يعتبر قطاع الأوقاف من القطاعات المهمة في الدول العالم الإسلامي عموما، والدول الخليجية بشكل خاص لما يشكله هذا القطاع من أهمية بالغة في حياة الملايين من المسلمين حول العالم، فعلى مدى عقود ظلِّ مال الأوقاف مفتوحا على مصراعيه أمام الضعفاء والمحتاجين دون قيود أو سلطة تنظيم باستثناء جمعيات خيرية تعد على رؤوس الأصابع، بينما شكل التبرع الشخصي حجر الزاوية في مال الوقف الخليجي الذي اقتصر دوره على كفالة الأيتام والأرامل، وبناء المساجد، وحفر الآبار مما جعل الخبراء يطالبون بإدارة هذه الأموال والاستفادة منها في مجالات أخرى لا تقل أهمية عن المجالات المألوفة.

وتجنبا للفوضى التي كانت سائدة في هذا المجال شكّلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 منعطفا في تاريخ العالم الحديث وألقت بظلالها على قطاع الأوقاف في العالم العربي والإسلامي، حيث قامت الولايات المتحدة الأميركية – التي تتحكم في اقتصاد وسياسات العالم- بفرض رقابة صارمة على حركة الأموال المنقولة عبر العالم، مستهدفة بالذات حركة المال العربي الإسلامي التي حاولت أميركا ربط تمويل الإرهاب به، مما أثّر على حياة الملايين من الفقراء والأيتام والأرامل كانوا يعتمدون في قوت يومهم على ما يجود به الأغنياء في المجتمعات الخليجية.

وتجنبا للإحراج والصدام مع القوة العظمي المهيمنة على العالم اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي خطوات كبيرة تمثّلت في ربط الجمعيات الخيرية بوزارات الأوقاف التي تحوّلت بفضل مال الوقف إلى وزارات لا تقل أهمية عن الوزارات السيادية بعد أن كانت ثانوية، بالإضافة إلى وزارات أخرى ذات صلة بالموضوع جعلت من مال الوقف خاضعا للنظم والقوانين المنظمة لحركة الأموال، ليتسنى للجهات الرسمية الخليجية معرفة الوجهة الحقيقية لأموال أبناء الخليج، وبين هذا وذاك تأثّرت شرائح واسعة من هذه القوانين التي حرمتها من أموال كانت تلامس منهم حاجة دون صعوبات ومعوقات تذكر.

ويقدر الخبراء أموال الأوقاف الإسلامية ب 5 ترليونات دولار أكدوا أنها تحتاج إلى إدارة أكثر تطورا للاستفادة منها في مجالات مختلفة، أسوة بمثيلاتها في الغرب الذي نجح في تحويل أموال الوقف فيه إلى رافد من روافد التعليم وداعما للبحث العلمي في الجامعات العريقة، مثل جامعة هارفارد التي وصل حجم أوقافها 2011 إلى 3 مليارات دولار.

ويقدر الخبراء أموال الأوقاف الإسلامية ب 5 ترليونات دولار أكدوا أنها تحتاج إلى إدارة أكثر تطورا للاستفادة منها في مجالات مختلفة، أسوة بمثيلاتها في الغرب الذي نجح في تحويل أموال الوقف فيه إلى رافد من روافد التعليم وداعما للبحث العلمي في الجامعات العريقة، مثل جامعة هارفارد التي وصل حجم أوقافها 2011 إلى 3 مليارات دولار.

ولعل الاجتماع التحضيري لقمة وزراء الأوقاف بالدوحة ابريل القادم وما اتخذ فيه من قرارات يهدف إلى رسملة هذا القطاع بشكل أكبر، والاستفادة منها مجالات أخرى أسوة ببلدان متقدمة، حيث اتفق المؤتمرون في الدوحة على إنشاء صندوق وقف خليجي يعنى بتشجيع البحث العلمي في دول المجلس، مما حدى بالبعض إلى طرح سؤال ديني حول ما إذا كان هذا الوجه من الوجوه الشرعية لصرف أموال الوقف الذي تعتبر أموال الزكاة قاعدتها الأساسية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوات الجديدة ستحوِّل مال الوقف إلى واحد من الأذرع السياسية التي تقدم من خلالها دول الخليج مساعدات للدول التي تتقاطع مع سياساتها، محذّرين من أن تقييد حرية الجمعيات الخيرية وربطها بسياسات الدول سيحرم الكثير من الفقراء من ريع الوقف نتيجة للقيود المفروضة على تحويل الأموال واستحواذ جمعيات خيرية في بلدان كثيرة مرتبطة هي الأخرى بحكومات على ما يصل إليها عبر الطرق الرسمية التي عوّدت الشعوب على توزيع الثروات بشكل غير عادل تطبعه المحسوبية والجهوية والزبونية.

فهل يمكن الجمع بين الحسنتين في هذا المجال بحيث ينظّم القطاع وتوجه عائدته إلى مجالات أرحب دون المساس بحقوق الفقراء والمحرومين حول العالم؟، ذلك ما نأمله.