| Dead heart |
20-12-2010 10:18 PM |
شرح حديث من حلف بغير الله فقد أشرك
بســـم الله الرحمن الرحيــم ..
شرح حديث مَنْ حَلَفَ بغيرِ الله فقد أشرك
لله تعالى أنْ يُقْسِمَ بما شاء من خَلْقهِ . فقد أقسم بالشمسِ وأقسم بالقمرِ وأقسم بالفجرِ وأقسم بالليلِ وأقسم بالتينِ وأقسم بالزيتونِ وأقسم بمَكَّةَ وغيرِ ذلك . وأمَّا نحن فليس لنا أن نُقْسِمَ بغيرِ الله وصفاتهِ . قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" من كان حالفًا فليحلفْ بالله أو ليصمُت " .. رواه البخاريُّ في[(صحيحه)/كتاب الشَّهادات]..
ولكنْ مَنْ حَلَفَ بغيرِ الله ممَّا يعبُده الكُفَّارُ كالمسيحِ وأمِّه مريمَ والشَّمْسِ ونحوِ ذلك فإنْ كان على وجه التعظيم له كتعظيم الله عزَّ وجلَّ فقد كَفَرَ وأشركَ وأمَّا إنْ حَلَفَ به لا على هذا الوجهِ أي لا على وَجْهِ التعظيمِ له كتعظيمِ الله فليس هذا بشركٍ وإنما هو حرامٌ دون الكفر ولا تنعقدُ يمينُه ..
وأمَّا إذا كان المحلوفُ به ليس ممَّا يعبُده الكفَّارُ فليس الحَلِفُ به حرامًا وإنما هو مكروهٌ فقط كراهةً شديدةً إلَّا إذا كان الحالفُ يريد تَنْزِيلَ المحلوفِ به مَنْزِلَةَ الله فعندها يكون الحَلِفُ به كفرًا وشركًا . وعلى هذا التفسير يُحْمَلُ حديثُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" مَنْ حَلَفَ بغيرِ الله فقد أشرك " .. رواه أبو داودَ في[(سننه)/كتاب الأَيمان والنذور]..
هذا الحديثُ معناه أنَّ الذي يحلِف بغيرِ الله على وجه التعظيمِ له كتعظيمهِ لله فقد أشرك .. هذا معناه .. ليس معناه أنَّ الذي يحلِف بأُمِّهِ أو بأبيهِ أو بشَرَفهِ أو نحوِ ذلك على الوجهِ الذي دَرَجَ عليه كثيرٌ من الناس يكونُ مشركًا .. ليس هذا معناه ..
وذلك لأنَّ رسولَ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، سمع مَرَّةً أحدَ أصحابهِ يحلِف بأبيهِ فلم يزد رسولُ الله على أنْ قال له :" لا تحلفوا بآبائكم " ، ولم ينسُبه إلى الشِّرك .. وهذا حديثٌ صحيحٌ مُتَّفَقٌ عليهِ رواهُ البُخَارِيُّ ومسلم .. فلو كان الصَّحابيُّ أشرك لبيَّن له رسول الله ..
وفي (صحيح البخاريِّ) ما نصُّه :" بابُ مَنْ حَلَفَ بمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإسلامِ وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم :" مَنْ حَلَفَ باللاتِ والعُزَّى فليقلْ لا إله إلَّا الله " ولم يَنْسُبْهُ إلى الكفرِ "ا.هـ.
فالحاصل أنَّ اليمينَ لا تَثْبُتُ ولا تنعقدُ إلَّا بالحَلِفِ بالله أو بصفةٍ من صفاتهِ ..
يقولُ الله تعالى في سورة المائدة (( لا يُؤَاخِذُكُمُ الله باللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ ولكنْ يُؤَاخِذُكُمْ بما عقَّدتم الأَيْمَانَ فكَفَّارَتُهُ إطعامُ عَشَرَةِ مساكينَ من أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهليكم أو كِسْوَتهُمْ أو تحريرُ رَقَبَةٍ فمَنْ لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ ذلكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذا حَلَفْتُمْ واحفظوا أَيْمَانَكُمْ )) ..
وليس معنى الآيةِ أنَّ الإنسانَ إذا حَلَفَ بالله على تركِ أمرٍ مباحٍ صار فرضًا عليه أن يَبَرَّ قَسَمَهُ ، فلو حَلَفَ مثلًا بالله أن لا يأكلَ العنبَ فأَكَلَهُ عامدًا ذاكرًا للقَسَمِ فلا إثمَ عليه أيْ لا معصيةَ عليهِ وعليه الكَفَّارَةُ فقط .. ومن حَلَفَ بالله أنْ يفعلَ معصيةً فقد عَصَى رَبَّهُ بهذا الحَلِفِ ويجب عليه أن يمتنعَ عن المعصيةِ ويُكَفِّرَ .. ولو قال شخصٌ واللـهِ فعلتُ كذا مُتَعَمِّدًا الكَذِبَ وهو لم يفعلْ أو قال واللـهِ ما فعلتُ كَذَا مُتَعَمِّدًا الكَذِبَ وقد فَعَلَ أو واللـهِ إنَّ الأمرَ كذلكَ وهو يَعْلَمُ أنَّ الأمرَ بخلافِ ذلك فإنَّ هذا كُلَّهُ يمينٌ غَمُوسٌ .. هذه اليمينُ يقال لها يمينٌ غَمُوسٌ وهي معصيةٌ كبيرةٌ بالإجماع .. قال الشَّافِعِيُّ :" مَنْ وَقَعَ فيها وَجَبَ عليهِ التوبةُ منها فورًا وعليهِ الكَفَّارَةُ " ..
والحمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ..
|
