشر من الملائكة ... خلقهم عظيم ... و وبأسهم شديد "غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" (خزنة جهنم)
والنار مخلوق حي.. لها حواس... فهي تتكلم و ترى و تسمع بل و تغار وتشتكي و تختصم و تغضب...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج يوم القيامة عنق من النار ، لها عينان تبصران ، وأذنان تسمعان ، ولسان ينطق ، تقول : إني وكلت بثلاثة : بكل جبار عنيد ، وبكل من دعا مع الله إلها آخر ، وبالمصورين