وختامًا أقول: يجب أن تتجنَّب الإنفاق فوق قدرتك على الإنفاق، فإنفاقك يجب أن يتناسب مع حالتك المادِّيَّة وحالتك الإيمانيَّة؛ بمعنَى ألاَّ تنفق نفقةً تدفعك إلى القرض، ولا تنفق نفقةً تندم عليها بسبب ضعف إيمانك وثقتك بالله U، قال سبحانه وتعالى: } ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كلَّ البسط فتقعد ملومًا محسورا {(29 الإسراء)، وقد أنفق آل عليّ رضي الله عنهم طعامهم وباتوا جياعًا ثلاثة أيَّامٍ فَنَزَلَ فيهم وفي الثناء على فِعْلِهم قرآنٌ يُتلَى إلى ما شاء الله I، قال الله U: } إنَّ الأبرار يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافورا، عينًا يشرب بها عباد الله يفجِّرونَها تفجيرا، يوفُون بالنذر ويخافون يومًا كان شرُّه مستطيرا، ويُطعِمون الطعام على حبِّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرا، إنَّما نُطعِمكم لِوَجْه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا، إنَّا نخاف من ربّنا يومًا عبوسًا قمطريرا، فَوَقاهم الله شرَّ ذلك اليوم ولَقَّاهُم نَضْرَةً وسُرورا، وجزاهم بما صبروا جنَّةً وحريرا، متَّكئين فيها على الأرائك لا يَرَون فيها شمسًا ولا زمهريرا، ودانيةً عليهم ظِلالها وذُلِّلَتْ قطوفها تذليلا، ويُطاف عليهم بآنيةٍ من فضَّةٍ وأكوابٍ كانت قواريرا، قواريرَ من فضَّةٍ قدَّروها تقديرا، ويُسقون فيها كأسًا كان مزاجها زنجبيلا، عينًا فيها تسمَّى سلسبيلا، ويَطوف عليهم وِلْدانٌ مُخَلَّدون إذا رأيتهم حَسِبْتَهُم لؤلؤًا منثورا، وإذا رأيتَ ثَمَّ رأيتَ نعيمًا وملكًا كبيرا، عالِيَهم ثياب سندسٍ خضرٌ وإستبرقٌ وحلُّوا أساور من فضَّةٍ وسقاهم ربُّهم شرابًا طهورا، إنَّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكورا {(5-22 الإنسان).
ـــــــــ
(1) كالراتب وأجرة العمل وأرباح التجارة والصناعة وخراج الأرض والهديَّة وغيرها، والمسلم يأخذ الحلال ويرفض الحرام بكلِّ الحزم والإباء والخوف من الله Y.
(2) أي: تجمعي في الوعاء وغيره وتمنعي النفقة.
(3) الأمر الكونِي القَدَري، ومِنه الحرق وال**اد والأمراض والحوادث والكوارث والحروب والموت وغيره من أقدار الله تعالى.
(4) الحكمة هي العِلْم مع العقل والذكاء، والذكاء هو الفهم والإدراك.
(5) قال الله تعالى في الحديث القدسي: } أنا عند ظنِّ عبدي بي فلْيَظنَّ بي ما شاء، إنْ ظَنَّ خيرًا فَلَه وإنْ ظَنَّ شرًّا فَلَه {(صحيح الجامع).
(6) الأمر الشرعي، كقوله تعالى: } أنفِقْ يا ابن آدم {.
(7) سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيّ المؤمنين أكْيَس؟ فقال: {أكثرهم للموت ذِكرًا وأحسنهم لما بعده استعدادًا أولَئك الأكياس} أي: العقلاء (صحيح ابن ماجه).
(8) والمعنَى أنفقه في كلِّ جانبٍ في الخير.
(9) رواه أحمد وصحَّحه الأرنؤوط.
(10) صحَّحه الترمذي والألباني.
__________________