![]() |
ثانيا القصص القرأنية:11قصة قابيل وهابيل
بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تبارك وتعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنم بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)} (سورة المائدة). تتلخص قصة هابيل وقابيل أن حواء عليها السلام ولدت أربعين بطنًا وكانت تلد في كل بطن ذكرًا وأنثى، وكان سيدنا ءادم عليه السلام يُزوج ذكر كل بطن بأنثى من بطن ءاخر، ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل لكن قابيل أراد أن يستأثر بها، فأمره ءادم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قربانًا وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى وذهب ءادم إلى مكة ليحجّ، وقرّب كل واحد منهما قربانه بعد ذهاب أبيهم ءادم عليه السلام، فقرَّب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم، وأما قابيل فقرب حزمة من زرع رديء وكان صاحب زرع، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب قابيل غضبًا شديدًا وقال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له: إنما يتقبل الله من المتقين. وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث سيدنا ءادم عليه السلام (وكان قد رجع من الحج) أخاه قابيل لينظر ما أبطأ به، فلما ذهب إذ هو به، فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال له هابيل: إنما يتقبل الله من المتقين، فغضب عندئذ قابيل، ثم أتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه، وقيل خنقه خنقًا شديدًا. وأما قول هابيل لقابيل: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ (29)} (سورة المائدة) فمعناه أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك واقوى فتتحملُ إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك. وقيل: لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه إليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتأكله، وكره أن يأتي به ءادم فيحزنه، ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر، فعمد إلى الأرض يحفر له بمنقاره فيها، ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه، فقال عندها قابيل: {يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي} (سورة المائدة/31) ثم أخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب. وليعلم أن ابن ءادم قابيل الذي قتل أخاه هابيل كان مسلمًا مؤمنًا ولم يكن كافرًا، وإنما ارتكب معصية كبيرة بقتله أخاه هابيل ظلمًا وعدوانًا. فائدة: روى الجماعة سوى أبي داود وأحمدُ في مسنده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن ءادم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل" أي ظلمًا. فعلم من ذلك ان قابيل ما تاب من قتله لهابيل. وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم، ذُكر بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، والله أعلم بصحة ذلك. |
وبذلك نكون انتهينا من الجزء الثانى واتمنى ان تكونوا استفدتم من القصص العظيمة والأن اترككم مع الجزء الثالث
|
وبذلك نكون قد انتهينا من الجزء الثالث و لما اخلص الجزء الرابع والخامس سوف اكملة
مجموعة(Never Lose) |
رابعا قصص الخلفاء الراشدين:1قصة ابو بكر الصديق رضى الله عنة
أحد العشرة المبشرين بالجنة ( إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)(التوبة: من الآية 40) هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ، كان يعمل بالتجارة ومـن أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الاسلام دون تردد فهو أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من بينهم عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم ابن أبي الأرقـم إسلامه لقي أبو بكر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟!)000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، والموالاة على طاعته أهل طاعته )000وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، وأقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق000يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه )000 أول خطيب عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الظهور فقال الرسول يا أبا بكر إنّا قليل )000فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عزّ وجل والى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة )000ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000فنالوه بألسنتهم وقاموا000 أم الخير ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول ما فعل رسول الله -صلـى اللـه عليه وسلم-؟)000قالت والله ما لي علم بصاحبك )000قال فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )000فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)000قالت ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)000قالت نعم )000فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك )000قال فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000 قالت هذه أمك تسمع ؟)000قال فلا عين عليك منها )000قالت سالم صالح )000قال فأين هو ؟)000قالت في دار الأرقم )000قال فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار )000فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم000 جهاده بماله أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس فنزل فيه قوله تعالى :"(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى 17 الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى 18")000 سورة الليل منزلته من الرسول كان -رضي الله عنه- من أقرب الناس الى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه ان من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر )000 كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي )000وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )000 كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي )000 الإسراء والمعراج وحينما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !)000فقال لهم أبو بكر إنكم تكذبون عليه )000فقالوا بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه )000ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)000قال نعم )000قال يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع لي حتى نظرت إليه)000فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت ، أشهد أنك رسول الله )000حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق )000فيومئذ سماه الصديق000 الصحبة ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة فقال تعالى :"( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)"000 كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )000فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث )000فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول أخرج عني من عندك )000فقال أبو بكر يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)000فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )000فقال أبو بكر الصُّحبة يا رسول الله ؟)000قال الصُّحبة )000تقول السيدة عائشة فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )000ثم قال أبو بكر يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )000فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما000 أبواب الجنـة عن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب -يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان )000فقال أبو بكر ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة )000وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله )000قال نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر )000 مناقبه وكراماته مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني )000وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تخفى على غيره كحديث أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك000 وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام للناس حجّهـم في حياة رسـول اللـه -صلى اللـه عليـه وسلم- وبعده000وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر000كما أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-000وقد قال له الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً000 وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!)000 عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : كنت جالسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أما صاحبكم فقد غامر )000فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك )000فقال يغفر الله لك يا أبا بكر )000ثلاثا ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل أثم أبو بكر )000 فقالوا لا )000فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم ، فجعل وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )000فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )000مرتين فما أوذي بعدها000 خلافته وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)000 فرد عليه عمر أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) 0000 جيش أسامة وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!)000فقال والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله )000فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم )000فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام000 حروب الردة بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله )؟!)000فقال أبو بكر الزكاة حقُّ المال )000وقال والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها )000ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين000 جيوش العراق والشام ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام000 استخلاف عمر لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله )000 وفاته ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ )000ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول اليوم انقطعت خلافة النبوة)000حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأكملهم إيمانا ، وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صُحْبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً000 |
رابعا قصص الخلفاء الراشدين:2قصةسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عمر بن الخطاب عمر بن الخطاب هو ثاني الخلفاء الراشدون ، كان من أصحاب سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، إسمه : عمر بن الخطاب بن نوفل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي . وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله رسول الإسلام. أمه حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل . هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن علماء الصحابة وزهادهم. أول من عمل بالتقويم الهجري. لقبه الفاروق. وكنيته أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد، وقد لقب بالفاروق لانه كان يفرق بين الحق والباطل ولايخاف في الله لومة لاإم. أنجب اثنا عشر ولدا ، ستة من الذكور هم عبد الله وعبد الرحمن وزيد وعبيد الله وعاصم وعياض، وست من الإناث وهن حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد . اسلامه وظلَّ "عمر" على حربه للمسلمين وعدائه للنبي (صلى الله عليه وسلم) حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ "عمر" يشعر بشيء من الحزن والأسى لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه على الخلاص من "محمد"؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين الجديد! فتوشَّح سيفه، وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم، وبينما هو في طريقه لقي رجلاً من "بني زهرة" فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، فقال: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره بإسلام أخته "فاطمة بنت الخطاب"، وزوجها "سعيد بن زيد بن عمر" (رضي الله عنه)، فأسرع "عمر" إلى دارهما، وكان عندهما "خبَّاب بن الأرت" (رضي الله عنه) يقرئهما سورة "طه"، فلما سمعوا صوته اختبأ "خباب"، وأخفت "فاطمة" الصحيفة، فدخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه، ولطم أخته فأدمى وجهها، فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره للإسلام، وسار إلى حيث النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل القوم، فخرج إليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف، وقال له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول الله والمسلمون، فقال عمر: يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: بلى، قال: ففيم الاختفاء؟ فخرج المسلمون في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش أصابتها كآبة لم تصبها مثلها، وكان ذلك أول ظهور للمسلمين على المشركين، فسمَّاه النبي (صلى الله عليه وسلم) "الفاروق" منذ ذلك العهد. بيعة عمر رغب ابو بكر الصديق في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله ) وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ). ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا : (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة ( 13 هـ ). الهجرة إلى المدينة كان إسلام "الفاروق" عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل "عمر" في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى "المدينة" فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أرادعمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: "من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي". وفي "المدينة" آخى النبي (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين "عتبان بن مالك" وقيل: "معاذ بن عفراء"، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت تظهر جوانب عديدة ونواح جديدة، من شخصية "عمر"، وأصبح له دور بارز في الحياة العامة في "المدينة". موافقة القرآن لرأي عمر تميز "عمر بن الخطاب" بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف بغيرته الشديدة على الإسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي، وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها: قوله للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة: 125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) [الأحزاب: 53]. وقوله لنساء النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد اجتمعن عليه في الغيرة: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك. ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي "عمر" في هذه المواقف هو الذي جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه". وروي عن ابن عمر: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه". خلافته بويع أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة "أبي بكر الصديق" [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م]. وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي" الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن "أبا عبيدة" لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين. ولد قبل بعثة سيدنا رسول الله الرسول بثلاثين سنة وكان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة وثلاثين مسلماً. وامتدّت خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر وأربعة أيام. الفاروق يواجه الخطر الخارجي بويع أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة "أبي بكر الصديق" [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م]. وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي" الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن "أبا عبيدة" لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين. الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين "في موقعة الجسر" سعى "المثنى بن حارثة" إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم "المثنى" بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر "البويب" الذي سميت به تلك المعركة. ووصلت أنباء ذلك النصر إلى "الفاروق" في "المدينة"، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له "سعد بن أبي وقاص" فأمره "عمر" على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في "القادسية". وأرسل "سعد" وفدًا من رجاله إلى "بروجرد الثالث" ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في "القادسية"، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائده "رستم"، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت "العراق" إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات. الطريق من المدائن إلى نهاوند أصبح الطريق إلى "المدائن" عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر "دجلة" واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل "سعد" القصر الأبيض مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل "سعد" إلى "عمر" يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب. بعد فرار ملك الفرس من "المدائن" اتجه إلى "نهاوند" حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى "نهاوند"، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه "فتح الفتوح". فتح مصر اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في "القادسية" ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن "عمرو بن العاص" من فتح "مصر" في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها، الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة "أرطبون" ثم حاصر "حصن بابليون" حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى "الإسكندرية" ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت "مصر" كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة. وكان فتح "مصر" سهلاً ميسورًا، فإن أهل "مصر" ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة. عمر أمير المؤمنين [كان "عمر بن الخطاب" نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أنه بينما كان يعس بالمدينة إذا بخيمة يصدر منها أنين امرأة، فلما اقترب رأى رجلا قاعدًا فاقترب منه وسلم عليه، وسأله عن خبره، فعلم أنه جاء من البادية، وأن امرأته جاءها المخاض وليس عندها أحد، فانطلق عمر إلى بيته فقال لامرأته "أم كلثوم بنت علي" ـ هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ فقالت: وما هو؟ قال: امرأة غريبة تمخض وليس عندها أحد ـ قالت نعم إن شئت فانطلقت معه، وحملت إليها ما تحتاجه من سمن وحبوب وطعام، فدخلت على المرأة، وراح عمر يوقد النار حتى انبعث الدخان من لحيته، والرجل ينظر إليه متعجبًا وهو لا يعرفه، فلما ولدت المرأة نادت أم كلثوم "عمر" يا أمير المؤمنين، بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الرجل أخذ يتراجع وقد أخذته الهيبة والدهشة، فسكن عمر من روعه وحمل الطعام إلى زوجته لتطعم امرأة الرجل، ثم قام ووضع شيئًا من الطعام بين يدي الرجل وهو يقول له: كل ويحك فإنك قد سهرت الليل! وكان "عمر" عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه شيئا. وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف. وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها. عدل عمر وورعه كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: "والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق". وكان "عمر" إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم. واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني. وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر" في شرب الخمر، نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه. وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!! إنجازات عمر الإدارية والحضارية وقد اتسم عهد الفاروق "عمر" بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من دون الدواوين، وقد اقتبس هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه "تمصير الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في عهده، فأدخل فيه دار "العباس بن عبد المطلب"، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء. فتحت في عهده بلاد الشام و العراق و فارس و مصر و برقة و طرابلس الغرب وأذربيجان و نهاوند و جرجان. و بنيت في عهده البصرة والكوفة. وكان عمر أوّل من أخرج اليهود من الجزيرة العربية الى الشام. مماته كان عمر يتمنى الشهادة في سبيل الله و يدعو ربه لينال شرفها : ( اللهم أرزقني شهادة في سبيلك و اجعل موتي في بلد رسولك)... و في ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ( غلاما للمغيرة بن شعبة ) عدة طعنات في ظهره أدت الى مماته ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة ، و لما علم قبل وفاته أن الذي طعنه مجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله مسلم... و دفن الى جوار سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم و سيدناأبي بكر الصديق في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة |
رابعا قصص الخلفاء الراشدين:3قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه
عثمان بن عفان ذي النورين "...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة" حديث شريف هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد عام الفيـل ، نشأ في بيت كريم ذي مال وجاه وشب على حسن السيرة والعفة والحياء فكان محبوبا في قومه أثيـرا لديهم000 إسلامه كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا وظل ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً وقال : أترغب عن ملّـة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا الديـن فقال عثمان والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه000 فكان عثمان بن عفان ممن صلى الى القبلتين ، و هاجر الهجرتين : الأولى الى الحبشة والثانية الى المدينة المنورة وأحد العشرة المبشرين بالجنة000واختصه الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي000 حياءه قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك ثيابك فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف000قالت : فقلت يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !....فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة0 " ذو النورين تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصاهرته وقال : (والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان )000 مناقبه رويَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث عدّة في ذِكْر مناقب عثمان منها000 (إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله بعد لوط)000( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان )000 000( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000 دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال : ( يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خُلُقاً )000 أوائل كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر الى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من شيَّد المسجد ، وأول من خطَّ المفصَّل ، وأول من ختم القرآن في ركعة000 بئر رومة أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك شرائه لبئر رومة فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون الى المدينة تمنى الرسول صلى الله عليه وسلم لو يجد من بين أصحابه من يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة ، فسارع عثمان -رضي الله عنه- الى اليهودي فاشتراها منه ووهبها للمسلمين000 يوم الحديبية بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان الى قريش يوم الحديبية ، فقد بعثه الى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً لحرمته ، فخرج عثمان الى مكة فلقيه أبَان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ( إن شئت أن تطوف بالبيت فطف )000فقال ( ما كنت لأفعـل حتى يطوف به رسـول الله صلى الله عليه وسلم ) واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم الناس الى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة وفيها ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بشماله على يمينه وقال( هذه يدُ عثمان ) فقال الناس هنيئاً لعثمان جيش العسرة ولما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تجهيز جيش غزوة تبوك الذي سمي بجيش العسرة سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا أتم بها الألف فدعا له قائلا : ( غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة )000 كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000 الخلافة لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000 فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلميـن فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة ( 23 هـ ) ، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين000 انجازاته استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال: 000نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار000توسيع المسجد الحرام 000وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية000 الفتوحات فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ، ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن0000 وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين000 الفتنة في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام000 استشهاده وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ، ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع000 وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا000 كانت هذه لمحة سريعة عن عثمان بن عفان -رضى الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين ذى النورين و أحد العشرة المبشرون بالجنة و صلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم |
رابعا قصص الخلفاء الراشدين:4علي بن ابي طالب رضى الله عنة
هــــــــــــــو : علي بن ابي طالب بن عبد المطلب : ابن عم النبي صلي الله عليه وسلم ، راية المهتدين ونور المطيعين ، وإمام العادلين ، صاحب القلب العقول ، واللسان السؤول ، اقدمهم إيمانا ، وزوج فاطمة بنت رسول الله (ص)0 فضائلة : 1- قال صلي الله عليه وسلم :" من كنت مولاه فعلي مولاه " 2- وعن سعد بن أبي وقاص ، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسي ، إلا أنه لانبي بعدي " 3- يقول علي : لقد عهد الي النبي صلي الله عليه وسلم " أنه لايحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " 4- يقول احد الصحابة سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " علي مني وأنا منه ، ولايؤدي عني إلا علي " 5- وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ، وأبوهما خير منهما " 6- قال النبي صلي الله عليه وسلم " النظر الي علي عباده " صدقت يارسول الله صلي الله عليك مواقفه في الجهاد في سبيل الله : الموقف الأول : يوم بدر : في بداية غزوة بدر برز من المشركين ثلاثة هم عتبه وشيبة ابنا ربيعه ، والوليد بن عتبه ، فخرج لملاقاتهم فتية من الأنصار فنادوا : يا محمد اخرج الينا أكفاءنا من قومنا ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم " قم ياعبيده بن الحارث ، قم ياحمزة ، قم ياعلي " فبارز عبيده عتبه ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علي الوليد 0 أما حمزه لم يمهل شيبة أن قتله ، وكذلك علي قتل الوليد ، أما عبيده وعتبه فقد جرح كلاهما الاخر فكر حمزة وعلي بأسيافهما علي عتبة فأجهزوا عليه ، واحتملا صاحبهما " الموقف الثاني : يوم الخندق : خرج عمرو بن عبد ود ، وهو مقنع بالحديد فنادي من يبارز ؟ فقال علي بن ابي طالب فقال أنا له يانبي الله فقال النبي " انه عمرو ، اجلس " ثم نادي الثانية : ألا رجل يبارز ؟ وأخذ يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ؟ أفلا تبرزون إلي رجلا ؟ فقام علي وقال أنا يارسول الله فقال له النبي " اجلس " ثم نادي الثالثة فقال علي يارسول الله أنا فقال " إنه عمرو " فقال علي وإن كان عمرا فأذن له النبي صلي الله عليه وسلم ؟ قال له عمرو من انت ؟ قال انا علي بن ابي طالب قال له يابن اخي من اعمامك من هو اسن منك فإن اكره ان اريق دمك ، فقال له علي : لكني والله ، لا أكره أن اريق دمك فغضب عمرو وسل سيفه كأنه شعلة نار واخذ يتقاتلان حتي قتله علي واجهز عليه وكبروا الصحابة الله اكبر ورجع الي رسول الله متهللا0 الموقف الثالث : يوم خيبر : من المعروف عن اليهود انهم لايفضلون القتال بجيوشهم في الميادين المفتوحه تصيب ويصاب منهم إنهم يكرهون اللفاء في تلك الميادين المكشوفة ودائما دينهم الكفاح من وراء جدران ، وفي يوم خيبر كانت الراية مع علي بن ابي طالب وتحصن اليهود في حصونهم المشيدة ولما بدأ القتال شن المسلمون هجومهم علي الحصون فبدأت تتداعي تحت وطأتهم حصنا بعد حصن وخرج من هذه الحصون فارس يدعي مرحبا فنادي المسلمين من يبارز وهو ينشد : قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب اطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تحــــــرب فبرز له علي رضي الله عنه وارضاه وهو يقول : أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندرة فضرب علي مرحبا ففلق رأسه وكان الفتح وسقطت كل الحصون وانتصر المسلمون ولقنوا اليهود درسا لاينسي علمه : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لفاطمة : " أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما " وعن علي رضي الله عنه : قال " والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت ، وأين نزلت ، وعلي من نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ، ولسانا صادقا ناطقا " زهـــــــــــــــــــــــده طوبي للزاهدين في الدنيا – موعظة تكتب بماء الذهب علي صفحات القلوب عن نوف البكالي ، قال : " رأيت علي بن أبي طالب خرج ليلة ، فنظر الي النجوم فقال : يانوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت : بل رامق ياأمير المؤمنين ، فقال : يانوف : طوبي للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الاخرة ، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن والدعاء دثارا وشعارا ، فرضوا الدنيا علي منهاج المسيح عليه السلام يانوف ، لاتكن شاعرا ولا عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا عشارا ( قاطع الطريق الذي يأخذ عشر أموال المارة ) فإن داود عليه السلام قام في ساعة من الليل ، فقال : يالها من ساعة لايدعو فيها عبد ربه إلا استجاب له فيها ، إلا أن يكون عريفا أو شرطيا أو جابيا ، أو عشارا أو صاحب عربطة وهو الطنبور ( اداة من ادوات المعازف ) ، او صاحب كوبة ، وهو الطبل ، أو صاحب شاه وهو الشطرنج وصية أخري تكتب بأحرف من نور : من اقواله : القلوب اوعية ، فخيرها اوعاها والناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم علي سبيل النجاة ، وهمج رعاع اتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور علم ولم يلجئوا الي ركن وثيق العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، العلم ينمو علي العمل ، العلم يكسب العالم الطاعة في حياتة ، وجميل الأحدوثه بعد موته ، وضيعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقوده وأمثالهم في القلوب موجوده هاه ، إن هاهنا وأشار بيده إلي صدره ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك ، وأن تباهي الناس بعبادة ربك ، فإن احسنت حمدت الله ، وإن اسأت أستغفرت الله ولاخير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذلك بتوبة ، ورجل يسارع في الخيرات ويعمل في الدرجات ، ولايقل عملا مع التقوي وكيف يقل ما يقبل ؟ وقال رضي الله عنه : احفظوا عني خمسا لو ركبتم الإبل في طلبهن لما أصبتموهن ولأنضيتم الإبل قبل أن تدركوهن : لايرجوا عبد الا ربه ن ولايخف الا ذنبه ، ولايستحي جاهل أن يسأل عما لايعلم ، ولايستحي عالم إذا سئل عما لايعلم أن يقول : الله أعلم والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لاصبر له 0 مقتطفات من خطبه رضي الله عنه : خطب علي يوما فقال : الحمد لله ، احمده واستعينه ، وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ارسله بالهدي ودين الحق يزيح به علتكم ، وليوقظ به غفلتكم ، واعلموا أنكم ميتون ومبعوثون بعد الموت ، وموقفون علي اعمالكم ومجزيون بها ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة وكل ما فيها إلي زوال وهي بين أهلها دول وسجال ولا تدوم أهوالها ولن يسلم من شرها نزالها ، بينا اهلها منها في رخاء وسرور ، إذا هم منها في بلاء وغرور أحوال مختلفة وتارات متصرفة العيش فيها مذموم والرخاء فيها لايدوم وإنما اهلها فيها أغراض مستهدفه ترميهم بسهامها وتقصمهم بحمامها وكل حتفه فيها مقدور ، وحظه فيها موفور ..................الخ " استشهاده رضي الله عنه بعد رحلة مباركة قضاها علي كرم الله وجهه ، في الاسلام مدافعا عنه باذلا ماله ، أتاه ما يوعد من قضاء الله تعالي ومن معجزات النبوة أن النبي صلي الله عليه وسلم وصف له طريقة استشهاده !! يقول النبي صلي الله عليه وسلم : لعلي :" اشقي الناس رجلان : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك ياعلي علي هذه – يعني قرنه – حتي تبتل منك هذه من الدم ، يعني لحيته " وكان علي كرم الله وجهه يوقن بذلك ساعة الزفاف إلي جنة الخلد لما كانت الليلة التي اصيب فيها علي كرم الله وجهه أتاه ابن التياح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة وهو مضطجع متثاقل فعاد ثانية وهو كذلك ثم عاد ثالثه فقام علي يمشي وهو يقول : اشدد حيازيمك للمــــــــــــــــــــــــــــــوت *** فإن الموت لاقيكــــــــــــــــــا ولاتجـــــــــــــزع من المـــــــــــــــــــوت *** إذا حــــل بواديكـــــــــــــــــا فلما بلغ الباب الصغير شد عليه ابن ملحم فضربه في نفس المكان الذي وصفه الرسول من قبل وتحقق ما قال عن محمد بن علي أنه لما ضرب أوصي بنيه ثم لم ينطق إلا بــــ" لا إله الا الله " حتي قبض غسله ابناه الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر وصلي عليه الحسن رضي الله عنه بكاء معاوية رضي الله عنه دخل ضرار بن ضمرة الكناني علي معاوية فقال له : صف لي عليا قال او تعفيني ؟ قال لا اعفيك قال : " كان والله بعيد المدي ، شديد القوي ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه وتطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته كان والله غزير العبرة طويل الفكرة يقل كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان والله كأحدنا يدنينا إذا اتيناه ويجيبنا إذا سألناه ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ولايطيع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله فأشهد بالله لقد رايته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله وغارت نجومه يتمثل في محرابه قابضا علي لحيته يتململ تململ الملدوخ ويبكي بكاء الحزين فكأني اسمعه الآن وهو يقول :" ياربنا ياربنا يتضرع إليه ثم يقول للدنيا : "ابي تغررت ؟ أو إلي تشوفت ؟ هيهات هيهات غري غيري ، غري غيري قد طلقتك ثلاث ، فعمرك قصير ،ومحلك حقير ، وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ". فسقطت دموع معاوية علي لحيته لم يستطيع ان يملكها وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء فقال : كذلك كان أبو الحسن رحمه الله مسك الختام قال علي رضي الله عنه " كونوا في الناس كالنحلة في الطير ، إنه ليس في الطير شئ إلا وهو يستضعفها ، لو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها ن خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم ، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم ، فإن للمرء ما اكتسب ، وهو يوم القيامه مع من أحب " رحمة الله عليك يامير أمير المؤمنين رحمة الله عليك ياسيدي علي بن ابي طالب يا ابا الحسن والحسين الي جنة الخلد مع احبابك سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وابا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنكم اجمعين اعتذر عن الاطالة تمنياتي الاستفادة للجميع ولا تنسونا من خالص دعائكم اخيكم الكنج __________________ |
وبذلك نكون انتهينا من الجزء الرابع و يارب يكون عجبكم وانتظرونى فى الجزء الخامس
|
خامسا زوجات الرسول:1خديجة بنت خويلد(ام المؤمنين)
نسبها و نشأتها هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية ، ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م) تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة . فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي. ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته - يعني تجارته - التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح. وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعرض عليه الزواج منها , وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهن شرفاً، وأكثرهن مالاً، كل قومها كان حريصاً على ذلك منها لو يقدر عليه. ولنتركْ نَفِيسَة بنت مُنْيَة تروي لنا قصة زواج النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- من السيدة خديجة -رضي الله عنها-. قالت نَفِيسَة: كانت خديجة بنت خُوَيْلِد امرأة حازمة، جَلْدَة، شريفة، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وكل قومها كان حريصاً على نكاحها لو قَدِر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دَسيساً إلى محمّد -صلّى الله عليه وسلَّم- بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: محمّد! ما يمنعك أن تزوَّج؟ فقال: (مَا بِيَدي ما أَتزوَّجُ بِهِ). قلت: فإن كُفِيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تُجيب؟ قال: (فَمَن هي ؟). قلت: خديجة. قال: (وَكَيفَ لي بِذَلك ؟). قلت: عليَّ. قال: (فأنا أَفْعلُ). قالت نفيسة: فذهبتُ فأخبرت خديجة، فأرسلت إليه: أنِ ائتِ لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمَّها عمرو بن أسد لِيزوِّجها فحضر - لأن أباها مات قبل حرب الفِجار -. فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام. قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت. وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة. أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة إسلامها و نصرتها للرسول صلى الله عليه و سلم أول ما نزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه و سلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة فقال : " مالي يا خديجة؟ وأخبرها الخبر و قال: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة. وكان امرأ قد تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي. فقالت له خديجة: يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما أُري. فقال له ورقة: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى وآمنت خديجة بنت خويلد، وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن رسوله صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئاً يكرهه من ردٍ عليه، وتكذيب له، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته، وتخفف عنه، وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، رضي الله عنها وأرضاها. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ خَدِيْجَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ، أَتَسْتَطِيْعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ إِذَا جَاءكَ؟ فَلَمَّا جَاءهُ، قَالَ: (يَا خَدِيْجَةُ، هَذَا جِبْرِيْلُ). فَقَالَتْ: اقْعُدْ عَلَى فَخِذِي. فَفَعَلَ، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ إِلَى الفَخِذِ اليُسْرَى. فَفَعَلَ، قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ). فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا، وَحَسَرَتْ عَنْ صَدْرِهَا، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: (لاَ). قَالَتْ: أَبْشِرْ، فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَلَكٌ، وَلَيْسَ بِشَيْطَانٍ. منزلتها عند رسول الله كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: أَتَى جِبْرِيْلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيْجَةُ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيْهِ إدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيْهِ وَلاَ نَصَبَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ مَرِيْمَ: فَاطِمَةُ، وَخَدِيْجَةُ، وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ؛ آسِيَةُ). كان رسول الله يفضلها على سائر زوجاته، و لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا ذَكَرَ خَدِيْجَةَ، لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا. فَذَكَرَهَا يَوْماً، فَحَمَلَتْنِي الغَيْرَةُ فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيْرَةِ السِّنِّ! قَالَ: فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَباً، أُسْقِطْتُ فِي خَلَدَي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُوْلِكَ عَنِّي، لَمْ أَعُدْ أَذْكُرُهَا بِسُوْءٍ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَقِيْتُ، قَالَ: (كَيْفَ قُلْتِ؟ وَاللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذْ رَفَضَنَي النَّاسُ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الوَلَدَ، وَحُرِمْتُمُوْهُ مِنِّي). قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْراً. وفاتها رضى الله عنها توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، , وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى و لقد حزن عليها الرسول صلى الله عليه و سلم حزنا كبيرا حتى خُـشى عليه و مكث فترة بعدها بلا زواج |
خامسا زوجات الرسول:2سودة بنت زمعة
سودة بنت زمعة (الكريمة المهاجرة) هي سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية. من فواضل نساء عصرها، كانت قبل أن تتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ابن عم لها يقال له: السكران بن عمرو. أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم زوجها معها، وهاجرا إلى الحبشة، فلما توفي عنها، جاءت ***ة بنت حكيم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله ألا تتزوج؟. فقال صلى الله عليه وسلم: ومن؟ قالت ***ة: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك. قال: اذكريها علي (أي اخطبيها لي). فانطلقت ***ة إلى سودة وأبوها شيخ. فحيته . فقال لها: من أنت؟. فقالت ***ة بنت حكيم. فرحب بها. ثم قالت له: إن محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب، يذكر سودة ابنة زمعة. فقال: هو كريم، فما تقول صاحبتك؟. قالت: هي تحب ذلك. فقال لها: قولي له فليأت، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها، ولما تزوجها كانت في حالة الكبر حتى أنها بلغت من العمر حين تزوجها عليه الصلاة والسلام الخامسة والخمسين رضي الله عنها. وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب سودة وكان لها خمسة صبية أو ستة، فقالت: والله ما يمنعني منك وأنت أحب البرية إلي، ولكني أكرمك أن يتضاغى هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشيا. فقال لها:- يرحمك الله- !! إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل، صالح نساء قريش أحناهن على ولد في الصغر، وأرعاهن لبعل في ذات يده. ولما كبرت سودة وعلمت مكان عائشة رضي الله عنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت يا رسول الله جعلت يومي الذي يصيبني لعائشة وأنت منه في حل، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة وبقيت في عصمته صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها. روت سودة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أحاديث أخرج لها منها في الصحيحين حديث واحد، وفي رواية أن البخاري روى لها حديثين، وروى عنها عبد الله بن عباس ويحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، وروى لها أبو داود والنسائي. وتوفيت سودة- رضي الله عنها- بالمدينة في شوال سنة 54 هـ في خلافة معاوية وفي رواية أنها توفيت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي رواية أنها توفيت سنة 55 هـ. ولما توفيت سودة سجد ابن عباس رضي الله عنهما فقيل له في ذلك فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم آية فاسجدوا وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم). |
خامسا زوجات الرسول:3عائشة بنت ابو بكر الصديق
عائشة بنت عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم القرشي(أي بنت أبو بكر الصديق)، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر. كانت إحدى زوجات محمد بن عبدالله رسول الإسلام وولدت في السنة الرابعة بعد البعثة، لزواجها من رسول الإسلام فإنه يشار إليها في العديد من الكتابات الإسلامية بـ"أم المؤمنين"، نقلت عائشة العديد من الأحاديث النبوية وخاصة حياته الخاصة. تعتبر عائشة شخصية مثيرة للجدل بسبب التصوير المختلف لها في الرؤية الشيعية للتاريخ الإسلامي ودورها في "الفتنة الأولى" وقيادتها لجيش في وجه علي بن أبي طالب في معركة الجمل. [تحرير] زواج رسول الله منها تزوجها الرسول محمد بن عبدالله بعد وفاة زوجته الأولى أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وزواجه من أم المؤمنين سودة بنت زمعة العامرية القرشية، وكان ذلك قبل الهجرة بسنتين، وكان عمرها ست سنين، وبنى بها وعمرها تسع . توفي محمد وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وقد عاشت معه ثمانية أعوام وخمسة أشهر. وعائشة من أكثر النساء رواية للحديث عن الرسول . قال ابن القيم: ومن خصائصها رضي الله عنها: أنها كانت أحب أزواج رسول الله إليه كما ثبت عنه ذلك في البخاري وغيره وقد سئل أي الناس أحب إليك قال عائشة قيل فمن الرجال قال أبوها ومن خصائصها أيضا رضي الله عنها: أنه لم يتزوج امرأة بكراً غيرها . ومن خصائصها رضي الله عنها: أنه كان ينزل عليه الوحي وهو في لحافها دون غيرها . ومن خصائصها رضي الله عنها: أن الله عز وجل لما أنزل عليه آية التخيير بدأ بها فخيرها فقال : " ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك فقالت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة فاستنّ بها ( أي اقتدى ) بقية أزواجه وقلن كما قالت . ومن خصائصها رضي الله عنها: أن الله سبحانه برأها مما رماها به أهل الإفك وأنزل في عذرها وبراءتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة وشهد لها بأنها من الطيبات ووعدها المغفرة والرزق الكريم وأخبر سبحانه أن ما قيل فيها من الإفك كان خيرا لها ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شرا لها ولا عائبا لها ولا خافضا من شأنها بل رفعها الله بذلك وأعلى قدرها وأعظم شأنها وصار لها ذكرا بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء فيا لها من منقبة ما أجلها ... ومن خصائصها رضي الله عنها: أن الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم كان إذا أشكل عليهم أمر من الدين استفتوها فيجدون علمه عندها . ومن خصائصها رضي الله عنها: أن رسول الله توفي في بيتها وفي يومها وبين سحرها ونحرها ودفن في بيتها . ومن خصائصها: أن الملَك أَرى صورتَها للنبي قبل أن يتزوجها في سرقة حرير فقال النبي إن يكن هذا من عند الله يمضه . ومن خصائصها رضي الله عنها: أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يومها من رسول الله تقربا إلى الرسول فيتحفونه بما يحب في منزل أحب نسائه إليه صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن أجمعين . أ.هـ " جلاء الأفهام " ( ص 237 - 241 ) رواياتها عن رسول الله كانت أكثر النساء رواية للحديث عن رسول الله وقد عاشت بعده قرابة 50 عاما تروي عنه وتفقه المسلمين في أمور دينهم لذا فهي تعد أول فقيهة في الإسلام. (أنظر موسوعة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها [1]) [تحرير] حادثة الإفك مرت عائشة في ملابسات حادثة الإفك وذكرها الله في القرآن قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ{النور-11} وقد برّءها الله تعالى من فوق سبع سماوات وطهّرها وزكّاها، وقد حكم ابن عباس رضي الله عنه بالكفر على من اتهمها بالفاحشة بعد تبريء الله تعالى لها. [تحرير] دور أم المؤمنين عائشة في معركة الجمل في اليوم العاشر من جمادى الأول سنة 36 هجري بعد وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان بايع المسلمون علي بن أبي طالب طوعاً وكانت أم المؤمنين عائشة قد سألها الأحنف بن قيس عن من يُبايع بعد عثمان. فأمرته بمبايعة علي . لكن عائشة وطلحة والزبير بعد أن بايعوا عليا قصدوا البصرة مطالبين سِلمياً بمعاقبة قتلة عثمان، فقصد الإمام علي بن أبي طالب البصرة في بِضع فرسان يدعوهم للتريّث حتى تهدأ الأمور فيتسنّى له القبض على القتلة وتنفيذ حُكم الله فيهم، فإن الأمر يحتاج إلى الصبر. فاقتنعوا بفكرة علي التي جائهم بها القعقاع بن عمرو التميمي، فاتفقوا على المُضِيّ على أمر أمير المؤمنين علي وباتوا بأهنأ ليلة، حتى إن عبد الله بن عباس -وكان ممن جاء مع علي- بات ليلته تلك في معسكر طلحة والزبير، وبات محمد بن طلحة بن عبيد الله -وكان جاء مع أبيه- في معسكر أمير المؤمنين علي أجمعين. وبات تلك الليلة رؤوس الفتنة بشر حال، فاجتمعوا ورأوا أن اصطلاح الفريقين ليس من صالحهم، فأرادوا اغتيال أمير المؤمنين علي فأشار بعضهم ألا يفعلوا، فإن وقعوا في أيدي المسلمين ذبحوهم فإنهم لم يهدأ حزنهم على عثمان فكيف بقتل خليفته. فقرر ذلك المؤتمر الآثم إشعال الحرب بين الفريقين. وقبل د*** الفجر أمروا بعض زبانيتهم بد*** معسكر الإمام علي وقتل بعض الجنود هناك، والبعض الآخر يدخل معسكر طلحة والزبير ويقتل بعض الجنود هناك. فيظن كلا الفريقين أن الآخر قد غدر به، وفعلاً ظن الفريقين ذلك. فقام الجنود إلى سلاحهم في ذعرٍ وذهول، فجاء علي إلى الزبير وذكره بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير أنه سيقاتل علياً وهو له ظالم، فرجع الزبير على أعقابه فمنعه ابنه عبد الله وقال له بأنهم لم يأتوا لقتالٍ ولكن للإصلاح بين الناس، أي حتى هذه اللحظة لم يخطر ببال الصحابة أن ستنشُب الحرب. فلما سمع طلحة بن عبيد الله كلام أمير المؤمنين علي للزبير رجع هو الآخر أدباره، فرماه أحد رؤوس الفتنة بسهمٍ في عنقه فمات ، لأنه ليس من مصلحة رؤوس الفتنة انتهاء الحرب. ودارت رحى المعركة وأمير المؤمنين علي يقول: " يا عباد الله كُفّوا يا عباد الله كُفوا ". فلما رأت أم المؤمنين ما يجري من قتال ناولت كعب بن سور الأزدي كان يُمسك بلجام ناقتها مصحفاً وأمرته أن يدعوا الناس للكف عن القتال قائلةً: " خل يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه "، هنا تحرّك رؤوس الفتنة فرأوا أنها مبادرة خطيرة لوقف الحرب فأرادوا أن يأدوها، فرموا كعباً بسهامهم فأردوه فتيلاً. في وسط المعركة دخل سهم طائش في هودج أم المؤمنين فأدمى يدها الشريفة فأخذت بعلن قتلة عثمان ذو النورين فسمعها الجيش الذين معها فلعنوهم فسمعهم أمير المؤمنين علي وجيشه فلعنوهم. فاشتاط رؤوس الفتنة -الذين قتلة عثمان- غضباً فقرروا اغتيال أم المؤمنين عائشة لأنها لن تكُفّ عن توحيد الفريقين بإظهار حبهم لذو النورين وحقدهم على قتلته ولن تكف عن مبادرات إيقاف الحرب وتهدئة النفوس، فأخذوا يضربون هودجها بالسهام من كل مكان حتى صار كالقنفذ. ولكن كان قلب أمير المؤمنين خائفاً على سلامة أمه أم المؤمنين فأم بعقر (أي قتل) البعير الذي عليه هودج أم المؤمنين لأنه مستهدف ما دام قائماً. فعُقِرَ البعير وانتهت المعركة التي لم تكن بحُسبان الصحابة والمؤمنين أنها ستقع فكلا الفريقين قصد البصرة على غير نية القتال، ولكن قدّر الله وما شاء فعل سبحانه. إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لم ينسَ قول النبي له ذات يوم: " إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر " -أي أمر ظاهره الخلاف-، قال علي متعجباً ومصدّقاً: " أنا يا رسول الله؟! "، فقال النبي : " نعم "، قال علي: " أنا أشقاهم يا رسول الله "، فقال : " لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها ". روى الحديث الإمام ابن حجر والإمام الهيثمي. فأمر أمير المؤمنين علي بتنحية هودج أم المؤمنين جانباً وأمر أحد قادة جنده وهو أخوها محمد بنأبي بكر الصديق بتفقّد حالها أن يكون أصابها مكروه، فرأها بخير وسُرّت هي برؤيته حياً بقولها: " يا بأبي الحمد لله الذي عافاك ". فأتاها أمير المؤمنين علي وقال برحمته المعهودة: " كيف أنتِ يا أمه ؟ "، فقالت بقلب الأم: " بخيرٍ يغفر لله لك "، فقال: " ولكِ ". فأدخلها دار بني خلف فزارها بعد أيام فسلم عليها ورحبت هي به. وعند رحيلها من البصرة جهزها بكل ما تحتاج إليه من متاع وزاد في طريقها للمدينة المنورة وأرسل معها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات وسيّر معها ذلك اليوم أبنائه الحسن والحسين وابن الحنفية وأخوها محمد بن أبي بكر الصديق . فلما كان الساعة التي ارتحلت فيه جاء أمير المؤمنين علي فوقف على باب دار بني خلف -حيث أقامت أم المؤمنين- وحضر الناس وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس ودعت لهم، وقالت: " يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القِدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه على معتبتي لمن الأخيار "، فقال أمير المؤمنين علي: " صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة " وسار علي معها أميلاً مودّعاً لها حافظاً لحبيبه رسول الله حق حرمه وأحب زوجاته. [تحرير] وفاتها ودفنها جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة عند وفاتها فجاء ابن أخيها عند رأسها -عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق-، فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: " هذا عبد الله بن عباس يستأذن "، وهي تموت، فقالت: " دعني من ابن عباس ". فقال: " يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك ". فقالت: " ائذن له إن شئت ". قال: " فأدخلته "، فلما جلس قال ابن عباس: " أبشري ". فقالت أم المؤمنين: " بماذا؟ "، فقال: " ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً. وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار ". فقالت الصديقة الطاهرة: " دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً ". توفيت ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان من السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين للهجرة, وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلا. صلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذ سبعا وستين سنة. |
خامسا زوجات الرسول:4 السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- تزوّجها النبـي صلى اللـه عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة ، بعد أن توفي زوجها المهاجر ( خنيـس بن حذافـة السهمـي ) الذي توفي من آثار جراح أصابته يوم أحـد ، وكان من السابقين الى الإسـلام هاجر الى الحبشـة وعاد الى المدينة وشهد بدراً وأحداً، فترمَّلت ولها عشرون سنة . الزواج المبارك تألم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته كثيراً ، لألمها وعزلتها ، وبعد انقضاء عدّتها أخذ يفكر لها بزوج جديد ، ولمّا مرت الأيام ولم يخطبها أحد قام بعرضها على سيدنا أبي بكر رضي الله عنه فلم يُجِبّه بشيء ، وعرضها على عثمان بن عفان رضي الله عنه فلم يجبه أيضاً ، فوَجَد عليهما وانكسر ، وشكا حاله الى الرسول صلى الله عليه وسلم- فقال له :" يتزوّج حفصة من هو خير من عثمان ، ويتزوّج عثمان من هو خير من حفصة ". وخطبهاالرسول صلى الله عليه وسلم، ونال عمر شرف مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم وزوَّج النبي عثمان بابنته ( أم كلثوم ) بعد وفاة أختها ( زينب ) . بيت الزوجية ودخلت أمنا حفصة بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام ، بعدأمنا سودة وأمنا عائشة ، أما أمنا سودة فرحّبت بها راضية ، وأمّا أمنا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر ، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء ، الذي تقتطع فيه أمنا حفصة ثلث أيامها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات ، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ ، وتُسرّ أمنا حفصة لودّ ضرتها عائشة ، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي ، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة ، فقال لها : يا حفصة ، أين أنت من عائشة ، وأين أبوكِ من أبيها ؟ وارِثة المصحف لقد عكِفَـت أم المؤمنين حفصـة على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه ، مما أثار انتباه أمير المؤمنين سيدناعمر رضي الله عنه مما جعله يُوصي الى ابنته ( حفصة ) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد سيدنا أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته صلى الله عليه وسلم . ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم ، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها لترسل إليهم بالمصُّحُفِ الموجود عندها . وفاتها وبقيت أمنا حفصة عاكفة على العبادة ، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين ، وشيّعها أهل المدينة ودُفنت في البقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهن . |
خامسا زوجات الرسول:5السيدة زينب بنت خزيمة(ام المساكين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أمنا زينب بنت خزيمه رضي الله عنها اسمها ولقبها: هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال الهلالية أم المؤمنين زوج الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم أمها هند بنت عوف بن زهير أكرم عجوز في الأرض أصهاراً، وأصهارها: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وحمزة والعباس ابنا عبد المطلب وجعفر وعليّ بن أبي طالب . أختها لأمها ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وكانت السيدة زينب تدعى أم المساكين – فى الجاهلية - لكثرة إطعامها المساكين ورحمتها بهم، قيل: إنها كانت زوج عبد الله بن جحش فاستشهد في غزوة أحد ، وقيل: غير ذلك. زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم زينب بنت خزيمة هي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه و سلم والتي لم يمض على د*** حفصة البيت المحمدي وقت قصير حين دخلته أرملة شهيد قرشي من المهاجرين الأولين فكانت بذلك رابعة أمهات المؤمنين. ويبدو أن قصر مقامها ببيت الرسول صلى الله عليه و سلم قد صرف عنها كتاب السيرة ومؤرخي عصر المبعث فلم يصل من أخبارها سوى بضع روايات لا تسلم من تناقض واختلاف . كان د***ه صلى الله عليه وسلم بها بعد د***ه على حفصة بنت عمر، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة، و قيل ثمانية أشهر. وقال ابن ال***ي: كانت عند الطفيل بن الحارث، فطلقها، فخلف عليها أخوه عبيدة، فقتل عنها ببدر، فخطبها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه، فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر. واختلف فيمن تولى زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم ففي الإصابة عن ابن ال***ي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه فتزوجها ، وقال ابن هشام في السيرة : زوَّجه إياها عمها قبيصة بن عمرو الهلالي، وأصدقها الرسول صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم . واختلفوا أيضا في المدة التي أقامتها ببيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي الإصابة رواية تقول: كان د***ه صلى الله عليه وسلم بها بعد د***ه على حفصة بنت عمر،رضي الله عنها، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة وماتت ". ورواية أخرى عن ابن ***ي تقول: ( فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر وماتت في ربيع الآخر سنة أربع) . وفي شذرات الذهب: (وفيها- يعني السنة الثالثة- دخل بزينب بنت خزيمة العامرية، أم المساكين، وعاشت عنده ثلاثة أشهر ثم توفيت). و ما روت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا أم المساكين رضي الله عنها و قد اجمع المؤرخون على كرمها و عطفها الشديد على الفقراء و لا يكاد اسمها رضي الله عنها يذكر في أي كتاب إلا مقرونا بلقبها الكريم : أم المساكين ففي الاستيعاب و الاصابة : و كان يقال لها أم المساكين لانها كانت تطعمهم و تتصدق عليهم و مثله في تاريخ الطبري و في السيرة الهشامية : و كانت تسمى أم المساكين لرحمتها اياهم و رقتها عليهم و عن الزهري قال : تزوج النبي صلى الله عليه و سلم زينب بنت خزيمة و هي أم المساكين سميت بذلك لكثرة اطعامها المساكين و هي من بني عامر بن صعصعة . وفاتـــها: الراجح أنها ماتت في الثلاثين من عمرها كما ذكر "الواقدي" ونقل "ابن حجر" في الإصابة. وصلى عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ودفنها بالبقيع في شهر ربيع الآخر – و قيل فى رمضان - سنة أربع ، فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن. وقد ماتت بعد زواجها بثمانية أشهر - رضي الله عنها - ولم يمت منهن- أمهات المؤمنين - في حياته إلا غير السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى- ومدفنها بالحجون في مكة- والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية، أم المؤمنين وأم المساكين. كرامة خاصة رغم قصر المدة التي قضتها السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها في بيت الرسول صلى الله عليه و سلم إلا أنها قد أكرمها الله بكرامة خاصة لم تشاركها فيها أية زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم فقد صلى عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه -فقد كانت صلاة الجنازة لم تشرع بعد عندما ماتت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها- و هما المرأتان اللتان ماتتا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و دفنت رضي الله عنها بالبقيع و كان لها من العمر ثلاثون عاما فجزاها الله كل الخير و رضي عنها |
خامسا زوجات الرسول:6جويرية بنت الحارث .... أعظم بركة على قومها
جويرية بنت الحارث أعظم بركة على قومها ، جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار الخزاعية المصطلقية أم المؤمنين رضي الله عنها ( من بنى المصطلق ) وأبو ضرار اسمه : حبيب ، ابن الحارث بن عائد بن مالك بن جذيمة ؛ وأخوها عمرو بن الحارث، له صحبة. وأختها : عمرة بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية روت عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الدنيا خضرة حلوة " وكانت من سبايا المريسيع، وهو موضع من أرض خزاعة ، بني المصطلق من خزاعة ، أعتقها النبي صلى الله عليه وسلم واستنكحها، وجعل صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق وقيل كانوا أربعون أسيرا كما ذكر في مصنف عبدالرزاق والمعجم الكبير للطبراني .,وقيل مائة بيت كما ذكر ابن كثير في "الفصول" وأخرج مسلم وأبو داود والبخاري في " الأدب المفرد " عن ابن عباس قال : " كان اسم جويرية بنت الحارث برة ، فحول النبي صلى الله عليه وسلم اسمها فسماها جويرية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزكوا أنفسكم فإن الله أعلم بأهل البر منكم " أقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار لفداء ابنته فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء فرغب في بعيرين منها فغيبهما في شعب من شعاب العقيق ثم أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أصبتم ابنتي وهذا وفداؤها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأين البعيران اللذان غيبت بالعقيق في شعب كذا وكذا " . فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله فوالله ما اطلع على ذلك إلا الله فأسلم الحارث وأسلم معه ابنان وناس من قومه " . وفي رواية ذكرها ابن عبدالبر : " الإستيعاب في معرفة الأصحاب" في غزوة بني المصطلق في سنة خمس من التاريخ. وقيل في سنة ست ولم يختلفوا أنه أصابها في تلك الغزوة وكانت قبله تحت مسافع بن صفوان المصطلقي وكانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عم له، فكاتبته على نفسها وكانت امرأة جميلة، قالت عائشة: كانت جويرية عليها حلاوة وملاحة لا يكاد يراها أحد إلا وقعت في نفسه قالت: فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه على كتابتها قلت فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من الأمر ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي وجئت أستعينك فقال لها: " هل لك في خير من ذلك " . قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: " أقضي كتابتك وأتزوجك " . قالت: نعم قال قد فعلت يقول ابن حجر في فتح الباري : فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عوض ثابت بن قيس عنها فصارت له فأعتقها وتزوجها كما صنع في قصة صفية ، أو يكون ثابت لما بلغته رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وهبها له " وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس: صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما في أيديهم من سبايا بني المصطلق قالت عائشة فلا نعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها. وروى الليث عن عقيل عن ابن شهاب، قال: سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار أحد بني المصطلق يوم المريسيع فحجبها وقسم لها وقال أبو عبيدة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية في سنة خمس من التاريخ. قال أبو عمر كان اسمها برة فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها وسماها جويرية هكذا رواه شعبة ومسعر وابن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس. وروى إسرائيل عن محمد بن عبد الرحمن قال: سمعت كريباً يحدث عن ابن عباس قال: كان اسم ميمونة برة، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة حفظت جويرية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروت عنه وذكر البخاري لها حديثا : " عن أبي أيوب عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال أصمت أمس قالت لا قال تريدين أن تصومي غدا قالت لا قال فأفطري ، وقال حماد بن الجعد سمع قتادة حدثني أبو أيوب أن جويرية حدثته فأمرها فأفطرت. " وذكر في الترمذي حديثا آخر : "عن ابن عباس عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليها وهي في مسجدها ثم مر النبي صلى الله عليه وسلم بها قريبا من نصف النهار فقال لها ما زلت على حالك فقالت نعم قال ألا أعلمك كلمات تقولينها سبحان الله عدد خلقه سبحان الله عدد خلقه سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته سبحان الله مداد كلماته سبحان الله مداد كلماته " قال شيخنا الألباني عنه صحيح وتوفيت في ربيع الأول سنة ست وخمسين. في ولاية معاوية وصلى عليها مروان. |
خامسا زوجات الرسول:7السيدة زينب بنت جحش
مقـــــدمة: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فإن العيش في ظلال النبوة نعمة وسعادة عظيمة ، تهب لمن يقترب منه السمو والعلو وقد تناولت في هذا البحث المتواضع بتعريف لاسم ونسب السيدة الجليلة – رضي الله عنها – وعن كيفية د***ها إلى الإسلام ، وأيضا ذكرت أخلاقها وخصالها وأعمالها الصالحة ، وتطرقت عن روايتها لحديث الرسول e ، وتوسعت في بحثي عن قصة زواجها بزيد وطلاقها منه ومن ثم زواجها بالرسول e وتحدثت أيضا عن سبب نزول آية الحجاب وموقفها مع عائشة و حفصة – رضي الله عنهن - ، وقد أنهيت بحثي بذكر وصيتها ووفاتها – رضي الله عنها. وفي الختام أسال الله أن ينال هذا البحث البسيط القبول والرضا والتقدير من قبل قارئيه ، وأن أكون قد أوفيت حق هذا البحث، ولم أكن قد قصرت فيه بشيء يخل به، وهو الهادي – سبحانه – سواء السبيل. تمهــــيد: السيدة زينب بنت جحش امرأة من علية نساء قريش، هذب الإسلام نفسها، وأضاء قلبها بنوره وضيائه، واكسبها التقوى والخلق الكريم، فأصبحت درة من الدرر المكنونة نادرة الوجود، وتعتبر سيدة من سيدات نساء الدنيا في الورع والتقوى والجود والتصدق، وقد غدت أما من أمهات المؤمنين بزواجها من النبي e، ومما زادها شرفا وتقديرا وذكرا عند المؤرخين على طول الدهر ذكر قصة زواجها في القرآن الكريم، وبسببها أنزلت آية الحجاب ، فرفعت مكانتها وعلت منزلتها في محارب العبادة ، وكانت أواهة حليمة ، تصوم النهار وتقوم الليل ، وكانت سخية اليد، تجود بكل ما لديها دون أن تبخل أو تتوانى في تقديم العون للفقراء والمحتاجين حتى غدت مثالا عظيما في الكرم والجود والخلق الكريم ، وقد لقبت بألقاب عديدة منها: أم المساكين ، ومفزع الأيتام ، وملجأ الأرامل، فهي امرأة سباقة إلى فعل الخيرات، ولها سيرة ندية عطرة في تاريخنا الإسلامي ، وبهذا تعتبر السيدة زينب –رضي الله عنها- قدوة عظيمة لكل مسلمة تحتذي بأخلاقها وخصالها النبيلة ، و تقتفى أثرها، ويهتدي بهديها؛ ليكون ذلك سببا لها في الفوز برضا الله تعالى ورضا رسوله e. اسمها ونسبها : زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن مرة بن كثير بن غنم بن دوران بن أسد بن خزيمة"[1]، وتكنى بأم الحكم. من أخوالها حمزة بن عبد المطلب – رضي الله عنه – الملقب بأسد الله وسيد الشهداء في غزوة أحد ، والعباس بن عبد المطلب الذي اشتهر ببذل المال وإعطائه في النوائب ، وخالتها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية ، أم حواري النبي eالزبير بن العوام الأسدي . ولها إخوان هما عبد الله بن جحش الأسدي صاحب أول راية عقدت في الإسلام وأحد الشهداء ، والآخر أبو أحمد واسمه عبد بن جحش الأعمى ، وهو أحد السابقين الأولين ومن المهاجرين إلى المدينة ، ولها أختان إحداهما أميمة بنت عبد المطلب عمة الرسول e، والأخرى هي حمنة بنت جحش من السابقات إلى الإسلام ."ولدت السيدة زينب – رضي الله عنها – في مكة المكرمة قبل الهجرة بأكثر من ثلاثين سنة"[2]، وقيل أنها " ولدت قبل الهجرة بسبع عشرة سنة"[3]. وقد نشأت السيدة زينب بنت جحش في بيت شرف ونسب وحسب ، وهي متمسكة بنسبها ، ومعتزة بشرف أسرتها ، وكثيرا ما كانت تفتخر بأصلها ، وقد قالت مرة :"أنا سيدة أبناء عبد شمس"[4]. إسلامهـــــــا: كانت زينب بنت جحش من اللواتي أسرعن في الد*** في الإسلام، وقد كانت تحمل قلبا نقيا مخلصا لله ورسوله، فأخلصت في إسلامها، وقد تحملت أذى قريش و عذابها، إلى أن هاجرت إلى المدينة المنورة مع إخوانها المهاجرين، وقد أكرمهم الأنصار وقاسموهم منازلهم وناصفوهم أموالهم وديارهم . أخلاق السيدة الفاضلة وأعمالها الصالحة : تميزت أم المؤمنين زينب بمكانة عالية وعظيمة، وخاصة بعد أن غدت زوجة للرسول e وأما للمؤمنين. كانت سيدة صالحة صوامة قوامة ، تتصدق بكل ما تجود بها يدها على الفقراء والمحتاجين والمساكين، وكانت تصنع وتدبغ وتخرز وتبيع ما تصنعه وتتصدق به ، وهي امرأة مؤمنة تقية أمينة تصل الرحم . كرم السيدة زينب بنت جحش وعظيم إنفاقها: وهنالك العديد من المواقف التي تشهد على عطاء أم المؤمنين زينب بنت حجش الكبير، وتؤكد على جودها وكرمها ، والذي تغدقه على المحتاجين بلا حدود ." أخرج الشيخان – واللفظ لمسلم - عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" قالت : فكن( أمهات المؤمنين ) يتطاولن أيتهن أطول يدا ، قالت : وكانت أطولنا يدا زينب ؛ لأنها تعمل بيدها وتتصدق . وفي طريق آخر : قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة الرسول e نمد أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ،وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا حينئذ أن النبي e إنما أراد طول اليد بالصدقة ، وكانت زينب امرأة صناع اليدين ، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله. عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: كانت زينب تغزل الغزل وتعطيه سرايا النبي – صلى الله عليه وسلم – يخيطون به ويستعينون به في مغازيهم."1 وموقف آخر على بذلها المال وتصدقها به " ما حدثت به برزة بنت رافع فقالت : لما خرج العطاء ، أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها ، فلما أدخل إليها قالت : غفر الله لعمر بن الخطاب ، غيري من أخواتي كانت أقوى على قسم هذا مني ، قالوا: هذا كله لك ، قالت: سبحان الله واستترت منه بثوب ثم قالت : صبوه واطرحوا عليه ثوبا ، ثم قالت لي : ادخلي يديك واقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من ذوي رحمها وأيتام لها ، فقسمته حتى بقيت منه بقية تحت الثوب فقالت برزة لها: غفر الله لك يا أم المؤمنين والله لقد كان لنا في هذا المال حق ، قالت زينب: فلكم ما تحت الثوب فوجدنا تحته خمسمائة وثمانين درهما ، ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت : اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا ."1 عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله e ، ما رأيت امرأة خيرا في الدين من زينب ، أتقى ل له، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة – رضي الله عنها."2 " عن عبدالله بن شداد أن رسول الله eقال لعمر : " إن زينب بنت جحش أواهة " قيل : يا رسول الله ، ما الأواهة؟ قال: " الخاشعة المتضرعة" و " إن ابراهيم لحليم أواه منيب " . وقالت عائشة فيها :" لقد ذهبت حميدة ، متعبدة ، مفزع اليتامى والأرامل."3 قال ابن سعد – رحمه الله- :" ما تركت زينب بنت جحش – رضي الله عنها – درهما ولا دينارا، و كانت تتصدق بكل ما قدرت عليه ، وكانت مأوى المساكين ." رواية زينب للحديث الشريف: كانت السيدة زينب – رضي الله عنها – من النساء اللواتي حفظن أحاديث الرسول e، ورويت عنها ، وقد روت – رضي الله عنها أحد عشر حديثا ، واتفق الإمامان البخاري ومسلم لها على حديثين منها. لقد روى عنها العديد من الصحابة؛ منهم: ابن أخيها محمد بن عبدالله بن جحش ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ومذكور مولاها. وروى عنها أيضا الكثير من الصحابيات منهن : " زينب بنت أبي سلمة وأمها أم المؤمنين أم سلمة ، وأم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان المعروفة بأم حبيبة – رضي الله عنها - ، وأيضا كلثوم بنت المصطلق. ومن الأحاديث الشريفة التي رويت عنها - رضي الله عنها – " عن حميد بن نافع ، عن زينب بنت أبي سلمة ، أنها أخبرتها: دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها ، فدعت بطيب فمست منه ، ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله eيقول على المنبر : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم تحد على الميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا."1 ومما أخرجه البخاري " عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش أن رسول الله e دخل عليها يوما فزعا يقول :" لا إله إلا الله ، ويل للعرب ، من شرق اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه – وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها – قالت زينب بنت جحش : فقلت: يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: " نعم إذا كثر الخبث."2 |
خامسا زوجات الرسول:8السيدة ام سلمة
سيدات بيت النبوة السيدة أم سلمة رضي الله عنها نسبها رضي الله عنها هي ام المؤمنين ام سلمة و اسمها : هند بنت ابي امية سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية أمها : عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس و ابوها هو احد وجهاء قريش و قد عرف بلقب زاد الركب لانه كان اذا خرج في سفر كفى من معه الزاد و ذلك من شدة كرمه و هي ابنة عم سيف الله المسلول خالد بن الوليد و زوجها قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم هو عبد الله بن عبد أسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم الشهير بأبي سلمة الصحابي ذو الهجرتين ابن عمة النبي برة بنت عبد المطلب بن هاشم و اخوه صلى الله عليه و سلم من الرضاعة ارضعتهما ثوبية مولاة ابي لهب حياتها قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه و سلم كان لابي سلمة و أم سلمة تاريخ عظيم في الاسلام فقد كانا من السابقين الاولين و هاجرا مع العشرة الاولين الى الحبشة حيث ولد هناك ابنهما سلمة ثم قدما مكة بعد تمزيق صحيفة المقاطعة و قد اشتد اضطهاد قريش للمسلمين فلما اذن رسول لله صلى الله عليه و سلم لاصحابه بالهجرة الى المدينة المنورة أجمع أبو سلمة امره على الهجرة بأهله تصف السيدة أم سلمة هذا فتقول : فلما راه رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا اليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ و نزعوا خطام البعير من يده و أخذوني و غضبت عند ذلك بنو عبد الاسد و أهووا الى سلمة و قالوا : والله لا نترك ابننا عندها اذ نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده و انطلق به بنو عبد الاسد رهط ابي سلمة و حبسني بنو المغيرة عندهم و انطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرق بيني و بين زوجي و بين ابني قالت : فكنت أخرج غداة فأجلس بالبطح فما أزال أبكي حتى سنة او قربها حتى مر بي رجل من بني عمي من بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة : الا تخرجون من هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها و بين زوجها و بين ابنها فقالوا لي : الحقي بزوجك ان شئت ورد علي بنو عبد الاسد عند ذلك ابني فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت اريد زوجي بالمدينة و ما معي احد من خلق الله فقلت:أتبلغ بمن لقيت حتى اقدم على زوجي حتى اذا انا بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة ابن ابي طلحة اخا بني عبد الدار فقال : اين يا بنت ابي امية ؟ قلت اريد زوجي بالمدينة فقال : هل معك أحد؟ فقلت : لا والله الا الله و ابني هذا فقال : و الله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني فوالله ما صحبت رجلا من العرب اراه كان أكرم منه اذا بلغ المنزل اناخ بي ثم نحى الى شجرة فاضطجع تحتها فاذا دنا الرواح قام الى بعيره فقدمه فرحله ثم استأخر عني و قال : اركبي فاذا ركبت و استويت على بعيري اتى فأخذ بخطامه فقادني حتى ننزل فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي لى المدينة فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال : زوجك في هذه القرية -و كان أبو سلمة نازلا بها- فدخلتها على بركة الله تعالى ثم انصرف راجعا الى مكة و كانت تقول : ما أعلم أهل بيت أصابهم في الاسلام ما أصاب ال أبي سلمة و ما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة و يقول ابن الاثير –رحمه الله- : و قيا انها أول ظعينة هاجرت الى المدينة و اصيب أبو سلمة رضي الله عنه في أحد بسهم عولج منه ثم انتفض عليه جرحه فمات منه و رسول الله صلى الله عليه و سلم يعوده فأغمض رسول الله صلى الله عليه و سلم عينه و كانت هذه احدى كراماته رضي الله عنه و كانت ام سلمة رضي الله عنها قد قالت لزوجها : بلغني انه ليس امرأة يموت زوجها و هو من أهل الجنة ثم لم تزوج الا جمع الله بينهما في الجنة فتعال اعاهدك الا تزوج بعدي و لا أتزوج بعدك قال : اتطيعينني ؟ قالت : نعم قال : اذا مت تزوجي اللهم ارزق ام سلمة بعدي رجلا خيرا مني لا يحزنها و لا يؤذيها فاستجاب الله تعالى لدعاء ابي سلمة رضي الله عنه و تزوج أم سلمة سيد ولد أدم و خير الخلق اجمعين صلى الله عليه و سلم و قد كبر عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم تسع تكبيرات فقيل له : يا رسول الله أسهوت أم نسيت ؟ فقال : لم أسه و لم أنس و لو كبرت على أبو سلمة الفا كان اهلا لذاك زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم و في الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها انها قالت : ان ابا سلمة رضي الله عنه حدثها انه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما من عبد يصاب بمصيبة فيفزع الى ما امره الله به من قول (انا لله و انا اليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي و عوضني خيرا منها) الا اجره الله في مصيبته و كان قمينا ان يعوضه خيرا منها فلما هلك أبو سلمة ذكرت الذي حدثني به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فكنت أقول : انا لله و انا اليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي و عوضني خيرا منها ثم قلت : اني اعاض خيرا من من ابي سلمة ؟ (أي كيف يعوضني الله بخير من ابي سلمة و ذلك لحبها الشديد له رضي الله عنه) و انا أرجو ان يكون الله قد اجرني في مصيبتي و اسند ابن سعد عنها رضي الله عنها انها قالت : من هذا الذي هو خير من ابي سلمة و قال بن عبد بر ان ابا سلمة قال عند وفاته : اللهم اخلفني في أهلي بخير فأخلفه رسول الله صلى الله عليه و سلم على زوجته أم سلمة فصارت اما للمؤمنين و على بنيه سلمة و عمر و زينب و درة و تقدم لام سلمة ابو بكرالصديق خاطبا فرفضت في رفق ثم عمر بن الخطاب فرفضت ايضا وبالفعل بعد ان انقضت عدتها ارسل اليها رسول الله صلى الله عليه و سلم ليخطبها فقالت انها غيرى مسنة ...ذات عيال فقال صلى الله عليه و سلم : اما انك مسنة فانا أكبر منك و اما الغيرة فيذهبها الله عنك و اما العيال فالى الله و رسوله فتزوجت رسول الله صلى الله عليه و سلم أم سلمة و اولادها رضي الله عنهم في بيت النبوة و في الصحيحين حديث ام سلمة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله هل لي من أجر في بني ابي سلمة ان انفق عليهم و لست بتاركتهم هكذا و هكذا انما هم بني قال : نعم لك أجر ما انفقت عليهم و عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي يوما رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : اين كنت منذ اليوم ؟ فقال : يا حميراء –لانها رضي الله عنها كانت حمراء الشعر- كنت عند ام سلمة فقالت : اما تشبع من أم سلمة؟ فتبسم صلى الله عليه و سلم و كان صلى الله عليه و سلم يوما عندها و ابنتها زينب هناك فجاءته السيدة فاطمة ابنته صلى الله عليه و سلم مع ولديها الحسن و الحسين رضي الله عنهم فضمهما اليه ثم تلى : رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد فبكت أم سلمة فنظر اليها رسول الله صلى الله عليه و سلم و سألها في حنو مايبكيك ؟ قالت : يا رسول الله خصصتهم و تركتني و ابنتي فقال : انك و ابنتك من أهل البيت و شبت زينب في رعاية النبي صلى الله عليه و سلم فكانت من افقه نساء أهل زمانها و يروى انها دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم و هو يغتسل فنضح في وجهها فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت و عجزت و بلغ من حبه لربيبه سلمه ان زوجه من أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب ابنة عمه الشهيد رضي الله عنه يقول أهل العلم بالنسب ان سلمة هو الذي عقد للنبي صلى الله عليه و سلم على أمه أم سلمة فلما زوجه أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب أقبل صلى الله عليه و سلم فقال : اترون كافأته ؟ و كذلك شب اخوه عمر و اخته درة في كفالة النبي صلى الله عليه و سلم و رعايته فكانا مع سلمة و زينب من ربائبه و أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين موقف تاريخي وقد كان في صلح الحديبية لأم المؤمنين أم سلمة موقف لا ينسى ينم عن رجاحة العقل و الحكمة فيذكر انه لما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من أمر كتابة الصلح قال لاصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا فما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات و لم يقم أحد فكأنهم كانوا مذهولين محزونين لما حدث أو انهم توقفوا لاحتمال ان يمون الامر للندب او رجاء نزول وحي من السماء يبطل الصلح فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك دخل على أم سلمة محزونا فكأنها فهمت ما دار في انفس الناس فقالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أخرج ثم لا تكلم احدا منهم كلمة حتى تنحر بدنتك و تدعو حالقك ليحلق لك ففعل رسول الله صلى الله عليه و سلم و لما رأوا ذلك قاموا مسرعين فنحروا و اخذوا بعضهم يحلق لبعض حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما وحي و بشارة و كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيت عائشة رضي الله عنها فتباهي بذلك ضرائرها حتى جاءت أم سلمة فأوحي اليه و هو عندها قوله تعالى في سورة التوبة: و اخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و اخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم و في سبب نزول الاية يروون ان النبي صلى الله عليه و سلم لما غزا بني قريظة في السنة الخامسة للهجرة و حاصرهم حتى جهدهم الحصار قدف الله في قلوبهم الرعب فبعثوا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليرسل اليهم صاحبه ابا لبابة بن عبد المنذر الانصاري ليستشيروه في امرهم فارسله اليهم فلما رأوه قاموا اليه الرجال و جهش اليه النساء و الصبيان يبكون في وجهه فرق لهم و سألوه :يا ابا لبابة اترى ان ننزل على حكم محمد؟ فأجاب نعم انه الذبح و اشار بيده الى حلقه فمازالت قدماه من مكانهما حتى عرف انه خان الله و رسوله و انطلق على وجهه فربط نفسه الى عمود من عمد المسجد و قال : لا ابرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت و عاهد الله الا اطأ بني قريظة ابدا و لا اوى في بلد خنت الله و رسوله فيه ابدا قال ابن هشام : أقام ابو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فرطبت بالجذع قال ابن اسحاق : فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم خبره و كان قد استبطأه قال : اما انه لو جائني لاستغفرت له فاما اذ فعل ما فعل فما انا بالذي اطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه ثم روى ابن اسحاق بسنده ان توبة ابي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم من السحر و هو في بيت أم سلمة فقالت و قد سمعته يضحك : قلت مما تضحك يا رسول الله أضحك الله سنك قال : تيب على ابي لبابة قلت : افلا ابشره يا رسول الله قال : بلى لن شئت فقامت على باب حجرتها و ذلك قبل ان يضرب الحجاب على امهات المؤمنين فقالت : يا ابا لبابة ابشر فقد تاب الله عليك فسار الناس ليطلقوه فابى و قال : لا و الله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم خارجا الى صلاة الصبح اطلقه حفاظها رضي الله عنها على الدين كانت أم سلمة رضي الله عنها حريصة كل الحرص على احكام الدين فيروى انه لما مات أبو سلمة رضي الله عنه قالت رضي الله عنها: غريب و في ارض غربة لأبكينه بكاء يتحدث عنه تقول : فكنت قد تهيأت للبكاء عليه اذ اقبلت امرأة من الصعيد تريد ان تسعدني فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال : أتريدين ان تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه ؟ مرتين فكففت عن البكاء فلم أبك رواه مسلم و كانت احيانا تتشدد على نفسها في بعض الاحكام الفقهية فيرفق بها رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل قولها : يا رسول الله اني امرأة اشد ضفر رأسي فأنفضه لغسل الجنابة ؟ قال : لا انما يكفيك ان تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفضين عليك الماء فتطهرين رواه مسلم و يروى انه اتى مساكين بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فسألوا و الحوا في السؤال و أمرهم بعض من كان في البيت بالخروج منه فنهت أم المؤمنين رضي الله عنها عن ردهم صفر اليدين و أمرت بأعطائهم و لو كان شيئا يسيرا فقالت : ما بهذا يا جارية ردي كل واحد –أو واحدة- و لو بتمرة تضعيها في يده و يروي سعيد بن حسين رضي الله عنه انه دخل عليها و هو غلام و كان في يده خاتم من ذهب فقالت : يا جارية ناوليه فناولتها اياه فقالت : اذهبي به الى اهله و اصنعي له خاتم من ورق (أي فضة) فقلت : لا حاجة لأهلي فيه قالت : فتصدقي به و اصنعي خاتما من ورق أم سلمة رضي الله عنها راوية الحديث رويت السيدة أم سلمة رضي الله عنها ثلاث مئة و ثمانية و سبعين حديثا و اتفق البخاري و مسلم لها على ثلاثة عشر و انفرد البخارى بثلاثة و مسلم بثلاثة عشر كما كانت السيدة أم سلمة مرجها في كثير من الاحكام الفقهية وفاتها رضي الله عنها توفيت رضي الله عنها في خلافة يزيد بن معاوية سنة احدى و ستين على أكثر الاقوال بعدما جاءها خبر مقتل الحسين عليه السلام فحزنت عليه أشد الحزن ثم ما لبثت ان ماتت بعده بيسير و صلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه و دفنت بالبقيع رضي الله عنها و جمعها بحبيبها رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنة و سلام عليها و على ال البيت اجمعين |
خامسا زوجات الرسول:9السيدة صفية بنت حيى بن أخطب
صفية بنت حيى بن أخطب كان اليهود أشد الناس كراهية للإسلام ونبي الإسلام، فقد كان أملهم أن يكون النبي الخاتم منهم، وعندما وجدوا أن الرسالة الخالدة يحمل لواءها النبي العربي امتلأت قلوبهم غلا للدعوة وصاحب الدعوة. وعندما هاجر الرسول إلي المدينة وجدوا أن هذه الهجرة ستمكن للإسلام من أن يثبت أقدامه في شبه الجزيرة العربية، وستكون المدينة قاعدة انطلاق وانتشار في كل مكان في العالم. وقد تصور يهود خبير عندما عاد النبي من صلح الحديبية دون د*** مكة أن ذلك ضعفا في المسلمين، وسمع الرسول أنهم يخططون لقتاله، فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم الذهاب لقتالهم، وتوجه النبي بجيشه نحو خيبر .. وعندما أشرف عليها دعا الرسول ربه قائلا: ـ ("اللهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أملكن ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فأنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلا وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها .. أقدموا باسم الله".) وفي صباح اليوم التالي حاصر المسلمون اليهود تأهبا لقتالهم .. ثم دار القتال بين المسلمين وبين اليهود .. وكان القتال عنيفا .. حتى فتحت خيبر، واستسلمت للمسلمين، وغنم المسلمون غنائم كثيرة. وكان من بين الأسرى صفية بنت زعيم اليهود حيى بن أخطب الذي قتل في المعركة كما قتل زوجها وأخوها. وكان من الطبيعي أن تحزن صفية لما أصاب أهلها وما حل بهم من هوان. كما كان من الطبيعي أن تجد في صدرها ما يوغرها على رسول الإسلام وكان والدها واحدا من أهم أحبار اليهود وقادتهم .. وكان شديد الكره للإسلام ونبي الإسلام .. وكانت صفية تعلم ذلك تماما .. تعلم إن والدها وعشيرتها يكرهون الدين الجديد .. ويكرهون ما يدعو إليه.. كانت صفية رائعة الجمال .. في ربيع عمرها .. فقد كانت في السابعة عشرة من عمرها .. أنها تفتح عينيها بعد أن وقعت في الأمر .. وقتل أعزل الناس عندها .. الأب والأخ والزوج ترى أن مستقبلها أصبح في يد محمد .. هذا الذي كان يمقته أهلها .. وقد وجدت نفسها برفقة أم سليم .. هذه السيدة الفاضلة التي تنم قسمات وجهها وجمالها ووجودها في ميدان القتال على أنها من معدن صقله الإسلام .. أنها أم أنس بن مالك خادم الرسول، والذي أمرها الرسول برعاية صفية. وقد حدث أن قامت زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مشكم بإهداء الرسول شاة مشوية بعد أن سممتها .. فقد أرادت أن تقتل الرسول، وقد أكثرت من وضع السم في الذراع بعد أن عرفت حب الرسول له .. وكان مع الرسول بشر بن البراء .. وعندما أكل الرسول من الطعام لم يستسغه وقال: ـ أن هذا العظم يخبرني بأنه مسموم..! ولفظ الطعام .. بينما أكل بشر .. فمات بشر .. وأحضر الرسول هذه المرأة التي اعترفت بفعلتها معللة ذلك بقولها: ـ "بلغني من قومي ما لا يخفي عليك فقلت أن كنت ملكا استرحت منه، وأن كنت نبيا ستخبر".. وقد اقتص منها بعد أن مات بشر. وقد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم صفية، وطلبها للزواج فوافقت وقد أخذ النبي يحدثها في طريق العودة إلي المدينة عما فعله به اليهود .. وعن مؤامراتهم التي لا تنتهي .. وموقفهم العدائي من الإسلام ونبي الإسلام .. ورق قلبها للرسول .. ودخل الإيمان قلبها .. فأعلنت إسلامها. وقد رفضت صفية أن يعرس بها الرسول بعد أن سارعت عدة أميال من خيبر .. وعندما وصل مكان يسمى (الفهياء) .. دخل بها. ولاحظ النبي صلى الله عليه وسلم أن على وجهها أعلا عينيها أثر لطمة تركت آثارها.. وعندما استفسر عنها الرسول قالت له: ـ رأت في المنام قمرا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لكنانة زوجي فقال: أتحبين أن تكوني زوجة لهذا الملك الذي يأتي من يثرب (وضرب وجهي) وكان عندما أعرس النبي بزوجته أن أحد الصحابة (أبو أيوب الأنصاري) يحرس النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يغمض له جفن في تلك الليلة خوفا على رسول الله من أن تغدر به صفية ثأرا مما حدث لقومها. وعندما سأله الرسول عما فعل، قال أنه بات يحرسه خوفا عليه من أن يصيبه مكروه فدعا له الرسول: ـ "اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني".. وأولم الرسول لأصحابه .. وأصبحت صفية أما من أمهات المؤمنين. وعندما عاد الرسول إلي المدينة كان على صفية أن تعيش في بيت النبوة .. وعرفت أثناء اختلاطها بأزواج النبي أن هناك حزبا تتزعمه عائشة وحفصة، وحزبا آخر من بقية أمهات المؤمنين وتتعاطف معه فاطمة الزهراء وآثرت صفية أن تكون قريبة من الجميع .. ولكن عائشة كانت شديدة الغيرة .. فصفية جميلة في ربيع عمرها .. وإذا كانت تغار من خديجة التي انتقلت إلي جوار ربها .. فكيف بها وهي ترى أمامها شابة بالغة الجمال.. وكان النبي يعرف هذه الغيرة فيها حتى أنه آثر قبل أن يذهب بها إلي بيته أن ينزلها في بيت حارثة بن النعمان .. ولكن عائشة صممت أن تراها .. فتنقبت حتى رأتها، ولكن الرسول عرفها .. فمسك بثوبها وسألها: ـ كيف رأيت يا شقيراء؟ وردت عائشة والغيرة بادية عليها. ـ رأيت يهودية! فقال لها الرسول: أنها أسلمت وحسن إسلامها. وعاشت صفية في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أثرت فيها شخصية الرسول المتكاملة، وحسن رعايته لها .. وحبه الذي يفيض على نسائه جميعا .. ولكن صفية وقد أحبت الرسول حبا جما .. وأنساها الإسلام بمبادئه وتعاليمه وسماحته ما كانت عليه قبل أن تدخل فيه.. ولكنها مع ذلك لم تنج من مضايقات عائشة وحفظة بحكم الغيرة .. فكانا يعيرانها بأنها يهودية .. وعندما كانت تشتكي للرسول كان يقول لها: ـ قولي لهن كيف تكن خيرا مني وأبي هارون، وعمي موسى عليهما السلام وزوجي محمد. وتحكي السيرة أن النبي عندما مرض مرضه الذي توفى فيه .. كان يتألم، وحوله أمهات المؤمنين، وقالت له صفية: أما والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي. وأبصر الرسول زوجاته وهن يغمزنها فقال لهن: ـ أكففن عن هذا، والله أنها لصادقة. وانتقل الرسول إلي أكرم جوار .. وظلت صفية مثال المسلمة المحافظة على دينها وسنة الرسول الكريم وتوفيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان في عام 50 هجرية، ودفنت بالبقيع.. __________________ يا رب انصرنا على أعداءنا |
وبذلك ينتهى موضوعى يارب يعجبكم وتستفادو و ارجو غلق الموضوع لأنتهائة
|
الله ينور عليك
|
الساعة الآن 08:17 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.