--------------------------------------------------------------------------------
الفصل الرابع
~~ الفتاة الغامضة ~~
كان يوما عمل متعب.. لم تحظى كرستي ولو بدقيقه واحده تستريح فيها و تستعيد نشاطها و حيويتها ,,
كانت الأوراق والملفات متناثرة فوق مكتبها بشكل عابث ,, وفي زاوية صغيره كوب قهوة سوداء و آله حاسبه ..
ألقت كرستي نظره من خلف زجاجتي نظارتها على كومه الأوراق في تعب و إرهاق شديد ,, ( لم يتبقى سوى القليل و أنهي مراجعه كافه الملفات ) رددت ذلك في رأسها و هي تسحب ملفا آخر و تباشر عملها فيه ,, فجأة انفتحت النافذة و اندفع إلى الداخل نفحه هواء باردة جدا .. سقط القلم من يدها أحست و كأن وقعه قنبلة أفزعت قلبها و أنفاسها ,, قامت من كرسيها في توتر شديد .. رفعت يدها ثم أمسكت بالشباك وأغلقته بسرعة .. لاشيء يدعو للقلق إنه مجرد هواء لا أكثر .. نظرت إلى انعكاسها على زجاج النافذة طويلا .. نزعت نظارتها في سكون و أخذت تفكر .. استعادت ذكرى الأسبوع الماضي ذلك الحوار الذي دار بينها و بين ذلك المدعو سبارو .. لا تستطيع أن تنكر مدى التشابه بين الأمور التي حدثت معه و الأمور التي حدثت معها و مازالت .. النافذة , الظلال , حتى الأنفاس , تقريبا كل شيء .. أيعني هذا أن هناك شبحا يلاحقها .. أمر يستحيل تصديقه .. استنشقت الهواء بعمق ثم أطلقته بهدوء .. ربما عليها أخذ قسطا من الراحة ..
حملت ملفاتها و معطفها واستأذنت ثم انطلقت .. وفي الطريق كان الجو ضبابي و بارد جدا بالكاد تستطيع الرؤية .. وفي نهاية الممر انعطفت بسيارتها بسرعة فتعثرت على حجر كان مرمي في وسط الطريق لم تستطع رؤيته فانسكب كوب القهوة عليها ولحسن حظها لم تكن ساخنة جدا .. مدت يدها لتأخذها وحين رفعت رأسها تفاجأت بفتاه تقف بكل جمود بمنتصف الطريق .. شهقت بقوه و حاولت التحكم بمكابح السيارة فاصطدمت بها و استدارت السيارة لتنحرف عن الطريق وتصطدم بإحدى الأشجار على الرصيف !! .. فتحت عينيها.. أحست بوخزه ألم في رأسها .. ألقت نظره من زجاج نافذة السيارة و قد تحطم جزء منه .. لم يكن هناك أحد وبعد جهد جهيد نزلت منها وهي تتسائل من تكون تلك الفتاة !! .. بحثت عنها في خطوات متعثرة لكن .. لم يكن هناك أحد !!!!!!
التفتت يمينا و شمالا .. لم تجدها .. لا يعقل ذلك .. أخذت أنفاسها تتسارع وهي تتذكر تلك النظرة التي بدت على عينيها وقت حدوث الحادث .. ابتلعت ريقها بصعوبة حين تذكرت كلام سبارو و ما قاله عن الأشباح .. تفجرت الدموع من عينيها وتملك قلبها الفزع و الرعب .. أحست بدوار شديد اختل توازنها فسقطت على الأرض مغمي عليها !! ..
شكرت لورا الشرطي و استأذنته للدخول ,, كانت كرستي جالسه ملتحفه في غطاء قطني وعلى جبينها ضمادة .. تمسك بيدها كوب ماء .. تنظر إلى الجانب الآخر ..
أسرعت لورا إليها قائله بقلق شديد
( عزيزتي .. هل أنت بخير ؟! )
جلست بجوارها و أحاطتها بذراعيها بكل حنان قائله
( لقد قلقت عليك كثيرا حين تلقيت الاتصال من مركز الشرطة .. أخبروني أنك تعرضت لحادث .. حمدا لله أنك بخير )
نظرت لورا إليها طويلا .. قطبت جبينها ثم سألتها بهدوء واهتمام
( كرستي ,, هل أنت بخير ؟! )
صمتت كرستي طويلا .. سالت دمعه من عينيها ثم شقت طريقها على خدها الشاحب .. همست دون أن تنظر لصديقتها بخوف
( لقد رأيتها .. كانت تقف في منتصف الطريق .. لقد نظرت إلي .. )
مررت لورا يدها على شعر صديقتها بلطف وسألتها
( من هي ؟! )
صمتت مجددا وكأنها تستعيد ذلك المشهد المرعب الذي حدث لها .. مازالت تحت تأثير الصدمة .. أمسكت لورا بيدها و سألتها مجددا
( عزيزتي ,, عن أي فتاه تتحدثين ؟! )
وقبل أن تجيبها .. دخل رجل الشرطة ومعه كيس صغير .. قدمه نحو لورا قائلا
( تفضلي هذه مفاتيحها و بعض حاجيتها .. يؤسفني فعلا ما حدث لها )
شكرته لورا و قالت
( شكرا على كل شيء )
ابتسم ابتسامه جذابة ثم قال
( من حسن حظها أن أحد رجالنا وجدها هناك ,, لقد كان في طريق عودته إلى المركز. وكأن الله قد أرسله إليها )
بادلته الابتسامة .. أذن لهما بالخروج و أنصرف .. حملت لورا الكيس و حقيبة كرستي ثم أمسكتها لتساعدها على النهوض .. لكنها أبعدتها عنها وقامت بنفسها .. توجهت نحو الباب وقبل أن تخرج التفتت إلى لورا التي كانت تقف بدهشة ثم قالت لها ببرود
( سأنتقل لشقة جديد !! )
استدارت و أكملت طريقها بهدوء ..