عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2009, 09:30 PM   #2

WELFA
عضو فضى



الصورة الرمزية WELFA


• الانـتـسـاب » Jun 2009
• رقـم العـضـويـة » 62372
• المشـــاركـات » 3,502
• الـدولـة » ۩ ALEX ۩
• الـهـوايـة » كرة - سباحة
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 10
WELFA صـاعـد

WELFA غير متواجد حالياً


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى WELFA

افتراضي



.. أماكن العبادة ..


كان المعبد المصري، يمثل مفهوم الديانة المصرية القديمة لبداية الخلق؛ وكيف أن الخليقة قد جاءت من العدم: حيث ترتقي أرضية المعبد تدريجيا نحو قدس الأقداس. ويقابل هذا فكرة بداية الخليقة في وسط من المياه، حيث أقام الخالق تلا في وسطها؛ كمرتفع استقر هو عليه. وقد أصبحت أعداد كبيرة من المعابد أنظمة معقدة (مجموعات) من الأبنية؛ أضافت إليها أجيال من الفراعنة، أحيانا عبر آلاف السنين. وقد تميزت عمارة المعبد بالأبهة والاتساع والتباين بين الضوء والظلام. ومن الناحية النظرية، فإن المعابد كانت تشيد دائما عند نقطة ذات دلالة أو أهمية دينية، وكانت في الغالب توجه نحو نقطة أخرى ذات دلالة دينية؛ مثل موقع يعتقد أن يكون مكان مولد، أو قبر،معبود – أو مكان آخر يعتقد أنه يمتلك خصائص قوة وسلطان. ولكن من الناحية الفعلية العملية؛ فإن بناء المعبد كان يقام قريبا من مركز كثافة سكانية، أو من طريق عام مأهول، من موارد ضرورية حيوية. فعلى سبيل المثال، فإن "الأوزاريون" في معبد سيتى الأول في أبيدوس؛ كان يحتاج موارد خاصة. وقد بدا واضحا أنه كان يحتاج بركة ماء حول قبر أوزيريس تحت الأرض ولهذا، فإن المعبد شيد قريبا من نبع (ينبوع) طبيعي؛ حيث كان الماء متاحا بسهولة ويسر. وتنتمي معظم المعابد المعروفة، مثل الكرنك والأقصر والرامسيوم والدير البحري وأبو سمبل، إلى عصر الدولة الحديثة؛ بينما معظم معابد العصر البطلمي، مثل معبد حورس في إدفو ومعبد دندرة، قد أقيمت في مصر العليا والنوبة. وتعكس جميع هذه المعابد، بشكل عام، نفس المعالم المميزة للمعبد المصري. واستمر نفس الأسلوب خلال العصر الروماني، ويعد معبد سوبك المكتشف عام 1912 بالفيوم؛ مثالا رائعا للمعبد الروماني. وخلال العصر المسيحي، كانت الكنيسة هي بالتأكيد مكان العبادة. ولكن خلال الفترة التي سبقت، عندما كان المسيحيون يقاسون من الاضطهاد الروماني، فإنهم كانوا يلجأون للصحراء ويعيشون داخل المعابد الفرعونية القديمة. وكثيرا ما كانوا يتركون كتابات على الجدران؛ إلى جوار الكتابات القديمة. و تظهر في معبدي الكرنك وإدفو بقايا العبادة المسيحية. وقد كان النمط المعماري السائد للكنيسة القبطية في مصر، هو البازيليكا (أو الكاتدرائية). وهناك أمثلة متعددة من هذا النمط بين الكنائس المصرية: مثل البازيليكا في دندرة، وكنيسة العذراء مريم، والكنيسة المعلقة، وكنائس أبو سرجا وسانت باربرا ومار جرجس. وكان يستخدم الرخام والفسيفساء والأبنوس والخشب؛ في بناء العناصر المعمارية الرائعة داخل الكنائس: مثل المذبح والمصابيح والشمعدانات، وهي تحتوي على نقوش وصلبان ونصوص. ومعظم هذه الكنائس مبنية على أرض مقدسة؛ حيث يعتقد أنها كانت محطات توقف المسيح الطفل وعائلته، في مصروأسفر قيام الرهبنة في مصر عن نمط معماري متفرد، يتمثل في الأديرة التي بنيت في أماكن نائية بعيدة عن المجتمعات الحضرية؛ بحيث تضمن الهدوء والسكينة لشاغليها، بما يساعدهم على التفرغ للعبادة. واكتشف عدد من الأديرة في وادي النطرون وإسنا ونقادة. وبينما يعد دير القديس أنطون أقدم دير في العالم، فإن دير القديس مقار في وادي النطرون الذي كان يختار باباوات المسيحيين القبط من بين رهبانه يعد الأهم، من الناحية الدينية. ومن الأديرة القديمة أيضا، الدير الأبيض والدير الأحمر.
وفي العصر الإسلامي فإن المساجد تختلف (في معمارها) من منطقة جغرافية إلى أخرى؛ أكثر من اختلافها عبر الحقب التاريخية. ويعزى هذا، جزئيا، إلى الانتشار السريع للإسلام؛ خلافا للمسيحية في مصر.
وقد انتشر الإسلام سريعا عبر أراض (أقطار) شاسعة؛ حيث خلق استخدام الخامات والأفكار المحلية – من جانب الحرفيين والمعماريين المحليين اختلافات إقليمية متميزة ومتفردة للغاية. واتخذ المسلمون في كل أنحاء العالم طراز مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، الذي اهتم بالعناصر الوظيفية اللازمة للعبادة؛ كأساس للتصميم المعماري للمساجد التي قاموا بتشييدها. وهذه العناصر مزينه بزخارف نباتية وهندسية. وتفوق الفنانين في نقشها بتطعيمها بالعاج والمعدن. وعلى الرغم من أن ذلك التصميم لم يكن يحتوي بين عناصره على مئذنة، فإن امتداد العالم المسلم لكي يشمل مناطق حضرية تضم أبنية متكاملة وقصورا قد خلق الحاجة إلى وجود مكان مرتفع يطل على جميع تلك المناطق. وهكذا جاءت المئذنة إلى الوجود. والمآذن الشاهقة هي أبرز جزء في المسجد. وكانت تستخدم لرفع الأذان ودعوة المصلين للصلاة؛ مما يسمح لصوت المؤذن بأن يصل بعيدا. وكان مسجد عمرو بن العاص أول مسجد يقام بمصر ويعرف لذلك باسم "الجامع القديم"، وقد شيد عام641. ثم تبعت عدة مساجد أخرى كبيرة، من بينها: جامع ابن طولون، والجامع الأزهر الذي يعد أول أثر فاطمي في مصر، وجامع الحاكم، وجامع الأقمر.
وبعد الفاطميين ظهر طراز آخر من المساجد, وهو المسجد المعلق؛ الذي يرتفع على قمة خمسة مداخل مقنطرة (أروقة) وبه مجموعة من درجات السلالم المؤدية إلى الباب الرئيسي. و توجد أيضا أمثلة رائعة من المساجد التي ترجع إلى العصر العثماني, من بينها: مسجد سليمان باشا, ومسجد سنان باشا, ومسجد محمد بك أبو الدهب بالأزهر, ومسجد السيدة صفية.


.. المعتقدات ..


كان قدماء المصريين يعتقدون في الحياة الآخرة. ويرجع ذلك إلى طبيعة البيئة المصرية القديمة والفترات الطويلة من التأمل في الظواهر الطبيعية؛ خاصة في شروق الشمس وكأنها تولد، وفي غروبها وكأنها تموت: ثم بزوغها من جديد في اليوم التالي. وهكذا رأوا أن الموت امتداد للحياة وأن الحياة امتداد للموت. وكانت التعاويذ والقرابين وسائل تعين المتوفى في المرور بسلام إلى الدار الآخرة. وكانت متون الأهرام والنقوش على التوابيت وكتاب الموتى مجموعات من تلك التعاويذ والنصوص الدينية. وكانت التعاويذ أيضا وسائل لتحقيق الأمان والبركة للمتوفى؛ يحملها معه إلى القبر. واتخذت التمائم أشكالا مختلفة للأرباب وللمقدسات؛ مثل زهرة اللوتس والجعران (الجعل). و كان تحضير المقبرة يبدأ قبل وقوع الوفاة بوقت كبير. وكانت عملية الدفن بالغة التعقيد والطول؛ إذ كان تحضير المقبرة يبدأ قبل وقوع الوفاة بوقت كثير. وكانت الجدران تطلى وتنقش بمشاهد يومية ودينية، وتجهز بالأثاث، وتسجل الدعوات على الجدران. وكانت توضع الأطعمة والأدوات المختلفة داخل المقبرة. ولأن قدماء المصريين كانوا يعتقدون بأن التحنيط أساسي في العبور الآمن من عالم الأحياء إلى الحياة الآخرة، فإن الموتى كانوا يدفنون على ذلك النحو. وكانت عملية التحنيط الفعلي تستغرق نحو سبعين يوما. وكان جسد المتوفى ينظف ويطهر طقسيا، لكي يبدأ الرحلة إلى العالم الآخر. وكانت الأعضاء الداخلية تزال وتوضع في أوعية تسمي بالأواني الكانوبية؛ باستثناء القلب. وكان جسد المتوفى يحمل في موكب جنائزي؛ يحضره أقاربه وأصدقاؤه، وكذلك نادبات محترفات تبكينه حتى يصل إلى المقبرة.وكان قدماء المصريين يعتقدون بأن روح المتوفى تسكن مومياءه. وكانت الروح "الكا" هي جوهر الإنسان مثل القرين، وكانت تبقى بالمقبرة وتتقبل القرابين بها. وكانت الروح "البا" حرة الحركة؛ داخل وخارج المقبرة. وكان قدماء المصريين يعتقدون بأن الطقوس التي تؤدى، كانت تطلق "البا" و"الكا"؛ لكي تتجولا في العالم الآخر بل وتخرج الى عالم الأحياء. وبعد الفراغ من الطقس، كان جسد المتوفى ينزل إلى المقبرة؛ مع الأثاث الجنائزي. وكانت توضع بعض الأدوات حول التابوت: مثل العصى والأسلحة والتمائم وأدوات العمل فى الحرف المختلفة. وكانت المقبرة تغلق في النهاية، ثم يغادر الجمع المودع للمتوفى. ولكنهم كانوا يعودون لزيارة المقبرة في العطلات والمناسبات الخاصة؛ لتقديم القرابين للمتوفى وقراءة الأدعية والصلوات والتعاويذ. أحب قدماء المصريين للحياة؛ لدرجة أنهم حرصوا على الاستمرار في التمتع بها، حتى بعد الوفاة. ومثل تلك الطقوس المعقدة في عملية الدفن، كانت جزءا من تقبل الموت. وكان كبير كهنة المعبد يغتسل أولا، ثم يدخل إلى قدس الأقداس وبعد تطهير وحرق البخور وينثر ملح النطرون ، ويقوم بوضع الحلي والجواهر على التمثال؛ ثم يقدم القرابين إليه. ثم يعاد تمثال المعبود إلى التابوت الخشبي، ويغلق التابوت: إلى وقت خدمة تقديم الطقوس التالية. وكانت تجري الاحتفالات بالمعابد في مناسبات عديدة بطول السنة. وفي عصر البطالمة ، فكر بطليموس الأول في تأسيس ديانة جديدة تضم الأرباب المصرية والإغريقية؛ فيتعبد إليها الإغريق في شكلها الإغريقي ويتعبد إليها المصريون في شكلها المصري. وكان أحد الأرباب الجدد "سيرابيس" الذي بني له معبد بالإسكندرية. وفي العصر الروماني، بدأت مصر في الدخول في طور جديد من الديانة والعبادات؛ عندما بدأت المسيحية في الانتشار عبر أقطار عديدة في النصف الثاني من القرن الأول للميلاد. ودخلت المسيحية في كفاح طويل مع الوثنية، وكانت لها مدارسها غير الرسمية لتعليم الديانة الجديدة؛ إلى أن اعترف بها رسميا في القرن الرابع. وانتشرت الرهبانية، فرديا في البداية، ولكن القديس أنطون كان رائدا في تأسيس أول حركة رهبانية جامعة. وبدأ المسيحيون في تنظيم أنفسهم؛ لإعلان الديانة الجديدة التي اعتنقها المصريون. وفي عهود حكم ولاة المسلمين، ظهر تقدير المصريين لعقيدة الإسلام أفضل ما ظهر؛ في روح التسامح والتفتح. ففي بعض الأقطار الأخرى، تغلب مذهب واحد فقط؛ ولكن انتشرت بمصر المذاهب الأربعة الكبرى بين المسلمين جنبا إلى جنب، في سلام و انسجام.


.. المقابر ..


كان الموتى، في عصر ما قبل الأسرات، يلفون في الحصير أو جلد الماعز ويوضعون في حفرة رملية بيضاوية ضحلة العمق. وكانت تترك في الحفرة، مع المتوفى، أوعية فخارية بها طعام وشراب؛ من أجل الرحلة في العالم الآخر. وكانت الرمال أو كميات من الرديم، تكوم فوق القبر لتشكل تلا صغيرا. وفي وقت لاحق، كانت مقابر الصفوة تتكون من تقسيمات بنائية مستطيلة الشكل تحت الأرض؛ مفردة أو متعددة . وكانت هذه التقسيمات تبطن أحيانا بالطوب، لتدعيم الجوانب؛ كما كانت تغطى بأكوام من الرديم. وكان البعض منها مزودا بدرجات سلالم؛ حتى يسهل النزول عليها، إلى الغرف الموجودة تحت الأرض.

وأصبحت المصطبة، وهي بناء مستطيل ضخم فوق غرفة تحت الأرض، البناء المفضل للدفن لدى طبقة النبلاء في عهد الأسرة الثانية. وكانت الجدران الخارجية منبسطة، ولكن مع الميل الخفيف إلى الداخل. وكانت للمصاطب، في الغالب، غرف لحفظ القرابين تحمل جدرانها نقوشا منحوتة غائرة أو بارزة تحتوي علي رسوم أو نصوص. وفي تلك الفترة تقريبا، بدأ قدماء المصريين يضعون الموتى داخل توابيت حجرية أو خشبية.

وفي عهد الأسرة الثالثة، بدأ المعماري العبقري أمحوتب؛ ثورة في العمارة الجنائزية: حين شيد مجموعة جنائزية للملك زوسر، من الحجر كبديل عن الطوب والخشب. وتطورت المصطبة ذات القمة المسطحة؛ إلى هرم مدرج من ست مصاطب مستطيلة بمساحات تتناقص تدريجيا إلى أعلى، وقد بني بعضها فوق بعض. وبتشييد هرم الملك سنفرو في ميدوم؛ تطور الهرم المدرج إلى هرم حقيقي؛ بجوانب مستقيمة مسطحة وزوايا تميل إلى أعلى. وبنى خوفو، ابن سنفرو، هرما أكبر بالجيزة. وبنى خفرع هرما كبيرا أقل منه، بجانب نحت تمثال أبي الهول؛ وبنى ابنه منكاورع الهرم الأصغر الثالث بالجيزة. وبنهاية عصر الدولة القديمة، أصبحت الجيزة مدينة للموتى ، وبها شوارع اصطفت بأهرام صغيرة للملكات والأميرات، ومقابر للنبلاء المقربين.
وكانت الأهرام تكون جزءا من مجموعة جنائزية مع معبد للوادي وطريق صاعد يؤدي إلى المعبد الجنائزي وضمت الأهرام أنظمة تزداد تعقيدا، ووسائل وأدوات إغلاق لكي تحول دون سرقة ما يمكن أن يكون بداخلها من كنوز شخصية للملوك والملكات.
وخلال عصر الدولة الوسطى، تغيرت العمارة الجنائزية؛ حيث شيد منتحوتب الثاني معبدا ضخما عند الجبل الغربي في طيبة. و قاد طريق صاعد من أسفل الساحة إلى المقبرة المخفية في العمق تحت بطن الأرض. ولقد دفن عدد كبير من كبار المسئولين معا في الجبل بطيبة. وفي الشمال، دفن الملوك فى أهرام؛ بينما كان يدفن أعضاء البلاط في مقابر حولها.
وبحلول عصر الدولة الحديثة، حاول الملوك إخفاء المقابر من اللصوص. وقد حفر للملك تحتمس الأول كهفا ضخما تحت الأرض بوادي الملوك غرب طيبة. وبعد وفاته أغلق المدخل ؛ بينما أقسم أولئك الذين شاركوا في الأعمال، على الالتزام بالسرية. ولأن الموتى من الأجيال المتعاقبة كانوا يدفنون أيضا فيما يعرف الآن بوادي الملوك؛ فإن السر قد أفشي، وتعرضت محتويات غالبية المقابر – باستثناء مقبرة توت عنخ آمون – للسرقة .
وخلال العصر البطلمي، دمجت بعض عادات الدفن للإغريق و الرومان بالتقاليد المصرية. فكان الصفوة يدفنون في مقاصير صغيرة؛ بينما كان يدفن العامة معا. وكانت المقابر تميز بشواهد؛ بعضها يحمل مزيجا من الرسوم والنصوص الإغريقية والمصرية. وبقي التحنيط شائعا، وظلت أدوات الاستخدام اليومي توضع في المقابر. وكانت توضع صور مرسومة بالأسلوب الإغريقي، لوجه المتوفى على المومياء؛ بدلا من قناع المومياء المصري القديم. وتأتي أشهر تلك الصور من منطقة الفيوم.
وخلال عهود حكم ولاة المسلمين، كان الولاة والصفوة يدفنون داخل المساجد أو الأضرحة أو مجموعات جنائزية كبيرة. وفي عهد الناصر محمد بدأ الأمراء في تشييد أبنية دينية وجنائزية في المنطقة المسماة بالجبانة الشمالية، على حدود الصحراء الشرقية لمدينة القاهرة القديمة. وقد أقيمت مجموعة السلطان بارسباي في هذه المنطقة؛ وتضم مدرسة وخانقاة وتكية: إلى جانب ثلاثة أضرحة، بينها ضريحه هو.


{.. آإلحٍ ـكوٍمـه .. }


حظيت مصر بأول حكومة منظمة (جهاز حكومي منظم) في العالم. وقبل أن تتحد مصر العليا ومصر السفلى، كان يحكم كل منطقة منهما ملك. وفي عام 3100 قبل الميلاد، وبعد توحد القطر في نظام مركزي للحكم؛ قسم إداريا إلى 42 إقليما. وكان على رأس كل إقليم حاكم يديره، لكنه يتبع الفرعون ويطيعه.

وكان الفرعون أعلى سلطة وله السيادة الكاملة على الشعب؛ وكانت له السيطرة الكاملة على السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة، ويعاونه عدد كبير من الموظفين المدنيين المعينين. وفي اختياره لأولئك المعاونين، فإن الفرعون كان يراعي قواعد الأقدمية والتعليم.

وكان كبار موظفي الحكومة، في عصر الدولة القديمة، يتقلدون مناصب عليا مثل: أعضاء بالبلاط الملكي (الحاشية الملكية)، أو مستشارين أو وزراء؛ أو أعضاء بالمجلس الأعلى للحكم. وارتقى منصب الحاشية الملكية في القدر مع الزمن؛ ليغطي مهام ووجبات دينية ومدنية وقضائية وعسكرية. وكان منصب المستشار هو أعلى منصب في الدولة، ولكن المستشار لم يكن عضوا في المجلس الأعلى للحكم. وقد كان المجلس يتكون من كبار مسئولي الدولة الذين يتولون فرض التشريعات والمراسيم (الأوامر) الملكية، وقد تولوا فيما بعد مهام قضائية. وكان الوزير رئيس القضاة.

وتخصص عدد من المسئولين الإداريين في التعامل مع الضرائب والشئون المالية والأعمال العامة وتوزيع القوى العاملة على المشاريع المختلفة. وكانت مصر أول قطر يطبق نظاما للعاملين في المشروعات الحكومية؛ مثل الحرف والصناعة والزراعة والبناء.

وكانت هناك محاكم في جميع أنحاء مصر. وتبرهن العقود والبرديات التي تضم أحكاما والتماسات؛ على أنه كانت هناك قوانين ثابتة محددة تتعلق بالمعاملات اليومية: مثل الميراث والزواج والهبات والوصايا وملكية الأراضي، وغير ذلك من التعاملات التجارية. وكان كل شيء يسجل في الحفظ (الأرشيف)؛ بما في ذلك الوصايا وعقود الملكية وقوائم الإحصاء العام والأوامر وقوائم الضريبة والخطابات وقوائم الجرد واللوائح ومحاضر المحاكمات.

وخلال العصر اليوناني – الروماني، اتخذ الملك البطلمي موقع الفرعون؛ واتبع نظام الحكومة المركزية. ولأن الكهنة كانوا يهددون سيطرة الغزاة، فإن البطالمة حاولوا إضعافهم؛ بتجريد المعابد من حقوقها وممتلكاتها. ولكنهم سرعان ما غيروا سياستهم وكسبوا تأييد الكهنة بإبداء الاحترام للمعتقدات المصرية، وبناء المزيد من المعابد. وأبقى البطالمة على نظام تقسيم البلاد إداريا إلى أقاليم؛ كل منها تحت رئاسة حاكم. واكتسب الحاكم صفة عسكرية؛ باعتباره قائد حامية ومديرا ماليا. وفي داخل تلك الأقاليم، كانت هناك مدن مخصصة لعيش الصفوة من الإغريق؛ مثل نقراطيس والإسكندرية وبطولميا.

وفرض البطالمة قوانين تحرم الزواج المختلط بين المصريين والإغريق. وخلال ذلك العهد، اعترف النظام القضائي بأربعة أنظمة قانونية: للمصريين، والإغريق والأجانب، والمدن الإغريقية، واليهود. وظهر نظام "البوليتيوم" الذي كان بمثابة رابطة من جميع طبقات الإغريق، ويعمل من خلال مجلس مستقل ذي طبيعة شبه عسكرية. وكانت له أيضا أنشطة اجتماعية ودينية تتبع الملك. ولم يعمر الانقسام بين المصريين والإغريق طويلا. وأصبح بعض المصريين مرافقين وإداريين، وازداد الزواج بين المصريين والإغريق؛ تدريجيا.

وعندما أصبحت مصر مقاطعة رومانية، لم يعمد الرومان إلى إحداث أي تغيير: ما لم يكن ضروريا. وأصبح الإمبراطور الروماني فرعون مصر، وصور بالمعابد المصرية مرتديا التاج المزدوج للفرعون، وملابسه. وأدار الإمبراطور شئون مصر بصورة مباشرة، كما تولى قيادة الجيش الروماني. وأضيف منصب جديد للإدارة في البلاد؛ وهو منصب رئيس القضاة.

ومن وجهة النظر القانونية الرومانية، فإن مصر قسمت إلى قسمين رئيسيين، من رومانيين ومصريين. ومع ذلك، فإن كلمة "مصريين" كانت تستخدم في الإشارة إلى جميع سكان مصر؛ من مصريين وإغريق ويهود. وفرضت "ضريبة رأس" على المصريين؛ ولكن ليس على المواطنين الرومانيين أو السكندريين، الذين كان لهم حق الالتحاق بالجيش والإعفاء من الضرائب. وعاش المصريون تحت الحكم الروماني حياة سيئة بئيسة؛ بسبب الضرائب الباهظة والعمل الجبري. وطبقت إصلاحات في القرن الثالث منحت الجنسية الرومانية للجميع وألغت الامتيازات الممنوحة للأقلية، وأدخل الإمبراطور "ديوكليشيان" نظام اللامركزية في الإدارة.

وبعد أن أصبحت مصر ولاية خلال فترة حكم خلافة المسلمين، استمر حكمها من الخارج. وكان الخليفة يعين الوالي الذي يحكم مصر ويدير شئونها باسم الخليفة. وأشرف الوالي على جمع "الخراج"؛ والذي يمثل الضريبة على الأراضي الزراعية. وكان اليهود والمسيحيون يدفعون الضرائب، بينما كان المصريون يدفعون الزكاة. وكان رئيس الشرطة مسئولا عن حفظ الأمن، وكان رئيس البريد مسئولا عن الاتصالات بين مصر ومركز الخلافة.


.. القيادات ..


شهدت مصر عبر تاريخها الطويل أوقاتا عصيبة من الاضطرابات الرهيبة، كما شهدت فترات طويلة من الرخاء الكبير. ويبرز الزعماء الذين تمكنوا من توحيد البلاد وطرد الغزاة وفتح البلاد المجاورة؛ كحكام عززوا قوة مصر. واشتهر قادة آخرون بإسهامهم في الحضارة المصرية؛ من تشييد الصروح المعمارية إلى دعم الفنون والثقافة، بإقامة المدارس وإنشاء المكتبات.

وفي عصور ما قبل التاريخ، أصبحت المستقرات البشرية العديدة ممالك قبلية صغيرة؛ تطورت في النهاية إلى دولتين : واحدة في الشمال و أخرى في الجنوب. ونجح الملك نارمر "نعرمر"، والمعروف أيضا باسم الملك مينا؛ في توحيد الاثنتين وإقامة حكومة مركزية مدمجة حوالي عام 3200 قبل الميلاد. وأرسى ذلك قواعد الحكم الفرعوني في مصر الذي قسمت عهوده إلى نحو ثلاثين أسرة (سلالةحاكمة).

وأنجز حكام الدولة القديمة مشروعات بناء مذهلة. وكان هرم الملك زوسر المدرج أول عمل معماري نفذ بالأحجار. وشيد الفراعنة خوفو وخفرع ومنقرع أهراما كبرى بمنطقة الجيزة. وبعث الملك سنفرو بحملات عسكرية إلى بلاد بعيدة؛ منها ليبيا والنوبة.

ثم ضعفت القيادة بعد عصر الدولة القديمة، ولم تعد بمصر سلطة مركزية. وعاد تصارع الشمال والجنوب للسيطرة على كامل الأراضي المصرية، من جديد، وحتى حوالي عام 2065 قبل الميلاد؛ عندما أعاد الملك مونتوحوتب الثاني النظام والأمن إلى البلاد. واستؤنفت الحملات العسكرية إلى ليبيا والنوبة وصحراء سيناء؛ ثانية. وكان من أهم ملوك الدولة الوسطى أيضا أمنمحات الذي توسع بحدود مملكته إلى فلسطين والشام. وانتهى عصر الدولة الوسطى بغزو الهكسوس لمصر.

وطرد أحمس الأول الهكسوس من مصر؛ مؤسسا بذلك الدولة الحديثة. وازدهرت الحضارة المصرية خلال ذلك العصر؛ وأصبحت مصر قوة عالمية عظمى. وبعد فترة سلام خلال عهد الملكة حتشبسوت، توسع الملك تحتمس الثالث بمملكته إلى ما وراء النوبة، وعبر نهر الفرات. وبحلول عهد الملك أمنمحتب الثالث كانت مصر غنية وآمنة بما يكفي؛ لكي يشيد معبد الأقصر الرائع. وغير ابنه أمنمحتب الرابع اسمه إلى إخناتون وحاول تأسيس عبادة الإله الواحد؛ آتون. وعقب وفاته عاد المصريون إلى ممارسة معتقداتهم الدينية الأولى. وكان رمسيس الأول وخلفاؤه ملوكا محاربين استعادوا أراض عديدة فقدت في عهود حكام سابقين؛ ومنها فلسطين والنوبة والشرق الأدنى وآسيا الصغرى. وشيد رمسيس الأول أيضا آثارا ومبان ضخمة.

وفي عام 332 قبل الميلاد استولى الإسكندر الأكبر على مصر؛ واضعا نهاية لعصر الفراعنة في مصر، ليبدأ العصر اليوناني-الروماني. وحكم البطالمة مصر بنجاح كامل، بعد ذلك، لنحو قرنين ونصف من الزمان. وقد جعل بطليموس الأول من مصر قوة تجارية وبحرية عظمى. وتحالفت الملكة كليوباترا السابعة، آخر البطالمة، مع قيصر الأول ثم أنطونيو من بعده؛ ولكن بهزيمتها على يد أوكتافيان (أوكتافيو) قيصر؛ أصبحت مصر مقاطعة رومانية.

وبعد سقوط روما، بدأ العصر البيزنطي بالإمبراطور قسطنطين. وحكم البيزنطيون مصر من القسطنطينية؛ وحتى الفتح العربي في عام 642م، بقيادة عمرو بن العاص. وأصبحت مصر جزءا من إمبراطورية ممتدة، تحت حكم الأمويين؛ إلى أن استولى العباسيون على السلطة ونقلوا عاصمة الخلافة إلى بغداد. وفي عام 868 م عين أحمد بن طولون واليا على مصر، واستطاع أن يستقل بمصر عن العباسيين لسبعة وثلاثين عاما.

وانفصل الفاطميون عن الخلافة السنية وأسسوا عاصمتهم في مصر، القاهرة، عام 969م. وحكم الفاطميون الإمبراطورية من عاصمتهم حتى عام 1171م؛ عندما استولى صلاح الدين الأيوبي على السلطة. وشيد صلاح الدين القلعة وصد هجمات الصليبيين، وبدأ عصرا ذهبيا في مصر. وقد أنشأ مؤسسات عديدة؛ بما في ذلك المدارس والمستشفيات. وبعد أن انتهى حكم الأيوبيين، بالملكة شجرة الدر الملكة الوحيدة التي حكمت خلال عهود حكم المسلمين، ارتقى المماليك إلى السلطة. وكان السلطان قلاوون، وخلفه السلطان الناصر محمد، بناة عظاما؛ فشيدوا الجوامع والقلاع وغيرها بالقاهرة. وكان السلطان قايتباي راعيا عظيما آخر للعمارة خلال عهد المماليك


.. حـكوٍمـة آإلـكهنه ..


منذ بداية العصور الفرعونية ومصر يديرها حكم ديني ( ثيوقراطي). والثيوقراطية هي نوع من الحكم تدعي الحكومة فيه بأنها تحكم باسم رب أو معبود. ويعزز الملك القوي، بتأثيره، إعلانه بأنه يحظى بتأييد الأرباب؛ حتى لا يحاول أحد خلعه- فيحل عليه غضب الأرباب. ومن هنا نمت فكرة الملكية المقدسة أو الملك المعبود؛ وتعني أن الملك مقدس ويمثل الأرباب على وجه الأرض.
وهناك نظريتان حول نشأة الملكية المقدسة. وتقول إحداها بأن الملك نشر وأذاع وأشاع بأنه قد رأى في منامه الأرباب تخبره بأنه ممثلهم على الأرض. وتقول نظرية أخرى، بأن الملك حين كان يعود إلى الوطن بعد طول غياب؛ ويجد زوجته حاملا؛ فربما أخبرته بأن الرب هو الوالد، وقد حملت جنينها منه: إبقاءا على النسب الإلهي (المقدس) في الملكية.
وعند تتويج الفرعون، كان يعتقد بأن روح المعبود حورس كانت تدخل فيه لترشده. كما أنه كان يتلقى "الكا" الملكية؛ وهي الروح التي تجعله مقدسا، ولدى وفاة الفرعون، فإن روحه تندمج مع أوزيريس؛ حتى يرشد خليفته. وكواحد من الأرباب ، فإن الملك يصبح ابنا للمعبود رع؛ أو "آمون رع"، فيما بعد. وكانت تقام الاحتفالات المختلفة التي تدعم ألوهية الملك. ومن هذه عيد "الأوبت"؛ والذي يجدد الملك فيه اتحاده مع "الكا" الملكية. ومنها أيضا عيد "الحب سد"؛ والذي يقام بمناسبة مرور ثلاثين عاما على الملك في الحكم، وبهدف استعادة صلاحيته الملكية: والتأكيد على اتحاده مع "الكا" الملكية.
وكان الصولجان المعقوف بين رموز الفرعون التي تربطه بالأرباب؛ فيما يتعلق بمكافأة البريء، بينما كانت المذبة لمعاقبة المذنب. وكان التاج المزدوج رمزا لبسط سلطة الفرعون على الأرضين (مصر العليا ومصر السفلى)، وكان الصل أو حية الكوبرا الملكية هي عين المعبود رع الذي يراقب جميع أفعال الفرعون. وكان الملك مكلفا بتسوية الخلافات القانونية، وبقيادة الشعائر الدينية. وكان يمسك بميزان "الماعت" الذي بموجبه يغلب النظام على الفوضى. وطالما أطاع الفرعون الأرباب وشرفها والتزم بقوانينها؛ فإنه يبقى في مأمن.

وبموجب موقعه كرب، كانت للفرعون عبادته؛ في حياته وبعد مماته. وهذا تقليد ساد وبرز أكثر خلال عصر الدولة الحديثة. وكانت طقوس عبادة الملك شبيهة للغاية بتلك الشعائر اليومية بالمعابد. وكانت التماثيل تقام من أجل تلقي القرابين؛ ومن بينها تماثيل الملك وهو يقدم القرابين لذاته المؤلهة. وكانت العبادات الملكية تخدم أهدافا سياسية أيضا. وخلال الولاية المشتركة، عندما كان الوريث يتوج قبل وفاة الملك المورث؛ فإن الملك القديم كان غالبا ما يقدم في هيئته المقدسة (المؤلهة). وبحلول عصر الدولة الحديثة، بدأت عبادة الملك تركز على المولد المقدس (الإلهي)؛ وفيه أن الملك لم يكن يخلق من نسل أبيه، وإنما من نسل آمون بنفسه. واستخدم الملوك هذه الحجة لإضفاء المشروعية على أحقيتهم في العرش.

وخلال العصر البطلمي تبنى البطالمة نظام المصريين القدماء في الثيوقراطية لتعزيز حقهم في الحكم. وبحلول عهد بطليموس الثاني، أعلن الملك والملكة قدسيتهما (ألوهيتهما). وهكذا نشأت فكرة "العائلة المقدسة"؛ وفيها أن نسب البطالمة يمتد إلى الإسكندر الأكبر مع زيوس، كسلف مقدس وكان للحكام الإغريق أيضا طقوس قرابين، مثلما كان للحكام المصريين من قبلهم. وجاءت نشأة زواج الأخ بالأخت من هذا النمط الهليني من الملكية الإلهية؛ تيمنا بسابقة زواج زيوس من شقيقته هيرا. وكانت لذلك الزواج أيضا أهداف عملية؛ تتمثل في الإبقاء على الثروة داخل العائلة، ولمنع المنافسين من الوصول إلى السلطة عن طريق الزواج.


.. الجيش ..


اعتبرت مصر أكثر أقطار العالم القديم قاطبة حبا للسلام. ولقد وفرت لها حدودها الطبيعية، المتمثلة في الشلال (الجندل) الأول عند أسوان والصحراء شرق وغرب وادي النيل وساحل البحر المتوسط في الشمال، الحماية الكافية من الغزو الأجنبي؛ إلى جانب أن المصريين أنفسهم لم يكونوا مجتمعا من الغزاة والفاتحين. ومن أجل ذلك، فإن البلاد لم تحس الحاجة إلى جيش من المحترفين؛ وبدلا من ذلك اكتفت مصر بتنظيم متواضع لجيش غير متفرغ، وبتسليح ضعيف. ومع ذلك، كانت هناك خدمة عسكرية إلزامية للشباب والفلاحين؛ أوقات الأزمات. وإضافة لذلك، كانت تنتشر فيالق صغيرة من جنود نظاميين في عموم القطر؛ لحفظ النظام، وحماية الأبنية العامة والقصور والجبانات.

وعلى الرغم من هذا، فإن الحروب كانت لا محالة واقعة؛ فلا يمكن تجنبها. ولهذا تكررت صور الملك وهو يؤدب ويطأ الأعداء من الدخلاء؛ عبر تاريخ مصر القديم. وكان قدماء المصريين يشيرون إلى أعدائهم بمسمى "الأقواس التسعة". ويمثل الرقم "9" حاصل ضرب الرقم "3" في نفسه؛ وقد كان ذلك يمثل "جمع الجموع"، فيجمع بالتالي كافة الأعداء. كما عثر أيضا على نماذج خشبية من الجنود الذين يتقدمون في تشكيلات من عشرة صفوف، ويضم كل صف مجموعة من أربعة رجال.
وبدأت مصر تتعامل مع من نوعين من الأعداء. وكان النوع الأول يسيطر على موارد ثمينة سعى إليها المصريون. وباستثناء النوبيين، فإن هؤلاء لم يكونوا- في العادة - يمثلون تهديدا لمصر؛ كغزاة. وأما الأعداء من النوع الآخر؛ فإنهم لم يكونوا يملكون شيئا يمكن أن يغري المصريين، ولكنهم كانوا يمثلون تهديدا مباشرا للمصريين، كقوة غازية. وكان من هذا الصنف الآخر: الليبيون والفرس وشعوب البحر المتوسط.
وبعد عصر الدولة الوسطى، حكمت مصر أسرة من الملوك الآسيويين؛ عرفوا باسم "الهكسوس".
وقد وفدوا إلى مصر بالجياد والعربات وأسلحة من النحاس؛ وهذه جميعا تبناها المصريون مستقبلا، في جيوشهم. وقد طرد الهكسوس في النهاية من مصر. ولكن تلك الفترة الفاصلة من الحكم الأجنبي قد أدت إلى قيام جيش جديد مقدام محترف، ومسلح بعتاد حربي متطور؛ مثل "الخبش" وهوالسيف المعقوف والقوس المزدوج. وأصبحت مصر قوة عسكرية عظمى، وجاء عصر الدولة الحديثة وأصبحت الاستراتيجية العسكرية المصرية استباقية هجومية ؛ بدلا من كونها دفاعية.
وقد تكون جيش مصر عندئذ من فرق للمشاة والمدرعات؛ تحت قيادة الملك أو أحد الأمراء. وتشكلت الفرق من نحو خمسة آلاف جندي، وكانت كل فرقة تحمل اسم أحد الأرباب المصرية. ولم يكن كل الأفراد من المجندين إلزامياً، وإنما اختاروا الجندية كحرفة. وقد أصبح الانضمام إلى الجيش غاية حلم كل شاب مصري؛ نتيجة للميزات المتوفرة به. فكانوا يمنحون قطعا من الأراضي المعفاة من الضرائب، إلى جانب الزاد اليومي من الطعام الجيد. وكان هناك دستور للسلوك؛ كان الالتزام به مدعاة فخر الجنود. ومنه: العودة مع الجيش، سالمين إلى أرض الوطن؛ لا شجار بين الجنود؛ طاعة الأوامر؛ وعدم مهاجمة المدنيين أو التعرض لممتلكاتهم.

ويبرز كل من تحتمس الثالث ورمسيس الثاني، خلال عصر الدولة الحديثة، كقائدين عسكريين عظيمين. ومعركة قادش هي من أشهر الحملات العسكرية في التاريخ؛ لأنها أقدم معركة يمكن توثيقها تفصيليا من السجلات المختلفة؛ لطرفي النزاع. وقد دارت رحاها بين رمسيس الثاني والحطيين؛ من أجل السيطرة على الشام وبعد أن تحقق الطرفان من أن النصر لا يلوح في الأفق، وقعت أول معاهدة سلام في العالم.
وفي بداية حكم البطالمة لمصر، فإنهم اعتمدوا في جيشهم على المقدونيين والإغريق؛ لأن الحروب في ذلك العصر كانت شاطئية. وكانت دراية المصريين بمثل تلك الحروب قليلة؛ فبقي إسهامهم (حينئذ) في الجيش محدودا؛ وأبعد ما يكون عن مواقع القيادة. ولكن بعد التوسع في العمليات العسكرية، خاصة بعد الحروب المتكررة مع الشام، كان على الملك بطليموس الرابع أن يجند نحو عشرين ألف مصري. ويرجع الفضل إلى هؤلاء في تمكين البطالمة من تحقيق على الغزاة السلوقيين؛ من خلال معركة حاسمة عند رفح، عام 217 ق.م. (تصحح في النص الإنجليزي) وعقب ذلك، تحسن وضع المصريين وازدادت قوتهم في جيش البطالمة.
وفي العصر الروماني كان غالبية أفراد الجيش من الرومان؛ خاصة خلال الأعوام المائة والخمسين الأولى من حكمهم في مصر. وبعد ذلك ازدادت أعداد الجنود المحليين؛ إلى أن أصبحوا يمثلون الغالبية العظمى في جيش البيزنطيين بمصر. وكانت الخدمة العسكرية في العصر الروماني تمتد لفترة 25 عاما، وكان يحظر على الجنود الزواج أثناء الخدمة.
وخلال فترات حكم ولاة المسلمين بمصر، احتكر العرب الخدمة العسكرية وحظروها على المصريين؛ إلا في الأشغال المعاونة. لكن سرعان ما اكتشف العرب أن الجنود المصريين كانت لديهم خبرة طيبة في البحر، نتيجة خدمتهم في حروب الإغريق والرومان؛ وهكذا اعتمدوا عليهم في تأسيس قوة بحرية للمسلمين في البحر المتوسط. كما أنهم استفادوا من خبرة المصريين في بناء السفن؛ وهكذا أصبحت مصر قاعدة بحرية، وكانت هناك ترسانات لبناء السفن في الروضة والإسكندرية ودمياط.


{ .. آإلـفـنوٍن وٍآإلـحٍ ـرٍف ..}


ارتبطت الفنون المصرية القديمة، مثل النحت والرسم والنقش، ارتباطا وثيقا بالهندسة المعمارية. ولم يمثل أي منها فنا مستقلا، وإنما كانت تستخدم من أجل زخرفة المعابد والمقابر. وقد أثر ذلك كثيرا على ملامح تلك الفنون، وموضوعاتها وسبل استخدامها. وعندما تصور الفنان المصري القديم الدار الآخرة باعتبارها دار الخلد والمتعة الأبدية، فإن ذلك المفهوم كان مصدر الوحي والإلهام لأعماله. ولم يكن هدفه التأكيد على جمال الشكل الفني وإبرازه أمام المشاهد، إذ أن تلك الأعمال الفنية كانت تبقى في مقابر مغلقة. وكانت للفنان المصري القديم نظرته المتعمقة إلى الحياة، فحاول أن يصورها في أشكال رمزية تعبر عن المبادئ والقيم السائدة في المجتمع؛ مثل الآلهة والملك والإنسان والمرأة والأسرة، الخ.
وعندما جاء الإسكندر الأكبر إلى مصر، امتزج الفن المصري بالفن الإغريقي وتبنى أساليبه في اللون والحركة. كما تأثر الفن المصري بموضوعات الأساطير الإغريقية. وقد لعب جسد الإنسان دورا كبيرا في ذلك الفن. وصورت التماثيل قسمات وجه ومعالم جسد الإنسان بتفصيل كبير؛ معبرة عن حركة الجسد من خلال الأردية المتموجة، في محاولة جادة لمحاكاة الحقيقة. واستمر ذلك الأسلوب إلى القرن الأول الميلادي، وقد عرف بالفن الهلليني.
وبينما اهتم الفن الهلليني بمحاكاة الحركات والألوان وملامح الطبيعة، فإن الفنان المسلم قد نأى بفنه بعيدا عن تقليد الطبيعة؛ إذ لم يكن ذلك هدفه أو موضوع اهتمامه. وبدلا من ذلك، ركز الفنان المسلم على الأشكال النباتية والحيوانية والهندسية؛ مما أعطى انطباعا بأن تصوير الشكل البشري كان محرما في الإسلام، رغم عدم وجود نص قرآني صريح بذلك. ويتميز إبداع الفنان المسلم بجاذبية تجتاز حدود وحواجز الزمان والمكان واللغة والثقافة والعقيدة. ومن بين ملامح ذلك الفن، هناك التجريد والتناسق ومحاولة الالتزام بالقواعد الرياضية التي تحكم الكون؛ هذا إلى جانب كونه عاما وعالميا وجامعا: بحكم أنه ظهر خلال حقبة وجيزة غمر فيها المد العربي مساحات شاسعة وثقافات عديدة، من الهند على المحيط الأطلسي. وبهذا كان من الطبيعي أن يستوعب ذلك الفن الثقافات المتنوعة لتلك الحضارات العظيمة؛ والتي من بينها الفرعونية والآشورية والبابلية والفينيقية والساسانية والقارطاجية واليونانية والبيزنطية. وقد اندمجت تلك الثقافات المتنوعة في ثراء فني وحضاري واحد يجمع الأمم التي اعتنقت الإسلام. ويمكن أن تندرج الأساليب الفنية التي سادت في بلدان المسلمين حضاريا وتاريخيا تحت الأسلوب الأموي، ثم الأسلوب العباسي الذي ارتبط بقيام الدولة العباسية عام 750م. وعندما ضعفت الخلافة العباسية، ظهرت أساليب إقليمية؛ مثل الأنماط الفنية الفارسية والفاطمية والمملوكية والعثمانية والهندية.




توقيع WELFA :




رد مع اقتباس